أوروبا توصد الأبواب خوفاً من الموجة الثالثة

متسوقون في أمستردام تحضيراً للأعياد أمس (أ.ف.ب)
متسوقون في أمستردام تحضيراً للأعياد أمس (أ.ف.ب)
TT

أوروبا توصد الأبواب خوفاً من الموجة الثالثة

متسوقون في أمستردام تحضيراً للأعياد أمس (أ.ف.ب)
متسوقون في أمستردام تحضيراً للأعياد أمس (أ.ف.ب)

بعد أن تجاوز عدد ضحايا موجة وباء (كوفيد - 19) الثانية في أوروبا ما أوقعته الموجة الأولى خلال الربيع الماضي، وعلى أبواب عطلة أعياد الميلاد ورأس السنة التي تشهد عادة ذروة التنقّلات وأنشطة التسوّق، يعيش أكثر من نصف البلدان الأوروبية أسير الخوف من الموجة الوبائية الثالثة التي يحذّر الخبراء من أنها قد تكون أسرع سرياناً وأشدّ فتكاً من الموجتين الأوليين، فيما يكافح النصف الآخر لوقف المنحى التصاعدي لعدد الإصابات الجديدة.
وإذ تجمع الأوساط العلمية على أن فترة الأعياد ستشكّل منعطفاً في مسار الجائحة يمهّد لموجة جديدة من انتشار الفيروس، سارعت دول عدة إلى اتخاذ حزمات إضافية من التدابير الوقائية أكثر تشدداً من تلك التي كانت قد أعلنت عنها في الأسابيع الماضية، وقررت إقفال المتاجر غير الأساسية، وتقديم مواعيد العطلة المدرسية إلى هذا الأسبوع.
وأفادت البيانات الأخيرة للمكتب الإقليمي الأوروبي التابع لمنظمة الصحة العالمية بأن غالبية الدول الأوروبية ما زالت في خضمّ الموجة الوبائية الثانية، مثل كرواتيا التي بلغ معدّل الإصابات الجديدة فيها 1200 لكل مائة ألف مواطن وتجاوز 740 في السويد.
لكن المخاوف ليست مقصورة على البلدان التي ما زالت تسجّل أرقاماً عالية من الإصابات اليومية الجديدة والوفيّات، بل تشمل تلك التي فرضت إجراءات صارمة منذ أسابيع ولم تتمكّن بعد من خفض معدّل الانتشار، وتلك التي تخشى أن تقضي فترة الأعياد على ما أنجزته منذ منتصف الشهر الماضي على صعيد احتواء انتشار الفيروس وتخفيف الضغط على المستشفيات والمنظومات الصحية.
وكانت فرنسا وألمانيا وهولندا وإيطاليا والمملكة المتحدة قد أعلنت في الأيام القليلة الماضية عن تدابير إضافية أكثر تشدداً، مع احتمال اللجوء إلى فرض الإقفال العام إذا تفاقم المشهد الوبائي في الأيام المقبلة. وكان ارتفاع عدد الإصابات الجديدة في العاصمة البريطانية قد دفع بالحكومة الاثنين الماضي إلى إعلان المستوى الثالث من الإنذار اعتباراً من اليوم الأربعاء في لندن وبعض المناطق جنوب شرقي البلاد.
ويقضي هذا المستوى من الإنذار بإقفال المطاعم والمقاهي والحانات طوال فترة الأعياد، ما يشكّل ضربة قاسية على هذا القطاع الذي يجرّ خسائر كبيرة منذ بداية الجائحة. وكانت وزارة الصحة البريطانية قد أفادت بأن معدّل الإصابات الجديدة في لندن بلغ 225 لكل مائة مواطن خلال الأسبوع الفائت، مقابل 166 في بقية أنحاء البلاد.
وكانت بريطانيا قد بلغت ذروة الموجة الثانية أواسط الشهر الماضي عندما بدأ عدد الإصابات الجديدة يتراجع قبل أن يعود إلى الارتفاع مطلع هذا الشهر. وأفاد المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها بأن المعدّل التراكمي لانتشار الوباء في المملكة المتحدة ارتفع إلى 348 لكل مائة ألف مواطن خلال الأسبوعين المنصرمين، أي بزيادة قدرها 9 في المائة عن المعدّل التراكمي مطلع الشهر الجاري.
ويتزامن ذلك مع خروج فرنسا أمس (الثلاثاء) من تدابير الإقفال الأخيرة، مع الإبقاء على تدابير أكثر تشدداً من السابق مثل حظر التجوّل الليلي الذي يبدأ في الثامنة وإغلاق المتاحف والمسارح ودور السينما. ولم تتمكّن فرنسا خلال فترة الإقفال الجزئي الأخيرة من خفض معدّل انتشار الوباء الذي ما زال يتجاوز 235 لكل مائة ألف مواطن. وتقضي التدابير الجديدة برفع حظر التجول ليلة الميلاد والإبقاء عليه ليلة رأس السنة الميلادية.
وكان المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية قد حذّر في تقريره الأخير من أن «ارتفاع معدّل الإصابات في التجمعات السكنية الكثيفة، إلى جانب ازدياد الضغط على المستشفيات، من شأنه أن يجعل من التراخي في تدابير الوقاية والاحتواء أو الإفراط في إجراءات الانفتاح أرضاً خصبة لموجة وبائية جديدة أشد من تلك التي شهدتها البلدان الأوروبية بعد العطلة الصيفية». كما ينبّه تقرير المركز أن أوروبا اليوم في عزّ فصل الشتاء، حيث ينزع السكّان إلى التجمعات في الأماكن المغلقة التي تشكّل الحاضنة الرئيسية لانتشار الفيروس. فضلاً عن حالة الإنهاك العام التي يعاني منها الناس بعد أشهر من الوباء.
وكانت ألمانيا أيضا قد بدأت أمس الثلاثاء بتنفيذ التدابير الجديدة التي أعلنتها المستشارة أنجيلا ميركيل نهاية الأسبوع الماضي والتي من شأنها أن تؤدي إلى شلّ الحركة العامة حتى العاشر من الشهر المقبل. ويذكر أن تدابير إغلاق المطاعم والمقاهي المفروضة منذ ستة أسابيع، لم تؤد إلى خفض معدّل الإصابات الجديدة.
ومن جهتها أعلنت الحكومة الهولندية إقفال جميع المتاجر والمؤسسات غير الأساسية حتى التاسع عشر من الشهر المقبل، وذلك بعد الارتفاع المطّرد في عدد الإصابات الذي لم ينخفض عن 400 لكل مائة ألف مواطن منذ أكتوبر (تشرين الأول) وبلغ 500 في الأيام الأخيرة. ومن المقرر إقفال المدارس الابتدائية والثانوية اعتباراً من اليوم الأربعاء، مع حظر استقبال أكثر من ضيفين في المنازل. وتبقى دور العبادة مفتوحة وتستمر المباريات الرياضية لكن من غير جمهور.
وفي إيطاليا التي ما زالت تسجّل أعداداً مرتفعة جداً من الإصابات الجديدة والوفيّات اليومية التي تجاوزت منذ أسبوعين ذروة الوفيات خلال الموجة الأولى، تستعدّ الحكومة لفرض حزمة جديدة من التدابير الصارمة بعد ما شهدته المدن الكبرى خلال نهاية الأسبوع الماضي من حشود في الشوارع والمتاجر والأماكن العامة، الأمر الذي دفع بوزير الصحة روبرتو سبيرانزا إلى القول: «ليس هناك ما يبرّر هذه التجمعات التي تفتقر إلى أبسط معايير المنطق والمسؤولية».
وبعد أن كان المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية قد أفاد في تقريره الأخير بأن معدّل الإصابات الجديدة في إسبانيا تراجع إلى أدنى مستوى بين البلدان الأوروبية الخمسة عشر التي تسجّل أعلى عدد من الإصابات المؤكدة، أفادت وزارة الصحة الإسبانية صباح أمس (الثلاثاء) بأن معدّل الإصابات عاد إلى الارتفاع في عدد من الأقاليم، وأعلنت أن الحكومة تدرس احتمال فرض تدابير أكثر تشدداً قبل فترة الأعياد. وكان المركز الأوروبي قد أفاد بأن البلدان الخمسة التي تسجّل أعلى معدّل تراكمي من الإصابات الجديدة في الوقت الراهن هي سويسرا وتركيا والجمهورية التشيكية والبرتغال وهولندا.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».