عباس يستكمل في الدوحة مباحثاته في عمّان والقاهرة

لدعم عملية سياسية جديدة والمصالحة الداخلية

عباس يتلقى دعوة لحضور قداس الميلاد في بيت لحم (وفا)
عباس يتلقى دعوة لحضور قداس الميلاد في بيت لحم (وفا)
TT

عباس يستكمل في الدوحة مباحثاته في عمّان والقاهرة

عباس يتلقى دعوة لحضور قداس الميلاد في بيت لحم (وفا)
عباس يتلقى دعوة لحضور قداس الميلاد في بيت لحم (وفا)

بدأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس زيارة رسمية إلى دولة قطر، أمس، تستمر يومين ويلتقي خلالها الأمير تميم آل ثاني، في ثالث محطة لعباس بجولته الأولى هذا العام.
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، حسين الشيخ، إن عباس سيلتقي تميم «للتباحث في العلاقات الأخوية الثنائية وآخر المستجدات السياسية في المنطقة». وحطت في مقر السلطة الفلسطينية في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة، طائرتان مروحيتان لنقل عباس والوفد المرافق له إلى الأردن الذي توجه عبره إلى قطر.
وأوضح سفير دولة فلسطين لدى قطر، منير غنام، أن العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها، إضافة إلى المستجدات السياسية على الساحة الفلسطينية وفي المنطقة، ستكون في مركز المباحثات، كما أن الوفد المرافق لعباس سيلتقي بنظرائه من المسؤولين القطريين لبحث عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وتأتي هذه الزيارة بعد 4 أيام على إعلان إسرائيل تطبيع علاقاتها مع سادس دولة عربية (المغرب)، والرابعة في عام 2020؛ وهي: الإمارات والبحرين والسودان.
ويسعى عباس الآن لحوار عربي - عربي بهدف التوافق حول رؤية تخص القضية الفلسطينية، تمهيداً لإطلاق عملية سياسية جديدة في المنطقة بعد تغيير الإدارة الأميركية، ومن أجل ذلك كثفت السلطة اتصالاتها بـ«الرباعية الدولية» ومع المحيط العربي. وكان عباس قد قام بزيارتين إلى الأردن ومصر، نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، التقى خلالهما الملك عبد الله الثاني، والرئيس عبد الفتاح السيسي، وبحث معهما تطورات القضية الفلسطينية، والسلام بالشرق الأوسط، وأعلن الفلسطينيون عن تشكيل لجنة مصرية - أردنية - فلسطينية مشتركة للعمل على عقد مؤتمر دولي للسلام بداية العام المقبل.
وفي تقرير سابق، قال تلفزيون «i24» الإسرائيلي إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يسعى لاستضافة قمة سلام «إسرائيلية - فلسطينية»، بحضور نتنياهو، وعباس، وقالت تقارير إسرائيلية لاحقة أن نتنياهو قد يزور مصر بناء على دعوة مصرية.
ومع هذا الحراك، يتطلع عباس للتشاور مع القطريين كذلك الذين تربطهم علاقات جيدة مع الأميركيين والإسرائيليين ومع حركة «حماس». وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن عباس يريد تنسيق المواقف العربية قبل وصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الحكم في الولايات المتحدة، مضيفة أن «الرئيس يريد دعماً عربياً واسعاً لمؤتمر دولي للسلام يطلق مفاوضات جديدة». وتابعت المصادر: «المصالحة مع (حماس) ستكون أيضاً على طاولة البحث».
وتوقفت مباحثات المصالحة بين حركتي «فتح» و«حماس» الشهر الماضي، بعد استئناف السلطة العلاقات مع إسرائيل. وتبادلت الحركتان الاتهامات حول فشل جهود المصالحة، بعد أن رفعا سقف التوقعات لدى الفلسطينيين. وقال مسؤولون في «فتح» إن «حماس» أفشلت مباحثات القاهرة الأخيرة بتراجعها عن الاتفاق على انتخابات متزامنة، بينما قال مسؤولون في «حماس» إن عودة السلطة إلى الاتصالات مع إسرائيل شكلت ضربة لهذه الجهود.
وأعلنت «حماس»، أمس، اقتراحاً لتجديد لقاء الأمناء العامين للفصائل الذي عقد في وقت سابق من هذا العام وقاد إلى مباحثات الوحدة بين «فتح» و«حماس». وقال حسام بدران، عضو المكتب السياسي ورئيس «مكتب العلاقات الوطنية» في حركة «حماس»، إن حركته «تؤيد دعوة الفصائل الخمسة لاستمرار الحوار وتجديد لقاء الأمناء العامين، وتؤكد حرصها على وحدة الشعب الفلسطيني ورص الصفوف في مواجهة التحديات التي تعصف بالوطن وتهدد الثوابت الوطنية». وأضاف أن «الحركة تتفق مع كل ما جاء في البيان، وتؤكد موقفها الثابت من الوحدة الوطنية، واستعدادها للاستمرار في الحوار الوطني الفلسطيني الشامل لاستعادة الوحدة وإعادة بناء المؤسسات الوطنية الفلسطينية، على أساس من الشراكة الوطنية، بما في ذلك منظمة التحرير، وفق المرجعيات الوطنية التي تم التأكيد عليها في اجتماع الأمناء العامين».
ودعت 5 فصائل، السبت، «لاستئناف أعمال الحوار الوطني من خلال الدعوة لجولة جديدة للأمناء العامين للفصائل؛ لبحث كل القضايا المدرجة على جدول أعمال قضيتنا الوطنية».
وأكدت الفصائل، في بيان، عقب اجتماع لها في دمشق، تمسكها بـ«مواصلة الحوار الوطني الشامل، لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، وإعادة بناء المؤسسات الوطنية الفلسطينية على أسس من الشراكة الوطنية»، ودعت إلى «التوافق على استراتيجية وطنية لمواجهة شاملة» ورفضت العودة إلى «اتفاق أوسلو». وضم الاجتماع «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة»، و«حركة الجهاد الإسلامي»، و«طلائع حرب التحرير الشعبية - قوات الصاعقة»، و«الجبهة الديمقراطية».
هذا؛ ولا يعتقد أن «فتح» ستوافق على هذا الاقتراح، بوصفه «مضيعة للوقت».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.