الجيش الإسرائيلي يحذر من عمليات إرهاب يهودية ضد الفلسطينيين

TT

الجيش الإسرائيلي يحذر من عمليات إرهاب يهودية ضد الفلسطينيين

في ظل تنامي معسكر اليمين عشية جولة الانتخابات الجديدة، حذّرت أوساط في قيادة الجيش الإسرائيلي من خطر تنفيذ عمليات إرهاب يهودية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.
وقالت هذه الأوساط إن ما يعرف باسم «شبيبة التلال» بين المستوطنين مؤهلة اليوم لتكرار العملية الإرهابيّة التي تم تنفيذها ضد عائلة دوابشة في قرية دوما عام 2015، عندما أقدم مستوطنون إرهابيون على إحراق عائلة بأكملها وهم نيام. وبحسب ما نقل المراسل العسكري لموقع «واللا»، أمير بوحبوط، أمس السبت، فإن المسؤولين العسكريين وعناصر في أجهزة الأمن الأخرى للاحتلال، لا تستبعد سيناريو خروج المستوطنين في حملة ضغوط على القيادة السياسية حتى تعود لتنفيذ مخطط الضم لمناطق فلسطينية وفرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات. وفي إطار هذه الحملة سيبدؤون بعمليات احتجاجات عنيفة ومن ثمّ ينتظرون وقتاً قبل أن يقوموا بعمليات إرهابيّة «قادرة على هزّ المنطقة».
وكان هؤلاء المسؤولون يعقبون على الحادث الذي وقع في الأسبوع الماضي، وقتل خلاله فتى من تنظيم «شبيبة التلال»، الذي ينشط في المستوطنات وينفذ الاعتداءات على الفلسطينيين وأملاكهم. فقد قام الفتى المستوطن بإلقاء حجارة على سيارات فلسطينية في منطقة رام الله. فراحت الشرطة تطارده. وفي مرحلة معينة دهسته سيارة شرطة ولقي مصرعه. وخرج المستوطنون في مظاهرات احتجاج واسعة. وانفلت ناشطو «شبيبة التلال» في اعتداءات على الفلسطينيين، وألقوا حجارة باتجاه سيارات فلسطينية وثقبوا إطارات سيارة كانت تنقل عمالاً فلسطينيين في منطقة الخليل. وجاء في شكوى قدمها فلسطينيون إن 5 - 7 إرهابيين من «شبيبة التلال» ألقوا حجارة وهاجموا راعي أغنام في شمال الضفة، وتم نقله إلى المستشفى إثر ذلك. ومنذ يوم الثلاثاء الماضي يعزز الجيش الإسرائيلي قواته في الضفة الغربية. وعلى إثر تقييم للوضع، تقرر القيام بحراسة المستوطنات والطرقات في المنطقة، لمنع اشتباكات فلسطينية إسرائيلية من جهة ولمنع المستوطنين المتطرفين من تنفيذ اعتداءات على الفلسطينيين أو على قوات الاحتلال الإسرائيلي كما حصل في مرات سابقة.
بالمقابل، حذر الفلسطينيون من التصعيد الخطير في اعتداءات المستوطنين ورفضوا اعتبار موقف الجيش محايداً. وقالوا إن المستوطنين ما كانوا ليجرؤوا على تنفيذ اعتداءات على الفلسطينيين لولا حماية الجيش ومساندته لهم. وأكدوا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بجيشها ومخابراتها ومستوطنيها، قاموا، منذ مطلع العام الجاري، بتصعيد الاعتداءات بحق الفلسطينيين في شتى المجالات والمواقع. وعلى سبيل المثال ذكروا كيف يتم الاعتداء على المزارعين في مناطق مختلفة من الأغوار الشمالية، في مسعى للاستيلاء على أراضيهم، وحرمانهم من مصدر رزقهم. فأكدوا أن المستوطنين ينفذون الاعتداءات بشكل مباشر والجيش يحميهم وفي كثير من الأحيان يساندهم.
ويقول أيمن غريب، وهو مقاول يعمل في شق الطرق الزراعية، إن سلطات الاحتلال استولت على عدة جرافات يمتلكها خلال الشهرين الماضيين أثناء عملها في شق طرق زراعية في منطقتي عاطوف والمالح، مشيراً إلى أنه تكبد خسائر مادية كبيرة خلال العام الحالي بسبب الغرامات التي يدفعها لاسترداد معداته، فكلما طالت مدة الاحتجاز زادت الغرامة. وبالإضافة إلى ذلك، يتعرض سائقو الجرافات والعاملون للضرب والاعتقال.
وقد استولت سلطات الاحتلال خلال العام الجاري على 5 جرافات خلال عملها في شق الطرق الزراعية في عدة مناطق من الأغوار، بالإضافة إلى 27 جراراً زراعياً، غالبيتها العظمى خلال الشهرين الماضيين. ويقول الناشط الحقوقي، عارف دراغمة، إن أكثر المناطق التي يستهدفها الاحتلال في الاستيلاء على الجرارات والمعدات هي: ابزيق، والرأس الأحمر، والفارسية، وحمصة، والمالح. ويضيف: «يهدف الاحتلال من خلال هذه الإجراءات ليس فقط إلى منع وصول الخدمات الأساسية للسكان ومنعهم من الوصول لأراضيهم لزراعتها وحراثتها فحسب، بل أيضاً لإرهاب المواطنين وبث روح اليأس لديهم وتهديد وجودهم».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.