باشاغا يواصل تحركاته لخلافة السراج في رئاسة «الوفاق»

البعثة الأممية تواجه فشل ملتقى الحوار الليبي بـ«لجان حسم السلطة»

جانب من جلسات الحوار الليبي الذي احتضنته مدينة بوزنيقة المغربية في أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
جانب من جلسات الحوار الليبي الذي احتضنته مدينة بوزنيقة المغربية في أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

باشاغا يواصل تحركاته لخلافة السراج في رئاسة «الوفاق»

جانب من جلسات الحوار الليبي الذي احتضنته مدينة بوزنيقة المغربية في أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
جانب من جلسات الحوار الليبي الذي احتضنته مدينة بوزنيقة المغربية في أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

واصل فتحي باشاغا، وزير الداخلية بحكومة «الوفاق» الليبية، تحركاته لخلافة رئيسها الحالي فائز السراج، وأعلن تلقيه دعوة رسمية لزيارة روسيا الشهر المقبل، إثر اتصال هاتفي أجراه مساء أول من أمس مع ميخائيل بوغدانوف، مبعوث الرئيس الروسي الخاص لـ«الشرق الأوسط» وأفريقيا ونائب وزير الخارجية.
ويعد هذا هو أول اتصال مباشر معلن بين باشاغا ومسؤولين روس، بعدما أفرجت سلطات طرابلس قبل أيام فقط عن باحثين روسيين، اتهمتهما بالتجسس والاجتماع مع سيف الإسلام، نجل العقيد الراحل معمر القذافي.
ولم يتطرق باشاغا إلى هذه القضية، لكنه أوضح أنه بحث مع بوغدانوف آخر مستجدات الأوضاع الأمنية والسياسية، والمواضيع ذات الاهتمام المشترك.
كما أبلغ باشاغا من داخل معسكر تدريب بمدينة الخمس، الذي تتمركز فيه القوات التركية، نشطاء التقاهم مساء أول من أمس أن مشروع القائد العام للجيش الوطني، المشير خليفة حفتر، في ليبيا «انتهى بعدما قام بارتكاب جرائمه، وآخرها هجوم طرابلس، وبات مكشوفاً أمام العالم، ولم يعد طرفاً في أي معادلة بالدولة الليبية، وتخلى عنه عدد من الدول التي كانت تدعمه». مبرزاً أن عدداً من الميليشيات المسلحة أبدت استعدادها للانضمام إلى مؤسسات الدولة، سواء أمنية أو عسكرية، وذلك في إطار لجنة لدمج قوات الثوار بالمؤسسة الأمنية، وقال إن ذلك سيتم بعد إخضاعهم للبرامج التدريبية، وانخراطهم في العمل الأمني من خلال خطط وضعت من أجل بناء مؤسسة أمنية قوية.
في غضون ذلك، تراجع صلاح النمروش، وزير الدفاع بحكومة الوفاق، أمس، عن تشكيكه في إمكانية إجراء انتخابات العام المقبل، وتعهد بدعم ما توصلت إليه لجنة الحوار بالخصوص، والعمل على تهيئة الظروف لنجاح الاستحقاقات الديمقراطية. لكنه رفض في المقابل أي محاولة لجعل المعتدين على طرابلس والمدافعين عنها سواء، وقال بهذا الخصوص: «لن نقبل الضغوط غير المشروعة للتنازل عن الحقوق القانونية لأهلنا، وسنعمل على تقديم الجناة للعدالة وملاحقة الفارين منهم». معتبراً أن أي تسويات سياسية لا ترتكز على نبذ العنف، وإدانة العدوان وجبر الضرر، ومحاسبة الجناة «تظل تسويات هشة».
كما كشف النمروش عن تشكيل وزارة الدفاع لجنة لمتابعة قضايا الانتهاكات المتعلقة بليبيا، والتي تتولى متابعتها محكمة الجنايات الدولية، يكون من مهامها «دعم مطالبات وحقوق الضحايا من خلال إحاطة ومتابعة الجهات الدولية، المعنية بحقوق الإنسان عن جرائم الحرب، من القوات المعتدية على طرابلس».
ونقلت وسائل إعلام موالية لحكومة «الوفاق» عن الهادي دراه، المتحدث باسم غرفة عمليات تحرير سرت الجفرة، التابعة لها، أنباء عن هبوط طائرة شحن عسكرية بمطار القرضابية، وعلى متنها مرتزقة سوريون وصلوا أمس إلى مطار بنينا ببنغازي.
إلى ذلك، حددت بعثة الأمم المتحدة اليوم موعداً لاستئناف ملتقى الحوار السياسي الليبي، وذلك بعد ساعات فقط من إعلان ستيفاني ويليامز، رئيسة البعثة بالإنابة، تشكيل لجنة استشارية من أجل تذليل العقبات أمام عملية اختيار السلطة التنفيذية، لافتة إلى إصرار البعثة على السير بعزم في هذه العملية، وأنه لا مجال لإضاعة الوقت، وتمييع الاستحقاقات التي تم التوافق عليها في خريطة الطريق.
كما أعلنت ويليامز عزم البعثة على تشكيل لجنة قانونية، تتكون من أعضاء لجنة الحوار للعمل على استكمال الشروط، وتمهيد الطريق أمام العملية الانتخابية، علاوة على نيتها عقد اجتماع للجنة مطلع العام المقبل. وخاطبت أعضاء الملتقى مساء أول من أمس قائلة: «إنني ملتزمة بالكامل، وقد غادر القطار المحطة بالنسبة إلى هذا المسار، ولم يعد من مجال للعودة إلى الوراء».
وبعدما أطلعت الأعضاء على نتائج التصويت على مقترحين بشأن إيجاد نسبة توافقية للتصويت على آلية اختيار السلطة التنفيذية، وخطط البعثة للمضي قدماً في تنفيذ نقاط خريطة الطريق كافة، التي تم التوافق عليها في تونس الشهر الماضي، أكدت ويليامز أن العملية السياسية مستمرة، وخاصة فيما يتعلق بإيجاد سلطة تنفيذية موحدة.
من جهة ثانية، أشارت السفارة الأميركية لدى ليبيا إلى تسليم الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، مساء أول من أمس، معدات ثقيلة وشاحنات إلى مدينة سرت للمساعدة في إزالة الأنقاض، وتحسين خدمات الصرف الصحي والمياه لسكانها. مشيدة بشجاعة والتزام أهل سرت، وجميع الليبيين الذين قاتلوا، وقدموا التضحيات الجسام لتخليص بلادهم من ويلات احتلال «داعش»، وموضحة أن الحكومة الأميركية قدمت منذ عام 2016 من خلال الوكالة ووزارة خارجيتها أكثر من 25 مليون دولار، دعماً لجهود تحقيق الاستقرار، والتعافي المبكر لتعزيز هزيمة «داعش» والبناء من أجل مستقبل سلمي.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.