لم يمنع انشغال الساحة الليبية بتنازع السلطات والتلويح بالتصعيد العسكري، المتابعين في البلاد من التوقف عند القرار الذي اتخذه المغرب وقبله السودان، وهما قريبان جغرافيا من ليبيا، بإقامة علاقات مع إسرائيل. وفيما ذهب معظم هؤلاء إلى رفض تلك الخطوة في حال طرحت على ليبيا، فإن بعضهم لم يستبعد إقدام طرف بعينه على قبولها في إطار تحالفات إقليمية أوسع.
واعتبرت الأمين العام لحزب الجبهة الوطنية، ومقره طرابلس، فيروز النعاس، أن «الأوضاع في ليبيا من أزمات متشابكة ومعقدة والتي تأبى إلا أن تزداد تعقيداً لا تسمح على الإطلاق بطرح أي قضية لا تتعلق بحل الأزمة الليبية». وأضافت في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا أحد سيجرؤ على طرح فكرة التطبيع لأنها ستتسبب في أزمة إضافية، حتى وإن اعتقد البعض أن التطبيع قد يرجح الكفة لصالحه». وتابعت قائلة: «لا أعتقد أيضا أن هذا الأمر سيكون من أولويات أي سلطات قادمة بالبلاد حتى لا تواجه بالتصعيد ضدها داخلياً، فالشعب الليبي لديه ارتباط وثيق بالقضية الفلسطينية».
وفي مقابل تخوف البعض من وجود صدى أو انعكاس للقرار المغربي على الأزمة الليبية خاصةً في ظل استضافة المملكة المغربية للعديد من جلسات الحوار الليبي خلال الأشهر الأخيرة، استبعدت النعاس حدوث ذلك، قائلة: «تعودنا من المغرب عدم التدخل أو فرض أي شيء خلال تقديمه لجهود الواسطة والمساعدة».
وكان المغرب أعلن نهاية الأسبوع الماضي، توصله إلى اتفاق لتطبيع العلاقات مع إسرائيل برعاية أميركية، إلا أن وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، أكد في تصريحات صحافية أن «التطور الأخير في العلاقات بين الرباط وتل أبيب لا يعد تطبيعا»، مشيراً إلى أن «المغرب كان لديه مكتب اتصال حتى عام ٢٠٠٢، وأن بعض القرارات تطلبت إعادة الاتصال مع إسرائيل».
واتفق رئيس حزب الائتلاف الجمهوري الليبي والمحلل السياسي، عز الدين عقيل مع الرأي السابق، مستبعداً «إقدام أي شخصية من الشخصيات المترشحة لتولي المناصب بالسلطة الانتقالية القادمة على التورط بالموافقة على هذا الطرح الذي يعني انتحاره السياسي في ظل حساسية المسألة وكون أن الشعب الليبي فعليا من أكثر الشعوب تضامنا مع القضية الفلسطينية». إلا أن عقيل قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يستبعد قيام قيادات من (حكومة الوفاق) ومن يدعمهم من قادة الميليشيات المسلحة بالغرب الموافقة على أي عرض من الإدارة الأميركية الراهنة حيال التطبيع مع إسرائيل مقابل دعم استمرارهم في الحكم، وهو أمر قد تتزايد فرص حدوثه في حال انهيار مفاوضات ملتقى الحوار السياسي الليبي الراهنة التي تراعاها البعثة الأممية بهدف إيجاد سلطة انتقالية جديدة بالبلاد تمهد لإجراء الانتخابات»، بحسب تقدير عقيل.
ورغم اعتقاده بأن إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، «ليست مهووسة بقضية التطبيع مثل إدارة ترمب التي تحاول رغم محدودية ما تبقى لها من أيام في السلطة عقد أكبر قدر من اتفاقيات التطبيع»؛ إلا أن المحلل السياسي، حذر من أن «العقوبات التي قد يقوم بايدن باتخاذها بحق تركيا عند توليه مهامه الرئاسية، قد تدفع بالأخيرة إلى إعادة علاقاتها بإسرائيل تحضيراً للاحتماء بها، وهنا قد تزيد شهية إسرائيل وتطالب تركيا بأن تضغط على حلفائها في حكومة الوفاق للقبول بتطبيع العلاقات».
وكان بايدن تعهد خلال حملته الانتخابية أنه سيعمل حال فوزه بالرئاسة بالعمل على إسقاط الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عبر دعم معارضيه، واصفاً إياه بـ«المستبد الذي ساعد نظامه على تأسيس تنظيم (داعش)».
أما الناشط المدني ورئيس مبادرة «مبادرون» في طرابلس، محمد عبيد، فأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «مثل هذه القضايا التي تواجه برفض شعبي كما هو واضح من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تحتاج لسلطة سياسية منتخبة من الشعب وقادرة على الرجوع إليه لاستفتائه في مثل هذه القرارات المصيرية».
تساؤلات وسط الليبيين حول التطبيع مع إسرائيل
بعد اقترابه من حدود بلادهم
تساؤلات وسط الليبيين حول التطبيع مع إسرائيل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة