حصاد العام الثقافي (1 - 3): الثقافة السعودية 2020: الإبداع يقهر الوباء

الجائحة لم تنجح في إدخالها «دائرة الحجْر»

انطلاق نشاط مبادرة المسرح الوطني في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض
انطلاق نشاط مبادرة المسرح الوطني في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض
TT

حصاد العام الثقافي (1 - 3): الثقافة السعودية 2020: الإبداع يقهر الوباء

انطلاق نشاط مبادرة المسرح الوطني في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض
انطلاق نشاط مبادرة المسرح الوطني في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض

للمرة الأولى في التاريخ، يتشابه العالم كله. فيروس لئيم فرض عليه بؤساً وعزلة وحجراَ في البيوت، تجنباً لتسلله المميت في أي غفلة. حياة مضطربة لاهثة، تصارع من أجل البقاء، حتى تتجنب تسلله المميت في أي غفلة. ومع تصاعد وتيرته وسقوط آلاف الضحايا، وفرض الدول الحظر والغلق وتقنين التجول، انحسر كل شيء معاً وفي كل أرجاء المعمورة الرحبة. وإذا كانت بعض القطاعات الاقتصادية الصناعية والتجارية والخدمية قادرة على احتساب خسائرها المادية، فإن الخسارة الثقافية لا يمكن سبرها بالنسبة للقارئ، ومنتجي القيم المعنوية والروحية، على حد سواء. ومع ذلك، تحايلت المؤسسات، الفردية والحكومية، والجمعيات والنوادي المختصة، على هذا الفيروس الرهيب بابتكار وسائل متعددة نجحت نسبياً في التقليل من حجم الخسارة، وتعويض بعض الضرر، كما في معظم بلدان العالم، ومنها البلدان العربية.
أصابت جائحة «كورونا» المستجد النشاط الثقافي في عام 2020، لكنها لم تنجح في شل حركته أو إدخاله دائرة «الحجر»، مثلما دخل ملايين البشر، وبينهم المثقفون.
في عام 2020، تمّ إيقاف وتأجيل العديد من الفعاليات المهمة، مثل معرض الرياض الدولي للكتاب، وهو من أهم المعارض عربياً، وكان من المقرر أن يقام في واجهة الرياض خلال الفترة من 2 إلى 11 أبريل (نيسان) 2020.
كما تمّ تأجيل المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) إلى الربع الأول من عام 2021، وقد كان مقرراً إقامته في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2020. وكذلك تأجيل مهرجان «الأعشى»، الذي يحتفي بالشاعر العربي في مسقط رأسه، وكان من المقرر إقامته في منفوحة بالرياض خلال الفترة من 21 مارس (آذار) إلى 20 أبريل (أبريل) 2020.
وأعلنت هيئة الأدب والنشر والترجمة في وزارة الثقافة السعودية تأجيل «ملتقى الترجمة» بسبب الاحترازات الصحية المرافقة لوباء «كورونا»، وكان من المقرر إقامته في مركز المؤتمرات بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن بالرياض خلال الفترة من 19 إلى 21 مارس (آذار) 2020.
الثقافة في العزلة
منذ أبريل (نيسان) 2020، أطلقت وزارة الثقافة السعودية، مجموعة مبادرات لتحويل فترة الحجر الصحي إلى موسم إنتاج ثقافي، حيث أطلقت خلال فترة العزل مجموعة من المبادرات والأنشطة الثقافية المتنوعة التي تمنح أفراد المجتمع متنفساً ثقافياً إبداعياً من داخل منازلهم، وفي أجواء تفاعلية وتنافسية.
وشملت المبادرات التي حملت شعار «الثقافة في العزلة» مجالات ثقافية متنوعة، من بينها المسرح والأدب والترجمة والقراءة والأفلام وغيرها من المجالات، وجاءت مبادرة «أدب العزلة» كإحدى هذه المبادرات، وهدفت إلى تحفيز المواهب الأدبية للكتابة خلال فترة العزل الوقائي والتعبير عن المشاعر الداخلية بقوالب مختلفة من قصص وروايات ويوميات ونصوص.
وحظي المسرح بمساحة مهمة من مبادرات «الثقافة في العزلة» حيث أعلن المسرح الوطني التابع للوزارة عن تنظيم مسابقة التأليف المسرحي، فيما نظمت الوزارة مبادرة «ماراثون القراءة»، وذلك لتحفيز جميع أفراد المجتمع على القراءة وتشجيعهم على مشاركة ما يقرأونه عبر منصة إلكترونية مخصصة، ووفق مسارين رئيسيين هما مسار «القارئ الصغير» ومسار «القارئ الكبير».
«مهرجان أفلام السعودية»
ومن الفعاليات المهمة التي شهدتها السعودية خلال فترة الحجر الصحي، تنظيم «مهرجان أفلام السعودية» في الظهران، في الأول من سبتمبر (أيلول) 2020، حيث تحوّل المهرجان الذي نظمته «جمعية الثقافة والفنون» بالدمام، بالشراكة مع «مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي» بالظهران (إثراء)، وبدعم من هيئة الأفلام التابعة لوزارة الثقافة، في دورته السادسة إلى العالم الافتراضي، وتمّ نقل فعالياته جميعاً من خلال المنصات الإلكترونية عبر الإنترنت، وقناة «يوتيوب»، عرض المهرجان 54 فيلماً، بينها 32 فيلماً روائياً، و13 فيلماً وثائقياً، و17 فيلماً من أفلام الطلبة. وتضمن ورشتين، و5 ندوات، و90 فعالية مختلفة.
«جمعية الثقافة والفنون» بالدمام، نجحت في ظل الإغلاق الصحي، في 20 أغسطس (آب) 2020، بتنظيم معرض «الفيديو آرت» الذي شاركت فيه 17 دولة، وتضمن 10 جلسات حوار لمشاركين من 6 دول عربية قدّموا تجارب في «الفيديو آرت»، وثلاث ورش تفاعلية. كما نظمت الجمعية «ملتقى الدمام الثالث للنص المسرحي»، شارك فيه 21 كاتباً مسرحياً من 9 دول (الأول من يوليو «تموز» 2020)، ونظمت «ملتقى الدمام الموسيقي»، وملتقى «الحكواتي» في رمضان، مع استمرار برامج «بيت السرد» و«قراءة الكتب»، وقامت بتنظيم ملتقى «السرد النقدي»، عبر «أون لاين».
نادي الباحة الأدبي الثقافي (جنوب السعودية) نظم فعاليات متنوعة، بينها «ملتقى المسرح»، في دورته الأولى، وتمّ فيه تكريم 17 رائداً من رواد المسرح السعودي، واشتمل على تقديم ثلاثة عروض مسرحية، و11 جلسة نقدية.
وأقام النادي خمسة ملتقيات: للرواية العربية، ومهرجان الشعر العربي، ومهرجان شعر عبر الفضاء الإلكتروني، وملتقى القصة.
إنشاء 11 هيئة ثقافية
من ناحية أخرى، استفتحت الثقافة السعودية عام 2020 بقرار مجلس الوزراء (في 4 فبراير «شباط» 2020) 11 هيئة ثقافية جديدة وتفويض وزير الثقافة، بممارسة اختصاصات رئاسة مجالس إداراتها.
الهيئات تمثل نقلة في هيكلة القطاع الثقافي، حيث ستتولى مسؤولية إدارة القطاع الثقافي السعودي بمختلف تخصصاته واتجاهاته، وتكون كل هيئة مسؤولة عن تطوير قطاع محدد، وهي تتمتع بالشخصية الاعتبارية العامة والاستقلال المالي والإداري، وترتبط تنظيمياً بوزير الثقافة.
والهيئات الجديدة هي: هيئة الأدب والنشر والترجمة، وهيئة الأزياء، وهيئة الأفلام، وهيئة التراث، وهيئة فنون العمارة والتصميم، وهيئة الفنون البصرية، وهيئة المتاحف، وهيئة المسرح والفنون الأدائية، وهيئة المكتبات، وهيئة الموسيقى، وهيئة فنون الطهي.
انطلاق المسرح الوطني
في حفل كبير، انطلق في 28 يناير (كانون الثاني) 2020، نشاط مبادرة المسرح الوطني في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض، بحضور مجموعة من الفنانين والمثقفين والمهتمين بالفنون المسرحية من المملكة والعالم العربي، إلى جانب جمهور من مختلف شرائح المجتمع، في حفل شهد عرضاً لاستراتيجية المسرح الوطني وكشفاً لرؤيته وأهدافه.
«سمبوزيوم طويق الدولي للنحت»
في 30 يناير (كانون الثاني) 2020، اختتمت النسخة الثانية من فعاليات «سمبوزيوم طويق الدولي للنحت» بحفلٍ أقيم في حي السفارات بالرياض، وتمّ فيه تكريم الفنان السعودي علي الطخيس تقديراً لجهوده الكبيرة في خدمة فن النحت السعودي طيلة أربعين عاماً.
وشهد «سمبوزيوم طويق الدولي» للنحت مشاركة 20 فناناً من مختلف دول العالم صنعوا منحوتاتهم.
أول مكتبة بصرية للنشاط الثقافي
في 25 فبراير 2020، أطلقت وزارة الثقافة مشروع «13 - 16»، وهو مشروع يؤسس لمكتبة بصرية للنشاط الثقافي السعودي، ويهدف إلى توثيق جميع مظاهر الثقافة في مناطق المملكة عبر التسجيل الميداني للحراك الثقافي والفني في المدن والمحافظات السعودية باختلاف أنواعه وتوثيقه بالصور الفوتوغرافية والفيديو، في بادرة تُعدّ الأولى من نوعها في المملكة بهذا الشمول والتنوع.
«دار القلم» تحمل اسم ولي العهد
في 27 أبريل (نيسان) 2020، تمت الموافقة على إطلاق اسم الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، على مركز «دار القلم» في المدينة المنورة، ليكون باسم «مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي»، بناءً على طلبٍ تقدم به وزير الثقافة.
مؤسسة لتنظيم بينالي عالمي
في 31 مايو (أيار) 2020، تم الإعلان عن إنشاء مؤسسة «ثنائيات الدرعية» المعنية بالفنون المعاصرة، التي تم تصميمها لتكون المسؤولة عن تنظيم بينالي سنوي في المملكة يتم التناوب فيه بين معرضٍ للفنون المعاصرة ومعرضٍ للفنون الإسلامية.
«الحالة الثقافية في المملكة»
في 10 يونيو (حزيران) 2020، أصدرت وزارة الثقافة النسخة الأولى من تقرير «الحالة الثقافية في المملكة»، وهو عبارة عن نتائج دراسة بحثية أجرتها لمعرفة واقع القطاع الثقافي السعودي تحت عنوان «تقرير الحالة الثقافية في المملكة العربية السعودية 2019م: ملامح وإحصائيات». وتضمن سرداً شاملاً للمعلومات والأرقام والوقائع المرتبطة بالقطاعات الثقافية الـستة عشر التي اعتمدتها وزارة الثقافة في وثيقة رؤيتها وتوجهاتها، والتي تتحرك فيها بوصلة الإبداع السعودي.
وفي 17 من الشهر ذاته، تم نشر النسخة الكاملة من تقرير «الحالة الثقافية في المملكة».
80 مهنة ثقافية
في 17 يونيو (حزيران) 2020 وافق مجلس الوزراء السعودي على إدراج أكثر من 80 مهنة ثقافية ضمن التصنيف السعودي الموحّد للمهن الجديد، في خطوة تُعدّ الأولى في تاريخ المملكة، ستمنح الناشطين والناشطات في الصناعة الثقافية صفة اعتبارية لدى المجتمع والمؤسسات الحكومية والأهلية.
تطوير المكتبات بمفهوم ثقافي شامل
في 18 يونيو (حزيران) 2020، أطلق وزير الثقافة مبادرة تطوير المكتبات العامة، بمفهوم ثقافي شامل، التي ستتولى إدارتها هيئة المكتبات، وستعمل من خلالها على تحويل المكتبات العامة إلى منصاتٍ ثقافية بمفهوم اجتماعي شامل وحديث، تلتقي فيه جميع أنماط الإبداع الثقافي، ويجد فيه الأفراد من مختلف شرائح المجتمع ما يمنحهم المعرفة والمشاركة والتفاعل في تجربة ثقافية متكاملة.
الجوائز الثقافية الوطنية
في 30 يونيو (حزيران) 2020، أطلقت وزارة الثقافة مبادرة «الجوائز الثقافية الوطنية» وتقدمها وزارة الثقافة لتكريم المبدعين في المجال الثقافي السعودي، وفي مختلف الأفرع الثقافية، متضمنة 14 جائزة ثقافية سيتم منحها بشكل سنوي لأهم الإنجازات الثقافية التي يحققها الأفراد السعوديون أو المؤسسات الناشطة في المملكة. وتتوزع الجوائز إلى جائزة شخصية العام الثقافية، جائزة الثقافة للشباب، جائزة المؤسسات الثقافية، بالإضافة إلى جائزة الأفلام، جائزة الأزياء، جائزة الموسيقى، جائزة التراث الوطني، جائزة الأدب، جائزة المسرح والفنون الأدائية، جائزة الفنون البصرية، جائزة فنون العمارة والتصميم، جائزة فنون الطهي، جائزة النشر، جائزة الترجمة.
برنامج الابتعاث الثقافي
في 20 يوليو 2020 أعلن أن عدد المرشحين والمرشحات للانضمام لبرنامج الابتعاث الثقافي بمساراته الثلاثة بلغ 1157 مرشحاً ومرشحة، وذلك من مجمل الطلبات المقدمة على مسارات البرنامج الثلاثة.
متحف «طارق عبد الحكيم»
في 17 أغسطس 2020، تم الإعلان عن إنشاء متحف موسيقي خاص بالفنان الراحل طارق عبد الحكيم في مدينة جدة البلد، وبمحتويات تُعبّر عن ثراء التاريخ الموسيقي المحلي وإسهامات الفنان الراحل في مسيرة الفن في المملكة.
وسيفتتح المتحف في أواخر عام 2022، وسيقام بشكل دائم في بيت المنوفي بمنطقة البلد التاريخية المسجلة في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي في عام 2014.
ويتضمن المتحف مجموعة من أرشيف ومتعلقات طارق عبد الحكيم الشخصية، من آلات موسيقية وبكرات لتسجيلاته، وألبومات صور، وبعض المقطوعات الموسيقية لكبار المطربين العرب، مثل أم كلثوم وعبد الوهاب، إلى جانب وثائق مرئية وصوتية لطارق عبد الحكيم، وهو يؤدي مؤلفاته مع آخرين، ومؤلفاته الموسيقية من الأناشيد الوطنية وغيرها.
«قاعدة البيانات الثقافية»
في 2 سبتمبر (أيلول) 2020، أعلنت وزارة الثقافة عن استبيان لمنسوبي القطاع الثقافي السعودي تحت عنوان «قاعدة البيانات الثقافية» لتسجيل جميع القوى والكوادر الفاعلة في القطاع، وتسجيل بياناتها المهنية والشخصية، ولتحقيق أعلى مستوى من التواصل مع جميع الفنانين والمثقفين في مختلف التخصصات الإبداعية التي تشمل الأفلام، واللغة والترجمة، والكتب والنشر، والموسيقى، والمسرح والفنون الأدائية، والأدب، والفنون البصرية، والأزياء، والمكتبات، والتراث، والمتاحف، وفنون العمارة والتصميم، وفنون الطهي.
مجمع الملك سلمان العالمي
للغة العربية
في 2 سبتمبر (أيلول) 2020، وافق مجلس الوزراء السعودي على تأسيس مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، لإبراز مكانة اللغة العربية وتفعيل دورها إقليمياً وعالمياً، وتعزيز قيمتها المعبرة عن العمق اللغوي للثقافة العربية والإسلامية.
وسيعمل المجمع على إحياء روح الاعتزاز بالهوية الثقافية العربية، وتشمل أنشطته دعم تطبيقات ومنتجات وأبحاث اللغة العربية في المملكة والعالمين العربي والإسلامي.
أول متحف إبداعي عن النفط
في 9 سبتمبر (أيلول) 2020، أعلنت وزارتا الثقافة والطاقة عن إطلاق أول متحف دائم عن النفط بالشراكة مع مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية تحت عنوان «متحف الذهب الأسود»، وسيقام في يوليو (تموز) عام 2022، في مقر المركز بالرياض، بمشاركة فنانين من مختلف دول العالم.
السعودية في عضوية
لجنة التراث الثقافي باليونيسكو
في 10 سبتمبر (أيلول) 2020، انتخبت السعودية من قبل الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، لعضوية لجنة التراث الثقافي غير المادي، وذلك أثناء انعقاد الجمعية العامة الثامنة للدول الأطراف في اتفاقية صوْن التراث الثقافي غير المادي التي أقيمت في مقر «اليونيسكو» بالعاصمة الفرنسية (باريس) بحضور ممثلي 178 دولة.
اكتشافات أثرية تعود لأكثر
من 120 ألف سنة
في 16 سبتمبر (أيلول) 2020، تم الإعلان عن اكتشاف فريق سعودي دولي مشترك لآثار أقدام لبشر وفيلة وحيوانات مفترسة حول بحيرة قديمة جافة على أطراف منطقة تبوك يعود تاريخها إلى أكثر من 120 ألف سنة من الآن.
وأكد الرئيس التنفيذي لهيئة التراث الدكتور جاسر بن سليمان الحربش أن هذا الاكتشاف الأثري الجديد والمهم يمثل الدليل العلمي الأول على أقدم وجود للإنسان على أرض الجزيرة العربية، كما أنه يقدم لمحة نادرة عن بيئة الأحياء أثناء انتقال الإنسان لهذه البقعة من العالم.
متحف «البحر الأحمر»
في 20 سبتمبر (أيلول) 2020، أعلن عن إنشاء متحف البحر الأحمر في مبنى «باب البنط» بجدة التاريخية، الذي سيُفتتح في أواخر عام 2022، متضمناً مقتنيات ومخطوطات وصوراً وكتباً نادرة، تحكي في مجموعها قصة «مبنى البنط» التراثي بوصفه نقطة اتصال تاريخية بين سكان ساحل البحر الأحمر والعالم، ومدخلاً رئيسياً للحجاج والتجار والسياح إلى مدينة جدة.
اجتماع وزراء الثقافة
في مجموعة «العشرين»
في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، بتنظيم من وزارة الثقافة السعودية، عقد وزراء الثقافة في دول مجموعة العشرين اجتماعاً افتراضياً، أكدوا خلاله دعم الاقتصاد الثقافي العالمي، وتعزيز دوره، عبر اجتماعات سنوية تقام أثناء انعقاد قمم دول مجموعة «العشرين»، وأكدوا التزامهم بدعم الجهود الساعية للمحافظة على التراث الطبيعي في العالم، ومن ضمنه التراث المغمور تحت المياه.
وحمل الاجتماع شعار «نهوض الاقتصاد الثقافي: نموذجٌ جديد»، وناقش فيه وزراء الثقافة ومسؤولون من منظماتٍ دولية المحافظة على التراث والتنمية المستدامة والثقافة بصفتها محفزاً على النمو الاقتصادي، وركز الحوار على توظيف التكنولوجيا الحديثة وتطوير المنصات الرقمية من أجل التعبير الفني وتسهيل الوصول إلى المصادر الثقافية.
«حاضنة الأزياء»
في 3 ديسمبر (كانون الأول) 2020، أطلقت وزارة الثقافة «برنامج حاضنة الأزياء» الذي يُعدّ الأول من نوعه في المملكة لدعم روّاد الأعمال والمواهب في قطاع الأزياء والقطاعات ذات العلاقة وتطوير منتجاتهم.

تعيينات ثقافية
> في 9 فبراير (شباط) 2020، عين وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، الروائي محمد حسن علوان رئيساً تنفيذياً لهيئة الأدب والنشر والترجمة.
كما عيّن في 12 فبراير (شباط) 2020، ميادة بدر رئيساً تنفيذياً لهيئة فنون الطهي، وهي خريجة المدرسة الدولية «كوردون بلو» في باريس، كما تدربت تحت إشراف طهاة معروفين دولياً.
في 19 فبراير (شباط) 2020، تم تعيين الدكتور ستيفانو كاربوني رئيساً تنفيذياً لهيئة المتاحف، ويُعد كاربوني من المتخصصين في مجال المتاحف، وسبق له أن تولى إدارة العديد من المتاحف والمعارض الفنية في العالم، وعمل في متحف متروبوليتان في نيويورك لمدة 16 سنة، خلال الفترة من 1992 إلى 2008، وهو حاصل على درجة الدكتوراه في اللغة العربية والفن الإسلامي من مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية التابعة لجامعة لندن عام 1992.
وفي 16 فبراير (شباط) 2020، عيّن وزير الثقافة سلطان البازعي رئيساً تنفيذياً لهيئة المسرح والفنون الأدائية.
وفي 23 فبراير (شباط) 2020، تمّ تعيين جهاد الخالدي رئيسة تنفيذية لهيئة الموسيقى، وتتمتع الخالدي بخبرات في المجال الموسيقي تمتد لأكثر من 33 سنة، حيث كانت تعمل عازفة كمان ضمن الأوركسترا المصرية لمدة 8 سنوات، كما حصلت على درجة البكالوريوس في عزف الكمان وفي نظرية الموسيقى من المعهد العالي للموسيقى في القاهرة، إلى جانب خبرتها ومعرفتها الإدارية.
في 26 فبراير (شباط) 2020، تم تعيين عبد الرحمن العاصم رئيساً تنفيذياً لهيئة المكتبات.
وفي 8 أبريل (نيسان) 2020، كلّف وزير الثقافة الدكتور جاسر الحربش رئيساً تنفيذياً لهيئة التراث.
وفي 30 أبريل (نيسان) 2020، عين وزير الثقافة الدكتورة سمية السليمان رئيسة تنفيذية لهيئة فنون العمارة والتصميم.
وفي 7 يونيو (حزيران) 2020، عيّن وزير الثقافة المهندس عبد الله آل عياف القحطاني رئيساً تنفيذياً لهيئة الأفلام.
في 7 يوليو (تموز) 2020، تمّ تعيين دينا أمين رئيسة تنفيذية لهيئة الفنون البصرية
وهي من الخبرات السعودية المتخصصة في الفنون البصرية أكاديمياً ومهنياً، وحاصلة على درجة البكالوريوس في تاريخ الفنون والهندسة المعمارية من كلية ولزلي بولاية ماساتشوستس في الولايات المتحدة.



عبده خال كاتب رواية بوليسية... هل توقف نموه؟

 نوبوكوف
نوبوكوف
TT

عبده خال كاتب رواية بوليسية... هل توقف نموه؟

 نوبوكوف
نوبوكوف

كنت أتهيأ للكتابة حين باغتتني رغبة في تصفح محتوى صفحة «الثقافة» في جريدة أجنبية. فوقع بصري، لحظة انبساط محتواها أمامي، على عنوان مُرَكبٍ من جزأين؛ الجزء الأول «مُلائِمَةٌ للقراءةِ في ليالي الشتاء»، وعرفت من الجزء الثاني أن الملائِمَةَ للقراءة هي عدد من روايات الجريمة يقترح مُعِدُّوها الاستمتاع بقراءتها في عطلة «الكريسماس». تلك قائمة لا أتوقع أن تقترحها الصحافة الثقافية العربية. «يا للمصادفة الغريبة» قلت في داخلي، فالمقالة التي كنت أنوي كتابتها تتمحور حول رواية الجريمة، أو الرواية البوليسية؛ لا أُفرقُ هنا بين النوعين. وكان للمصادفة امتداد آخر، إذ فرغت، وقبل قراءة تلك القائمة، من قراءة روايتين، هما روايتا جريمة «فسوق» لعبده خال، و«اللص والكلاب» للروائي العربي الكبير نجيب محفوظ.

عبده خال

ثنائية الركض والزحف

ركضت عبر «فسوق» عبده خال لأنها كانت القراءة الثانية، أو الثالثة؛ ووجدت في تعليقاتي وشخبطاتي في هوامش صفحاتها ما يغني عن قراءتها زاحفاً. أما أثناء قراءة رواية محفوظ، وكانت القراءة الثانية، كنت القارئ المتأني والبطيء لأنني لم أستطع مقاومة الرغبة في تفحص التقنية السردية فيها، ورصد لعبة الضمائر التي لا بد أن محفوظ استمتع بها أثناء الكتابة، واستمتع باستباق تلاعبه بالقارئ المحتمل بانتقاله من ضمير إلى آخر على نحو قد يجعل القراءة بطيئةً، أومُشوِشَّةً لبعض القراء.

يبدأ الفصل الأول بصوت السارد العليم - المحدود - بضمير الغائب: «مرة أخرى يتنفس نسمة الحرية، ولكن الجو غبار خانق وحر لا يُطاق. وفي انتظاره وجد بدلته الزرقاء وحذاءه المطاط، وسواهما لم يجد في انتظاره أحداً» (5). وابتداءً من الكلمتين الأخيرتين من السطر الثامن، يتحول ضمير الغائب إلى ضمير المخاطب المثنى، إلى صوت سعيد مهران مُخاطباً زوجتة سابقاً وزوجها الغائبين: «نبوية عليش، كيف انقلب الاسمان اسماً واحداً؟ أنتما تعملان لهذا اليوم ألف حساب، وقديماً ظننتما أن باب السجن لن ينفتح، ولعلكما تترقبان في حذر» (5)، ثم إلى ضمير المتكلم «ولن أقع في الفخ، ولكني سأنقض في الوقت المناسب كالقدر» (5). وقبل نهاية الصفحة بسطرين، يتحول الخطاب إلى مونولوغ داخلي بضمير المُخاطب المفرد: «استعِن بكل ما أوتيت من دهاء، ولتكن ضربتك قوية كصبرك الطويل وراء الجدران» (5). وفي مكان آخر فيما بعد، يلتقي ضميرا المتكلم والمخاطب الجمع معاً في كلام سعيد مهران، وهو يتحدث إلى مستشارين متخيلين في محاكمة متخيلة: «لست كغيري ممن وقفوا قبلي في هذا القفص، إذ يجب أن يكون للثقافة عندكم اعتبار خاص، والواقع أنه لا فرق بيني وبينكم إلا أني داخل القفص وأنتم خارجه...» (100). من المستبعد ألا يتذكر البعض همبرت همبرت في رواية فلاديمير نابوكوف «لوليتا» وهو يخاطب المحلفين أثناء محاكمته. اللافت في الأمر أن سعيد وهمبرت «بطلان» مضادان «antiheroes»، ومُبَئِران، وساردان إشكاليان غير موثوقين في روايتي جريمة؛ سعيد مهران لص وقاتل، وهمبرت همبرت «بيدوفايل/pedophile/ المنجذب جنسياً للأطفال» وقاتل. مأزق أخلاقي يجد القارئ نفسه مُسْتَدْرَجاً إلى التورط فيه في حال تماهيه مع الشخصية جراء تقلص أو تلاشي المسافة الجمالية بينه وبينها.

البداية المُزاحة بالاستطراد

هنا البداية الأولى، الأصلية، للمقالة، وقد أزاحها إلى هذا المكان الاستطراد السابق، ولا أخفي أنني مِلْتُ إلى الاسترسال فيه. البداية الأصلية: الروائي والأكاديمي موكوما وانغوغي ودعوته في «نهضة الرواية الأفريقية» إلى فتح التقليد الأدبي الأفريقي للقص الشعبي ومنه الرواية البوليسية؛ «جائزة القلم الذهبي» بكونها، في الأساس، مشروعاً يرفع القص الشعبي العربي من الهامش ويُنزله في المركز وبؤرة الاهتمام في المشهد الأدبي؛ ملف صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية عن الرواية البوليسية في العالم وخُلُوِّه من أي ذكر لرواية بوليسية عربية واحدة، ثلاثة عوامل شكلت دافعاً على الكتابة عن الرواية البوليسية، وعن عبده خال، الذي أراه مشروع كاتب رواية بوليسية يعيش في كمون، أو لأقل، في حالة «توقف نمو» (ARRESTED DEVELOPMENT)، بغض النظر عمّا إذا كان يرى نفسه كذلك أم لا. الأمر مجرد رأي شخصي.

وانغوغي... الانحياز إلى الرواية البوليسية

بالإضافة إلى مناداته باعتبار الكتابات المبكرة - ما قبل جيل ماكيريري - جزءاً لا يتجزأ من «الخيال الأدبي والنقدي الأفريقي» (نهضة الرواية الأفريقية، 34)؛ دعا وانغوغي إلى فتح التقليد الأدبي الأفريقي للأدب المكتوب باللغات المحلية وللأدب الشعبي، مؤكداً على الرواية البوليسية بالذات، واصفاً مجيء أدباء ماكيريري بأنه مثل «تسونامي أدبي» طمر الكتابات المبكرة «تحت سيل من الروايات الواقعية» التي كتبوها بالإنجليزية. وكانت قوة وزخم حركتهم السبب في إخفاق النقد الأدبي في استرداد الحقبة الأدبية المبكرة. لقد أرسى أولئك الأدباء تسلسلاً هرمياً «يعلي شأن كل ما هو أدبي على الفنون الشعبية» (253)، بينما الفجوة بين الأدبي والشعبي، في رأيه، مجرد تباينات سطحية، لا تعني له ولجيله شيئاً ذا بال، فهم يقرأون «الأدب جنباً إلى جنب الأدب الشعبي» أو يقرأون «ما هو أدبي مع ما هو شعبي في آن معاً» (255). ويرى أن النقد الأدبي الأفريقي الملتزم بالخط الفكري الممتد من تشينوا أتشيبي إلى تشيماماندا أديتشي كاذب ومزيف، وأنه ومجايليه يتطلعون إلى نقدٍ أدبي يتيح لهم قراءة الأعمال الأدبية لشكسبير وأتشيبي ونغوغي وا ثيونغو، على سبيل المثال، إلى جانب الروايات الشعبية والبوليسية.

الرواية الشعبية من الهامش إلى المركز

لا اسم في الذاكرة الأدبية العربية لناقد أو روائي أو أكاديمي عربي دعا، مثل وانغوغي، إلى الالتفات نقداً أو بحثاً إلى الرواية الشعبية العربية، فالمشهد العربي عموماً يشيح باهتمامه واعترافه بها عنها، وإن ينظر إليها فبنظرة دونية، باعتبارها أدباً من الدرجة الثانية، أو ليست من الأدب على الإطلاق. وكان الوضع سيستمر لو لم يطرح المستشار تركي آل الشيخ مشروع «جائزة القلم الذهبي»، لينقلها من الهامش إلى المركز، مثيراً بذلك موجات من التصفيق والترحيب، مقابل «حلطماتِ» وهمهماتِ رفضٍ لم يجرؤ على رفع صوته في وجه المشروع. الوضع سيكون مختلفاً تماماً لو لم يكن «الرسمي» مصدرَ القرار والتنفيذ لمشروع «القلم الذهبي».

في مقالته الموسومة بـ«جائزة القلم الذهبي وصناعة مشهد مختلف» المنشورة في مجلة «القافلة» (نوفمبر/ديسمبر 2024)، يكتب الأستاذ الدكتور حسن النعمي أن «جائزة القلم الذهبي»، «فريدة من نوعها في بناء جسور التلاقي بين الرواية والسينما» (31). ما أراه هو أن فرادة وتميز الجائزة ينبعان أساساً من التفاتها إلى المهمش، أو حتى غير المعترف به؛ القص الشعبي بطيف أنواعه. القص الشعبي هو الأساس والقواعد التي تبني عليها الجائزة «جسور التلاقي بين الرواية والسينما»، وما الرواية الأدبية «الواقعية» سوى مضاف إلى الجائزة على نحو استدراكي وعرضي.

وأتفق مع الدكتور النعمي في أن الجائزة ستصنع مشهداً مختلفاً، بيد أنه اختلاف من المحتمل أن يدفع، وعلى نحو لافت، بالقص الشعبي عموماً، والرواية البوليسية خاصة، إلى الواجهة، ما قد يؤدي إلى دخولها في مجال رادارت الصحافة والنقد. فتخرج الرواية البوليسية العربية من جب غيابها الملحوظ الذي ناقشته الصحافة العربية، وكُتِبَ عن أسبابه مراراً وتكراراً، قبل أن يتأكد - غيابها - عالمياً، أيضاً، من خلال ملف صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية (جولة حول العالم عبر 80 رواية بوليسية). وكان عبده وازن (إندبندنت عربية) وباقر صاحب (جريدة «الصباح»)، ممن كتبوا عن هذا الغياب الذي وصفه وازن بالفادح.

غياب الرواية البوليسية في «المجلة العربية»

لم تسعفني ذاكرتي إلا برواية محلية واحدة (فسوق) عبده خال وأنا أفكر فيما أشارك به في ملف «المجلة العربية» عن غياب الرواية البوليسية العربية (نُشر الملف في 1/4/2011). «فسوق» رواية بوليسية بامتياز حتى وإن لم يصرح مؤلفها بأنها كذلك، لاحتوائها على عناصر الرواية البوليسية الثلاثة: الجريمة، نبش قبر جليلة محسن الوهيب وسرقة جثتها ومضاجعتها؛ «المجرم/السارق، داود الناعم/شفيق الميت»؛ التحقيق والقبض على المجرم. أو وفقاً لتنظير تزفيتان تودوروف في «تصنيف القص البوليسي»، يتألف المتن الحكائي في «فسوق»، كما في أي رواية بوليسية، من القصة الأولى، وهي سرقة جثة جليلة، والقصة الثانية، قصة التحقيق المنتهية بالتعرف على من سرق الجثة ليمارس معها «النكروفيليا». القصة الأولى، كما يُنَظِّر تودوروف، تحكي ما يحدث بالفعل، بينما تشرح الثانية، قصة التحقيق، «كيف عرف القارئ أو السارد» عنها. بالتحديد تنتمي «فسوق» إلى النوع المعروف باسم «police procedural»، القص البوليسي الذي تأخذ فيه إجراءات وأساليب عمل الشرطة موقعاً مركزياً في البنية والثيمات والحدث كما يوضح جون سكاغز في كتابه «قص الجريمة».

لم يخطر ببال عبده خال أنه سيصبح ذات يوم عضواً في لجنة تحكيمٍ روايات جريمة/بوليسية جزءٌ من مهمتها. ربما يحفزه هذا على السماح لكاتب «فسوق» في داخله بالنمو والتطور، ليكتب روايات بوليسية أخرى.

* ناقد وكاتب سعودي