الصدر يتراجع عن «ترميم البيت الشيعي»

دعا إلى «تحالفات عابرة»... وتياره لم يعد يصر على أن رئاسة الوزراء ستكون من نصيبه

الصدر يتراجع عن «ترميم البيت الشيعي»
TT
20

الصدر يتراجع عن «ترميم البيت الشيعي»

الصدر يتراجع عن «ترميم البيت الشيعي»

بعد أيام من دعوته إلى ترميم البيت الشيعي، أعلن ممثلو زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، أمس الثلاثاء، عن إمكانية تشكيل تحالفات خارج البيت الشيعي. الدعوة التي كان أطلقها الصدر قبل أيام لم تتفاعل معها الأحزاب الشيعية إلا بشكل محدود، بينما رأت فيها الأطراف السنية والكردية خروجاً على ما كان يدعو إليه الصدر من تحالفات عابرة. ففيما رحب «تحالف الفتح» بحذر بدعوة الصدر، فإن «ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و«تيار الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، وقوى وأحزاباً شيعية أخرى، التزمت الصمت، بينما دعا زعيم «ائتلاف النصر» حيدر العبادي إلى ما سماه «ميثاق شرف» وطنياً رداً على تلك الدعوة.
أمس، وخلال مؤتمر صحافي عقده في مقر الصدر بالنجف، قال صلاح العبيدي، الناطق الرسمي باسم الصدر، وحيدر الجابري المسؤول الإعلامي في مكتب الصدر، إنه لا مانع من تشكيل أي تحالف خارج البيت الشيعي. ومثلما تراجع الصدر عن الدعوة إلى ترميم البيت الشيعي، فإنه تراجع كذلك عن الإصرار على الحصول على منصب رئاسة الوزراء، مبيناً أن ذلك مرهون بنتائج الانتخابات.
والانتخابات المقرر إجراؤها في 6 يونيو (حزيران) 2021 مرشحة لأن تعقد في موعد جديد هو نهاية العام المقبل، الأمر الذي أبدى للصدر بالدرجة الأولى أن من المبكر الحديث عن ترميم البيت الداخلي للشيعة وحصر رئاسة الوزراء في «التيار».
وكان الصدر رد قبل أيام على الانتقادات التي وجهت إليه بسبب دعوته، وقال في تغريدة الجمعة الماضي إنه كان أول من وقف «ضد الطائفية، وسارعنا إلى توحيد الصفوف من سنة العراق، فاتهمنا بأبشع الصفات؛ من بينها (ضد التشيع) و(بعثية) و(مع القاعدة)، في زمن كان للسنة سياسيون معتدلون». وأضاف الصدر أن «دعوتنا إلى ترميم البيت الشيعي لا تعني التحالف مع الفاسدين»، مبيناً أنه «في حال تم ترميم البيت الشيعي، فهو خطوة أولى للذهاب إلى البيوت الأخرى».
لكن ممثلي الصدر في مؤتمرهم الصحافي أمس بدوا في وضع مختلف إلى حد كبير. فالعبيدي أكد أنه «من المبكر الحديث عن تحالفات»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن «الأبواب مشرعة ومفتوحة أمام القوى الوطنية، ولا مانع من تشكيل تحالف خارج البيت الشيعي». ولفت العبيدي إلى أن «ترميم البيت الشيعي لا يعني تحالفاً طائفياً، والحديث عن تولي منصب رئاسة الوزراء مبني على نتائج الانتخابات». وأكد العبيدي أن «عملية الإصلاح في البلاد ما زالت متعثرة، لا سيما في محاربة الفساد»، موضحاً أن «زعيم (التيار الصدري) مقتدى الصدر دعا إلى أن تكون الانتخابات المقبلة خالية من الوجوه القديمة».
في السياق ذاته؛ أشاد المسؤول الإعلامي في مكتب الصدر، حيدر الجابري، «بالمتظاهرين السلميين، فضلاً عن القوات الأمنية ممن حافظوا على سلمية المظاهرات»، مبيناً أن «الصدر طالب بإكمال التحقيقات بشأن الاعتداءات على المتظاهرين والقوات الأمنية». وأضاف أن «الصدر طالب أيضاً الحكومة بوضع خطة لإعمار مدن الجنوب، فضلاً عن خلق اقتصاد قوي من خلال تفعيل الصناعة الوطنية واستقدام الخبرات»، داعياً «العراقيين عامة والصدريين خاصة إلى تحديث سجلاتهم مما يسهم في إيجاد انتخابات نزيهة وعادلة». وأوضح الجابري أن «الصدر دعا إلى أن تكون الانتخابات المقبلة خالية من الوجوه القديمة».
وكان زعيم «تيار الحكمة»، عمار الحكيم، هو الوحيد الذي انفرد من بين القيادات الشيعية بتكوين تحالف عابر للمكونات والطوائف. وكانت آخر محاولة لتجاوز البيوت الطائفية والعرقية خلال انتخابات عام 2018 حين جرى تأسيس تحالفين عابرين هما «الإصلاح والإعمار»، الذي ضم أحزاباً شيعية وسنية وكردية، و«البناء» الذي ضم هو الآخر تحالفاً حزبياً شيعياً سنياً كردياً. لكن هذين التحالفين لم يصمدا عندما بدأت مباحثات تشكيل الحكومة التي تلت تلك الانتخابات، حيث سرعان ما خرجت كل من كتلة «سائرون» المدعومة من الصدر من «تحالف الإصلاح»، و«كتلة الفتح» بزعامة هادي العامري من «تحالف البناء»، ليتفقا على المجيء بعادل عبد المهدي لرئاسة الحكومة ليتخليا عنه خلال المائة يوم الأولى، ومن بعدها انطلقت مظاهرات أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019 لتقلب نسب المعادلة السياسية في البلاد. ففيما استخدمت القوة المفرطة لتفريق المظاهرات التي أوقعت أكثر من 600 قتيل وعشرات آلاف الجرحى، فإنها أدت إلى إقالة حكومة عبد المهدي وتغيير قانون الانتخابات والمجيء بمدير جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي لرئاسة الوزراء، الذي تعهد بإجراء انتخابات مبكرة في غضون عام.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.