«تنابذ سياسي» في العراق حول مشروع بناء «ميناء الفاو»

TT

«تنابذ سياسي» في العراق حول مشروع بناء «ميناء الفاو»

أثار إعلان الشركة العامة للموانئ في العراق استبعاد الشركة الصينية (CMCS) من المنافسة واختيار شركة «دايو» الكورية لعقد تنفيذ ميناء الفاو الكبير المطل على الخليج العربي في محافظة البصرة، جدلاً سياسياً، يبدو أن له بداية لكنه غير معروف النهاية، إذ أدلت جميع القوى الشيعية بدلوها في بازار واسع من الخلافات والتنابذ السياسي في قضية يفترض أن توضع في إطار القضايا الفنية لإنجاز مشروع ميناء استراتيجي ومهم يتطلع العراقيون إلى بنائه منذ أكثر من عقد ونصف من الزمان.
وتتراوح الخلافات حول بناء الميناء بين اتجاهين، يروّج أحدهما بقوة لشراكة مع الصين وآخر يدفع باتجاه شراكة مع الجانب الكوري في مسألة بناء الميناء، ويعتقد البعض أن وراء كل ذلك جهات سياسية متصارعة. وفي هذا الصدد يقول الوزير ومحافظ البصرة السابق وائل عبد اللطيف إن «هناك 50 شركة قدمت على إنشاء ميناء الفاو ولكنها أهملت. الشركتان الصينية والكورية المتصارعتان تقف خلفهما قوى سياسية ولهما تمثيل في البرلمان».
وكان مدير عام الموانئ فرحان الفرطوسي قال، أول من أمس، إن القرار 63 لسنة 2019 يحيل العمل وصيغة العرض الوحيد إلى شركة «دايو» الكورية، و«لا يمكن تخطي هذا القرار». ولفت إلى أن «الشركة الصينية لم تتقدم بشكل رسمي وتم استبعادها لعدم تخصصها في بناء الموانئ».
وتوقع الفرطوسي إقرار التعاقد مع الشركة الكورية خلال جلسة مجلس الوزراء (أول من أمس الثلاثاء) لكن ذلك لم يحصل نتيجة اعتراض كتلة سياسية في البرلمان.
وفيما تقول وزارة النقل المشرفة على مشروع بناء الميناء، إنها حصلت على «دعم أعضاء مجلس النواب للعرض المقدم من شركة دايو الكورية بشأن ميناء الفاو»، يتحدث النائب عن تحالف «الفتح» فالح الخزعلي عن «جمع تواقيع 50 نائباً لاستضافة وزير النقل والكادر المتقدم في الوزارة في جلسة للبرلمان للاستعلام عن طبيعة التعاقد مع شركة دايو الكورية وتوجيه بعض الأسئلة المتعلقة بوقت إنجاز المشروع والضمانات المقدمة، إضافة إلى بيان أسباب رفض التعاقد مع الشركة الصينية برغم مغريات العرض المقدم».
وكانت السفارة الصينية في بغداد ردت على ما أعلنته وزارة النقل بشأن عدم قدرة الشركة الصينية (CMCS) على إنجاز المشروع، وقالت إنها «تعمل في مجال الناقل الكهربائي وغير مختصة ببناء الموانئ». غير أن سفارة بكين قدمت للسلطات العراقية ما يثبت قدرة الشركة على تنفيذ مشروع الميناء.
وكانت شركة «دايو» انتهت من بناء كاسر أمواج ضخم تمهيداً لاستكمال بقية المشاريع العملاقة في ميناء الفاو، وتقول وزارة النقل إن العمل في الميناء يتضمن «بناء خمسة مشاريع عملاقة وميناء مكون من 5 أرصفة بعمق 19.80 متر، وبتكلفة 2.6 مليار دولار».
بدوره، هدد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أمس الأربعاء، بالتدخل على «طريقته الخاصة»، ودعا الحكومة العراقية إلى العمل على اجتثاث الفساد والابتزاز في مشروع ميناء الفاو الكبير.
وقال الصدر في بيان: «على الحكومة العراقية أن تعمل على اجتثاث الفساد والابتزاز الواضح والجلي في مشروع (ميناء الفاو الكبير) الذي تكالبت عليه أيدي الخارج والداخل وأيدي التجار والميليشيات بحجج واهية لتبقي العراق معزولاً ومحتاجاً إلى غيره».
وأضاف الصدر «أنصح دول الجوار بعدم التدخل بالشأن العراقي مع الاتفاق مع الجارة العزيزة الكويت، وأنصح الجهات الداخلية برفع يدها فوراً وإلا سأتدخل بطريقتي الخاصة إن لم تتدخل الحكومة».
وأصدر تحالف «الفتح» الحشدي الذي يميل إلى التعاقد مع الشركة الصينية بياناً حول مشروع الميناء قال فيه: «ندعو إلى الخروج من هذه المشكلة بحلول عملية تراعي الأزمة الاقتصادية وعدم توافر السيولة المالية من جهة، وضرورة إنجاز هذا المشروع من خلال فتح باب التنافس أمام الشركات العالمية أو تحالفات الشركات لبناء الميناء عن طريق الاستثمار». وأضاف «سبق أن شكلت لجنة لذلك وقدمت تقاريرها في عام 2018 وأعلنت حينها أربعة تحالفات لشركات عالمية كبرى رغبتها وخطتها لبناء كامل الميناء خلال سنتين وكفرصة استثمارية دون أن تكلف ميزانية الدولة».
وتابع: «نأمل من مجلس الوزراء اعتماد ذلك كما ندعو السيدات والسادة أعضاء مجلس النواب إلى دعم هذا الخيار والمضي به حتى نقف أمام أي محاولات لتعطيل المشروع وإبعاده عن شبهات الفساد».



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.