ميليشيات طرابلس تصعّد لهجتها ضد «داخلية الوفاق»

تفاؤل بفتح الطريق الساحلي خلال اجتماع «لجنة 5+5»

عناصر من الميليشيات المسلحة وسط شوارع العاصمة طرابلس (إ.ب.أ)
عناصر من الميليشيات المسلحة وسط شوارع العاصمة طرابلس (إ.ب.أ)
TT

ميليشيات طرابلس تصعّد لهجتها ضد «داخلية الوفاق»

عناصر من الميليشيات المسلحة وسط شوارع العاصمة طرابلس (إ.ب.أ)
عناصر من الميليشيات المسلحة وسط شوارع العاصمة طرابلس (إ.ب.أ)

يستعد وفدا حكومة الوفاق الليبية، برئاسة فائز السراج، والجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، لعقد اجتماع حاسم وجديد للجنة العسكرية المشتركة، المعروفة باسم «5+5»، بهدف البدء في تنفيذ تفاهماتها المعلنة بشأن الوضع في منطقتي سرت والجفرة. وفي غضون ذلك، استمرت حالة التوتر في علاقات الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس، مع فتحي باشاغا، وزير «داخلية الوفاق».
ومن المنتظر أن تعقد اللجنة العسكرية المشتركة لوفدي الجيش الوطني وحكومة «الوفاق»، اجتماعاً، الأسبوع المقبل، للبدء في تنفيذ بنود اتفاقها قصد إعادة افتتاح الطريق الساحلي، الرابط بين شرق البلاد وغربها، مروراً بمدينة سرت، مع التزام الطرفين بالتراجع خمسة كيلومترات للخلف بشكل متزامن.
واستبق أحمد معيتيق، نائب السراج، الاجتماع بدعوة وفد حكومة الوفاق للاستمرار في العمل لتنفيذ كامل بنود اتفاق وقف إطلاق النار. وقال معيتيق، في بيان مقتضب، إن لجنة «5+5»، «أكدت على التنسيق لإعادة افتتاح الطريق الساحلي». فيما أطلع أعضاء الوفد معيتيق على «الخطوات المتخذة لتنفيذ اتفاق اللجنة بشأن وقف إطلاق النار الدائم»، مؤكدين، حسب بيان حكومي، أن «التنسيق جار لفتح الطريق الساحلي بهدف رفع المعاناة عن المواطنين، وتسهيل حرية التنقل بين المناطق».
بدوره، أكد العميد مختار نقاصة، عضو الوفد الذي التقى معيتيق، «المضي في تطبيق اتفاق جنيف ومخرجات اجتماعات غدامس وسرت»، بعد تجاوز ما وصفه بـ«بعض العقبات». كانت «قوة حماية طرابلس» قد انتقدت، أول من أمس، ما وصفته بـ«التأخير المتعمد في تنفيذ تفاهمات لجنة (5+5)»، وطالبت بتوضيح أسباب «عدم البدء في تطبيق أي بنودها حتى الآن، رغم مرور نحو شهر ونصف الشهر على إعلانها».
في غضون ذلك، سعت «كتيبة ثوار طرابلس» لحشد تحالف من الميليشيات المسلحة إلى جانبها، وإعادة ترتيب نظامها الداخلي. وأعلنت عقب اجتماع عقده قائدها، هيثم التاجوري، مع أمراء وقادة السرايا «عدم وجود أي خلافات بين أي من القادة، أو الأمراء أو الأفراد»، وأنها مؤسسة عسكرية «بخبرة وعتاد جبار، كانت وما زالت باقية على هدفها وعهدها، باعتبارها كتيبة واحدة موحدة، مصلحتها من مصلحة الوطن، وهدفها الحفاظ على سيادة الدولة، وتفعيل دولة القانون والمؤسسات». كما أعلنت «إعادة هيكلة الكتيبة، وتوزيع المهام بين الأفراد وأمراء السرايا، كل حسب التخصص والكفاءة»، متعهدة بـ«التصدى لكل من يحاول زعزعة أمن العاصمة، أو فرض الحكم فيها بقوة السلاح».
في المقابل، سعى باشاغا لتفادي صدام محتمل مع «كتيبة ثوار طرابلس»، التي يقودها هيثم التاجوري، حيث نفى «صدور تعليمات باعتقال التاجوري، أو فرض حظر بمنعه من السفر».
وكان باشاغا يرد بهذا النفي على إشاعات، عززتها تقارير محلية وتسريبات من داخل حكومة الوفاق، تحدثت عن إدراج أغا للتاجوري على قوائم المطلوبين لدى وزارة الداخلية بدعوى سرقة المال العام، ومطالبته قوات الردع الموالية له باعتقاله وتسليمه.
كما ناقش باشاغا، أمس، في طرابلس مع اللواء أسامة الجويلي، آمر المنطقة العسكرية الغربية، الوضع السياسي والأمني داخل البلاد، بالإضافة إلى الدعم العسكري والأمني والتعاون المشترك، ومخرجات لجنة «5+5»، وكيفية دعمها للوصول إلى نتائج إيجابية تخدم المصلحة الوطنية.
واستعرضت، أمس، القوة المشتركة، التابعة لحكومة الوفاق، جمعها الصباحي بمعسكرها جنوب العاصمة طرابلس لضبط الأمن بالمنطقة. بينما أكد الفريق محمد الحداد، رئيس أركان قوات الوفاق، استعدادها لصد أي هجوم لحفتر على العاصمة طرابلس.
ميدانياً، ورغم نفي وسائل إعلام محلية موالية لحكومة الوفاق سيطرة قوات من «الجيش الوطني» بشكل مفاجئ على أحد المعسكرات التابعة لقوات الوفاق في مدينة أوباري (جنوب)، قالت مصادر عسكرية إن «الكتيبة 173 مشاة»، التابعة للجيش الوطني، تمكنت أول من أمس من دخول معسكر «تيندي»، المعروف بالمغاوير سابقاً بمدينة أوباري، بعد فرار علي كنه، قائد المنطقة الجنوبية التابعة لحكومة الوفاق.
كان اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش الوطني، قد أعلن مساء أول من أمس عن نجاح قواته في تقديم خدمة أمنية لليبيا ومالي والنيجر، عبر استهداف عدد من البؤر الإرهابية في الجنوب، معتبراً أن ليبيا «أصبحت ملاذاً آمناً لكل مجرم هارب من بلاده»، لافتاً إلى أن «هناك من يتحالف مع الجماعات التكفيرية المطلوبة»، وأن عمليات الجيش «ستتواصل العام المقبل في الجنوب الغربي لمحاربة التهريب»، وأكد في هذا السياق أن «الأزمة في ليبيا ليست سياسية، ولعبة تقسيم كراسٍ، كما يدعي البعض؛ بل هي أزمة أمنية بامتياز».
من جهة ثانية، عقد أمس أعضاء مجلس النواب اجتماعاً افتراضياً لمناقشة تعديل الرئاسة واللائحة الداخلية، بعدما فشلوا مجدداً في عقد جلسة رسمية في مدينة غدامس، بسبب استمرار الخلافات فيما بينهم حول كيفية الإطاحة بعقيلة صالح، رئيس المجلس، وإيجاد بديل له. لكن بياناً لأعضاء المجلس عزا هذا الإخفاق إلى «ظروف الوضع الوبائي في البلاد، والحفاظ على سلامة النواب، بعد استشارة اللجنة الاستشارية لمكافحة كورونا المستجد».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».