تراجع سعر صرف الدينار يربك الأسواق العراقية

البرلمان يستدعي محافظ البنك ويتفاجأ بنسخة محتملة لقانون الموازنة

اللجنة المالية في البرلمان العراقي تعقد اجتماعاً بحضور محافظ البنك المركزي لبحث زيادة سعر صرف العملة (موقع البرلمان)
اللجنة المالية في البرلمان العراقي تعقد اجتماعاً بحضور محافظ البنك المركزي لبحث زيادة سعر صرف العملة (موقع البرلمان)
TT

تراجع سعر صرف الدينار يربك الأسواق العراقية

اللجنة المالية في البرلمان العراقي تعقد اجتماعاً بحضور محافظ البنك المركزي لبحث زيادة سعر صرف العملة (موقع البرلمان)
اللجنة المالية في البرلمان العراقي تعقد اجتماعاً بحضور محافظ البنك المركزي لبحث زيادة سعر صرف العملة (موقع البرلمان)

أربكت نسخة مسرّبة عن مشروع قانون الموازنة المالية العامة للعام المقبل، أمس، الأوساط النيابية العراقي، خصوصاً لجنتي الاقتصاد والمال، إضافة إلى مراكز المال والأعمال في بغداد، نظراً لاحتوائها على تفاصيل غير مسبوقة بالنسبة لنسب الاستقطاع والخصم التي طالت مرتبات الموظفين، بجانب خفض قيمة سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار التي قد تصل إلى نحو 30 في المائة عن قيمته السابقة، ما دفع البرلمان العراقي إلى استدعاء محافظ البنك المركزي، مصطفى غالب مخيف، وعرّض حركة السوق إلى الإرباك وتوقف شبه تام، كما يؤكد تجار في سوق البورصة ببغداد.
وسجلت سوق العراق، أمس، انخفاضاً جديداً في سعر صرف العملات لتجاوز حدد 1350 ديناراً مقابل الدولار الأميركي، بعدما بلغ نحو 1200 دينار فقط خلال الأسابيع والأشهر الماضية.
ولا يُعرف على وجهة التحديد الأسباب التي دفعت الجهات المعنية إلى تسريب نسخة «جدلية» لمشروع الموازنة إلى وسائل الإعلام، لكن مراقبين يرجحون أنها جاءت في سياق «جس نبض» الشارعين السياسي والشعبي وموقفهما من غالبية بنودها غير المسبوقة في الموازنات السابقة، وضمنها تحديد سعر صرف الدولار بـ1450 مقابل سعر الدينار الذي ظل يراوح لسنوات طويلة عند عتبة 1200 دينار مقابل الدولار الواحد، إلى جانب خفض مخصصات الموظفين.
وورد في مسودة الموازنة المسربة أن «عدد موظفي الدولة 3.25 مليون من ضمنهم (682 ألف موظف في إقليم كردستان)، الرواتب 41.5 تريليون دينار، رواتب أخرى 6 تريليون، تقاعد 20 تريليوناً، ضمان اجتماعي 9.6 تريليون، فوائد على قروض الديون 4.6 تريليونات، دفعات القروض الخارجية: 6.8 تريليون».
ويقدر خبراء الاقتصاد أن الحكومة ستتمكن من خفض نسبة العجز في الموازنة العامة ويقدر بنحو 60 مليار دولار، إلى نحو 30 في المائة في حال نجحت في خفض سعر صرف الدينار أمام الدولار بالنسبة ذاتها.
وتضمنت نسخة الموازنة معدلات نسب خفض الأجور بواقع «مخصصات الخطورة 50 في المائة، الضيافة 20 في المائة، الاستثنائية 20 في المائة، الأرزاق 33 في المائة، الشهادة 50 في المائة المقطوعة 40 في المائة، الخاصة 60 في المائة الخدمة الجامعية 60 في المائة».
كذلك ينص المشروع على رفع سعر الوقود (البنزين) من 450 ديناراً للتر الواحد، إلى 540 ديناراً للتر.
ووصلت المديونية المتمثلة بأقساط الدين الداخلي والخارجي، بحسب المسودة، إلى (14761959590) ألف دينار (أربعة عشر تريليوناً وسبعمائة وواحد وستون ملياراً وتسعمائة وتسعة وخمسون مليوناً وخمسمائة وتسعون ألف دينار)».
وكان مجلس النواب العراقي قد استدعى، السبت الماضي، محافظ «البنك المركزي» مصطفى غالب لبحث أسباب الارتفاع المفاجئ بأسعار صرف الدولار. واستدعى البرلمان المحافظ مجدداً، أمس، وعقدت لجنة الاقتصاد والاستثمار معه اجتماعاً على خلفية تراجع أسعار صرف الدينار أمام الدولار.
بدوره، انتقد نائب رئيس اللجنة المالية النائب مثنى السامرائي، أمس، تسريب مسودة موازنة عام 2021 متوعداً من يقف وراء الأزمة المفتعلة. وكتب عبر «تويتر» أن «من لم يحافظ على خصوصية مسودة الموازنة من وزراء الحكومة وتسبب بإرباك كبير في سوق العملة من خلال تسريبه لها، لا يمكنه أن يكون مؤهلاً لحماية مصالح البلد العليا أو حل مشاكل الوطن». وتابع: «سيكون للجنة المالية موقف حاسم من الأزمة المفتعلة ومَن يقف وراءها».
كان المتحدث باسم رئاسة الوزراء، وزير الثقافة، حسن ناظم، قال الثلاثاء الماضي: «نحن على وشك عقد جلسة لتمرير موازنة العام المقبل». ولم يصدر أي تعليق جديد عن الحكومة بشأن النسخة المسربة.
من جهة أخرى، يقول التاجر أحمد خزام، إن «أسواق الكفاح والشورجة وسط بغداد شهدت إرباكاً شديداً بعد تراجع أسعار صرف الدينار». وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «السوق بدت خالية تماماً، وأغلب المحال التجارية أغلقت أبوابها لتراجع حركة البيع في انتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة بالنسبة لسعر صرف الدينار».
ويعتقد خزام أن التراجع في أسعار صرف الدينار «ربما ناجم عن ازدياد الطلب على شراء الدولار من قبل الناس العاديين لخشيتهم من الخسارة في حال استمر انخفاض سعر الصرف، علماً بأن السعر الرسمي للدولار الذي ما زال يباع في (البنك المركزي)، ولم يتغير إلى الآن، وهو أقل بقليل عن 1200 دينار مقابل الدولار، ولا ننسى أن بعض المضاربين يساهمون في إرباك حركة السوق، إلى جانب النسخة المسربة عن قانون الموازنة».



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.