تقنية تطوير لقاحات «كوفيد ـ 19» تُحدث ثورة في العلوم الطبية

TT

تقنية تطوير لقاحات «كوفيد ـ 19» تُحدث ثورة في العلوم الطبية

في مأثور القول «إذا كانت كلفة العلم عالية فالجهل كلفته أعلى بكثير». هذا ما أكدّته أحداث العالم في العقود الماضية وتبيّنه الدراسات الكثيرة التي ترسّخ مقولة إن التربية والصحة والعلوم ليست أبواباً للإنفاق بقدر ما هي استثمار طويل الأمد ومضمون النتائج.
قد لا يُجمع أهل الاقتصاد أو أرباب السياسة على هذا المبدأ، لكن العلماء يعرفون أن هذا هو الصواب بعينه منذ قديم الزمان، مثلما يعرف البريطانيون جيّداً أن المال الضئيل الذي أنفقته الإمبراطورية على تجارب فاراداي وماكسويل كان أفضل استثمار قامت به في القرن التاسع عشر عندما أثمرت تلك التجارب الطاقة الكهربائية التي قامت عليها الثورة الصناعية التي ما زال العالم يسير في ركابها إلى اليوم.
ولا ننسى أن العلماء الذين فكّوا رموز الحمض النووي أو ألغاز السلسلة الوراثية كانوا يحاولون فهم العالم ولم يكن هدفهم إحداث ثورة في العلوم الطبيّة، رغم أن هذا هو الذي يحدث فعلاً منذ سنوات.
يقال إن القرار الذي اتخذّه دونالد ترمب بضخّ أحد عشر مليار دولار لتمويل تطوير وإنتاج لقاحات ضد كوفيد - ١٩ كان القرار الوحيد الصائب الذي صدر عنه خلال الجائحة، وإن المنطق الاقتصادي البحت الذي يخضع له سلوكه جعله يدرك منذ اللحظة الأولى أن التلقيح سيحقق وفورات تتجاوز بكثير الأموال المستثمرة في البحوث العلمية والتي رغم ضخامتها غير المسبوقة في مجال العلوم، تبقى متواضعة في السياق المالي العام وبالمقارنة مع المبالغ التي أنفقتها الولايات المتحدة ودول أخرى لمواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لهذا الوباء.
وكالعادة، تلاحظ الأوساط العلمية التي انتقدت إدارة ترمب للأزمة لكنها لم تتردد في التنويه بقراره السريع لتمويل الأبحاث اللقاحية، أن منافع هذا الاستثمار بدأت تتجاوز بكثير تلك التي كان يستهدفها في البداية. فاللقاحان الأكثر تقدّماً حتى الآن، وهما من إنتاج شركتي بفايزر ومودرنا الأمريكيتين بمساهمة أساسية من شركة بيونتيك الألمانية، يستخدمان تقنيّة جديدة وثوريّة في العلوم اللقاحية تستند إلى الحمض النووي الريبي الشهير mRNA، والتي تفتح أبواباً واسعة أمام تطوير لقاحات ضد أمراض أخرى مستعصية على الطب حتى الآن.
والمعروف أن بيونتيك كانت تجري بحوثاً بهذه التقنية لتطوير علاج ضد بعض أنواع الأورام السرطانية، عندما قررت تحويل بحوثها لتطوير لقاح ضد كوفيد - 19 بعد ظهور الجائحة. وتقول الأوساط العلمية إن قرار تحويل البحوث لتطوير لقاح ضد الفيروس، على أهميته، لا يلغي الهدف الأساسي التي كانت ترمي إليه تلك البحوث، بل على العكس من ذلك، إذ إن النجاح الذي يحققه هذا اللقاح يثير اهتماماً واسعاً باعتماد تقنية تطويره لمعالجة السرطان وغيره من الأمراض الأخرى كما تبيّن مجلة Science المرموقة في افتتاحية عددها الأخير .
وتشير إحدى الدراسات المنشورة في المجلة المذكورة إلى أن استخدام mRNA لا علاقة مباشرة له بتطوير اللقاحات، فهو تقنيّة عامة قوامها ضخّ نصوص أو رسائل وراثية في الخلايا تحمل أنواعاً شتّى من المواد البروتينية. وفي حال اللقاحات التي يجري تطويرها حالياً ضد كوفيد - 19 يحمل النصّ الوراثي رسالة المادة البروتينية التي تغلّف الرؤوس الناتئة على فيروس كورونا. وتقوم الخلايا البشرية بتوليد هذه المادة وتضعها على غلافها الخارجي لتمكين جهاز المناعة من رصدها والتعرّف عليها بسهولة. وعندما يصل الفيروس الحقيقي إليها يكون جهاز المناعة مستعدّاً للقضاء عليه.
ويقول العلماء إن البحوث يمكن أن تساعد على تطوير تقنيات لضخّ بروتينات أخرى في الخلايا البشرية، مثل البروتينات التي تحفّز نمو الأوعية الدموية المصابة بنتيجة إصابات في القلب، أو إنزيمات ناقصة عند الأطفال بسبب من مرض استقلابي عند الولادة. حتى الآن ما تزال هذه البحوث في مراحل المحاولات والتجارب الأوليّة، لكن بفضل هذه التقنيّة الجديدة، وما يمكن أن يتفرّع عنها من تطبيقات، أصبحت العلوم الطبيّة على أبواب منعطف تاريخي لتطوير علاجات تشفي من أمراض ما زالت عصيّة على الشفاء .
ويتوقّع خبراء منظمة الصحة العالمية منافسة شديدة بين المختبرات الكبرى وشركات الأدوية على بحوث تطوير هذه التقنّية لاستخدامات أخرى غير مكافحة كوفيد - 19، كما يتوقعون إقبالاً واسعاً من الحكومات والصناديق السيادية على تمويل هذه البحوث في السنوات المقبلة.



برنامجا ذكاء اصطناعي من «غوغل» يحلان مسائل في الأولمبياد الدولي للرياضيات

شعار «غوغل» في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة في 17 نوفمبر 2021 (رويترز)
شعار «غوغل» في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة في 17 نوفمبر 2021 (رويترز)
TT

برنامجا ذكاء اصطناعي من «غوغل» يحلان مسائل في الأولمبياد الدولي للرياضيات

شعار «غوغل» في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة في 17 نوفمبر 2021 (رويترز)
شعار «غوغل» في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة في 17 نوفمبر 2021 (رويترز)

تمكّن برنامجا ذكاء اصطناعي من مختبر «غوغل ديب مايند» للأبحاث التابع لمجموعة «غوغل» من حلّ عدد من مسائل الأولمبياد الدولي للرياضيات 2024، على ما أعلن المختبر، الخميس، مع أن الأنظمة المماثلة لم تثبت بعد فاعليتها فيما يتعلق بالتفكير المنطقي، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتولى نموذجا «ألفا بروف (AlphaProof)» و«ألفا جيومتري 2 (AlphaGeometry 2)» حلّ 4 من المسائل الـ6 التي تضمنتها هذه السنة هذه المسابقة الدولية المخصصة لتلاميذ المدارس الثانوية، ووصلا إلى مستوى الفائز بالميدالية الفضية، محقِّقَين سابقة، بحسب «غوغل».

وفي التفاصيل أن «ألفا بروف» حلّ مسألتين جبريتين ومسألة حسابية واحدة، بينما تولى «ألفا جيومتري 2» حل مسألة هندسية واحدة.

وأقيمت الدورة الخامسة والستون من الأولمبياد الدولي للرياضيات في المملكة المتحدة في الفترة من 11 إلى 22 يوليو (تموز).

وتضم هذه المسابقة التي تقام منذ عام 1959 تلاميذ المدارس الثانوية (وأحياناً عدداً قليلاً من طلاب الجامعات) يجري اختيارهم من نحو مائة دولة.

وسبق أن نجحت النسخة الأولى من «ألفا جيومتري» في حل 25 مسألة هندسية في الدورات السابقة من الأولمبياد من إجمالي 30 مسألة، وفق ما ذكرت مجلة «نيتشر» العلمية في يناير (كانون الثاني).

ورأت «غوغل»، في بيان، أن «هذه النتائج تفتح آفاقاً جديدة في مجال التفكير الرياضي وتقترح مستقبلاً يتعاون فيه علماء الرياضيات والذكاء الاصطناعي لحل المسائل المعقدة».

وتواجه النماذج اللغوية الكبيرة، وهي المنتجات الرئيسية للذكاء الاصطناعي، صعوبة كبيرة في التفكير عند تقديم اختبارات منطق إليها، بحسب دراسة نُشرت في يونيو (حزيران) في مجلة «أوبن ساينس» التابعة لمؤسسة «رويال سوساييتي» البريطانية.

ولاحظت هذه الدراسة أن برنامجَي «تشات جي بي تي 3.5» و«تشات جي بي تي 4» من «أوبن إيه آي»، و«بارد» من «غوغل» و«كلود 2» من «أنثروبيك» وثلاث نسخ من برنامج «لاما» من «ميتا»، استجابت بطرق متفاوتة واستندت إلى تفكير غير منطقي في كثير من الأحيان.