برلمان تركيا يقر قانوناً يشدد قبضة الحكومة على المجتمع المدني

محكمة ترفض الإفراج عن الزعيم الكردي دميرطاش بموجب قرار أوروبي

محكمة تركية ترفض قراراً أوروبياً بالإفراج عن دميرطاش (رويترز)
محكمة تركية ترفض قراراً أوروبياً بالإفراج عن دميرطاش (رويترز)
TT

برلمان تركيا يقر قانوناً يشدد قبضة الحكومة على المجتمع المدني

محكمة تركية ترفض قراراً أوروبياً بالإفراج عن دميرطاش (رويترز)
محكمة تركية ترفض قراراً أوروبياً بالإفراج عن دميرطاش (رويترز)

أقر البرلمان التركي قانوناً يشدد من رقابة الحكومة على منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والخيرية، في وقت رفضت محكمة في أنقرة قراراً لمحكمة حقوق الإنسان الأوروبية يقضي بالإفراج عن الزعيم الكردي صلاح الدين دميرطاش، الرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطية المحبوس احتياطياً منذ أكثر من 4 سنوات على ذمة قضايا تتعلق بدعم الإرهاب.
ويسمح القانون الجديد، الذي أقره البرلمان التركي في ساعة مبكرة أمس (الأحد)، لوزارة الداخلية بوقف أنشطة المؤسسات الخيرية والجمعيات الأهلية، في خطوة تعزز سيطرة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على منظمات المجتمع المدني، بعد المؤسسات الرسمية.
ويمنح القانون الذي اقترحه حزب العدالة والتنمية الحاكم، بدعم من حليفه حزب الحركة القومية، لوزارة الداخلية والولاة سلطة حل مجالس إدارات الجمعيات بعد الحصول على موافقة السلطات القضائية إذا كان المشرفون على الجمعيات يواجهون اتهامات بالإرهاب، كما يمنح القانون للشرطة حق الاطلاع على أي مستندات تخص الجمعيات.
ومن أبرز رؤساء منظمات المجتمع المدني الذين يحاكَمون بتهم تتعلق بالتجسس والإرهاب، رئيس مؤسسة «الأناضول» الثقافية رجل الأعمال الناشط البارز عثمان كافالا، الذي تَعد المنظمات الحقوقية الدولية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قضيته نموذجاً للضغوط التي يمارسها إردوغان على معارضيه.
ويمنح القانون للولاة أو وزير الداخلية سلطات لوقف أي حملة تبرعات إلكترونية تحت مسمى «منع تمويل الإرهاب وغسل الأموال». كما يفرض غرامات تصل إلى نحو 26500 دولار على أي منظمة ترى الحكومة أنها متورطة في حملات تبرع غير قانونية.
وفي أكثر البنود إثارةً للجدل، يعطي القانون السلطات صلاحية إخضاع المنظمات الدولية العاملة في تركيا للعقوبات التي يمكن فرضها على المنظمات المحلية.
وأشعل القانون جدلاً داخلياً وخارجياً، حيث رفضته أحزاب المعارضة التركية، بينما قالت 7 منظمات دولية، منها رابطة حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية، في بيان، إن اتهامات الإرهاب في تركيا تعسفية، لافتةً إلى عشرات الآلاف من المعتقلين في السجون بتهمة الإرهاب، وإلى أن قانون مكافحة الإرهاب التركي ينتهك مبدأ براءة المتهم حتى تثبت إدانته ويعاقب من لم تُستكمل محاكماتهم بعد. وأكد البيان أنه «في ضوء التحقيقات التي تجري مع آلاف من ناشطي المجتمع المدني والصحافيين والساسة وأعضاء النقابات المهنية في إطار قانون مكافحة الإرهاب، ما من شك في أن هذا القانون سيستهدف كل الجمعيات المعارضة تقريباً».
وانتقدت منظمات حقوقية دولية، بشدة، حملة التطهير الواسعة التي أطلقتها الحكومة التركية بأوامر من إردوغان عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016، والاعتقالات «العشوائية» التي جرت في تلك الفترة ولا تزال مستمرة حتى الآن إلى جانب العقاب الجماعي لأسر معتقلين على ذمة هذه القضية بزعم ارتباطهم بحركة «الخدمة» التابعة للداعية فتح الله غولن، الحليف الوثيق السابق لإردوغان وخصمه الحالي، والذي يتهمه الرئيس التركي بالوقوف وراء محاولة الانقلاب عليه.
وتؤكد المعارضة التركية أن الحملة ما هي إلا وسيلة لترهيب أي صوت مخالف لإردوغان، وأن اتهامات الإرهاب وإهانة الرئيس باتت سيفاً مسلطاً على رقاب كل من تسول له نفسه انتقاد إردوغان.
ودخلت تركيا في خلاف شديد مع الاتحاد الأوروبي بسبب رفض تعديل قانون مكافحة الإرهاب الذي بدأت أنقرة تطبيقه على السياسيين المعارضين لإردوغان. ووضع التكتل تعديل القانون ضمن شروط لتحقيق رغبة تركيا في إعفاء مواطنيها من تأشيرة «شنغن».
وحذّر الاتحاد مراراً من انهيار دولة القانون في تركيا في ظل ممارسات قمعية غير مسبوقة رافقت محاولة الانقلاب الفاشلة، واعتقال الصحافيين والسياسيين والناشطين المعارضين لإردوغان، والرفض المتكرر لقرارات محكمة حقوق الإنسان الأوروبية المتعلقة بانتهاك حقوق الموقوفين القانونية وإطالة فترة الحبس الاحتياطي دون توجيه اتهامات.
في المقابل يتهم إردوغان أوروبا بتوفير ملاذات آمنة لمن يسميهم إرهابيين، مؤكداً رفضه تعديل قانون مكافحة الإرهاب.
في سياق متصل، رفضت محكمة في أنقرة طلباً تقدم به المعارض الكردي صلاح الدين دميرطاش، لإطلاق سراحه بعد حبسه احتياطياً لأكثر من 4 سنوات.
وتجاهلت المحكمة التركية قراراً أصدرته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يوم الثلاثاء الماضي بالإفراج الفوري عن دميرطاش، الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطية، ثاني أكبر أحزاب المعارضة بالبرلمان التركي والمؤيد لحقوق الأكراد.
وذكر القضاة أنه ليس لديهم حتى الآن ترجمة لقرار المحكمة الأوروبية في ستراسبورغ، التي أمرت تركيا بالإفراج عن دميرطاش، معتبرة أن استمرار احتجازه «مجرد غطاء لهدف سياسي خفي».
وتعرّض موقع المحكمة الأوروبية للاختراق بهجوم إلكتروني بعد أن أصدرت الحكم. وقالت المحكمة، الأربعاء، إن موقعها على الإنترنت «تعرض لهجوم إلكتروني واسع النطاق جعل الوصول إليه غير ممكن لفترة... وإنها تستنكر بشدة هذا الحادث الخطير».
ويقبع دميرطاش في سجن بولاية أدرنة، شمال غربي تركيا، منذ عام 2016 رهن الحبس الاحتياطي بتهمة ارتكاب أنشطة إرهابية، في قضايا يبلغ مجموع الأحكام فيها حال إدانته 143 سنة.
وكان إردوغان قد انتقد حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، قائلاً إنها تطالب بإطلاق سراح شخص يدعم منظمة إرهابية، ومن ثم فهي تبيّن «ازدواجية المعايير والنفاق وأن قرارها له دوافع سياسية، وبالتالي فإن المحكمة تدعم شخصاً إرهابياً».
وترجع الاتهامات الموجهة إلى دميرطاش إلى أمور من بينها الاحتجاجات التي وقعت عام 2014 التي كان حزب الشعوب الديمقراطية قد دعا إليها في ذلك الحين ضد حصار تنظيم «داعش» الإرهابي لمدينة عين العرب (كوباني) في شمال سوريا التي تقطنها غالبية كردية، حيث تحولت هذه الاحتجاجات إلى أعمال عنف أودت بحياة 39 شخصاً، وفق الأرقام الرسمية.
ويَعد إردوغان حزب الشعوب الديمقراطية ذراعاً لحزب العمال الكردستاني المحظور، بينما ينفي الحزب ذلك. ويتعين على تركيا بصفتها عضواً في مجلس أوروبا تنفيذ أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لكنها تأتي في المرتبة الرابعة بين أكثر الدول رفضاً لقرارتها.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».