الرئيس الموريتاني يطيح بوزير الخارجية والمالية في تعديل وزاري

فريق نسائي يحكم قبضته على الدبلوماسية الموريتانية

محمد ولد عبد العزيز
محمد ولد عبد العزيز
TT

الرئيس الموريتاني يطيح بوزير الخارجية والمالية في تعديل وزاري

محمد ولد عبد العزيز
محمد ولد عبد العزيز

أجرى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز مساء أول من أمس تعديلا جزئيا في حكومة رئيس الوزراء يحيى ولد حدمين، أطاح خلاله بوزيري الخارجية والتعاون والمالية. ولم يعط المرسوم إيضاحات حول أسباب هذا التعديل الثاني من نوعه، منذ تشكيل حكومة رئيس الوزراء يحيى ولد حدمين.
وأصبحت فاطمة فال بنت الصوينع، وزيرة الثقافة والصناعة التقليدية سابقا، ثاني سيدة موريتانية تتولى حقيبة الشؤون الخارجية والتعاون، بموجب هذا التعديل الوزاري الجزئي في الحكومة، الذي شمل 8 وزارات.
وسبق لوزيرة التجارة والصناعة والسياحة في الحكومة الحالية الناها منت مكناس أن تولت وزارة الخارجية في بداية عهد الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز عام 2009 لتصبح بذلك أول وزيرة للخارجية في العالم العربي، وكانت منت مكناس إبان توليها للحقيبة عضوة في البرلمان الموريتاني، وتقود حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم.
وجاء تعيين بنت الصوينع في قيادة الدبلوماسية الموريتانية مفاجأة كبيرة للكثير من التوقعات، خاصة أنها تحلّ محلّ الدبلوماسي الموريتاني المخضرم أحمد ولد تكدي، الذي يستفيد من حقه في التقاعد هذا العام، فيما لم يسبق للوزيرة الجديدة أن شغلت منصبا رسميا قبل وزارة الثقافة منذ نحو عام. وتعد بنت الصوينع (38 عاما) من بين الشباب الذين دخلوا الحكومات الموريتانية المتعاقبة خلال السنوات الأخيرة، وهي تحمل إجازة في الأدب الإنجليزي، وكانت أستاذة للدارسات الأميركية والآداب بقسم اللغات والترجمة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة نواكشوط.
في غضون ذلك، أشار بعض المراقبين إلى أن اختيار بنت الصوينع لشغل منصب وزيرة الخارجية لا يخلو من عوامل اجتماعية، تتعلق بانتمائها لشريحة «الصناع التقليديين»، وهي الشريحة التي بدأت في السنوات الأخيرة تتحرك في الشارع للمطالبة بـ«المساواة»، وتدعو لرفع ما تقول إنه «ظلم اجتماعي ممارس ضدها»، وقد بدأت قضية هذه الشريحة تتجه نحو التصاعد بعد أن كتب شاب يتحدر منها مقالا للدفاع عن مطالبهم، تضمن إساءة للدين الإسلامي فحُكم عليه بالإعدام، وحاولت جهات حقوقية ربط الحكم الصادر في حق الشاب بتحدره من «شريحة مستضعفة»، فيما يرى مراقبون أن تعيين شابة تتحدر من شريحة «الصناع التقليديين» في هذا المنصب الحساس، سيجعل من الصعب تسويق خطاب يتحدث عن ظلم الصناع التقليديين.
من جهة أخرى، فقد رفع التعديل الحكومي الجزئي عدد الوزيرات إلى 8 بدل 7 في الحكومة السابقة، وذلك بعد دخول وزيرتين جديدتين وخروج واحدة، حيث عادت الوزيرة السابقة كومبا با إلى الفريق الحكومي من بوابة وزارة الشباب والرياضة، لتخلف الشابة حليماتا صاو، التي غادرت الفريق الحكومي بعد أن كانت الأصغر سنا (35 عاما).
كما أصبح منصب وزيرة الثقافة والصناعة التقليدية من نصيب الصحافية المعروفة هندو بنت عينينا، التي كانت تشغل منصب الوزيرة المنتدبة المكلفة بالشؤون المغاربية والأفريقية والموريتانيين بالخارج، وهو المنصب الذي أصبح من نصيب خديجة امبارك فال، لتزداد بذلك قبضة الفريق النسوي على الدبلوماسية الموريتانية، خاصة أن سيدة أخرى تتولى الأمانة العامة لوزارة الخارجية هي العالية بنت مكنوس.
وشمل التعديل الوزاري الجزئي حقائب أخرى، حيث خرج بموجبه 4 وزراء من الحكومة، من ضمنهم وزير المالية السابق تيام جامبار، الذي واجه انتقادات واسعة في الآونة الأخيرة، خاصة بعد الفضائح المالية التي شهدتها الخزينة العامة، وحملة التفتيش والاعتقال التي طالت بعض المحصلين والمحاسبين في فروع الخزينة، وتولى حقيبة المالية المختار ولد أجاي القادم من إدارة الضرائب، والذي قام بحملة جباية قوية مكنت الدولة من استعادة مبالغ مالية ضخمة.
ومن مفارقات التعديل الأخير تبادل الأدوار بين محمد ولد خونه، الذي كان يشغل منصب وزير النفط والطاقة والمعادن، ومحمد سالم ولد البشير، الذي كان في منصب وزير المياه والصرف الصحي، وبموجب التعديل نفسه أصبح جا مختار ملل، القادم من الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية، وزيرا للتشغيل والتكوين المهني وتقنيات الإعلام، ليخلف محمد الأمين ولد المامي، الذي غادر الفريق الحكومي.
ويعد هذا التعديل الحكومي هو الأول منذ أن تولى الوزير الأول يحيى ولد حدمين مهامه في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد إعادة انتخاب الرئيس محمد ولد عبد العزيز في مأمورية رئاسية ثانية.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».