تحذير أوروبي من فقدان اللقاح جدواه إذا لم تخفض الدول إصاباتها

عالمة وبائيات لـ «الشرق الأوسط»: التخلي عن الحذر يعيد الوباء إلى معدلاته المرتفعة

TT

تحذير أوروبي من فقدان اللقاح جدواه إذا لم تخفض الدول إصاباتها

مع تزايد عدد العلماء والاختصاصيين في العلوم الوبائية الذين يناشدون الحكومات الأوروبية بإلغاء جميع احتفالات أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية، وفرض تدابير الإقفال التام خلال العطلة لاحتواء انتشار الفيروس، بعد أن سجّلت الإصابات الجديدة والوفيات اليومية أرقاماً قياسية حتى في البلدان التي كانت قدوة في إدارة الأزمة، حذّرت الوكالة الأوروبية للأدوية من أن اللقاحات ضد «كوفيد - 19» لن تجدي نفعاً إذا لم تتمكّن الدول من خفض عدد الإصابات في الأسابيع المقبلة.
وفي حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط»، قالت عالمة الوبائيات الإيطالية ستيفانيا سالماسو: «إن التغلّب على الجائحة لا يتوقف فحسب على فعالية اللقاحات التي تشكّل بداية جيّدة في معركة طويلة ومعقّدة مع الفيروس، بل يجب عدم التراخي في تدابير الوقاية والاحتواء أو الاعتقاد الخاطئ بأن اللقاح يمنحنا وحده جواز العبور للحياة العادية». وأضافت سالماسو، وهي أيضاً عضو في لجنة الأدوية المخصصة للاستخدام البشري التابعة لـ«وكالة الأدوية الأوروبية»: «ليس مستبعداً، في حال التخلّي عن الحذر واستخدام الكمامات العازلة والتزام مسافة التباعد، أن يعود الوباء إلى الانتشار بمعدلات أعلى من السابق».
وكان خبراء «منظمة الصحة العالمية» قد نبهوا مجدداً إلى أن المعلومات المتوفرة حتى الآن عن اللقاحات لا تبيّن إذا كانت تمنع فقط ظهور العوارض السريرية للإصابة، أم أنها تحول أيضاً دون سريان الفيروس إلى غير المصابين. وتفيد البيانات الأخيرة التي تسلمتها «الوكالة الأوروبية للأدوية» من شركة «فايزر»، واستندت إليها لتقديم موعد البت في طلب الموافقة على استخدام اللقاح، أن التطعيم حال دون بلوغ مرحلة الخطر على الحياة عند الذين تلقوا اللقاح وأصيبوا بالمرض، لكن ليس من الواضح تأثير اللقاح على سريان الفيروس.
وتذكّر سالماسو في حديثها أن قرار تبدية المسنّين والفئات الأكثر تعرّضاً في خطط توزيع اللقاحات، مردّه إلى عدم اليقين من دور اللقاح في وقف انتشار الفيروس، ولأن هذه الفئات هي التي دفعت حتى الآن الجزية الأكبر بين الضحايا. وأضافت: «لو تأكد مفعول اللقاح في وقف سريان الفيروس، لكان من المنطقي تلقيح الشباب والأطفال في المقام الأول باعتبارهم الناقلين الرئيسيين للوباء». ورجّحت أن تتوفر هذه المعلومات بعد ثلاثة أو أربعة أشهر بعد المباشرة بحملات التلقيح، وذلك على ضوء نتائج الدراسات والبحوث التي ستُجرى على فئات الشباب والأطفال والمرضعات الذين يعانون من أمراض مزمنة.
وتقول الاختصاصية الفرنسية ماري بول كليني التي تعتبر مرجعاً دولياً في العلوم اللقاحية إن «البيانات الأولى التي وزّعتها شركات الأدوية عن اللقاحات التي تنتجها كانت مفاجأة سارة كبيرة، إذ لم يكن أحد يتوقع فعالية تتجاوز 90 في المائة. لكن علينا أن نكون صريحين جداً مع المواطنين، وأن نقول لهم بوضوح ما الذي نعرفه وما الذي نجهله عن اللقاحات. ما زالت هناك بيانات مهمة لا نعرفها، مثل الحماية التي توفرها اللقاحات في المدى الطويل، وهذه نحتاج لمزيد من الوقت كي نعرفها».
وأضافت كليني التي ترأس اللجنة التي شكّلتها الحكومة الفرنسية لتقييم اللقاحات التجريبية ضد «كوفيد - 19»: «صحيح أنه ما زالت تنقصنا معلومات مهمة عن اللقاحات، مثل دورها في منع سريان الفيروس عبر المصابين الذين لا تظهر عليهم عوارض، لأن الشركات المنتجة ذاتها لا تملك بعد هذه المعلومات. وليس مستبعداً أن تكون بعض اللقاحات التي يجري تطويرها حالياً أفضل من التي تمّ تطويرها حتى الآن. لكن من المستحسن أن نبدأ بتجربة اللقاحات المتوفرة، وأن ننتظر من الهيئات الناظمة القيام بعملها كالمعتاد موازنة بين منافع اللقاحات ومخاطرها، مع التركيز على الآثار الجانبية التي رصدها الباحثون خلال التجارب السريرية لتحديد مستوى السلامة».
ويقول فيليب كوفمان، عالم الفيروسات وعضو مجلس «الوكالة السويسرية للأدوية»، إن «البلدان التي قررت المباشرة بالتطعيم فور صدور الموافقة على اللقاحات مثل بريطانيا والولايات المتحدة وكندا، تستند إلى معلومات حول السلامة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، فيما يستحسن الاعتماد على بيانات متراكمة خلال فترة لا تقلّ عن ستة أشهر، ولذلك قررت سويسرا عدم المباشرة بحملة التلقيح قبل نهاية شهر مارس (آذار) المقبل». لكنه يضيف: «بفضل قرار بريطانيا والولايات المتحدة المباشرة فوراً بحملات التلقيح ستتوفر للدول الأخرى معلومات أكثر عن سلامة اللقاحات، وهي معلومات أهم بكثير، من وجهة النظر العلمية، من المعلومات عن فعاليتها».



جماهير حاشدة تستقبل الوفد الفلسطيني للألعاب الأولمبية في باريس (فيديو)

TT

جماهير حاشدة تستقبل الوفد الفلسطيني للألعاب الأولمبية في باريس (فيديو)

الرياضيون الأولمبيون الفلسطينيون وأعضاء الوفد يقفون مع أنصارهم لدى وصولهم إلى مطار شارل ديغول في باريس (أ.ف.ب)
الرياضيون الأولمبيون الفلسطينيون وأعضاء الوفد يقفون مع أنصارهم لدى وصولهم إلى مطار شارل ديغول في باريس (أ.ف.ب)

تم الترحيب بالرياضيين الأولمبيين الفلسطينيين بهتاف جماهيري «تحيا فلسطين»، وهدايا من الطعام والورود عند وصولهم إلى باريس، الخميس، لتمثيل غزة التي مزقتها الحرب وبقية المناطق الفلسطينية على المسرح العالمي.

وبينما كان الرياضيون المبتهجون يسيرون عبر بحر من الأعلام الفلسطينية في مطار باريس الرئيسي، قالوا إنهم يأملون أن يكون وجودهم بمثابة رمز وسط الحرب بين إسرائيل و«حماس»، حسبما أفادت وكالة «أسوشييتد برس».

وحث الرياضيون والمؤيدون الفرنسيون والسياسيون الحاضرون الأمةَ الأوروبية على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بينما أعرب آخرون عن غضبهم من الوجود الإسرائيلي في الألعاب.

وقال يزن البواب، وهو سباح فلسطيني يبلغ من العمر 24 عاماً وُلد في السعودية: «فرنسا لا تعترف بفلسطين دولةً، لذلك أنا هنا لرفع العلم الفلسطيني». وأضاف: «لا نعامل بوصفنا بشراً، لذلك عندما نلعب الرياضة يدرك الناس أننا متساوون معهم». وتابع: «نحن 50 مليون شخص بلا دولة».

وقام البواب، وهو واحد من ثمانية رياضيين في الفريق الفلسطيني، بالتوقيع للمشجعين، وتناول التمر من طبق قدمه طفل بين الحشد.

الرياضيون الأولمبيون الفلسطينيون وأعضاء الوفد يقفون مع أنصارهم لدى وصولهم إلى مطار شارل ديغول في باريس (أ.ف.ب)

وتُظهِر هتافات «فلسطين الحرة» التي يتردد صداها في مطار شارل ديغول في باريس كيف يؤثر الصراع والتوتر السياسي في الشرق الأوسط على الألعاب الأولمبية.

ويجتمع العالم في باريس في لحظة تشهد اضطرابات سياسية عالمية، وحروباً متعددة، وهجرة تاريخية، وأزمة مناخية متفاقمة، وكلها قضايا صعدت إلى صدارة المحادثات في الألعاب الأولمبية.

في مايو (أيار)، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه مستعد للاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية، لكن الخطوة يجب أن «تأتي في لحظة مفيدة» عندما لا تكون المشاعر على هذا النحو (أي متوترة).

وأدى موقف ماكرون بعدم اعتراف مباشر بدولة فلسطينية، إلى إثارة غضب البعض، مثل إبراهيم بشروري البالغ من العمر 34 عاماً، وهو من سكان باريس، والذي كان من بين عشرات المؤيدين الذين كانوا ينتظرون لاستقبال الرياضيين الفلسطينيين في المطار. وقال بشروري: «أنا هنا لأظهر لهم أنهم ليسوا وحدهم. إنهم مدعومون».

وأضاف أن وجودهم هنا «يظهر أن الشعب الفلسطيني سيستمر في الوجود، وأنه لن يتم محوه. ويعني أيضاً أنه على الرغم من ذلك، في ظل الوضع المزري، فإنهم يظلون صامدين، وما زالوا جزءاً من العالم وهم هنا ليبقوا».

ودعت السفيرة الفلسطينية لدى فرنسا إلى الاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية، ومقاطعة الوفد الأولمبي الإسرائيلي. وكانت قد قالت في وقت سابق إنها فقدت 60 من أقاربها في الحرب في غزة. وقالت: «إنه أمر مرحب به، وهذا ليس مفاجئاً للشعب الفرنسي، الذي يدعم العدالة، ويدعم الشعب الفلسطيني، ويدعم حقه في تقرير المصير».

وتأتي هذه الدعوة للاعتراف بعد يوم واحد فقط من إلقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطاباً لاذعاً أمام الكونغرس خلال زيارة لواشنطن، والتي قوبلت بالاحتجاجات. وأعلن أنه سيحقق «النصر الكامل» ضد «حماس»، ووصف أولئك الذين يحتجون في الجامعات وفي أماكن أخرى في الولايات المتحدة، على الحرب، بأنهم «أغبياء مفيدون» لإيران.

ورددت سفارة إسرائيل في باريس موقف اللجنة الأولمبية الدولية في «قرار فصل السياسة عن الألعاب». وكتبت السفارة في بيان لوكالة «أسوشييتد برس»: «نرحب بالألعاب الأولمبية وبوفدنا الرائع إلى فرنسا. كما نرحب بمشاركة جميع الوفود الأجنبية... رياضيونا موجودون هنا ليمثلوا بلادهم بكل فخر، والأمة بأكملها تقف خلفهم لدعمهم».

مؤيدون يتجمعون للترحيب بالرياضيين الفلسطينيين في مطار شارل ديغول قبل دورة الألعاب الأولمبية في باريس (رويترز)

وفق «أسوشييتد برس»، حتى في ظل أفضل الظروف، من الصعب الحفاظ على برنامج تدريبي حيوي للألعاب الأولمبية في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. أصبح هذا الأمر أقرب إلى المستحيل خلال تسعة أشهر من الحرب بين إسرائيل و«حماس»، حيث تم تدمير جزء كبير من البنية التحتية الرياضية في البلاد.

ومن بين الجالية الفلسطينية الكبيرة في الشتات في جميع أنحاء العالم، وُلد العديد من الرياضيين في الفريق أو يعيشون في أماكن أخرى، ومع ذلك فإنهم يهتمون بشدة بالسياسة في وطن آبائهم وأجدادهم.

وكان من بينهم السباحة الأميركية الفلسطينية فاليري ترزي، التي وزعت الكوفية التقليدية على أنصارها المحيطين بها، الخميس. وقالت: «يمكنك إما أن تنهار تحت الضغط وإما أن تستخدمه كطاقة». وأضافت: «لقد اخترت استخدامه كطاقة».