الأزمة الاقتصادية تغيّب ديك الحبش عن مائدة العيد في لبنان

ربات المنازل يكتفين بإعداد الأطباق الشبيهة بالأصلية

الأزمة الاقتصادية تغيّب ديك الحبش عن مائدة العيد في لبنان
TT

الأزمة الاقتصادية تغيّب ديك الحبش عن مائدة العيد في لبنان

الأزمة الاقتصادية تغيّب ديك الحبش عن مائدة العيد في لبنان

«للظروف أحكامها»، هي عبارة تختصر أوضاع اللبنانيين اليوم في ظل الأزمة الاقتصادية المتردية التي يعيشونها؛ فعشيّة عيد الميلاد يغيب مشهد انشغال ربّات المنازل في الإعداد لمائدة العيد قبل أسابيع من موعدها.
هذه المناسبة التي يلتئم معها شمل العائلة، فيجتمع أفرادها من كبيرهم إلى صغيرهم حول أطباق تقليدية تُحضّر عادة في هذا الموسم، تفتقد هذا العام عناصر رئيسية؛ فالقول المأثور المعروف في لبنان: «العين بصيرة واليد قصيرة» صار ينطبق حرفياً على مختلف المشتريات. من «حواضر البيت» و«بالتي هي أحسن» وضعت ربّات المنازل لائحة أطباق العيد، واعتمدن ما يشبه الأطباق التقليدية التي ترافق هذه المناسبة، كما ابتكرن أفكاراً حديثة تناسب أوضاعهن المادية المتأزمة.
وبذلك غاب ديك الحبش المحشو بالكستناء والأرز، وكذلك كبد البط (فواغرا) ولفائف «الروبيان»، وما إلى هنالك من مقبلات وأطباق أساسية تواكب عادة مائدة عيد الميلاد. وإذا ما رغبنا في إلقاء نظرة سريعة على هذه اللائحة من ألفها إلى يائها، لاكتشفنا تغييرات كثيرة.
المكسرات من كاجو ولوز مدخن وفستق حلبي إضافة إلى البازلاء والفول الأخضر التي تستهل بها سهرة العيد، تم استبدال الترمس البلدي وأوراق الخس الطازجة بها.
أما أنواع السلطات التي كان يسيل لها اللعاب لمجرد إلقاء نظرة على مكوناتها فضاقت خياراتها بفعل ارتفاع أسعار مكوناتها؛ فسلطات الباستا مع الأفوكادو أو البريازاولا والجرجير وجبن الماعز مع «آيس برغ» والفطر الطازج اختصرت بخلطة المعكرونة بسمك الطون وحبّات الذرة، وصحن المقبلات الذي كان يزيّن مائدة العيد بألوانه وأصنافه من قطع خبز «التوست» المنمنمة المهروس عليها كريما أجبان فرنسية، و«الكافيار» و«السلمون المدخّن» وشرائح اللحم المقدد، حلّت مكانها قطع الخبز بالصعتر واللبنة والكشك.
ومن أطباق المقبلات الرائجة في هذا الموسم من عام 2020 جبن الشنكليش بزيت الزيتون، وكذلك ورق العنب واللوبياء والفاصولياء المطبوخة بالزيت. وحدهما صحنا الحمص بالطحينة و«البابا غنوج» (باذنجان متبل مع الطحينة) يحافظان على مكانتهما، ويصطفان معاً على مائدة عيد شرقية الطابع. طبق الفتوش أيضاً يصعب حضوره في هذه الأيام على المائدة؛ فهو يُعدّ من الأطباق اللبنانية المشهورة، بين أصناف السلطات. ويتألف عادة من مجموعة خضار طازجة بينها الفجل والبقدونس والبندورة والخس والنعناع والجرجير وغيرها. وبفعل ارتفاع أسعار هذه الخضار لتتجاوز 7 آلاف ليرة للكيلوغرام الواحد، استبدلت به ربّات المنازل طبق التبولة الشهير أيضاً، الذي يقتصر تحضيره على البقدونس والبندورة والبرغل.
أما الغائب الأكبر عن مائدة العيد؛ فهو ديك الحبش المحشو بالأرز والمكسرات مع الكستناء. فأسعاره كطبق جاهز تتجاوز المليون ليرة. وشراؤه مثلجاً من محلات السوبر ماركت يكلّف نحو 300 ألف ليرة. وإذا ما أضفنا إلى سعره المكونات اللازمة لتحضيره (زبدة وكستناء وبطاطا حلوة وغيرها) يصبح سعره قريباً من نصف مليون ليرة، أي أكثر من ربع الحد الأدنى للأجور. ولذلك قررت ربات المنازل تغييره بطبق الدجاج مع الأرز المزيّن برشّة من بهار القرفة وكمشة صغيرة من حبيبات اللوز المقلي بالزيت لتزيينه. فحبات الصنوبر المحمّرة التي كانت تغطيه في الأيام الغابرة أصبح من غير المتوفر شراؤها في ظل ارتفاع سعر الـ100 غرام الواحد منها ليصل إلى نحو 100 ألف ليرة. وهكذا صارت الأمهات تلقب الصنوبر بـ«حبة اللؤلؤ» لغلاء أسعاره.
وفي موضوع الحلويات، تفتقد مائدة العيد إلى أصناف كثيرة منها، كان عيد الميلاد موعداً لتناولها بشهية. «البوش دي نويل» (حطبة الميلاد) المغلفة بكريما الكستناء والشوكولاته وكعكة «موس دي شوكولا» و«تشيز كيك» و«الكنافة بالجبن» و«البقلاوة» تغيب بدورها هذا العام عن هذه المناسبة. وفي المقابل، تم تحضير حلويات أقل كلفة منها مثل «بسكوتة الشوكولاته» المشهورة بـ«النيغريتا» و«النمورة» (بسبوسة) والقطايف بالجوز. وجميعها موقعة بأنامل ربات المنازل اللاتي امتنعن عن شرائها جاهزة لارتفاع أسعارها أيضاً وبنسبة كبيرة.
وتسهم برامج الطبخ على شاشات التلفزة في الترويج لأفكار إبداعية ومقبولة يعرضها مختصون في الطبخ، ضمن حلقات برامجهم اليومية؛ فهي توفّر على أصحابها دفع مبالغ مالية في مناسبة العيد. وتشمل هذه الأفكار كريات الجبن المبستر مع الصعتر، و«البيتزا» المصنوعة من شرائح الباذنجان، والخبز المرقوق (خبز القرية) المحشو بالبيض والبصل مع مكوّن السماق والمحمّر بالزيت في الفرن.



ودّع العام بوصفات مبتكرة للشوكولاته البيضاء


شوكولاته مع الفراولة (الشرق الأوسط)
شوكولاته مع الفراولة (الشرق الأوسط)
TT

ودّع العام بوصفات مبتكرة للشوكولاته البيضاء


شوكولاته مع الفراولة (الشرق الأوسط)
شوكولاته مع الفراولة (الشرق الأوسط)

تُعرف الشوكولاته البيضاء بقوامها الحريري الكريمي، ونكهتها الحلوة، وعلى الرغم من أن البعض يُطلِق عليها اسم الشوكولاته «المزيفة» بوصفها تختلف كثيراً عن أنواع الشوكولاته الأخرى، فإنها نوع مفضَّل لكثيرين، ولذلك قام الطهاة بدمجها في المزيد من الوصفات التي تناسب الأوقات والمناسبات المختلفة، ومنها احتفالات رأس السنة.

المكسرات تمنح الشوكولاته البيضاء المزيد من الثراء والقرمشة (بكسيلز)

إذا لم تجرّب الشوكولاته البيضاء من قبل، وقررت أن تتناولها الآن بمفردها، أو بصفتها مكوناً أساسياً في إحدى الوصفات، فأنت على موعد مع متعة التذوق، ورقي الاختيار؛ لأنها تُكسِب أطباق الحلوى نكهة مميزة، وأناقة المظهر، وفق الشيف المصري أحمد نبيل.

الشيف المصري أحمد نبيل (الشرق الأوسط)

يقول: «تبرز كل وصفة الطعم المخملي الغني للشوكولاته البيضاء، وعند تذوقها ستتساءل: لماذا لم تجرِّبها في وقت سابق؟».

ويوضح: «لا تحتوي الشوكولاته البيضاء على مواد صلبة من الكاكاو؛ فهي مصنوعة من زبدة الكاكاو والسكر ومواد صلبة من الحليب، وغاية ما في الأمر أنها لا تحتوي على أي حبوب كاكاو مطحونة، ولذلك هي ذات لون فاتح».

وصفات مبتكرة لا تقاوم للشوكولاته البيضاء (الشرق الأوسط)

ويلفت: «قد يزعم البعض أنها تفتقر إلى مواصفات الشوكولاته الداكنة أو بالحليب؛ بيد أن الخصائص الفريدة للشوكولاته البيضاء، مثل نكهتها الحلوة التي تشبه الفانيليا وملمسها الكريمي، تجعل منها خياراً ممتازاً لبعض الحلويات، فضلاً عن الدمج مع بعض الفواكه في وصفات مبتكرة».

الشوكولاته البيضاء هي أيضاً حقيقية (الشرق الأوسط)

أنواع كثيرة من الحلوى يقترحها نبيل، ومنها «فطائر البندق بالشوكولاته البيضاء والفراولة»؛ حيث تخترق الفراولة الطازجة حشو البندق الغني والشوكولاته البيضاء. وكذلك بودنغ الشوكولاته البيضاء المكرمل والبسكويت المغطى بها المصنوع من الزبدة والجبن الكريمي، والفانيليا والنعناع، وهو اختيار رائع للتجمعات العائلية والحفلات، ستستمتع من خلاله بمذاق مزيج السكر البني والسكر الحبيبي الذي يخلق توازناً لطيفاً بين المضغ ومتانة القوام.

تورتة الفانيليا والفراولة بالشوكولاته (إنستغرام)

وكذلك يرشح الشيف نبيل، بسكويت «بصمة الإبهام» بالشوكولاته البيضاء وجوزة الطيب المطحونة والزبدة غير المملحة، والجبن الكريمي، والسكر الأبيض، والكريمة المزدانة بحبيبات قوس قزح. وتُعد التشيز كيك بالجبن والشوكولاته البيضاء والتوت رائعة لحفلات عيد الميلاد، بحسب الشيف. أما حلوى زبدة الفول السوداني مع الحليب المكثـف، فسيحبّها الأطفال بشدة، وكذلك فشار الشوكولاته البيضاء، تكون نسبة الملوحة إلى «الحلاوة» مثالية فيه، وهو وصفة رائعة للحفلات.

ولكن في حين أن قطعة بسيطة من بار الشوكولاته البيضاء أو من وصفة خالصة لها يمكن أن تكون بمثابة متعة كبيرة، فإن إقرانها بالمكونات الصحيحة يمكن أن يحولها إلى تجربة طهي أكثر متعة؛ سواء بوصفها وجبة خفيفة أو في عالم الخبز، وفق الشيف مي أمين.

وتنصح: «فكر في إقرانها بالفواكه، مثل الفراولة أو التوت أو التوت البري المجفف؛ حيث تتناقض الحموضة الطبيعية لهذه الفواكه بشكل جميل مع حلاوة الشوكولاته البيضاء. جربها في احتفالات السنة الجديدة».

شوكولاته مع الفراولة (الشرق الأوسط)

وتضيف: «الكرز والشوكولاته البيضاء نوعان من الحلوى حامضان قليلاً، وهما مزيج كلاسيكي، خاصة في المخبوزات، وأيضاً الموز. إن ملمسه الناعم وحلاوته الطبيعية تعملان بشكل جيد مع الشوكولاته البيضاء في الحلويات المخبوزة».

وتوضّح: «يمكن للحلاوة الكريمية للشوكولاته البيضاء أن تكمل ثراء وصفات بعض أنواع الجبن اللذيذة بشكل رائع، وفي مقدمتها الجبن الكريمي؛ فهما يتناسبان جيداً معاً، وكذلك جبن ماسكاربوني؛ إذ يمتزج هذا الجبن الإيطالي الكريمي (الحلو قليلاً) بشكل رائع مع الشوكولاته البيضاء في الموس أو الفطائر أو بصفتها حشوة في المعجنات».

الشوكولاته الجيدة تكسب أطباق الحلوى نكهة مميزة (بكسيلز)

أما بالنسبة للمكسرات، فترى الشيف المصرية أنها «إضافة مهمة لوصفات الشوكولاته البيضاء»، وتقول: «تضيف قرمشة وتوازناً لذيذاً إلى قوام الشوكولاته البيضاء الكريمي».

وتقدم الشيف مي وصفات مبتكرة، ومن وصفاتها «سلامي الشوكولاته البيضاء» المكون من الفواكه المجففة والمكسرات، وبسكويت فلورنتين المقرمش واللذيذ بالشوكولاته البيضاء، ويُصنَع من البندق واللوز والكرز المسكر المخلوط بالسكر المذاب مع الزبدة والعسل، وتتم تسويته في الفرن، لتلتقطه بعد ذلك ويُقدَّم بوصفه المرافق المثالي لقهوة الصباح.

وتقدم الشيف دعاء عاشور بحسابها على «فيسبوك» وصفات لفادج الشوكولاته البيضاء، وكيكة نابليون بالفراولة، ورفايلو تشيز كيك، وساندوتش الخوخ بالشوكولاته البيضاء، وكاب كيك الزبدة بالشوكولاته البيضاء، والتوت الأحمر البولندي بدقيق اللوز والعسل وزبدة اللوز، وتيفين الشوكولاته البيضاء المقرمشة المزينة بالتوت البري والزنجبيل، وبراونيز الموز.

تشيز كيك (صفحة شيف دعاء عاشور)

أما الشيف آلاء الغنيمي فتقدم على مدونتها التي تحمل اسمها طريقة عمل سناك بالشوكولاته البيضاء، بينما تقدم الشيف مها شعراوي في مدونتها cuisine_de_maha على «إنستغرام» الترافيل بالجبن وبسكويت أوريو وتورتة كريمة الفراولة المصنوعة من 4 طبقات من الفانيليا الناعمة مع كريمة الزبدة والفراولة الطازجة ومربى الفراولة المغطاة بالزهور وقلوب الشوكولاته البيضاء.

الترافيل بالأوريو والشوكولاته البيضاء (إنستغرام)

وتلفت الشيف مي إلى أن الشوكولاته البيضاء تذوب أكثر بكثير من الشوكولاته الداكنة أو بالحليب، و«لهذا السبب تميل إلى الذوبان بشكل أسرع؛ لذلك عليك توخي الحذر الشديد عند طهيها لمنع احتراقها، وأياً كانت الطريقة التي تختارها لتذويبها، أنصحك بتحريك الشوكولاته برفق في أثناء الطهي».

وتقول: «بالنسبة لمحترفي الطهي أنصحهم بإذابة الشوكولاته البيضاء من خلال عمل (حمام الماء)؛ حيث يتم غلي الماء في مقلاة وإدخال وعاء معدني بالداخل لإذابة الشوكولاته البيضاء باستخدام الحرارة من البخار»، ولكن «لتجنب ذوبان الشوكولاته بسرعة كبيرة أو احتراقها، أوصي برفع المقلاة عن النار بمجرد غليان الماء، ثم وضع وعاء الشوكولاته البيضاء المقطعة إلى مربعات صغيرة فيه للسماح لها بالذوبان تدريجياً دون حرارة زائدة من الماء».

وبالنسبة للأشخاص المتعجلين أو الهواة، فإن الميكروويف هو أفضل حل، لكن قبل وضعها في الميكروويف عليك إضافة الكريمة أو الزبدة حتى تذوب الشوكولاته تماماً من دون أن تفقد نكهتها وملمسها الكريمي، بحسب أمين. وتضيف: «وسيكون من الضروري التحقق بانتظام، كل 20 ثانية من تقدم الشوكولاته البيضاء عن طريق فتح المايكروويف وتحريك الشوكولاته برفق حتى تذوب تماماً وتتجانس».

أما إذا كنت ترغب في استخدام الشوكولاته بوصفها زينة للحلوى؛ فيجب عليك استخدام ميزان حرارة الطعام للتأكد من أن درجة الحرارة لا تتجاوز 45 درجة مئوية عند الطهي؛ حتى تحتفظ الشوكولاته ببريقها ومرونتها في أثناء تبريدها، بحسب الشيف مي.