تجدد الحديث عن الذكرى الثانية والثلاثين لحادث انفجار الطائرة الأميركية فوق أجواء بلدة لوكربي الاسكتلندية، كان أمراً يرغب عامر أنور، محامي عائلة الليبي الراحل المتهم الرئيسي في القضية عبد الباسط المقرحي، في حدوثه بشدة، خاصة أنه يتزامن مع «انتظار عائلة الراحل جلسة الحكم في طلب الاستئناف المقدم لتبرئة ساحته من حكم الإدانة بالمسؤولية عن الحادث»، لكن ما حدث هو أن «الحوار تجدد بالفعل بشأن (لوكربي) جراء ما نشرته وسائل إعلام دولية، قبل أيام، عن عزم وزارة العدل الأميركية توجيه اتهام لمواطن ليبي يدعي أبو عجيلة محمد مسعود». وقال أنور الذي يتولى الدفاع بالقضية منذ عام 2014 في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن الأطراف المعنية بالقضية كافة كانت على علم باسم شخصية أبو عجيلة مسعود، مضيفاً: «يبدو أن كثيراً من المعلومات الموجهة ضده تستند إلى برقيات تلقتها وكالة المخابرات المركزية الأميركية من قبل عملاء ليبيين مزدوجين عملوا لصالحها في مجال تقديم المعلومات لمساعدتها في بناء قضية ضد الليبيين، مقابل حصول هؤلاء العملاء على حياة أفضل لهم بالولايات المتحدة. وقد كشفنا مراراً عن استخدام الأموال، ووجود عملاء مزدوجين، لبناء قضية (كاذبة)، وأظن أنه يمكننا المجادلة مرة أخرى»، على حد تعبيره.
كانت الطائرة الأميركية «بان إم» قد انفجرت فوق أجواء بلدة لوكربي الاسكتلندية في 21 من ديسمبر (كانون الأول) 1988 خلال رحلتها رقم (103) بين لندن ونيويورك، ما أسفر عن وفاة 270 ضحية، واستمرت التحقيقات من تاريخ الحادث حتى عام 1991، حين تم توجيه الاتهام لاثنين من الرعايا الليبيين، منهم ضابط المخابرات عبد الباسط المقرحي، وهو الوحيد الذي أدين بالقضية في عام 2001، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، إلا أنه في أغسطس (آب) 2009، أفرجت عنه الحكومة الاسكتلندية لأسباب إنسانية، بعد إصابته بسرطان البروستاتا، وعاد إلى ليبيا، حيث توفي في مايو (أيار) 2012.
ولجأت عائلة المقرحي، في مارس (آذار) الماضي، إلى «اللجنة الاسكتلندية» لمراجعة الإدانة الجنائية التي لحقت بوالدهم الذي فارق الحياة في عام 2012. وقررت اللجنة رفع القضية إلى محكمة العدل، مع عدم استبعادها وجود خطأ قضائي. ووافقت المحكمة العليا في أغسطس (آب) الماضي على دراسة طلب الاستئناف في الجوهر. وتساءل أنور: «لماذا ينتظر الأميركيون قرابة 32 عاماً ليعلنوا قضية ضده؟ لماذا عشية الذكرى؟ ولماذا بينما ننتظر إعلان قرار الاستئناف (لتبرئة المقرحي)... إنه أمر مستغرب، فالمدعي العام الأميركي الذي وجه التهم إلى المقرحي ومحمد الأمين في عام 1991، وادعى أنه كان على علم بمسعود طوال تلك السنوات، فضل الانتظار حتى الأسبوع الأخير له بوظيفته ليعلن عن رغبته في رفع دعوى جديدة بالقضية... فماذا كان يفعل طوال الثلاثين عاماً الماضية بكل ما كان يجمع تحت تصرفه من سلطة وموارد الدولة الأميركية؟!».
وعن مدى معلوماته عن شخصية أبو عجيلة مسعود، أجاب أنور: «يُعتقد أن مسعود عمل في المخابرات الليبية، وتحديداً في صناعة المتفجرات، ويتم الزعم أنه كان على صلة بالراحل المقرحي، بل إنه سافر معه إلى مالطا في ديسمبر (كانون الأول) 1988، حيث زعم المدعون بالقضية أن القنبلة التي فجرت الرحلة (103) تم تجميعها وتعبئتها في حقيبة، قبل إرسالها من دون مرافق على متن الطائرة إلى لندن. أما بالنسبة لمكانه، وفقاً للمعلومات الواردة من جهات الاتصال الخاصة بي، فإنه كان مطلوباً لتسليمه من قبل محكمة الجنايات الدولية، لكن بصفته مواطناً ليبياً، ورفضت ليبيا تسليمه، وحاكمه القضاة، وحكموا عليه بالسجن 10 سنوات على الأقل». واستبعد المحامي «أي تأثير سلبي محتمل على قضية الراحل المقرحي، حال توجيه وزارة العدل فعلياً تهماً لمسعود»، قائلاً: «أي صلة بين المقرحي ومسعود نعتقد أنها ضعيفة للغاية».
ويرى أنور أن «نجاحه وفريقة في قبول طلب الاستئناف سيدعم ويقوي الموقف القانوني لأي متهم آخر بالقضية»، موضحاً: «لن يمكنهم استخدام قضية رجل بريء في دعم توجيه تهم جديدة؛ نجاحنا بالاستئناف سيكون مثل كرة هدم لأي آمال في محاكمة جديدة ضد محمد مسعود أو غيره، فقضية المقرحي مثل بيت من ورق، وقضية محمد مسعود تعد بمثابة ورقة واحدة فيه، فإذا انهار المنزل ستنهار بالتبعية التهم ضده؛ ربما هذا ما يدركه الأميركيون، وربما هذا ما يفسر وجود قلق قوي من فوزنا بالاستئناف... دون إدانة المقرحي، تختفي القضية ضد آخرين مثل الدخان».
وحول الجهة التي تقوم بدفع أتعاب المكتب حالياً، قال: «قبل عام 2011، كانت الدولة الليبية مسؤولة عن دفع التكاليف القانونية للمحامين المعنيين. للأسف، منذ أن توليت قضية ما بعد الوفاة في عام 2014، لم يتم دفع فلس واحد؛ لقد قُطعت وعود كثيرة، لكنني أظن أن هناك من يأمل في أن نستسلم ببساطة».
عائلة المقرحي تسعى لتبرئته في الذكرى الـ32 لحادثة لوكربي
وكيلها لـ «الشرق الأوسط»: كسب القضية يقوي موقف المتهمين
عائلة المقرحي تسعى لتبرئته في الذكرى الـ32 لحادثة لوكربي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة