كيف ستتعايش ميركل مع عهد بايدن؟

كيف ستتعايش ميركل مع عهد بايدن؟
TT

كيف ستتعايش ميركل مع عهد بايدن؟

كيف ستتعايش ميركل مع عهد بايدن؟

> *قد تكون المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من أكثر الزعماء الأوروبيين ارتياحاً لفوز جو بايدن بالرئاسة الأميركية. ذلك لأن علاقتها الشخصية بالرئيس دونالد ترمب لم تكن ودية منذ البداية. بيد أن ميركل التي عاصرت منذ قيادتها ألمانيا عام 2005، ثلاثة رؤساء أميركيين، لن تكمل مع الرئيس الرابع إلا 9 أشهر فقط قبل أن تغادر منصبها وتتقاعد كما كانت أعلنت قبل عامين.
مع هذا، سيكون أمام ميركل هذه الأشهر القليلة المقبلة مهمة صعبة بإعادة بناء الثقة بين ألمانيا والولايات المتحدة، وذلك في مجالين، على الأقل كانا السبب الرئيسي في العديد من الخلافات بين برلين وواشنطن إبّان عهد ترمب. ولقد نجحت ميركل بالمراوغة فيهما، وعلى الأرجح سيكمل بايدن المقاربة نفسها فيهما.
المجال الأول يدور حول علاقة ألمانيا بروسيا، التي كان وصفها بايدن بأنها تمثل التهديد الأكبر على الولايات المتحدة، وتحديدا فيما يتعلق بمشروع غاز «نورد ستريم 2». هذا المشروع الذي شارف على الانتهاء، سيوصل الغاز الطبيعي الروسي مباشرة الى ألمانيا عبر كيلومترات طويلة من الأنابيب الممدودة تحت البحر، بدلاً من المرور في أوكرانيا التي تحصل الآن على رسوم عبور كبيرة جداً.
ترمب كان قد فرض عقوبات على المشروع بدعم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وهذا مؤشر الى أن بايدن سيكمل في السياسة نفسها. لكن ميركل، حتى الآن، تتمسّك بالمشروع الذي تصفه بـ«الاقتصادي البحت»، مع أن الولايات المتحدة تحذّر من زيادة اعتماد برلين على موسكو في وارداتها من الغاز، ما يجعلها «أسيرة» لها أيضا في المجال السياسي. وللعلم، يعد الكونغرس الأميركي لعقوبات إضافية على المشروع، ومن المتوقع أن إقرارها في عهد بايدن ما لم تعلن ميركل تخليها عن «نورد ستريم 2»، الذي يثير استياء الاتحاد الأوروبي كذلك.
أما المجال الثاني فيتعلق بالصين، التي تربطها علاقات اقتصادية قوية بألمانيا والاتحاد الأوروبي. غير أنها علاقات تسببت أيضا بتوتر مع واشنطن خلال السنوات الماضية، خاصة بسبب تمسك برلين بالسماح للصين بالمنافسة على بناء شبكة «5 جي» للإنترنت في البلاد. وتحذر واشنطن من ذلك، كونها تعتبر أن الحكومة الصينية تتحكّم بشركة هواوي، التي تريد ألمانيا السماح لها ببناء الشبكة. وتدعي واشنطن أن بكين ستستخدم الشبكة لتوسيع عملياتها التجسسية في أوروبا... ما سيعرض تبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية والتقنية وغيرها بين الولايات المتحدة وألمانيا لخطر القرصنة والتجسس.
حتى الآن ترفض ميركل الضغوط الأميركية فيما يتعلق بالصين وشبكة الـ«5 جي». إلا أنه قد يكون عليها إعلان موقف واضح من الأمر في حال أرادت فعلا تقوية العلاقة الاستراتيجية مع واشنطن، حسب الورقة الأوروبية التي يريد الاتحاد الأوروبي طرحها على إدارة بايدن، وتتضمن دعوات لتعميق التبادل المعلوماتي والاستخباراتي والتكنولوجي. وهذا أمر أصلا قد تشترطه واشنطن على بروكسل قبل تعميق علاقتها أكثر بدول الاتحاد وبألمانيا. ورغم أن الفترة التي ستمضيها ميركل مع بايدن قصيرة نسبيا، فإنها قد تحدد شكل العلاقة بين البلدين طوال فترة عهد بايدن.



ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل
TT

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ) و«الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، فإنه كان غالباً «الشريك» المطلوب لتشكيل الحكومات الائتلافية المتعاقبة.

النظام الانتخابي في ألمانيا يساعد على ذلك، فهو بفضل «التمثيل النسبي» يصعّب على أي من الحزبين الكبيرين الفوز بغالبية مطلقة تسمح له بالحكم منفرداً. والحال أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تحكم ألمانيا حكومات ائتلافية يقودها الحزب الفائز وبجانبه حزب أو أحزاب أخرى صغيرة. ومنذ تأسيس «الحزب الديمقراطي الحر»، عام 1948، شارك في 5 حكومات من بينها الحكومة الحالية، قادها أحد من الحزبين الأساسيين، وكان جزءاً من حكومات المستشارين كونراد أديناور وهيلموت كول وأنجيلا ميركل.

يتمتع الحزب بشيء من الليونة في سياسته التي تُعد «وسطية»، تسمح له بالدخول في ائتلافات يسارية أو يمينية، مع أنه قد يكون أقرب لليمين. وتتمحور سياسات

الحزب حول أفكار ليبرالية، بتركيز على الأسواق التي يؤمن بأنها يجب أن تكون حرة من دون تدخل الدولة باستثناء تحديد سياسات تنظيمية لخلق أطر العمل. وهدف الحزب الأساسي خلق وظائف ومناخ إيجابي للأعمال وتقليل البيروقراطية والقيود التنظيمية وتخفيض الضرائب والالتزام بعدم زيادة الدين العام.

غينشر

من جهة أخرى، يصف الحزب نفسه بأنه أوروبي التوجه، مؤيد للاتحاد الأوروبي ويدعو لسياسات أوروبية خارجية موحدة. وهو يُعد منفتحاً في سياسات الهجرة التي تفيد الأعمال، وقد أيد تحديث «قانون المواطنة» الذي أدخلته الحكومة وعدداً من القوانين الأخرى التي تسهل دخول اليد العاملة الماهرة التي يحتاج إليها الاقتصاد الألماني. لكنه عارض سياسات المستشارة السابقة أنجيلا ميركل المتعلقة بالهجرة وسماحها لمئات آلاف اللاجئين السوريين بالدخول، فهو مع أنه لا يعارض استقبال اللاجئين من حيث المبدأ، يدعو لتوزيعهم «بشكل عادل» على دول الاتحاد الأوروبي.

من أبرز قادة الحزب، فالتر شيل، الذي قاد الليبراليين من عام 1968 حتى عام 1974، وخدم في عدد من المناصب المهمة، وكان رئيساً لألمانيا الغربية بين عامي 1974 و1979. وقبل ذلك كان وزيراً للخارجية في حكومة فيلي براندت بين عامي 1969 و1974. وخلال فترة رئاسته للخارجية، كان مسؤولاً عن قيادة فترة التقارب مع ألمانيا الديمقراطية الشرقية.

هانس ديتريش غينشر زعيم آخر لليبراليين ترك تأثيراً كبيراً، وقاد الحزب بين عامي 1974 و1985، وكان وزيراً للخارجية ونائب المستشار بين عامي 1974 و1992، ما جعله وزير الخارجية الذي أمضى أطول فترة في المنصب في ألمانيا. ويعتبر غينشر دبلوماسياً بارعاً، استحق عن جدارة لقب «مهندس الوحدة الألمانية».