هل ينجح البلغاري ملادينوف في استعادة ثقة الليبيين بالأمم المتحدة؟

بعد تعيينه مبعوثاً جديداً للمنظمة الدولية

نيكولاي ملادينوف المبعوث الأممي الجديد في ليبيا
نيكولاي ملادينوف المبعوث الأممي الجديد في ليبيا
TT

هل ينجح البلغاري ملادينوف في استعادة ثقة الليبيين بالأمم المتحدة؟

نيكولاي ملادينوف المبعوث الأممي الجديد في ليبيا
نيكولاي ملادينوف المبعوث الأممي الجديد في ليبيا

يسود الشارع الليبي ترقب حذر بعد تعيين البلغاري نيكولاي ملادينوف مبعوثا أمميا جديدا في ليبيا، خلفا للبناني غسان سلامة، وطبقا لكثير من مراقبي الشأن الليبي فإن ملادينوف سيضطلع بتحمل أو معالجة الملفات، التي أنجزتها الأميركية ستيفاني وليامز، التي تولت مهام رئاسة البعثة بالإنابة خلال الأشهر التسعة الماضية، وما تتضمنه تلك التركة الثقيلة من قرارات صعبة، طبقا لوصف البعض لمسارات حل الأزمة الليبية، كان آخرها ملتقى الحوار السياسي الليبي، الذي يواجه في الوقت الراهن تعثرا كبيرا حول التوافق على آليات اختيار السلطة التنفيذية.
ويرى عبد القادر أحويلي، عضو مجلس الأعلى للدولة الذي يوجد مقره بطرابلس، أن التحدي الأهم أمام المبعوث الجديد هو «استعادة ثقة الليبيين في الأمم المتحدة». وقال أحويلي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «صرنا نتعامل بقاعدة المبعوث السابق أفضل من الجديد... فمع مجيء المبعوث السادس غسان سلامة أملنا خيرا في استعادة الثقة بالمنظمة الدولية وبعثتها في ليبيا، لكن هذا لم يحدث للأسف».
وتوافد على ليبيا 6 مبعوثين أممين، حاول كل منهم إخراجها من دوامة الفوضى المسلحة، والانقسام التي غرقت بها منذ سقوط نظام القذافي، كان أولهم الأردني عبد الإله الخطيب، الذي عين في أبريل 2011، وآخرهم اللبناني غسان سلامة، الذي قدم استقالته في مارس الماضي، مبررا إياها «بدواع صحية». لكنه ألقى اللوم بعد استقالته على المجتمع الدولي «لعدم دعم جهوده»، مما أضعف الوصول لتسوية، حسب تعبيره.
وألمح العضو المشارك بملتقى الحوار السياسي أن الحوار سوف يستمر في الوقت الراهن، مبرزا أنه «قد يتم التوافق عبر ما سيتم تشكيله من لجان قانونية على قاعدة دستورية، تمهد لإجراء الانتخابات في الموعد الذي حدد لها نهاية العام القادم، مع بقاء الأجسام السياسية الراهنة».
أما عضو مجلس النواب الليبي ونائب رئيس البرلمان العربي، حسن البرغوثي، فرهن نجاح مهمة المبعوث الجديد بكسب مصداقية الليبيين، من خلال ما سيتخذه من مواقف جدية لحل أزمتهم، وفي مقدمتها معالجة الأخطاء التي وقعت بها البعثة الأممية مؤخرا.
وقال البرغوثي لـ«الشرق الأوسط»: «لقد دعت البعثة في ظل قيادة وليامز 75 شخصية لملتقى الحوار السياسي، وشكلت بهم سلطة موزاية جديدة بالبلاد، لكن أغلب هؤلاء من جماعة الإخوان المسلمين والموالين لهم، والجميع يعرف أن لهم ارتباطات بأجندات دولية غير وطنية، كما دعت مزدوجي الجنسية، ومن يقيمون خارج البلاد، أي من ليس لديهم أي تواصل أو خبرة بوطأة المعاناة، التي يعانيها الليبيون اليوم، كما تحاول فرض إراداتها على الجميع فيما يتعلق بآليات اختيار أعضاء السلطة التنفيذية، على نحو يكرس مبدأ الانقسام بين الأقاليم الليبية بتحديد نسب الاقتراع لكل إقليم».
وكانت وليامز قد أشارت في اجتماع أول من أمس لصعوبة توصل أعضاء ملتقى الحوار السياسي إلى توافق بشأن آلية اختيار السلطة التنفيذية، قائلة: «لن نسمح لفوضى اختيار السلطة التنفيذية بالتأثير على هدفنا في إجراء الانتخابات»، ودعت في المقابل للتركيز على باقي بنود خارطة الطريق الممهدة لإجراء الانتخابات عبر «إنشاء لجنة قانونية معنية بالترتيبات الدستورية».
من جهته، دعا المحلل السياسي الليبي، كامل المرعاش، الأطراف التي تشعر بالارتياح لرحيل وليامز، سواء بالداخل الليبي أو خارجه، للتمهل وتقليل التوقعات فيما يتعلق بحيادية المبعوث الجديد.
وأوضح المرعاش لـ«الشرق الأوسط» أن الولايات المتحدة «ارتاحت من عبء تعامل البعض مع وليامز كمنفذ لسياسيات الإدارة الأميركية، كما كان يردد معارضوها، في حين أن المبعوث الجديد جاء باقتراح أميركي، ولذلك فمن غير المستبعد أن يستمر في تطبيق الصفقة الأميركية الراهنة عبر ملتقى الحوار السياسي، رغم ما يعترضها من عراقيل حاليا».
وتوقع المرعاش أن يؤدي حرص أميركا على مصالحها، وسعيها للانفراد بالحل في ليبيا إلى نتائج عكسية، تؤدي لاستمرار الأزمة، مشيرا إلى أن «عدم وجود أفق واضح حتى الآن فيما يتعلق بقضية تفكيك الميليشيات المسلحة المتناحرة بالعاصمة، والغرب الليبي عموما، يجعل تحديد موعد للانتخابات، بل والإصرار عليه مجرد أوهام».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».