حذر في الخرطوم بعد احتجاجات لضباط مفصولين تعسفياً

TT

حذر في الخرطوم بعد احتجاجات لضباط مفصولين تعسفياً

أغلقت السلطات السودانية الطرق والجسور المؤدية للقيادة العامة للجيش السوداني وسط الخرطوم بالحواجز الإسمنتية والسيارات العسكرية، تحسباً لوقفة احتجاجية نظمها مئات الضباط وصف الضباط المفصولين تعسفياً من الخدمة العسكرية إبان عهد نظام الرئيس المعزول عمر البشير، وذلك بعد ساعات من إعلان القائد العام للجيش إعادة عدد من الضباط إلى الخدمة. وتسبب الإغلاق في أزمة سير خانقة، اكتظت بسببها طرقات المدينة بالسيارات والمارة في وسط العاصمة، وهو إجراء درجت القوات المسلحة على اتخاذه، كلما أعلن عن تجمعات احتجاجية ومظاهرات، منذ فض اعتصام القيادة العامة في يونيو (حزيران) 2019. ما يثير موجة من السخط العارم وسط المواطنين. وأعاد الجيش السوداني عشرات الضباط للخدمة، من الذين فصلوا عن العمل إبان حكم الرئيس المعزول عمر البشير، بجانب معالجة أوضاع الذين تم فصلهم من الجيش السوداني من أبناء جنوب السودان بعد الانفصال، وبحسب ممثل اللجنة العليا لإعادة المفصولين تعسفياً من الجيش فإن الذين أعيدوا للخدمة بلغ عددهم 192 ضابطاً من بين 5067 ضابط وضابط صف تم تقديمهم في قائمة لإعادتهم للخدمة.
وأمس نظم مئات من الضباط وضباط الصف والجنود، وقفة احتجاجية عند مدخل القيادة العامة للجيش السوداني، أعلنوا خلالها رفضهم قائمة القائد العام للجيش، التي أعلن فيها عن إعادتهم للخدمة، زاعمين أنها لا تشمل المعنيين من المفصولين تعسفياً من قادة وأفراد القوات المسلحة.
وقال عضو اللجنة العليا للمفصولين تعسفياً من القوات المسلحة العقيد الركن معاش خالد الطيب إبراهيم لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن نظام المعزول البشير، حول الجيش السوداني من جيش مهني وقومي، إلى جيش آيديولوجي تحكمه آيديولوجيا «الإخوان المسلمين»، وإن إصلاحه رهيناً بإعادة الضباط وضباط الصف والجنود الوطنيين المفصولين تعسفياً.
وأضاف: «حين نطالب بإعادة المفصولين، لا نطالب بمصالح شخصية، بل لجبر الضرر الذي أصاب القوات المسلحة إبان النظام المعزول، وإعادة بناء جيش وطني حقيقي»، وتابع مشيراً إلى المحتجين الواقفين أمامه: «الجيش الحقيقي تراهم حولي الآن، نطالب بإعادتهم ليكونوا نواة جيش يشبه الوطن والثورة».
وأوضح العقيد إبراهيم أن أكثر من 12 ألف ضابط، وأكثر من 80 ألف ضابط صف وجندي فصلوا من الخدمة تعسفياً إبان النظام المعزول، وإن إحصاءات لجنة إعادة المفصولين أحصت نحو 5067 إستمارة ضابط برتب مختلفة، و55 ألف إستمارة لضباط الصف والجنود.
وانتقد العقيد إبراهيم قرارات لجنة إعادة المفصولين، بقوله: «تفاجأنا بقائمة تضم 192 معظمهم موالون للنظام المعزول»، وأضاف: «هذه قائمة (كيزانية) - (إخوانية) - بحتة، تشمل عتاة الإسلاميين، بل بينهم من يخضع الآن للمحاكمة لمشاركته في الانقلاب، ضابطاً كبيراً أو وزيراً أو معتمداً أو نائباً في المجلس الوطني»، وبحسرة استطرد: «بل بينهم من أسهم في تسريح شرفاء الضباط وضباط الصف والجنود، الهائمين على وجوههم الآن».
وأعلن تبرؤ لجنته من قائمة المفصولين الذين أُعلن إعادتهم للخدمة رسمياً، وقال: «هذا الكشف ليس الكشف الذي قدمناه، بل كشف يضم الضباط الإسلاميين، تم تزيينه بعدد محدود من المفصولين تعسفياً»، وتابع: «رافقت إعلان قائمة إعادة المفصولين فرقعة إعلامية، نعتبرها ألاعيب، تهدف لترقية من يرغبون في ترقيته».
ووصف العقيد إبراهيم القائمة التي أعلنت قيادة الجيش إعادتهم للخدمة بأنها «فضيحة ومستفزة»، وقال: «هناك دوائر (كيزانية) شيطانية ما زالت تسيطر على الجيش، انتهزت الفرصة لإعادة السيطرة عليه مجدداً».
واستطرد: «إعادة المفصولين تعسفياً قضية سودانية، ترتبط بإعادة تأسيس الجيش، وتحويله من جيش كيزان إلى جيش السودان، نحن نريد أن يعرف الشعب أنه إذا أراد جيشاً يشبه الوطن، ويماثل عظمة الثورة، ويقف على مسافة واحدة من الجميع، تجب إعادة الجيش لسيرته الأولى، ونواة ذلك هم الواقفون في خارجه».
بدوره، قال الرائد الركن معاش الدرديري حاج أحمد، إنه نجا من حكم بالإعدام أصدرته محكمة عسكرية ضده، إثر اتهامه بمحاولة انقلابية ضد نظام البشير في 1996. قبل تعديل الحكم للسجن المؤبد، وبقي في السجن 4 سنوات، وأطلق سراحه في العام 2000. مستفيداً من مبادرة السلام المصرية الليبية، بين الحكومة السودانية والتجمع الوطني الديمقراطي الذي كان يقود المعارضة المسلحة ضد حكومة البشير.
ويصف الرائد حاج أحمد معاناته ورفاقه الذين فصلوا من الخدمة، بأنها كانت قاسية، فبعد خروجه من السجن تعرض لمضايقات كثيرة، من بينها الحرمان من العمل، ما اضطره لمغادرة البلاد وظل هناك نحو عقدين من الزمان، ثم عاد أثناء الثورة للإسهام في إسقاط نظام الإسلاميين، بقوله: «تعرضت للملاحقة والمطاردة، بل إن الذين كنت أزروهم تعرضوا للمضايقات والملاحقات فآثرت مغادرة البلاد».
وتشبه حالة الرائد حاج حالة كثيرين من الذين شاركوا في الوقفة الاحتجاجية للمطالبة بإعادتهم للخدمة، كواحد من مطالب ثورة ديسمبر (كانون الأول) بإعادة المفصولين تعسفياً للخدمة، وإنفاذاً لمطلب إعادة هيكلة الجيش السوداني، وتحويله من جيش لنظام إلى جيش وطني.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.