دوافع واحدة لتمسك عون والحريري بحقيبتي الداخلية والعدل

عون والحريري في اجتماعهما أول من أمس (تويتر)
عون والحريري في اجتماعهما أول من أمس (تويتر)
TT

دوافع واحدة لتمسك عون والحريري بحقيبتي الداخلية والعدل

عون والحريري في اجتماعهما أول من أمس (تويتر)
عون والحريري في اجتماعهما أول من أمس (تويتر)

مع تبدد الأجواء الإيجابية التي رافقت الحراك الأخير على خط عملية تشكيل الحكومة اللبنانية التي بات من المؤكد أنها لن تشهد النور قبل العام الجديد، لا سيما بعد حديث الرئيس المكلّف سعد الحريري عن استمرار وجود «بعض العراقيل الواضحة»، عاد الحديث عن عقدة أساسية على خط التشكيل تتمثل بتمسك رئاسة الجمهورية والرئيس المكلف بتسمية وزيري العدل والداخلية.
لا يذكر الطرفان، أي رئاسة الجمهورية والرئيس المكلف تشكيل الحكومة، هذه العقدة بشكل مباشر، باعتبار أن هذا الأمر تفصيل يعكس اختلاف النظرة إلى معايير تشكيل الحكومة، كما يرى النائب إدغار معلوف عضو تكتل «لبنان القوي» الموالي للرئيس عون.
وينفي معلوف في حديث إلى «الشرق الأوسط» أن تكون عقدة التأليف تكمن في هاتين الوزارتين أو أن يكون «التيار» أو رئيس الجمهورية ميشال عون متمسكين بأي وزارة، متحدثاً عن «قطبة مخفية تعرقل تشكيل الحكومة يُسأل عنها الرئيس المكلف عبر استخدامه معايير مزدوجة بالتشكيل».
ويشير معلوف إلى أن الأهم في موضوع تشكيل الحكومة «وحدة المعايير»؛ فالتيار موافق على أي معايير شرط أن تكون موحدة على الجميع ومبنية على تفاهم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف المعنيين، بحسب الدستور، بتشكيل الحكومة.
من جانبه، يعتبر النائب نزيه نجم عضو كتلة «المستقبل النيابية» التي يرأسها الحريري أن الموضوع ليس قصة تمسك بوزارتي العدل والداخلية، مضيفاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أن حرص الرئيس المكلف على هاتين الوزارتين بالتحديد يأتي في إطار «الحرص على العدالة ومن ثم تطبيقها»، الأمر الذي عادة ما يكون منوطاً بوزارتي العدل والداخلية.
ويلفت نجم إلى أن هناك كثيراً من الملفات القضائية التي تحتاج إلى متابعة جدية بعيداً من المناكفات السياسية، وعلى وجه السرعة، منها مثلاً انفجار مرفأ بيروت الذي مضى عليه 5 أشهر، فضلاً عن التشكيلات القضائية، لذلك تُعدّ وزارة العدل مهمة جداً، معتبراً أنه لا يمكن أن يدار لبنان بعقلية «من يريد أن ينتقم ممن»، وأن كل ما يريده تيار المستقبل «حكومة فاعلة»؛ فحرصه الأول والأخير على «حكومة عادلة بكل جوانبها».
يُذكر أنه، وفي حين لم يتحدث «اتفاق الطائف» عن توزيع طائفي للوزارات مكتفياً بذكر مبدأ المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، جرت العادة بتخصيص الوزارات السيادية الأربع (الخارجية والداخلية والمالية والدفاع) للطوائف الأربع الكبرى، أي الموارنة والسنة والشيعة والأرثوذكس. أما الحقائب الوزارية التي توصف بـ«الوازنة»، كالطاقة والعدل والأشغال العامة والنقل، فتوزع على الطوائف الأربع الكبرى وطائفتي الدروز والكاثوليك.
ولم يتولّ أي وزير شيعي منذ «اتفاق الطائف» حتى اليوم حقيبتي العدل والداخلية.
وبين شعار «وحدة المعايير» و«حكومة عادلة»، يرى الناشط السياسي والأستاذ الجامعي مكرم رباح أن الكباش على هاتين الوزارتين يأتي في إطار «تحسين كل طرف فرص تفاوضه، إلى حين أن يأتي الوقت الحقيقي لتشكيل الحكومة؛ إذ إن العقدة الأساسية هي مشاركة (حزب الله) في الحكومة، الأمر الذي لا يريده الجانب الأميركي»، لذلك يراهن السياسيون اللبنانيون على تغير الإدارة الأميركية بعد تسلم الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن.
ويرى رباح في حديث مع «الشرق الأوسط» أن دوافع تمسك كل طرف بهاتين الوزارتين يعود إلى الأسباب نفسها، وإن كانت تختلف بالعناوين، موضحاً أن «التمسك بوزارة العدل يهدف عند الطرفين إلى الإمساك بالقضاء»، فبالنسبة لـ«التيار الوطني الحر» تحول القضاء مع وزير عدل مقرب منه إلى «قوة ضاربة»، فشهدنا توقيف الناشطين ولجوء «حزب الله» إلى القضاء، وهذا لم نعتده سابقاً، وبالتالي يريد «الوطني الحر» الحفاظ على هذه القوة، لا سيما أن التشكيلات القضائية لم تُجر بعد.
أما بالنسبة إلى الحريري، فيريد أن يحمي ظهره، لا سيما بعد استدعاء القضاء رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في ملف انفجار المرفأ، وبعدما تقدمت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون بشكوى في حق مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان بتهمة الإخلال بالواجب الوظيفي.
ويشار هنا إلى أنه، كما في الوزارات، تكرس عرف توزيع مديري الأجهزة الأمنية الأربعة على الطوائف الأربع، وكانت قيادة قوى الأمن الداخلي للسنة، وغالباً ما يكون مديرها مقرباً من «تيار المستقبل».
وفي حين يشير رباح إلى أنه لا يمكن أيضاً فصل موضوع عثمان عن التمسك بوزارة الداخلية يلفت إلى أن هذه الوزارة بما تحمله من صلاحيات تعني تقديم خدمات عن طريق البلديات، وإعطاء رخص في أكثر من مجال فضلاً عن مهمتها في مراقبة الانتخابات النيابية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».