«كورونا» يدشن أول اختبار لجيل لقاحات «الحمض الريبي»

طريقة إعدادها تمهد للتغلب على أمراض أخرى

رسم توضيحي للفيروس المسبب لـ«كوفيد-19» في أحد المستشفيات الألمانية (إ.ب.أ)
رسم توضيحي للفيروس المسبب لـ«كوفيد-19» في أحد المستشفيات الألمانية (إ.ب.أ)
TT

«كورونا» يدشن أول اختبار لجيل لقاحات «الحمض الريبي»

رسم توضيحي للفيروس المسبب لـ«كوفيد-19» في أحد المستشفيات الألمانية (إ.ب.أ)
رسم توضيحي للفيروس المسبب لـ«كوفيد-19» في أحد المستشفيات الألمانية (إ.ب.أ)

يستغرق تطوير واختبار لقاح جديد سنوات من العمل. وفي ظل جائحة كورونا، ضغطت الفرق البحثية الوقت لفترة تراوحت بين 12 و18 شهراً. وفي حين كانت الفريق البحثية تعمل على تطوير لقاحات، تقدمت شركتا «فايزر» و«موديرنا» بطلب للحصول على ترخيص استخدام طارئ من إدارة الغذاء والدواء الأميركية للقاح خاص بـ«كورونا»، إذ تمكنتا من إنتاج لقاح بعد ما يزيد قليلاً على 10 أشهر من نشر التسلسل الجيني الخاص بالفيروس.
وكلا اللقاحين مصنوع من «مرسال الحمض النووي الريبي» (mRNA)، وهو الجزيء الذي تستخدمه الخلايا بشكل طبيعي لنقل تعليمات الحمض النووي إلى آلية بناء البروتين في الخلايا. وقبل لقاحي كورونا، لم تتم الموافقة من قبل على لقاح يعتمد على مرسال الحمض النووي الريبي من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية. ومع ذلك، جعلت سنوات كثيرة من البحث العلمي حول لقاحات الحمض النووي الريبي العلماء قادرين على البدء في اختبار مثل هذه اللقاحات ضد كورونا بسرعة. وبمجرد الكشف عن التسلسلات الفيروسية في يناير (كانون الثاني)، استغرق الأمر بضعة أيام فقط لشركتي الأدوية «موديرنا» و«فايزر»، جنبًا إلى جنب شريكها الألماني «بيوتنك»، للبدء في إنتاج اللقاح.

معلومات وراثية
يقول دانيال أندرسون، أستاذ الهندسة الكيميائية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عضو معهد كوخ التابع لمعهد كوتش لأبحاث السرطان التكاملية ومعهد الهندسة الطبية والعلوم، وذلك في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لمعهد ماساتشوستس في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي: «تتكون معظم اللقاحات التقليدية إما من أشكال ميتة أو ضعيفة من الفيروسات أو البكتيريا، وتثير هذه استجابة مناعية تسمح للجسم بمقاومة العوامل الممرضة الفعلية في وقت لاحق».
وبدلاً من توصيل فيروس أو بروتين فيروسي، تقدم لقاحات الحمض النووي الريبي معلومات وراثية تسمح لخلايا الجسم بإنتاج بروتين فيروسي، ويمكن لـ«مرسال الحمض النووي الريبي» الصناعي الذي يشفر البروتين الفيروسي استعارة هذه الآلية لإنتاج كثير من نسخ البروتين. وتعمل هذه البروتينات على تحفيز الجهاز المناعي لتكوين استجابة، دون التسبب في أي خطر للعدوى. ويوضح أندرسون أن «الميزة الرئيسية للقاحات مرسال الحمض النووي الريبي أنه من السهل جداً تصنيعها بمجرد أن يعرف الباحثون تسلسل البروتين الفيروسي الذي يريدون استهدافه».
وفي حين تثير معظم لقاحات كورونا استجابة مناعية تستهدف بروتين «سبايك»، الموجود على سطح الفيروس، ويعطيه شكله التاجي المميز، تقوم لقاحات «مرسال الحمض النووي الريبي» بتشفير أجزاء من البروتين الشائك، ويسهل إنتاج تسلسلات «مرسال الحمض النووي الريبي» في المختبر، في مقابل بروتين «سبايك» نفسه. يقول روبرت لانجر، الأستاذ بمعهد «ديفيد إتش كوخ»: «مع اللقاحات التقليدية، عليك القيام بكثير من التطوير، وتحتاج إلى مصنع كبير لصنع البروتين، أو الفيروس، ويستغرق نموها وقتاً طويلاً».
ويضيف: «ميزة لقاحات (مرسال الحمض النووي الريبي) أنك لست بحاجة إلى ذلك، فإذا قمت بحقن (مرسال الحمض النووي الريبي) مغلفاً بالنانو في شخص، فإنه يذهب إلى الخلايا، ومن ثم يكون الجسم مصنعك». وكان لانجر قد وضع بذره هذه اللقاحات، حيث قضى عقوداً في تطوير طرق جديدة لتوصيل الأدوية، بما في ذلك الأحماض النووية العلاجية، مثل «آر إن إيه» و«دي إن إيه»، في سبعينيات القرن الماضي، حيث نشر أول دراسة تظهر أنه من الممكن تغليف الأحماض النووية، وكذلك الجزيئات الكبيرة الأخرى، في جزيئات صغيرة وإيصالها إلى الجسم.
ويتذكر لانجر: «كان الأمر مثيراً للجدل في ذلك الوقت، وأخبرنا الجميع أن الأمر مستحيل، ولكن نشرت ورقة بحثية في مجلة (نيتشر) عام 1976، أظهرت أن الجسيمات الدقيقة المصنوعة من البوليمرات الصناعية يمكنها حمل وإطلاق جزيئات كبيرة بأمان، مثل البروتينات والأحماض النووية».
وفي السنوات اللاحقة، طور لانجر وأندرسون وغيرهما جزيئات دهنية تسمى الجسيمات النانوية الدهنية، وهي أيضاً فعالة جداً في توصيل الأحماض النووية. وتحمي هذه الناقلات الحمض النووي الريبي من الانهيار في الجسم، وتساعد على نقله عبر أغشية الخلايا، ويتم حمل لقاحي «موديرنا» و«فايزر» بواسطة جزيئات نانوية دهنية.

جسيمات نانوية
وعن السبب في التغليف، يقول لانجر: «مرسال الحمض النووي الريبي هو جزيء كبير محب للماء، ولا يدخل الخلايا بشكل طبيعي من تلقاء نفسه، وبالتالي يتم تغليف هذه اللقاحات في جسيمات نانوية تسهل توصيلها داخل الخلايا، وهذا يسمح للحمض النووي الريبي بالتوصيل داخل الخلايا، ثم ترجمته في البروتينات».
ورغم هذه المزايا، فإن أحد العيوب الكبيرة للقاحات مرسال الحمض النووي الريبي هو أنها يمكن أن تتحلل في درجات حرارة عالية، وهذا هو سبب تخزين اللقاحات الحالية في درجات حرارة منخفضة، ويجب تخزينها في درجة حرارة (-70) درجة مئوية.
ويشير أندرسون إلى أن إحدى الطرق لجعل لقاحات الحمض النووي الريبي أكثر استقراراً إضافة مثبتات، وإزالة الماء من اللقاح من خلال عملية تسمى «التجفيد» التي ثبت أنها تسمح بتخزين بعض لقاحات الرنا المرسال في الثلاجة، بدلاً من المجمد.
وتوفر الفاعلية المذهلة لكل من لقاحي «موديرنا» و«فايزر»، نحو 95 في المائة، الأمل في أن هذه اللقاحات لن تساعد فقط في إنهاء الوباء الحالي، ولكن أيضاً في المستقبل تساعد لقاحات الحمض النووي الريبي في المعركة ضد أمراض أخرى، مثل فيروس نقص المناعة البشرية والسرطان، كما يؤكد أندرسون، ويضيف: «أرى كثيراً من الأمل في هذه التكنولوجيا التي سيكون نجاحها مع (كوفيد-19) مقدمة لاستخدامها مع الأمراض الأخرى».



أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.