استمرار الخلافات حول قانون المحكمة الاتحادية العراقية

بموازاة شكوك حول إجراء الانتخابات في يونيو

TT

استمرار الخلافات حول قانون المحكمة الاتحادية العراقية

أعلنت اللجنة القانونية في البرلمان العراقي أنها بصدد استكمال كل الإجراءات المتعلقة بقانون المحكمة الاتحادية الذي يعد حجر الزاوية في إجراء الانتخابات. وفي الوقت الذي تستبعد قوى كثيرة إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في السادس من شهر يونيو (حزيران) المقبل دون أن تجرؤ على التصريح علنا خشية ردود الفعل الجماهيرية، فإن الحكومة ماضية في إجرائها في موعدها خصوصا بعد أن أقر البرلمان خلال جلسة الخميس الماضي قانون تمويل الانتخابات.
وقالت اللجنة في بيان لها أمس السبت إن «اللجنة القانونية عقدت اجتماعا برئاسة النائب ريبوار هادي رئيس اللجنة وحضور أعضائها لمناقشة عدد من القوانين المدرجة على جدول أعمالها». وأضاف أن «اللجنة أعلنت في مستهل الاجتماع عن الاستمرار في مناقشة قانون المحكمة الاتحادية». وأوضح البيان أن «اللجنة تتجه إلى بحث التعديلات المقترحة مع رؤساء الكتل النيابية».
إلى ذلك، أكد نائب رئيس اللجنة القانونية في البرلمان العراقي محمد الغزي إمكانية تمرير قانون المحكمة الاتحادية خلال أسبوعين.
وقال الغزي، في تصريح، إن «اللجنة استكملت جميع أعمالها بشأن قانون المحكمة الاتحادية، وهي بانتظار اجتماعها مع رئاسة المجلس، ورؤساء الكتل السياسية للاتفاق بشأن تمرير القانون الأصلي، الذي ينص على أن تتشكل المحكمة من قضاة، بالإضافة إلى فقهاء الشريعة، وفقهاء القانون الدولي أو يتم الذهاب إلى تعديل القانون الذي شرع عليه عام  2005»، مشيرا إلى أن «اللجنة تنتظر رأي القوى السياسية وموافقتها على أحد الخيارين، وإذا تم المضي بالقانون الأصلي للمحكمة الاتحادية فسيحتاج إلى موافقة  ثلثي أعضاء مجلس النواب، وإن حصل الاتفاق فسيمرر خلال أسبوعين وقبل نهاية الفصل التشريعي».
يذكر أن المحكمة الاتحادية العليا في العراق التي مهمتها تفسير الدستور والمصادقة على النتائج النهائية للانتخابات معطلة منذ نحو سنة بسبب فقدان ثلاثة من أعضائها التسعة بسبب الوفاة أو التقاعد. وفيما تتجه بعض القوى السياسية الى استكمال نصاب المحكمة لكي يتمكن البرلمان من حل نفسه وإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة، فإن قوى أخرى تصر على تعديل قانون المحكمة الاتحادية الذي يتضمن مشاركة فقهاء الشريعة كجزء من هيئة المحكمة. وفي الوقت الذي ترفض قوى سياسية مشاركة الفقهاء قضاة المحكمة التسعة قراراتهم التي تعد نهائية وغير قابلة للطعن وأن يبقى دورهم استشاريا فقط، فإن قوى سياسية ثالثة ترفض أن يتولى ديوانا الوقفين السني والشيعي ترشيح فقهاء الشريعة على أسس طائفية.
من جهته، أكد النائب عن ائتلاف دولة القانون كاطع الركابي أن «هناك شكوكا ومخاوف من التلاعب في الانتخابات، وهذا أمر موجود في الانتخابات التي جرت في عام 2018، أو التي سبقتها». وقال الركابي في تصريح إن «هناك إصرارا من أغلب الكتل على استخدام البطاقة البايومترية من أجل القضاء على التزوير وأن تكون الانتخابات شفافة»، متابعا أن «إشراف الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي على الانتخابات، أمر جيد ويمكنه مساعدتنا في الحد من التزوير وإجراء انتخابات شفافة».
وفيما أعلنت مفوضية الانتخابات عن تسجيل نحو 740 حزبا لخوض الانتخابات المقبلة فإن أي كتلة لم تعلن عن تشكيل تحالف أو قوائم لخوض الانتخابات. لكن تيار الحكمة الذي يتزعمه عمار الحكيم هو الوحيد الذي ينفرد بالسعي لتشكيل تحالف عابر لخوض الانتخابات المقبلة، في حين تراجع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عن فكرة ترميم البيت الشيعي بسبب عمق الخلافات بين أطرافه.
وفي سياق جهود تيار الحكمة لتشكيل التحالف العابر يقول فادي الشمري عضو المكتب السياسي لتيار الحكمة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكمة يحقق تقدما بشكل كبير في إنضاج التفاهمات البينية بين المفاعيل السياسية الوطنية في سبيل تشكيل التحالف العابر». وأضاف الشمري أن «التحالف العابر للمكونات هو الوحيد القادر على تقديم نموذج سياسي جديد من شأنه تلبية طموحات واستحقاقات المرحلة المقبلة».



​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

يعول كثيرون على نتائج الانتخابات الأميركية، التي ستقود المرشح الجمهوري دونالد ترمب أو نظيرته الديمقراطية كامالا هاريس للبيت الأبيض، في إنجاز صفقة الرهائن، وإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد نحو عام راوحت المفاوضات مكانها، وسط مطالبات لنحو 50 دولة بوقف تسليح إسرائيل.

تلك النتائج التي يترقبها، لا سيما دولتا الوساطة مصر وقطر، وطرفا الحرب «حماس»، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، قد تؤثر بشكل كبير على مسار المفاوضات بغزة، وتسرع من وتيرة إبرام الوسطاء صفقة تنهي أطول حرب بين الجانبين، لافتين إلى وجود حراك دولي وعربي نحو إتمام حل دائم للأزمة في القطاع، يظهر مع القمة العربية الإسلامية الوشيكة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، والجهود الدولية لوقف تسليح إسرائيل.

وفتحت مراكز الاقتراع، الثلاثاء، أبوابها أمام الناخبين الأميركيين بالانتخابات التي تُجرى لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، بعد أيام كانت قضية غزة هي مثار حديث كلا المرشحين في حملاتهما الانتخابية في محاولة لخطب ود الأميركيين العرب الذين يقدر عددهم بنحو 3.7 مليون من أصل 337 مليون نسمة يعيشون في الولايات المتحدة، ويعد اللبنانيون أكبر جالية عربية بينهم، وفق تقديرات المعهد العربي الأميركي (غير حكومي).

وأكدت هاريس، الأحد، في خطاب «الحاجة لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن»، وتعهدت بـ«بذل كل ما في وسعها من أجل حلّ الدولتين، ومنح الفلسطينيين حقّهم في تقرير المصير والأمن والاستقرار».

وتعهد ترمب، في تغريدة أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأنه سيحل السلام بالشرق الأوسط، وسيوقف المعاناة والدمار في لبنان إذا عاد إلى البيت الأبيض، في حين نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مصدرين مطلعين قولهما إن الرئيس الأميركي السابق أخبر نتنياهو أنه يريد أن تضع إسرائيل حداً لحربها في غزة بحلول موعد تسلمه للسلطة إذا فاز في الانتخابات.

وعشية الانتخابات الأميركية، طالب أكثر من 50 دولة مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ خطوات فورية لوقف بيع أو نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وفق رسالة موجهة إلى الهيئتين التابعتين للأمم المتحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش: «اتهمت إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية بشكل مستمر في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، وكذلك في لبنان وبقية الشرق الأوسط».

أطفال فلسطينيون يجمعون الدقيق من الأرض بعد سقوط كيس من شاحنة مساعدات كانت تسير على طريق صلاح الدين في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وبالمقابل، ندّد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، بطلب الحظر، ووصف على منصة «إكس» ذلك الطلب بأنه «تحرك آخر من محور الشر ضد إسرائيل على الساحة الدولية».

غير أن هذا التحرك، وفق المحلل السياسي الأميركي، مايكل مورغان، يأتي ضمن «حراك عربي ودولي يريد وقف الحرب فوراً بغزة ولبنان، وقد تساعد تلك المطالبات وغيرها في إنهاء ذلك، لا سيما بعد الانتخابات الأميركية التي يعول على نتائجها في حسم استقرار المنطقة».

ويتوقع الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، تسريع جهود الوسطاء في إنهاء الحرب بغزة بعد إعلان الفائز بالسباق الرئاسي، مرجعاً ذلك إلى «رغبة الإدارة الأميركية الجديدة أياً كانت في تحقيق استقرار في المنطقة تحقيقاً للوعود، ويعلم الجانبان؛ الإسرائيلي ومعسكر المقاومة ذلك وربما يستعدان».

وتحرك الـ50 دولة لحظر تسليح إسرائيل، ينضم لحراك مصري باستضافة القاهرة على مدار الأيام الماضية اجتماعات «حماس» و«فتح» للتحضير لليوم التالي للحرب، وإنشاء لجنة لإدارة قطاع غزة، بجانب قمة عربية إسلامية مرتقبة بالرياض ستحمل فرصاً أخرى لتسريع حل أزمة غزة، وفق أنور الذي أكد أنها مؤشرات تقول إن ثمة انفراجة محتملة، واستعدادات عربية ودولية لإنهاء الأزمة بالمنطقة.

بالمقابل، يعتقد المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، أن موقف الدول الخمسين «لن يكون مؤثراً على الدول المزودة لإسرائيل بالأسلحة؛ على اعتبار أن إسرائيل تحظى بدعم أميركي ودعم غربي واضح في الاتجاهات كافة»، غير أنه «قد يشكل ضغطاً على الجانب الإسرائيلي يسهم في تسريع إنهاء الحرب».

وتزامناً مع الانتخابات الأميركية نشرت صحيفة «واشنطن تايمز» مقالاً لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بعنوان «حل الدولتين ممكن بين الفلسطينيين وإسرائيل»، في إطار المساعي المصرية لحشد المجتمع الدولي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفق إفادة الخارجية المصرية، الثلاثاء.

وشدّد وزير الخارجية المصري على أنه «يجب التعامل مع الأسباب الجذرية للصراع وليس أعراضه، من خلال إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وممارسة الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير»، مؤكداً أن «مصر تواصل العمل لتحقيق هذه الغاية».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد في لقاء بالقاهرة الاثنين مع نظيره الفلسطيني، محمود عباس: «استمرار الجهود المصرية المكثفة والهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، ودعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذل جهود كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية».

وباعتقاد مورغان، فإن الموقف المصري ثابت في دعم القضية الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة، مؤكداً أن المطالبة المستمرة بحل الدولتين يشكل نوعاً من الضغط على ترمب وهاريس، لكنه سيواجه بتعنت إسرائيلي، وربما يقود لصفقة وقف إطلاق نار على الأقل لتفادي تلك المطالبة.

ويرى الأكاديمي المصري فؤاد أنور، أن «مطلب حل الدولتين بات يلاقي جدية في الطرح أكثر مما سبق خلال السنوات الماضية»، متوقعاً أن «تكون هناك مساع لإعلان قيام دولة فلسطينية من جانب واحد، وذلك في سياق طبيعي بعد التضحيات الكبيرة التي قدمتها فلسطين بالحرب الحالية».

ووفق المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، فإن «ما ذهب إليه وزير الخارجية المصري في مقاله هو عين الصواب، وهو يشدّد على تمسك الدبلوماسية المصرية برؤيتها الواضحة والثاقبة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية».

ويؤكد أن «مصر تلعب دوراً دبلوماسياً كبيراً في التأثير على المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية وإنهاء الحرب على غزة، خصوصاً أن الدبلوماسية المصرية تتوافق مع الدبلوماسية الأردنية، وهناك تنسيق مشترك بينهما على صعيد تحشيد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية»، وأن «حل الدولتين أمر ممكن لكنه مرهون بحزمة من الإجراءات التوافقية لإنهاء القضايا الخلافية، والتوصل إلى قرار ملزم للجانبين».