إسرائيل تضغط على القوى الخارجية لقطع التمويل عن المحكمة الجنائية الدولية

نتنياهو: لن نسمح بأي حال بتقديم إسرائيليين للقانون الدولي

إسرائيل تضغط على القوى الخارجية  لقطع التمويل عن المحكمة الجنائية الدولية
TT

إسرائيل تضغط على القوى الخارجية لقطع التمويل عن المحكمة الجنائية الدولية

إسرائيل تضغط على القوى الخارجية  لقطع التمويل عن المحكمة الجنائية الدولية

رغم رد الفعل الإسرائيلي الرسمي الصاخب ضد إعلان النائب العام الدولي بدء تحقيق في جرائم إسرائيل خلال الحرب، والقرار الدرامي للحكومة، أمس، أنها لن تسمح بأي حال من الأحوال بأن يحاكم أي جندي أو ضابط أو مسؤول إسرائيلي أمام محكمة الجنايات الدولية، رأى خبراء القانون الدولي أن «القضية لا تستحق هذه الضجة» وأجمعوا على أن التحقيق سيأخذ وقتا طويلا جدا ربما سنوات وقد ينتهي إلى طريق مسدود.
وبناء على ذلك، لا يستبعد خبراء في الشؤون السياسية الإسرائيلية أن تكون كل هذه الضجة جزءا من خطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، للمعركة الانتخابية؛ فهو يضخم العداء الخارجي لإسرائيل حتى يفزع الجمهور الإسرائيلي ثم يوصل الرسالة التقليدية بأنه هو الوحيد القائد القوي القادر على مجابهة الضغوط الدولية.
وقد تزامن هذا مع كشف أحد أفلام الدعاية الانتخابية لليكود وفيها يظهرون نتنياهو معلما في مدرسة أطفال. والأطفال هم قادة الأحزاب المنافسة له، الذين لا يجيدون إدارة حكومة ولا دولة.
وكانت ردود الفعل الإسرائيلية على قرار محكمة الجنايات الدولية «الشروع بتحقيق في جرائم الحرب في فلسطين خلال الحرب على قطاع غزة الصيف الماضي»، توالت غاضبة وعدائية. وشن نتنياهو، في مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية، أمس، هجوما عنيفا على المحكمة الدولية واتهمها بالنفاق. وأكد أن إسرائيل لن تسمح بمثول جنودها أمام المحكمة. وقال نتنياهو إن «قرار المدعية للمحكمة الدولية بدء التحقيق ضد إسرائيل يعد ذروة النفاق وقلبا للعدالة رأسا على عقب»، على حد تعبيره.
وأضاف قائلا: «لقد واجهت مثل هذه الظواهر، لا سيما حينما كنت سفيرا لإسرائيل لدى الأمم المتحدة وأيضا وأنا رئيس للحكومة، ولكن القرار الذي اتخذته المدعية يشكل مثالا غير مسبوق من النفاق».
وزعم نتنياهو أن «هذا القرار يمنح الشرعية للإرهاب الدولي الذي يحظى الآن برعاية دولية». وأضاف: «سنحارب هذا القرار بكل الوسائل وسنجنّد أطرافا أخرى لتكافح هذه السخافة، وها هي تتجنّد لمكافحة هذه الظاهرة».
ومضى قائلا: «سندافع عن حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها. ولن نسمح بمثول جنود الجيش أمام المحكمة الدولية. وهذه الخطوات لن تردعنا عن اتخاذ كل ما يطلب من أجل الدفاع عن دولة إسرائيل ومواطنيها». وقال نتنياهو إن «إحدى السبل لمواجهة هذه الخطوات السافرة تعزيز إسرائيل وتعزيز الهجرة إليها، وتعزيز الاقتصاد الإسرائيلي».
وجنبا إلى جنب مع هذا الموقف بدأ نتنياهو ووزير خارجيته، أفيغدور ليبرمان، حملة للضغط على محكمة الجنايات لتلغي قرارها في التحقيق. واتصل نتنياهو مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وطلب منه أن تتجند الولايات المتحدة لإحباط قرار محكمة الجنايات الدولية وتلغي حصتها في تمويل المحكمة.
وقالت مصادر سياسية إن أعضاء بارزين في الكونغرس الأميركي بدأوا ينشطون في أعقاب الإعلان عن قرار المحكمة الدولية من أجل وقف المعونات الأميركية للسلطة الفلسطينية. وتوجه ليبرمان إلى الحكومة الكندية وعدد من الحكومات الغربية الأخرى بطلب مشابه.
وكانت خبيرة القانون الدولي، بنينا شربيط، الباحثة الكبيرة في معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب والرئيسة السابقة لدائرة القانون الدولي في النيابة العسكرية، قد أكدت أن تجارب الماضي والتعمق في قوانين محكمة الجنايات الدولية يبينان أن الخطوة التي أعلنتها النيابة الدولية هي «تقنية وبسيطة ولا تنطوي على أي مغزى في هذه المرحلة؛ فهذا الإجراء يعد ضروريا لكي تقرر المحكمة إذا كان هناك أساس للمحاكمة. وهو إجراء طويل جدا، قد يستغرق عدة سنوات وينتهي بلا قرار؛ ففي حالة القضية التي فتحت ضد جورجيا استغرق الموضوع 8 سنوات، وانتهى التحقيق بإغلاق الملف بلا محاكمة». ومع ذلك، فقد نصحت شربيط بأن تبادر إسرائيل إلى «خطوة أحكم وأشد أثرا وأكثر أمنا للجنود والمسؤولين الإسرائيليين. وهذه الخطوة هي إجراء تحقيق إسرائيلي داخلي في كل الملفات المطروحة على محكمة الجنايات. فكل قضية يجري التحقيق فيها داخل إسرائيل بشكل جدي، تلغي بشكل أوتوماتيكي الحاجة إلى التحقيق فيها أمام المحكمة الدولية». ولذلك، دعت الحكومة إلى التعاون مع المؤسسات الدولية بدلا من الدخول معها في مواجهة.
وقال مدعون من المحكمة الجنائية الدولية لوكالة «رويترز» أمس إنهم سيحققون بـ«منتهى الاستقلال والموضوعية» في أمر جرائم ربما وقعت منذ 13 يونيو (حزيران) من العام الماضي. وسيتيح هذا للمحكمة أن تحقق في أمر حرب الصيف الماضي.



الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت مواقع في صنعاء وثلاث محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات، التي قال إنها طالت 15 هدفاً للجماعة، في سياق الحد من قدراتها الهجومية ضد السفن.

وتشن واشنطن ضربات على الأرض منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، ضد الجماعة الحوثية، وشاركتها بريطانيا في 4 مرات على الأقل، رداً على الهجمات التي تنفذها الجماعة ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان على منصة «إكس»، أن قواتها نفذت ضربات على 15 هدفاً حوثياً في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

وشملت هذه الأهداف -بحسب البيان- قدرات عسكرية هجومية للحوثيين، إذ اتخذت هذه الإجراءات (الضربات) لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أمناً وأماناً للسفن الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية.

وكانت الجماعة الحوثية أقرت، الجمعة، بسلسلة من الغارات وصفتها بـ«الأميركية - البريطانية»، وقالت إنها استهدفت «معسكر الصيانة» في صنعاء، وموقعاً في جنوبي ذمار، ومواقع في مديرية مكيراس التابعة لمحافظة البيضاء، فضلاً عن ضربات استهدفت مواقع عسكرية في مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، ومناطق المطار والجبانة والكثيب.

ولم يشر الحوثيون إلى حجم خسائرهم جراء هذه الضربات التي استهدفت مواقع سبق استهدافها خلال الأشهر الماضية، في حين رجح مراقبون أن الغارات استبقت هجمات كانت تعد لها الجماعة ضد السفن.

وتشن الجماعة هجماتها ضد السفن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تدعي محاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها إلى جانب السفن الأميركية والبريطانية.

دخان يتصاعد في صنعاء بعد ضربات أميركية استهدفت مواقع حوثية (أ.ف.ب)

وأطلقت واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة البحرية، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير الماضي، بمشاركة بريطانيا.

وتلقّت الجماعة الحوثية نحو 720 غارة غربية في مناطق يمنية عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة الساحلية، وأدت، في مجملها، إلى مقتل أكثر من 60 عنصراً.

ضربات غير مجدية

تقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

ووجدت الجماعة المدعومة من إيران في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية، إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

وبخلاف ما تزعمه الجماعة الحوثية من مساندة للفلسطينيين، ترى الحكومة اليمنية أن الجماعة تزايد بالقضية الفلسطينية في مسعى لتبييض جرائمها بحق اليمنيين خلال العشر سنوات الماضية مستغلة العاطفة الشعبية.

وأقر عبد الملك الحوثي في خطاب حديث بأن جماعته نجحت خلال أشهر التصعيد البحري من تجنيد وتعبئة نحو 500 ألف شخص، وسط مخاوف في الشارع اليمني من استغلال هذه التعبئة الواسعة لمهاجمة المناطق المحررة الخاضعة للحكومة اليمنية.

وتبنت الجماعة الحوثية إطلاق المئات من الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل خلال الأشهر العشرة الماضية، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي باستثناء مسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها في شقة بتل أبيب في 19 يونيو (حزيران) الماضي.

واستدعت الهجمات الحوثية إسرائيل للرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، على مستودعات الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

صورة وزعها الحوثيون لاستهداف ناقلة نفط بريطانية في البحر الأحمر بزورق مسيّر (إ.ب.أ)

ومِن بين نحو 188 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها، أدى هجوم، في 18 فبراير (شباط) الماضي، إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات، التي لحقت عدداً من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر»، التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.