رفيف الظل: راية تتلكأ عن بياضها

رفيف الظل: راية تتلكأ عن بياضها
TT

رفيف الظل: راية تتلكأ عن بياضها

رفيف الظل: راية تتلكأ عن بياضها

المسافرون يطلّونَ من نوافذ العربة، وقد ازرقّتْ جلودهم. يصرخ أحدهم:
- يا ألله، النهارُ يترنح.
يتكوّم الرجالُ والنساء والأطفال حول بعضهم، يتمتمون الآياتِ والأدعية. يندفع القطارُ على السكّة التي غمرتها الدماء البشرية المنهمرة من جانبيه. حين تصطدم العربة بالنهار، تهوي صاعقة أرجوانية، فيحترق الغيمُ والهواء، تحترق نداءاتُ الاستغاثة، ويطلّ من الحطام بطلٌ جديد، يده التواء المسافة وسهم نباله من لعاب، وسوف يحمله المرضى إلى سرير الكفن مولودا ثالثا من صلب النقيضين، هذا وإلا فمَنْ يكون؟
عربدة المشاعر في لهوٍ ثائر؟
طحينُ عظام تئن؟
ذكرى نكبات مستقبلية ونشيجُ رمل وطئته أقدام الغريب؟
سيان لو تصرخ أو يلعنونك. تصرُخ كلّ ليلة تحت وطأة الأمل، يسيلُ من تشنج عنقك نهرٌ غاب عن لون أعشابه، فاحتقن، ولم يعد أمامه سوى أن يطمر صدرك بجاثوم أخرس.
عليك أن تخرس، كلّ راية تتلكأ عن بياضها، سيمزقها المعزونَ على مرأى المجزرة. أدفع بهزال حلمك إلى مأدبة الظن. اشبع ظنا، فقد تنهض من مخالب السرير.
انظرْ إليها، تعيد الابتكار الخلق. دعها، دعها تجترح لنا كونا وتعيد الثقة لقلوب توشكُ على الشك.
ها هي ملاذنا مما يأخذوننا إليه، قطيعا بعد قطيع. وحدها الطفولة كفيلة بهزيمتهم
فتحصنوا بها.
المخالبُ أركانُ نومكَ الخمس، فاصقلها في الثلثِ العسير من الليل، ثم توسّدْ ظلامك المزمن.
هناك. هناك فقط، سيدعك قتلة الأحلام المأجورون تهنأ بقية الوقت، بالتهيؤ لمرمى رصاصهم.
ظلّتْ أيادي النار في منأى عن الشبهات، تصافِحُنا بفردوس الصباح، وتمْسِينا بريح الروح والريحان، فصدّقنا. وكانت هذه أولى مغانمها.
سَبَتْنا في الحريق، وأطفأت قطعاننا بغرائز التفاح.
الليلُ ترجمة الهرب، الوقتُ يقرأ ما تبقّى من رياح اليوم، ويكتب للسجناء تصريح البقاء.
باقون في الأسرِ، يهدّ النومُ جدرانَ الظلام، ويبني سجنه للغد، لئلا يكون انتظارنا للحرية طعم الفرار المجنون من عقل الامتثال. فالليل جمالٌ مكتوم، يزدرده الظلام في غفلة من يقظة القلب.
اذهب إلى فهرس الطبيعة تذكره بمنسياتنا.
مخبولون عشقا، ومنسياتنا قناديلُ الهامش، حيث الحرية تخرج عن التخوم.
من يتذكر، من ينسى؟
ملاذنا في النسيان، وليس في الذاكرة، لكن الفروقَ جعلتنا مجرد مجرورين. وها هي السماء مغلقة في سؤال العقل. وإلاّ فكيف نفسر الحرية وهي بعد لم تولد؟ وهي بعد تهمة العصيان.
- أنا النقي.
قال الجالسُ في عرش وحدته ومات.



موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

TT

موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)
رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)

بيعت لوحة تنتمي للفن التصوري تتكون من ثمرة موز مثبتة بشريط لاصق على الجدار، بنحو 6.2 مليون دولار في مزاد في نيويورك، يوم الأربعاء، حيث جاء العرض الأعلى من رجل أعمال بارز في مجال العملات الرقمية المشفرة.

تحول التكوين الذي يطلق عليه «الكوميدي»، من صناعة الفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان، إلى ظاهرة عندما ظهر لأول مرة في عام 2019 في معرض أرت بازل في ميامي بيتش، حيث حاول زوار المهرجان أن يفهموا ما إذا كانت الموزة الملصقة بجدار أبيض بشريط لاصق فضي هي مزحة أو تعليق مثير على المعايير المشكوك فيها بين جامعي الفنون. قبل أن ينتزع فنان آخر الموزة عن الجدار ويأكلها.

جذبت القطعة الانتباه بشكل كبير، وفقاً لموقع إذاعة «إن بي آر»، لدرجة أنه تم سحبها من العرض. لكن ثلاث نسخ منها بيعت بأسعار تتراوح بين 120 ألف و150 ألف دولار، وفقاً للمعرض الذي كان يتولى المبيعات في ذلك الوقت.

بعد خمس سنوات، دفع جاستن صن، مؤسس منصة العملات الرقمية «ترون»، الآن نحو 40 ضعف ذلك السعر في مزاد «سوذبي». أو بشكل أكثر دقة، اشترى سون شهادة تمنحه السلطة للصق موزة بشريط لاصق على الجدار وتسميتها «الكوميدي».

امرأة تنظر لموزة مثبتة للحائط بشريط لاصق للفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان في دار مزادات سوذبي في نيويورك (أ.ف.ب)

جذب العمل انتباه رواد مزاد «سوذبي»، حيث كان الحضور في الغرفة المزدحمة يرفعون هواتفهم لالتقاط الصور بينما كان هناك موظفان يرتديان قفازات بيضاء يقفان على جانبي الموزة.

بدأت المزايدة من 800 ألف دولار وخلال دقائق قفزت إلى 2 مليون دولار، ثم 3 ملايين، ثم 4 ملايين، وأعلى، بينما كان مدير جلسة المزايدة أوليفر باركر يمزح قائلاً: «لا تدعوها تفلت من بين أيديكم».

وتابع: «لا تفوت هذه الفرصة. هذه كلمات لم أظن يوماً أنني سأقولها: خمسة ملايين دولار لموزة».

تم الإعلان عن السعر النهائي الذي وصل إلى 5.2 مليون دولار، بالإضافة إلى نحو مليون دولار هي رسوم دار المزاد، وقد دفعها المشتري.

قال صن، في بيان، إن العمل «يمثل ظاهرة ثقافية تربط عوالم الفن والميمز (الصور الساخرة) ومجتمع العملات المشفرة»، ولكنه أضاف أن النسخة الأحدث من «الكوميدي» لن تدوم طويلاً.

وأضح: «في الأيام القادمة، سآكل الموزة كجزء من هذه التجربة الفنية الفريدة، تقديراً لمكانتها في تاريخ الفن والثقافة الشعبية».

ووصفت دار مزادات سوذبي كاتيلان بأنه «واحد من أكثر المحرضين اللامعين في الفن المعاصر».

وأضافت دار المزادات في وصفها لتكوين «الكوميدي»: «لقد هز باستمرار الوضع الراهن في عالم الفن بطرق ذات معنى وساخرة وغالباً ما تكون جدلية».