كردستان تخوض مفاوضات عسيرة في بغداد لإطلاق رواتب موظفيها الغاضبين

TT

كردستان تخوض مفاوضات عسيرة في بغداد لإطلاق رواتب موظفيها الغاضبين

فيما تتواصل الاحتجاجات الغاضبة في محافظة السليمانية ومناطق أخرى في إقليم كردستان العراق، يقود زعماء الإقليم مفاوضات عسيرة وشاقة في العاصمة بغداد مع الحكومة الاتحادية وزعامات سياسية شيعية مؤثرة للحصول على ما يمكن الحصول عليه من أموال، لإطفاء نار الاحتجاجات التي أشعلها فشل سلطات الإقليم في توفير رواتب موظفي القطاع العام.
في غضون ذلك، تعهد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بالعمل بجدية للاستجابة إلى استحقاقات إقليم كردستان. وقال الكاظمي عبر تغريدة في «تويتر»: «أتفاعل بعمق مع معاناة أهلنا في إقليم كردستان، خصوصاً في سليمانية الجبل والأصالة والثقافة». وأضاف أن «الغضب مبرر لأنه نتاج سنوات وعقود سبقت، وسنعمل بجدية للاستجابة إلى استحقاقات شعبنا في الإقليم وفي كل مدن العراق».
ورغم فشل غالبية المفاوضات السابقة بين بغداد وأربيل حول قضية الاستحقات المالية لإقليم كردستان على بغداد، فإن القيادات الكردية لا تجد طريقاً أخرى غير مواصلة المفاوضات مع بغداد للحصول على ما يمكن الحصول عليه من أموال لتهدئة الشارع الكردي ولو إلى حين. غير أن خبراء في المال والسياسة باتوا يشككون في إمكانية إيجاد حلول جذرية للمشكلة مع تراكم الخلافات بين بغداد وأربيل على امتداد السنوات الماضية، ومع الأزمة المالية التي تعاني منها البلاد بشكل عام ومرشحة للتفاقم في الأشهر المقبلة، ولعلها غير قابلة للحل ما لم تتعافَ أسعار النفط ومع بقاء حالة سوء الإدارة والفساد في الملفات المالية والاقتصادية.
وترأس الكاظمي ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، أمس، الاجتماع التفاوضي المشترك بين الحكومة الاتحادية واللجنة المالية النيابية ووفد إقليم كردستان برئاسة نائب رئيس وزراء الإقليم قباد طالباني، نجل الرئيس الراحل جلال طالباني، وعضوية وزراء التخطيط والمالية في الإقليم. وطبقاً لبيان صادر عن مكتب الكاظمي، فإن الاجتماع «ناقش، الالتزام بتنفيذ قانون تمويل العجز المالي، الذي صوّت عليه مجلس النواب الشهر الماضي، وبحث آليات تنفيذه، وبالشكل الذي يراعي العدالة في توزيع التخصيصات المالية لجميع مناطق العراق».
وتقول مصادر مطلعة إن رئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي عقدا الليلة قبل الماضية، اجتماعاً طارئاً مع الوفد الكردي تمهيداً لإعلان اتفاق «ينهي أزمة تمويل إقليم كردستان».
من جهته، أصدر الوفد الكردي الليلة قبل الماضية بياناً قال فيه إنه «اجتمع مع اللجنة النيابية المشكلة للحوار بين بغداد وأربيل برئاسة النائب محمد شياع السوداني، لبحث وإيجاد حل مناسب ودستوري للمشكلات بين حكومتي الإقليم والاتحادية». وأضاف أن «قباد طالباني أعلن للجنة أن حكومة الإقليم أعربت عن استعدادها للعمل وفق الدستور والقانون وأعربت عن استعدادها للتوصل إلى اتفاق مع بغداد على أساس الحقوق والواجبات التي حددها الدستور». وأكد أن «اللجنة طلبت في نهاية الاجتماع مقترحات وتوصيات من وفد حكومة الإقليم، للاستفادة منها في تحديد حقوق ومصالح إقليم كردستان في موازنة 2021».
ومن المقرر أن تتواصل اجتماعات الوفد الكردي مع اللجنة النيابية والمسؤولين في الحكومة الاتحادية خلال اليومين المقبلين لوضع حلول في مصلحة الطرفين.
بدوره، يرى مصدر كردي مطلع أن «بعض الأطراف السياسية والحكومية في بغداد غير مهتمة كثيراً بحل أزمة الإقليم، ولعلها تسعى إلى عرقلة جهود حلها، ففي نظرها أنها غير معنية في ضغوط الشارع الكردي المعبر عنها في الاحتجاجات». ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «حتى لو وضعت حلولاً عاجلة في هذه الأيام لمشكلة التمويل المالي للإقليم، فستبقى معرضة للانفجار في أي لحظة مع الأزمة المالية التي تعانيها بغداد». ويتابع: «لأسباب كثيرة وضمنها الفراغ الذي تركه الكرد في بغداد في السنوات الأخيرة، يعاني إقليم كردستان من ضعف موقفه التفاوضي اليوم، ولذلك نرى أن وفوده التفاوضية تقدم مزيداً من التنازلات في بغداد ولم تحصل على مكاسب»، مضيفاً أن بعض الزعامات السياسية الشيعية «تريد تعميق أزمة السلطات في الإقليم مع السكان هناك للحصول على مزيد من التنازلات». -ويرى المصدر أن «أولوية الزعامات الكردية الحصول على أموال لتمويل رواتب الموظفين، فيما أولوية بعض الأطراف السياسية في بغداد غير ذلك، خصوصاً مع تفكير تلك الأطراف في الانتخابات المقبلة وسعيها إلى الفوز».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.