ترمب يهوّن من خطورة الهجوم الإلكتروني على بلاده

ناقض وزير خارجيته وقوّض تقييم وكالات حكومية

لقاء بين بومبيو ولافروف بسوتشي في مايو 2019 (أ.ف.ب)
لقاء بين بومبيو ولافروف بسوتشي في مايو 2019 (أ.ف.ب)
TT

ترمب يهوّن من خطورة الهجوم الإلكتروني على بلاده

لقاء بين بومبيو ولافروف بسوتشي في مايو 2019 (أ.ف.ب)
لقاء بين بومبيو ولافروف بسوتشي في مايو 2019 (أ.ف.ب)

قلّل الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب، أمس السبت، من خطورة الهجوم الإلكتروني واسع النطاق الذي استهدف وكالات حكومية أميركية، مشيراً إلى أنه «تحت السيطرة»، مقوّضاً تقييم إدارته بأن روسيا مسؤولة عنه ومناقضاً تصريحات وزير الخارجية مايك بومبيو.
وكتب ترمب على «تويتر» في أول تعليق علني له حول الاختراق: «تم إعلامي بشكل كامل وكل شيء تحت السيطرة»، مضيفاً: «روسيا روسيا روسيا هذه أول لازمة تتردد عند حصول أي شيء»، مشيراً إلى أن الصين «قد» تكون متورطة أيضاً.
وكان وزير الخارجية مايك بومبيو أول مسؤول في إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب يوجه اتهاماً مباشراً لروسيا بالوقوف وراء القرصنة الإلكترونية واسعة النطاق للأنظمة الحكومية الأميركية التي وصفها المسؤولون هذا الأسبوع بأنها تشكل «خطراً جسيماً» على الولايات المتحدة.
وأفاد مسؤولون أمنيون أميركيون بأن مجموعة متنوعة من الأدوات المتطورة استخدمت في الهجوم الإلكتروني للتسلل إلى عشرات الأنظمة الحكومية والخاصة، بما في ذلك وزارات الدفاع «البنتاغون» والخزانة والتجارة والطاقة. ونفى السفير الروسي لدى واشنطن أناتولي أنطونوف هذه الاتهامات، قائلاً إن هناك «محاولات لا أساس لها من وسائل الإعلام الأميركية لإلقاء التبعة على روسيا» في الهجمات الإلكترونية الأخيرة. ووجدت وزارة الطاقة دليلاً على أن المتسللين اخترقوا شبكات في اللجنة الفيدرالية لتنظيم الطاقة، ومختبرين وطنيين، ومكتب ميداني تابع لوزارة الطاقة وقسم من الإدارة الوطنية للأمن النووي.
غير أن بومبيو قال في مقابلة تلفزيونية: «أعتقد أنه يمكننا الآن أن نقول بوضوح تام إن الروس هم الذين قاموا بهذا العمل»، واصفاً ما حصل بأنه استوجب «جهداً كبيراً للغاية». وزاد: «لا أستطيع أن أقول أكثر من ذلك بكثير لأننا لا نزال نفكر ما الذي حصل بالضبط، وأنا متأكد من أن بعضاً منها سيبقى سرياً».
وتعهد الرئيس الأميركي المنتخب جوزيف بايدن أن تفرض إدارته «تكاليف كبيرة» على المسؤولين عن الهجوم. وقال إن «الدفاع الجيد لا يكفي»، مضيفاً: «نحن بحاجة إلى تعطيل وردع خصومنا عن القيام بهجمات إلكترونية كبيرة في المقام الأول (...) لن أقف مكتوفاً في مواجهة الهجمات الإلكترونية على بلدنا».
ولكن حتى أمس، لم يأتِ الرئيس ترمب بعد على ذكر الهجوم الذي بدأ منذ الربيع الماضي واكتشفه القطاع الخاص قبل بضعة أسابيع فقط. وقبل تصريحاته الأخيرة، كان بومبيو قلّل من شأن الحادث باعتباره من الهجمات اليومية العديدة على الحكومة الفيدرالية. وفي مقابلته الأخيرة، دافع بومبيو عن الرئيس ترمب لعدم اتهامه روسيا علناً، فقال: «رأيت هذا في وقتي في إدارة خدمة التجسس الأولى في العالم في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه). هناك العديد من الأشياء التي تحب أن تقولها (...) لكن المسار الأكثر حكمة لحماية الشعب الأميركي هو أن تمارس عملك بهدوء وتدافع عن الحرية».
غير أن وكالات الاستخبارات الأميركية أبلغت الكونغرس بأنها تعتقد أن جهاز المخابرات الخارجي الروسي «إس في آر» يقف وراء الهجوم. وكدليل على سعة نطاق الهجوم، أرسلت وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية تحذيراً عاجلاً من أن المتسللين «أظهروا قدرة على استغلال سلاسل توريد البرامج وأظهروا معرفة كبيرة بشبكات ويندوز». وأضافت أنه يحتمل أن بعض أساليب المهاجمين وتقنياتهم وإجراءاتهم «لم تكتشف بعد». ويعتقد المحققون أن الأمر يمكن أن يستوجب أشهراً لكشف مدى تعرض الشبكات الأميركية وسلسلة التوريد التكنولوجية للخطر. وأفادت شركة «مايكروسوفت» المنتجة لشبكات «ويندوز» بأنها حددت 40 شركة ووكالة حكومية ومراكز بحثية اخترقها المتسللون، موضحة أن نحو نصفها لشركات تكنولوجيا خاصة، والعديد منها لشركات الأمن السيبراني، مثل «فاير آي» المسؤولة عن تأمين أقسام واسعة من القطاعين العام والخاص. وقال رئيس شركة «مايكروسوفت» براد سميث: «يوجد ضحايا غير حكوميين أكثر من عدد الضحايا الحكوميين، مع تركيز كبير على شركات التكنولوجيا (...) لا سيما في مجال الأمن».
وكانت شركة «فاير آي» أول من أبلغ الحكومة الأميركية عن متسللين استهدفوا تحديثات البرامج الدورية الصادرة عن شركة «سولار ويندز» منذ مارس (آذار) الماضي على الأقل. وتصنع «سولار ويندز» برامج مراقبة الشبكة التي تستخدمها الحكومة ومئات من شركات «فورتشون 500» والشركات التي تشرف على البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك شبكة الطاقة. وقطع مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين رحلة له في الشرق الأوسط وأوروبا الأسبوع الماضي، ليعود إلى واشنطن من أجل عقد اجتماعات أزمة لتقييم الوضع. وشكل مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» ووكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية ومكتب مدير الاستخبارات الوطنية مجموعة استجابة عاجلة للتنسيق السيبراني الموحد واستجابات الحكومة لما وصفته الوكالات «بهجوم أمني إلكتروني مهم ومتواصل».
وكشف مسؤول أميركي أن متسللي «إس في آر» سعوا إلى إخفاء مساراتهم باستخدام عناوين إنترنت أميركية سمحت لهم بشن هجمات من أجهزة كومبيوتر في المكان الذي توجد فيه الجهة المُسْتهدفة - أو الظهور على هذا النحو. كما أنشأوا أجزاء خاصة لتجنب كشفهم بواسطة أنظمة الإنذار الأميركية. وأوضح أن الهجمات تظهر أن نقطة الضعف لدى شبكات الكومبيوتر الحكومية الأميركية لا تزال الأنظمة الإدارية.
وعبر محققون ومسؤولون أميركيون عن اعتقادهم بأن الهدف من الهجوم الروسي كان التجسس التقليدي. لكن حجم الاختراق يثير مخاوف من أن القراصنة يمكن أن يصلوا إلى حد إغلاق الأنظمة الأميركية، أو تدمير البيانات، أو تولي قيادة أنظمة الكومبيوتر التي تدير العمليات الصناعية.



عدم اليقين يخيّم على افتتاح قمة آسيا والمحيط الهادئ بعد فوز ترمب

عناصر شرطة حاملين الأعلام الوطنية يتوجهون إلى وزارة الثقافة في البيرو مكان انعقاد قمة منتدى «آبيك» في ليما 15 نوفمبر 2024 (أ.ب)
عناصر شرطة حاملين الأعلام الوطنية يتوجهون إلى وزارة الثقافة في البيرو مكان انعقاد قمة منتدى «آبيك» في ليما 15 نوفمبر 2024 (أ.ب)
TT

عدم اليقين يخيّم على افتتاح قمة آسيا والمحيط الهادئ بعد فوز ترمب

عناصر شرطة حاملين الأعلام الوطنية يتوجهون إلى وزارة الثقافة في البيرو مكان انعقاد قمة منتدى «آبيك» في ليما 15 نوفمبر 2024 (أ.ب)
عناصر شرطة حاملين الأعلام الوطنية يتوجهون إلى وزارة الثقافة في البيرو مكان انعقاد قمة منتدى «آبيك» في ليما 15 نوفمبر 2024 (أ.ب)

حضر الرئيس الأميركي جو بايدن قمة زعماء منطقة آسيا والمحيط الهادئ، التي افتتحت، اليوم (الجمعة)، قبل اجتماع ثنائي له مع نظيره الصيني شي جينبينغ، في ظل حالة من الغموض الدبلوماسي، بعد فوز دونالد ترمب في الانتخابات.

ومن المقرر أن يعقد بايدن وشي، الذي لم يكن حاضراً في الجلسة الافتتاحية للقمّة، الجمعة، محادثات السبت، فيما رجّح مسؤول في الإدارة الأميركية أنه سيكون الاجتماع الأخير بين زعيمي أكبر اقتصادين في العالم، قبل أن يؤدي ترمب اليمين في يناير (كانون الثاني).

وقالت دينا بولوارتي، رئيسة البيرو الدولة المضيفة للقمة أمام الزعماء، الجمعة، إن التعاون الاقتصادي المتعدد الأطراف ينبغي أن يعزز «في ظلّ تفاقم التحديات المختلفة التي نواجهها مع مستويات عدم اليقين في المستقبل المنظور».

وأكّدت: «نحن بحاجة إلى مزيد من التشارك والتعاون والتفاهم، مع التقليل من التشرذم».

تأسست «مجموعة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ» (آبيك) في عام 1989 بهدف تحرير التجارة الإقليمية، وهي تجمع 21 اقتصاداً، تمثل معاً نحو 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 40 في المائة من التجارة العالمية.

وكان من المقرر أن يركز برنامج القمة على التجارة والاستثمار للنمو الشامل، كما يُطلق عليه مؤيدوه، لكن عدم اليقين بشأن الخطوات التالية لترمب يخيم الآن على الأجندة، كما الحال بالنسبة لمحادثات المناخ (كوب 29) الجارية في أذربيجان، وقمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو، الأسبوع المقبل.

الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن يشاركان في الحوار غير الرسمي لزعماء «آبيك» في بيرو الجمعة 15 نوفمبر 2024 (أ.ب)

ومع تبني الرئيس الجمهوري المنتخب نهج مواجهة مع بكين في ولايته الثانية، يحظى هذا الاجتماع الثنائي بمتابعة وثيقة.

والخميس، عقد وزراء منتدى آبيك، من بينهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اجتماعاً مغلقاً في ليما لتحديد توجهات القمة.

وخلال الأسبوع، أعلن ترمب أنه سيعين محلّ بلينكن السيناتور ماركو روبيو، المعروف بمواقفه المتشددة حيال الصين، وزيراً للخارجية. وينبغي لهذا التعيين أن يحظى بموافقة مجلس الشيوخ الأميركي.

ومن المرتقب أن يلقي بلينكن كلمة خلال حدث ينظّم على هامش هذه القمّة التي تستمر يومين.

وحضرت القمة أيضاً اليابان وكوريا الجنوبية وكندا وأستراليا وإندونيسيا، من بين دول أخرى، لكن سيغيب عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

«أميركا أولاً»

تستند أجندة ترمب «أميركا أولاً» إلى اتباع سياسات تجارية حمائية، وتجنب الصراعات الخارجية، وتهدد بالتالي التحالفات التي بناها بايدن بشأن قضايا كالحرب في أوكرانيا والتجارة العالمية.

وهدّد الرئيس الجمهوري المنتخب بفرض تعريفات جمركية، تصل إلى 60 في المائة على واردات السلع الصينية، لتعديل ما يقول إنه خلل في التجارة الثنائية.

من جانبها، تواجه الصين أزمة إسكان مطولة وتباطؤاً في الاستهلاك، وهو ما سيزداد سوءاً في حال اندلاع حرب تجارية جديدة مع واشنطن.

لكن خبراء الاقتصاد يقولون إن فرض رسوم عقابية سيضرّ أيضاً بالاقتصاد الأميركي، وباقتصادات دول أخرى.

عناصر شرطة حاملين الأعلام الوطنية يتوجهون إلى وزارة الثقافة في البيرو مكان انعقاد قمة منتدى «آبيك» في ليما 15 نوفمبر 2024 (أ.ب)

الاستثمار الصيني

تعدّ الصين حليفة لروسيا وكوريا الشمالية، اللتين يشدد الغرب عقوباته عليهما، وتبني قدراتها العسكرية وتكثف الضغوط على تايوان التي تعدّها جزءاً من أراضيها. كما تعمل على توسيع حضورها في أميركا اللاتينية من خلال مشاريع البنية التحتية ومشاريع أخرى في إطار مبادرة الحزام والطريق.

وافتتح شي، الخميس، أول ميناء موّلت الصين بناءه في أميركا الجنوبية، في تشانكاي، شمال ليما، على الرغم من دعوة مسؤول أميركي كبير دول أميركا اللاتينية إلى توخي الحذر حيال الاستثمارات الصينية.

ويجتمع شي جينبينغ بنظيره التشيلي غابرييل بوريتش، الجمعة، في حين يلتقي بايدن رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا، والرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، وهما حليفان رئيسيان للولايات المتحدة في آسيا.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، الذي يرافق بايدن، إن الدول الشريكة ستعلن إنشاء أمانة لضمان أن تحالفها «سيكون سمة دائمة للسياسة الأميركية».

والصين ليست الدولة الوحيدة في مرمى ترمب الاقتصادي، فقد هدّد بفرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المائة أو أكثر على البضائع الآتية من المكسيك، وهي عضو آخر في منتدى آبيك، ما لم توقف «هجمات المجرمين والمخدرات» عبر الحدود.

ونشرت البيرو أكثر من 13 ألف عنصر من القوات المسلحة للحفاظ على الأمن في ليما، حيث بدأ عمال النقل وأصحاب المتاجر 3 أيام من الاحتجاجات ضد الجريمة والإهمال الحكومي.