الحريري يتواصل مع الراعي لحل عقدة الحكومة والتحقيق العدلي

تأجيل زيارة ماكرون لبيروت فاجأ المهتمين بمبادرته

الحريري يتواصل مع الراعي لحل عقدة الحكومة والتحقيق العدلي
TT

الحريري يتواصل مع الراعي لحل عقدة الحكومة والتحقيق العدلي

الحريري يتواصل مع الراعي لحل عقدة الحكومة والتحقيق العدلي

قالت مصادر سياسية مواكبة للقاء الذي عُقد بين البطريرك الماروني بشارة الراعي والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري في الصرح البطريركي في بكركي، في حضور الوزيرين السابقين سجعان قزّي وغطاس خوري، الذي أريد منه تنقية الأجواء، أدى إلى فتح ثغرة يُفترض التأسيس عليها لكسر الاحتقان المذهبي والطائفي الذي بدأ يحاصر البلد على خلفية التأزُّم الذي لا يزال يعيق ولادة الحكومة، خصوصاً بعدما أُضيف إليه تأزُّم من نوع آخر مردّه إلى تصاعد وتيرة الاشتباك السياسي المترتب على ادعاء المحقق العدلي في تفجير مرفأ بيروت القاضي فادي صوّان على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس، بتهمة التقصير الوظيفي والإهمال بقصد جرمي.
وعلمت «الشرق الأوسط» من المصادر المواكبة أن قزّي وخوري تولّيا من خلال تواصلهما التحضير للقاء الذي تم بناءً لرغبة البطريرك الراعي، للوقوف على رأي الحريري، ليكون على بيّنة حيال الأسباب الكامنة وراء تعثّر تشكيل الحكومة، خصوصاً أنه كان اطلع عليها من جانب واحد، والمقصود به اجتماعه الأخير برئيس الجمهورية ميشال عون.
وكشفت أن لقاء الراعي - الحريري لم يكن يهدف للالتفاف على رئيس الجمهورية ومحاصرته، وقالت إنه لا نيّة لديهما في هذا المجال، ونقلت عن الحريري قوله إن تشكيل الحكومة يتطلّب التعاون بينه وبين عون، وإنه ليس في وارد الانجرار إلى مشكلة، لأن البلد لا يحتمل المزيد من التأزّم وبات في حاجة ماسة إلى توفير الحلول للسير على طريق إنقاذه ووقف انهياره المالي والاقتصادي وانتشاله من الهاوية، وهذا لن يتحقق إلا بالالتزام بالمبادرة الفرنسية عملاً لا قولاً فقط. كما نقلت المصادر نفسها عن الحريري قوله إنه كان يرغب في التواصل المباشر مع الراعي، لأن هناك ضرورة للوقوف على رأيه، لكنّ تأخره عن المجيء إلى بكركي يعود إلى تواصله مع الرئيس عون لإزالة العُقد التي تؤخر ولادة الحكومة من جهة، ولقطع الطريق على تحسّسه من اللقاء وتفسيره وكأنه يهدف من ورائه إلى الالتفاف على موقع الرئاسة الأولى.
وأكدت أن الحريري لم يحضر إلى بكركي ليشكو عون أو الإساءة له، وقالت إن الراعي استمع إلى العرض الذي تقدّم به لتبيان العقبات التي تؤخر تأليف الحكومة التي يُفترض أن تتشكل من اختصاصيين ومستقلين غير محازبين، ورأت أن الراعي يؤيد ما طرحه الرئيس المكلف شرط أن تحظى بدعم الكتل النيابية لنيل ثقة البرلمان. ولفتت إلى أن الراعي أبدى حرصه في ضوء المعطيات التي عرضها عليه الحريري للقيام بدور لإخراج تأليف الحكومة من عنق الزجاجة، وقالت إنه يأمل من الأطراف التجاوب مع مسعاه بمنأى عن الشروط التي قد تكون واجهة لشروط أخرى غير مرئية، وأبرزها أن الوقت لم يحن لولادتها، وهذا ما يشكل خطراً على الكيان اللبناني.
وأوضحت المصادر المواكبة أن الحريري استغرب من خلال عرضه لواقع الحال الذي وصلت إليه مشاورات التأليف ما يتردد من حين لآخر بأنه يريد مصادرة التمثيل المسيحي، وقالت إنه عرض على الراعي عيّنة بأسماء الوزراء المرشحين لدخول الحكومة، ومن بينهم عدد من الذين كان رشّحهم عون. وأكدت أنه تم الاتفاق على معاودة التواصل المباشر بين الحريري والراعي الذي سيتواصل مجدداً مع عون، في محاولة لرأب الصدع بينهما بدءاً بسحب تبادل الحملات والسجالات من التداول، وقالت إن الرئيس المكلّف أوضح موقفه من الادعاء الذي صدر عن القاضي صوان واصفاً إياه بأنه جاء مخالفاً للأصول الدستورية، وغلب عليه الاستنسابية والانتقائية في رسالته التي بعث بها لرئاسة المجلس النيابي، والتي خلت كلياً من القرائن والأدلة والوثائق التي استند إليها في الادعاء على دياب وثلاثة وزراء سابقين.
ونقلت عن الحريري تأكيده على أنه مع كشف الحقيقة وتحديد مَن يتحمل المسؤولية حيال الانفجار الذي استهدف المرفأ، لأن من حق ذوي الضحايا والمتضررين معرفة من ارتكب هذه الجريمة، وإنزال أشد العقوبات بمن يثبت ضلوعه فيها، التي أصابت بيروت بكارثة كبرى، وقالت إن الحريري يفصل بين موقفه من صوان والحفاظ على القضاء واستقلاليته، وبالتالي يجب إخراج التحقيق من التجاذبات وتحييده عن تصفية الحسابات في مقابل تمسكه بموقفه بعدم توفير الغطاء لكائن من كان في حال ثبوت ضلوعه تقصيراً أو إهمالاً تسبب في الانفجار.
وبالنسبة إلى المبادرة الفرنسية، قالت المصادر إن الراعي والحريري على موقفهما الداعم لمبادرة الرئيس ماكرون لإنقاذ لبنان، ليس لتعذّر وجود البديل لها فحسب، وإنما لأنها تستجيب لطلب اللبنانيين لوقف الانهيار وإعادة الاهتمام الدولي بلبنان، وأكدت أن خلية الأزمة التي شكّلها ماكرون لمواكبة تنفيذ المبادرة لم تنقطع عن التواصل مع أركان الدولة وآخرين قبل أن يُفاجأ الجميع بقرار ماكرون بتأجيل زيارته الثالثة للبنان، في وقت كانت الخلية تدرس إمكانية أن ينسحب اجتماعه بعون على القيادات الرئيسة لإعادة إحياء مبادرته وقطع الطريق على انهيارها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.