«أنا والشعر»... شهادات حول أثر القصيدة في المسرح والسينما والسرد

مشاركة أسماء فنية وإبداعية تنتمي لمجالات مختلفة

أنيس الرافعي - عز العرب العلوي - عبد المجيد الهواس
أنيس الرافعي - عز العرب العلوي - عبد المجيد الهواس
TT

«أنا والشعر»... شهادات حول أثر القصيدة في المسرح والسينما والسرد

أنيس الرافعي - عز العرب العلوي - عبد المجيد الهواس
أنيس الرافعي - عز العرب العلوي - عبد المجيد الهواس

بهدف «استدراج» أسماء فنية وإبداعية من أجناس ومجالات أخرى للحديث عن علاقتِها بالشعر ومعرفة الصلات التي تُقيمها معه كأفقٍ للتفكير ومادة للعمل الإبداعي، والأثر الذي خلفه الشعر في تربيتها وثقافتها ومُنجزها الفني ومسارها الأدبي، وكيف تمثلته كرافدٍ يُغني ممارستها الإبداعية، اقترح «بيتُ الشعر في المغرب» والمديرية الجهوية لوزارة الثقافة والشباب (قِطاع الثقافة) لجهة الرباط - سلا - القنيطرة، مظاهرة ثقافية وفنية، عن بُعد، في ثلاثة مواعيد متفرقة، أيام الجمعة والسبت والأحد، تحت اسم «أنا والشعر»، بمشاركة كل من المخرج المسرحي والسينوغرافي عبد المجيد الهواس، والمخرج السينمائي عز العرب العلوي، والقاص أنيس الرافعي.

المسرح والقصيدة
افتتحت المظاهرة بمشاركة الهواس، الذي تحدث عن علاقته بالشعر، مشيراً إلى أن اكتشافه للمسرح لم يكن من بوابة الأدب الدرامي، بل من جانبه الفرجوي، بل من حقيقته كلقاء حي بين الممثل وجمهوره، يوحدهما المكان والزمان عبر اللقاء المباشر، مشدداً على قدرة الفرجة على تفجير مكامن النص.
وتحدث الهواس عن تجربته كممارس، وهي التجربة التي قال عنها إنها تأسست، في مرحلة أولى، من خلال الإخراج المسرحي عبر استدراج القصائد نحو المسرح، قبل أن يتحدث عن الشعر من زاوية نظر الممارس المسرحي الذي يميز بين عينتين من الشعر: شعر لا يحتاج إلى صوت، تتم قراءته في خلوة الذات، لأن نطقه أو قوله بصوت مرتفع قد يشوش على المعنى، أو يحاول أن يعطي معنى لما هو تجريدي؛ وشعر يمنح إمكانية السرد عبر ما يتضمنه من وقائع وأحداث بمجازات قابلة للتأويل، بحيث تكون تجربة اقتراح القصيدة على الجمهور عبر وسيط المسرح خصبة ومخصبة.
وتطرق الهواس إلى تجربته المسرحية، في علاقة بالشعر، مركزاً على اللحظة التي ارتأى فيها مصالحة الجمهور مع القراءة ومع اللغة، مشيراً إلى كثير من الشعر الذي حين يلقيه الشعراء فإن القليل منهم من يـُـغْني بإلقائه القصيدة، بينما كثيرة هي الأصوات التي تسيء إلى أصواتها ما دامت تخل بما ترجوه من شفافية ولذة.
ورأى الهواس أن استدراج الشعر نحو المسرح سبيل لتجاوز طرق السرد الخطية وإعادة النظر في واقع الشخصيات المتخيلة وفي طبيعة الحوار. وبخصوص فائدة الشعر للمسرح، سيتحدث عن تجنب المواضيع المبتذلة، مشددا على دور الشعر في أن ينفض عن شجرة الكلام فائض اللغة، قبل أن يختم بالحديث عن عدد من المسرحيات التي اشتغل عليها، والتي شكلت محاولات مهمة للاستحواذ على الركح، بأن يتحول إلى قصيدة، مركزاً على مسرحيات «الخمارة» و«اشكون طرز الما؟» و«امرأة وحيدة» و«شتاء ريتا الطويل«.
وإذا كانت مسرحة الأعمال الشعرية قد فتحت للمسرح المغربي آفاقاً جديدة ومكّنته من اسْتِنشاقِ هواءٍ طلق بعيداً عن طرائق البناء التقليدية في الكتابة المسرحية، فإن انفتاح الشعر على المسرح مكّنه من استثمار وسائط من ضوء ولون وأحجام وكوريغرافيا وموسيقى وغناء وصوت وصمت، لتسهيل عملية عبُوره وتلقّيه من طرف الجمهور، كما يرى المحاضر.

الشعر والسينما
بدأ العلوي مشاركته، في ثاني لقاءات التظاهرة، بالحديث عن علاقته بالشعر، مستعيداً الخواطر والقصائد الأولى والأنشطة الثقافية والمنشورات خلال فترة الدراسة والتحصيل العلمي، قبل أن يتوقف عند نقطة التحول التي قادته نحو توجه بصري وسينمائي، مشيراً إلى أنه أخذ معه ذلك الكم وتلك الخلفية الشعرية التي ميزته في مرحلة أولى، الشيء الذي دفعه إلى إخراج أفلام، ومقاربة مواضيع تحاول أن تلامس هذا الجانب، ولذلك تضمنت أفلامه مشاهد شعرية تنهل من الإبداع والمعنى الشعري، ممثلاً لذلك بفيلمه القصير «أزوران»، الذي قال إنه حاول أن يجعل منه قصيدة شعرية لا حوار فيها سوى المعنى للصورة. كما أشار إلى «أندرومان»، الفيلم الذي قال إنه توسل في كثير من مشاهده لغة شعرية مع صور مبهرة من ناحية إنتاج المعنى. أما في «كليكيس... دوار الدوم»، فقال إن الحوار هو في كثير منه شاعري لا يتصيد القافية، لكنه يعتمد على الإيقاع في طريقة التكوين والكتابة.
وتطرق العلوي إلى أفلامه الوثائقية، ممثلاً لها بـ«ماوكلي في جبال الأطلس»، الذي قال إننا نكون خلاله مع قصيدة مرئية، تضع المتلقي في نوع من الإبداعات الجديدة فيما يخص الكتابة السينمائية الوثائقية.
وتمثّل التجربة السينمائية للعلوي علامة هامّة عند الحديث عنْ علاقة الشِّعْر بالسِّينِما، حيثُ يغْتني مُنجزُه الفيلمي باللَّقَطات الشِّعْرية والصُّور الْفَنية، مما يجعلُه، حسب تعبير جان كوكتو، مُنفلتاً من رُوتين الحكاية وضيقها، مُنخرطاً في أفْياءِ السِّحْر والْحُلم، والانْتصار لتلقٍّ ذكيٍّ، ينتقِلُ بالمُشاهِد منْ حُدود الْمَرئي إلى لا نهائية اللاَّ مَرئي.
واستفاد العلوي، حسب كلمة للمنظمين، من شغفه بحقل الأدب، والشّعر خاصة، قبل انصرافه للعمل السينمائي، ولربّما أتاح له ذلك «مُضاعَفة زَوايا النَّظر، وفحْص طَرائق استفادَة السينما من الشعر واستدماج إمكانياته التعبيرية والرؤيوية في مُكوناتِها الفنيَّة، واستيعاب لُغته التكثيفية والإيحائية منْ أَجْل بِناء أفْلام بقَوافٍ مرْئية، ومَجازاتٍ ضارِبة في أقَاصي الحُلم والجمال».

الشعر والسرد
حلّ الرافعي، في ثالث لقاءات المظاهرة، ضيفاً على أسرة الشّعر والشّعراء، نظراً لنسبِ القرابة التي تصلُ ممارستَه النصيّة بجوهر الشّعر وطبيعته، هو الذي وطـّن، بحسب المنظمين، «مشروعاً تجريبياً في القصة القصيرة المغربية والعربية، تحمِلُ قسماتِه ولمساته الخاصة، أي ذلك التوقيع الشّخصي الممهور بهواءَ المغايرة والاختلاف».
وبدأ الرافعي مشاركته، في ثالث وآخر لقاءات التظاهرة، بقول للأرجنتيني خورخي لويس بورخيس، جاء فيه: «أحياناً في المساء. هناك وجه يرانا من أعماق المرآة هو الشعر حتماً، ذلك النوع من المرآة الذي يكشف لكل واحد منا وجهه الحقيقي».
ثم تحدث عن بداية علاقته بالشعر، انطلاقاً من «طور التهذب والتأدب»، مستحضراً علاقته بالمتنبي وجبران خليل جبران، مقارناً بين التجربتين، قبل أن يستعرض تجريبه، عند تقمصه صورة المؤلف، الشعر سرداً في بعده الصوتي، ضمن مجموعته القصصية «اعتقال الغابة في زجاجة».
وعُرف عن الرافعي اشتغاله الطليعي على «افتراضات التجريب»، و«تجربة التخوم مع الفنون الموازية» ضمن «مشغل جمالي دينامي» وتبعاً لـ«نظريّة سردية شخصية»، يسمّيهما في تأملاته النقدية بـ«فنّ التجهيز القصصي في الفراغ». وهو بذلك، يخلقُ عالماً قصصيّاً خاصّاً به، غير قابل للتماهي أو التطابق مع تجارب حكائية أخرى. ففي كل مجموعة قصصية جديدة، ثمة تجريبٌ واستدراج لمتون وسجلات وفنون وحوامل يتقاطع فيها التراثي بالحديث، البصري بالشفوي، النثري بالشعري.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.