الداخلية العراقية تحبط هجمات جديدة على قاعدة أميركية

اعتقال أحد مطلقي الصواريخ وتنسيق بين التحالف و«الناتو» لملاحقة الإرهابيين

آثار الدمار بعد إطلاق صواريخ على المنطقة الخضراء في نوفمبر (رويترز)
آثار الدمار بعد إطلاق صواريخ على المنطقة الخضراء في نوفمبر (رويترز)
TT

الداخلية العراقية تحبط هجمات جديدة على قاعدة أميركية

آثار الدمار بعد إطلاق صواريخ على المنطقة الخضراء في نوفمبر (رويترز)
آثار الدمار بعد إطلاق صواريخ على المنطقة الخضراء في نوفمبر (رويترز)

في الوقت الذي لم تعد واشنطن تخفي نيتها إغلاق السفارة الأميركية في بغداد، الواقعة في المنطقة الخضراء، ونقلها إلى مكان بديل، فإنه طبقاً لما أعلنه وزير الداخلية عثمان الغانمي عن اعتقال أحد مطلقي الصواريخ، فإن حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي عززت قدرتها على صعيد إحباط هجمات جديدة؛ سواء ضد السفارة أو مواقع أميركية أخرى.
وكان الغانمي أعلن في تصريح نقلته قناة «العربية» أنه تم اعتقال أحد مطلقي الصواريخ على المنطقة الخضراء في بغداد. كما أكد الغانمي أنه «تم إحباط عدة هجمات على الخضراء»، كاشفاً عن «تنسيق بين قوات التحالف و(الناتو) لملاحقة الإرهابيين».
وفيما لم تفصح الجهات الرسمية العراقية عن اسم أو موقع الشخص المعتقل، فإنه ولأول مرة يتم الإعلان عن اعتقال أحد المتورطين في عمليات القصف ضد السفارة الأميركية، الأمر الذي يمكن أن يوفر هذا الصيد الثمين بالنسبة للأجهزة الأمنية والرسمية العراقية من معلومات قد تؤدي إلى تفكيك لغز الهجمات على المنطقة الخضراء، التي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها بمن فيها الفصائل المسلحة الموالية لطهران.
يُذكر أن قائد «فيلق القدس» الإيراني إسماعيل قاآني زار العراق مرتين، في غضون شهر، آخرها الثلاثاء الماضي، بعد يوم من إطلاق آخر وجبة صواريخ على موقع السفارة الأميركية، حيث أبلغ الكاظمي عدم مسؤولية نظامه أو المقربين له في العراق عن هذه الهجمات. كما قال في زيارة مماثلة قبل نحو شهر عقب إطلاق صاروخ على الخضراء أدى إلى مقتل طفلة عراقية حيث كاد يطيح بالهدنة المعقودة بين واشنطن والفصائل المسلحة.
وفي سياق الجهود التي تقوم بها القيادة العراقية لتأمين محيط السفارة وتكثيف الجهد الأمني للحيلولة دون تكرار مثل هذه الهجمات، بما يؤدي إلى عدم تنفيذ قرار واشنطن نقل سفارتها، حث الرئيس العراقي برهم صالح وزير الدفاع جمعة عناد على أهمية ملاحقة مطلقي الصواريخ وتأمين البعثات الدبلوماسية. وقال بيان صادر عن رئاسة الجمهورية إن الرئيس العراقي بحث، أمس (الخميس)، مع وزير الدفاع الخطط الموضوعة لحماية البعثات الدبلوماسية. وقال البيان إنه «جرى خلال اللقاء مناقشة التطورات الأمنية الأخيرة في البلاد، وضرورة تعزيز سلطة الدولة والأجهزة الأمنية من أجل فرض النظام، وملاحقة الجماعات الإرهابية الخارجة عن القانون، ووقف نشاطاتها وتسليمهم للعدالة، ومنع تكرار الأفعال التي من شأنها زعزعة الأمن العام». وأضاف البيان أن «اللقاء بحث ضرورة اتخاذ جميع التدابير والإجراءات الكفيلة بحماية أمن وممتلكات المواطنين والمنشآت والمباني الحكومية، وتأمين سلامة البعثات الدبلوماسية وأفرادها من الاعتداءات التي تمثل تحدياً لسلطة الدولة واستهدافا لسيادة البلد واستقراره».
إلى ذلك كشفت استخبارات وزارة الداخلية، معلومات تشير إلى نية الجماعات المتطرفة، قصف القاعدة العسكرية الأميركية «فيكتوريا» في مطار بغداد الدولي، بصواريخ متطورة. وقالت وثيقة صادرة عن الداخلية تقول إن «معلومات توفرت من إحدى الأجهزة الأمنية تشير إلى نية عناصر خارجة عن القانون استهداف القاعدة العسكرية الأميركية في مطار بغداد الدولي خلال الأيام القليلة المقبلة بواسطة (صواريخ متطورة) سيتم إطلاقها من منطقة الشيحة التابعة لقضاء أبو غريب غرب بغداد».
ولفتت الوثيقة إلى أن وقت تنفيذ عملية الاستهداف ستكون قبل يوم الثالث من يناير (كانون الثاني) 2021، وهو يصادف يوم ذكرى اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس في العام الماضي، مشيرة إلى أنه «لم تتوفر معلومات إضافية عن الموضوع».
وبينما تضغط بغداد باتجاه الحيلولة دون وقوع هجمات جديدة على السفارة الأميركية فإن واشنطن لاتزال تفكر جدياً في نقل السفارة. يأتي هذا التحرك في وقت حرج بين مغادرة ترمب منصبه خاسراً وناقماً على إيران، وقرب تسلم بايدن مقاليد الأمور في البيت الأبيض، حيث تسعى إيران إلى تهيئة الأجواء للدخول معه في مفاوضات جديدة بشأن ملفها النووي.
وطبقاً لموقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي، فإن الولايات المتحدة الأميركية تفكر بنقل سفارتها من بغداد. وقال الموقع إن هناك عدة خيارات قيد الدراسة في هذا السياق. من بينها نقل السفارة إما إلى أربيل عاصمة إقليم كردستان أو إلى قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار غرب العراق. وكان الرئيس دونالد ترمب أعلن أنه «سيحمّل إيران المسؤولية» في حال حدوث هجوم يستهدف أميركيين في العراق، مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني في ضربة شنّتها طائرة مسيّرة أميركية قرب مطار بغداد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.