الجزائر: مطالبات للحكومة بوقف «الترحيل الجماعي للمهاجرين»

فقدان 85 مهاجراً في البحر المتوسط منذ بداية 2020

مهاجرون من جنوب أفريقيا يحاولون الوصول إلى الشواطىء الأوروبية (رويترز)
مهاجرون من جنوب أفريقيا يحاولون الوصول إلى الشواطىء الأوروبية (رويترز)
TT

الجزائر: مطالبات للحكومة بوقف «الترحيل الجماعي للمهاجرين»

مهاجرون من جنوب أفريقيا يحاولون الوصول إلى الشواطىء الأوروبية (رويترز)
مهاجرون من جنوب أفريقيا يحاولون الوصول إلى الشواطىء الأوروبية (رويترز)

قالت «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، وهي أهم تنظيم حقوقي مستقل عن الحكومة، إن 85 جزائرياً فقدوا في البحر المتوسط منذ بداية العام الحالي، بينما كانوا بصدد التنقل إلى سواحل إسبانيا بطريقة غير قانونية. ودعت الحكومة الجزائرية إلى وقف الترحيل الجماعي للمهاجرين من بلدان جنوب الصحراء، بحجة أن ذلك مخالف للقوانين. ونشرت «الرابطة» أمس تقريرا بخصوص الهجرة السرية من وإلى الجزائر، ذكرت فيه أن قرابة 5500 جزائري دخلوا إسبانيا عبر قوارب الهجرة السرية ما بين يناير (كانون الثاني) 2020 و6 سبتمبر (أيلول) من نفس العام. ونسبت هذه المعطيات لـ«المركز الدولي للمهاجرين غير النظاميين» بإسبانيا. مبرزة أن نحو 31 ألف مهاجر جزائري يعيشون في أوروبا من دون وثائق إقامة رسمية، بحسب إحصائيات للاتحاد الأوروبي لعام 2019. وأكدت في السياق ذاته أنه تم ترحيل 1528 مهاجراً سرياً جزائرياً من فرنسا العام الماضي.
يشار إلى أن وزير الداخلية الفرنسي، جيرارد دارمانان، زار الجزائر الشهر الماضي، وبحث مع المسؤولين المحليين ترحيل جزائريين من التراب الفرنسي، تعتبرهم باريس محل شبهة تطرف. وجرى ذلك على خلفية جريمة قطع رأس مدرس فرنسي على يدي مهاجر شيشاني. لكن الحكومة الجزائرية أبدت تحفظاً على شرط تناوله دارمانان خلال محادثاته معهم، يتمثل في إبطال ملاحقات أطلقها القضاء الجزائري بحق مهاجرين معنيين بالترحيل.
وجاء في تقرير التنظيم الحقوقي أن 294 ألف مهاجر غير نظامي موجودون في الجزائر، بحسب إحصائيات «المنظمة الدولية للهجرة» لعام 2019. بينما تؤكد منظمات غير حكومية أن العدد يقترب من نصف مليون، غالبيتهم يشتغلون في ورش للبناء حكومية وخاصة، ويتحدر أكثرهم من مالي والنيجر المجاورين، وقد رحّلت السلطات 16 ألف نيجري خلال هذا العام، حسب نشطاء حقوقيين.
وطالبت «الرابطة» في تقريرها من الحكومة «وضع إطار قانوني، وآليات لاستقبال وإيواء المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء، طبقاً للمعايير الدولية المتبعة في مجال حقوق الإنسان، وتنفيذاً لتعهدات الجزائر الدولية في مجال حق اللجوء وحماية اللاجئين». وقالت إن السلطات «مطالبة بوقف حملات الطرد المكثفة للمهاجرين»، كما انتقدت «الترحيل الجماعي القسري لأنه مخالف للقوانين وتقاليد الجزائر في الضيافة وحسن الجوار». مشيرة إلى أن ترحيل المهاجرين السرّيين «ينبغي أن يتم فردياً، مع دراسة كل حالة على حدة، وباحترام تام للحق في اللجوء لمن يطلبه».
وأضاف التقرير بأن محاربة المتاجرة بالبشر بحجة الحفاظ على الأمن القومي، «يجب أن تتم في إطار احترام حقوق المهاجرين وكرامتهم الإنسانية». ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، عن الخبير في شؤون الهجرة المقرب من الحكومة، حسان قاسيمي، أن «الجزائر كانت سابقاً بلد عبور للمهاجرين غير الشرعيين، وهي الآن بصدد التحول إلى بلد مضيف واستقرار، وذلك بسبب صعوبة المهاجرين الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي التي أغلقت حدودها، وهو ما يعد مصدر قلق خطيراً على الأمن القومي للبلاد». وتحدث عن «وجود شبكات إجرامية خطيرة ضمن قوافل المهاجرين غير الشرعيين».
وقال قاسيمي إنه يتوقع في المستقبل توافد أعداد كبيرة للمهاجرين من دول الساحل، ومن «المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا» (إكواس) باتجاه الجزائر «لأن هذه الدول لم تعد قادرة على تلبية الاحتياجات الأساسية لسكانها، مما يجعل الجزائر في مواجهة تحديات أمنية كبيرة خاصة في منطقتها».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.