الراعي للسياسيين: فكوا حصار الحكومة عن الصراعات الخارجية

البطريرك بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)
البطريرك بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)
TT

الراعي للسياسيين: فكوا حصار الحكومة عن الصراعات الخارجية

البطريرك بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)
البطريرك بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)

دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى فك حصار الحكومة عن الصراعات الخارجية، مشيراً إلى «نيات خبيثة تعطل تشكيل الحكومة» اللبنانية العتيدة التي فشلت القوى السياسية بالتوصل إلى اتفاق لتأليفها رغم المبادرة التي قام بها الراعي على خط رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل. واصطدمت مساعي تشكيل الحكومة بمطالب «التيار الوطني الحر» بحقيبتي «الداخلية» و«العدل» مقابل التخلي عن «الثلث الضامن» الذي كان يطالب به، بحسب ما نُقِل عن مصادر مواكبة لعملية التأليف.
ويغيب الرئيس اللبناني ميشال عون اليوم (الجمعة) عن قداس الميلاد، إذ أجرى اتصالا بالراعي مهنئا بحلول عيد الميلاد والسنة الجديدة، وأبلغه اعتذاره عن عدم المشاركة في القداس الاحتفالي في بكركي «بسبب الظروف الصحية الراهنة وتداعيات جائحة كورونا»، وتمنى للبطريرك «أن يعيد الله العيد على لبنان واللبنانيين في ظروف أفضل».
وفي رسالة الميلاد، أسف الراعي أمس (الخميس) لـ«سقوط الوعود التي أعطيت لنا وعادت التشكيلة إلى نقطة الصفر». وقال: «أيها السياسيون فكوا حصار الحكومة عن الصراعات الخارجية، وحبذا لو يبادر المعنيون إلى مصارحة الشعب عن تأليف الحكومة فمن حق المواطن أن يعرف».
وقال الراعي: «مسؤولياتنا دفعتنا إلى القيام بمبادرة لحث المسؤولين على تشكيل حكومة سريعا، رغم النوايا الخفية لإعاقة التشكيل، وكنا نراهن على الضمير عند المسؤولين وكان المبدأ ألا يتحكم أي طرف بالمساواة بين الطوائف».
وأكد الراعي: «إننا نريد حكومة اختصاص محصنة في وجه التسييس تعيد لبنان إلى منظومة الأمم… لا حكومة يسيطر البعض فيها على مفاصل الدولة». وقال: «اللبنانيون يريدون العيش في دولة واحدة لا دويلات للأحزاب والنافذين، يريد المواطنون المشاركة في القرار الوطني وليس فرضه على الآخرين». ورأى انه «ليس عندنا حكومة من دون أي مبرر، سوى النيات الخبيثة التي تتسلل وتهدم».
من جهته، قال رئيس «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» الشيخ عبد الأمير قبلان إن «تشكيل حكومة إصلاحية إنقاذية من أصحاب الكفاءة والنزاهة مطلب وطني للخروج من هذا النفق المظلم، لتواكب هذه الحكومة التشريعات المهمة التي أقرها المجلس النيابي لتسهيل التدقيق الجنائي وتنفيذ الإصلاحات المنشودة التي تلجم التدهور الاقتصادي والانهيار المعيشي وتعيد المال العام المنهوب وتفرج عن أموال المودعين في المصارف»، مشيرا إلى أن «القضاء النزيه هو المدخل الصحيح والوحيد لإنجاز الإصلاحات التي تمهد لقيام الدولة العادلة التي لا تعرف الفساد والظلم والإهمال، حتى يستعيد لبنان رسالته كوطن الشراكة والمساواة في الحقوق والواجبات، ويستعيد اللبنانيون الثقة المفقودة بالدولة التي نطالبها بالحزم والشفافية في محاسبة المتسببين في كارثة المرفأ والمسؤولين عن الانهيار الاقتصادي والتدهور النقدي».
وفي المواقف، قال النائب في تكتل «الجمهورية القوية» شوقي الدكاش في تصريح أمس: «مرت علينا وعلى من سبقونا أيام أصعب»، متعهداً «بأننا سنسترجع حقوقنا ونعيد المعنى للسياسة فلا تكون تعطيلا ومحاصصة ونكايات وسمسرات كي لا أقول أكثر في هذا الزمن الميلادي».
ونفى «حزب الله» أمس وضع أي عراقيل في وجه تشكيل الحكومة، وقال عضو المجلس السياسي في الحزب الوزير السابق محمود قماطي إن الحزب «يريد تشكيل هذه الحكومة في أسرع وقت ممكن، وهو من أكثر القوى المسهلة لإنتاج وتشكيل هذه الحكومة في ما يخصه ويخص الآخرين»، قائلاً: «حزب الله يحاول أن يذلل العقبات بقدر الإمكان، لأن وضع الشعب اللبناني والجوع والوجع والاقتصاد، والناس أصبحت في حالة يرثى لها والانهيار أصبح إلى قاب قوسين أو أدنى وبالتالي فإن وجود حكومة يشكل إنقاذا للبلد، ولا بد من ذلك في أسرع وقت ممكن».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.