الحريري يتواصل مع الراعي لحل عقدة الحكومة والتحقيق العدلي

تأجيل زيارة ماكرون لبيروت فاجأ المهتمين بمبادرته

الحريري يتواصل مع الراعي لحل عقدة الحكومة والتحقيق العدلي
TT
20

الحريري يتواصل مع الراعي لحل عقدة الحكومة والتحقيق العدلي

الحريري يتواصل مع الراعي لحل عقدة الحكومة والتحقيق العدلي

قالت مصادر سياسية مواكبة للقاء الذي عُقد بين البطريرك الماروني بشارة الراعي والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري في الصرح البطريركي في بكركي، في حضور الوزيرين السابقين سجعان قزّي وغطاس خوري، الذي أريد منه تنقية الأجواء، أدى إلى فتح ثغرة يُفترض التأسيس عليها لكسر الاحتقان المذهبي والطائفي الذي بدأ يحاصر البلد على خلفية التأزُّم الذي لا يزال يعيق ولادة الحكومة، خصوصاً بعدما أُضيف إليه تأزُّم من نوع آخر مردّه إلى تصاعد وتيرة الاشتباك السياسي المترتب على ادعاء المحقق العدلي في تفجير مرفأ بيروت القاضي فادي صوّان على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس، بتهمة التقصير الوظيفي والإهمال بقصد جرمي.
وعلمت «الشرق الأوسط» من المصادر المواكبة أن قزّي وخوري تولّيا من خلال تواصلهما التحضير للقاء الذي تم بناءً لرغبة البطريرك الراعي، للوقوف على رأي الحريري، ليكون على بيّنة حيال الأسباب الكامنة وراء تعثّر تشكيل الحكومة، خصوصاً أنه كان اطلع عليها من جانب واحد، والمقصود به اجتماعه الأخير برئيس الجمهورية ميشال عون.
وكشفت أن لقاء الراعي - الحريري لم يكن يهدف للالتفاف على رئيس الجمهورية ومحاصرته، وقالت إنه لا نيّة لديهما في هذا المجال، ونقلت عن الحريري قوله إن تشكيل الحكومة يتطلّب التعاون بينه وبين عون، وإنه ليس في وارد الانجرار إلى مشكلة، لأن البلد لا يحتمل المزيد من التأزّم وبات في حاجة ماسة إلى توفير الحلول للسير على طريق إنقاذه ووقف انهياره المالي والاقتصادي وانتشاله من الهاوية، وهذا لن يتحقق إلا بالالتزام بالمبادرة الفرنسية عملاً لا قولاً فقط. كما نقلت المصادر نفسها عن الحريري قوله إنه كان يرغب في التواصل المباشر مع الراعي، لأن هناك ضرورة للوقوف على رأيه، لكنّ تأخره عن المجيء إلى بكركي يعود إلى تواصله مع الرئيس عون لإزالة العُقد التي تؤخر ولادة الحكومة من جهة، ولقطع الطريق على تحسّسه من اللقاء وتفسيره وكأنه يهدف من ورائه إلى الالتفاف على موقع الرئاسة الأولى.
وأكدت أن الحريري لم يحضر إلى بكركي ليشكو عون أو الإساءة له، وقالت إن الراعي استمع إلى العرض الذي تقدّم به لتبيان العقبات التي تؤخر تأليف الحكومة التي يُفترض أن تتشكل من اختصاصيين ومستقلين غير محازبين، ورأت أن الراعي يؤيد ما طرحه الرئيس المكلف شرط أن تحظى بدعم الكتل النيابية لنيل ثقة البرلمان. ولفتت إلى أن الراعي أبدى حرصه في ضوء المعطيات التي عرضها عليه الحريري للقيام بدور لإخراج تأليف الحكومة من عنق الزجاجة، وقالت إنه يأمل من الأطراف التجاوب مع مسعاه بمنأى عن الشروط التي قد تكون واجهة لشروط أخرى غير مرئية، وأبرزها أن الوقت لم يحن لولادتها، وهذا ما يشكل خطراً على الكيان اللبناني.
وأوضحت المصادر المواكبة أن الحريري استغرب من خلال عرضه لواقع الحال الذي وصلت إليه مشاورات التأليف ما يتردد من حين لآخر بأنه يريد مصادرة التمثيل المسيحي، وقالت إنه عرض على الراعي عيّنة بأسماء الوزراء المرشحين لدخول الحكومة، ومن بينهم عدد من الذين كان رشّحهم عون. وأكدت أنه تم الاتفاق على معاودة التواصل المباشر بين الحريري والراعي الذي سيتواصل مجدداً مع عون، في محاولة لرأب الصدع بينهما بدءاً بسحب تبادل الحملات والسجالات من التداول، وقالت إن الرئيس المكلّف أوضح موقفه من الادعاء الذي صدر عن القاضي صوان واصفاً إياه بأنه جاء مخالفاً للأصول الدستورية، وغلب عليه الاستنسابية والانتقائية في رسالته التي بعث بها لرئاسة المجلس النيابي، والتي خلت كلياً من القرائن والأدلة والوثائق التي استند إليها في الادعاء على دياب وثلاثة وزراء سابقين.
ونقلت عن الحريري تأكيده على أنه مع كشف الحقيقة وتحديد مَن يتحمل المسؤولية حيال الانفجار الذي استهدف المرفأ، لأن من حق ذوي الضحايا والمتضررين معرفة من ارتكب هذه الجريمة، وإنزال أشد العقوبات بمن يثبت ضلوعه فيها، التي أصابت بيروت بكارثة كبرى، وقالت إن الحريري يفصل بين موقفه من صوان والحفاظ على القضاء واستقلاليته، وبالتالي يجب إخراج التحقيق من التجاذبات وتحييده عن تصفية الحسابات في مقابل تمسكه بموقفه بعدم توفير الغطاء لكائن من كان في حال ثبوت ضلوعه تقصيراً أو إهمالاً تسبب في الانفجار.
وبالنسبة إلى المبادرة الفرنسية، قالت المصادر إن الراعي والحريري على موقفهما الداعم لمبادرة الرئيس ماكرون لإنقاذ لبنان، ليس لتعذّر وجود البديل لها فحسب، وإنما لأنها تستجيب لطلب اللبنانيين لوقف الانهيار وإعادة الاهتمام الدولي بلبنان، وأكدت أن خلية الأزمة التي شكّلها ماكرون لمواكبة تنفيذ المبادرة لم تنقطع عن التواصل مع أركان الدولة وآخرين قبل أن يُفاجأ الجميع بقرار ماكرون بتأجيل زيارته الثالثة للبنان، في وقت كانت الخلية تدرس إمكانية أن ينسحب اجتماعه بعون على القيادات الرئيسة لإعادة إحياء مبادرته وقطع الطريق على انهيارها.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.