قمع مظاهرات في الضفة... ووفاة معاق متأثراً بجروحه

فلسطيني في مواجهة قوات إسرائيلية خلال اشتباكات قرية بيت دجن بالضفة (أ.ف.ب)
فلسطيني في مواجهة قوات إسرائيلية خلال اشتباكات قرية بيت دجن بالضفة (أ.ف.ب)
TT

قمع مظاهرات في الضفة... ووفاة معاق متأثراً بجروحه

فلسطيني في مواجهة قوات إسرائيلية خلال اشتباكات قرية بيت دجن بالضفة (أ.ف.ب)
فلسطيني في مواجهة قوات إسرائيلية خلال اشتباكات قرية بيت دجن بالضفة (أ.ف.ب)

في الوقت الذي شهدت فيه القدس الشرقية والضفة الغربية مئات الإصابات بالجراح، جراء عمليات القمع للمسيرات السلمية، أعلنت السلطات الإسرائيلية وفاة المواطن عبد الناصر وليد حلاوة (56 عاماً)، ابن مدينة نابلس، الذي كان قد أصيب برصاص جيش الاحتلال، في 16 أغسطس (آب) الماضي، على حاجز قلنديا العسكري شمال القدس.
وقالت شقيقة الشهيد، فاتن، إن شقيقها من ذوي الإعاقة، ويعاني من فقدان السمع والنطق، بعد أن أصيب بالحمى وهو صغير، وقد ترك وراءه زوجة وثلاثة أبناء. وروت أن شقيقها المرحوم، خرج من منزله في التاريخ المذكور، وأخبر عائلته بأنه متوجه لزيارة شقيقة أخرى لهما تقطن في مدينة القدس، والصلاة في المسجد الأقصى المبارك. ونتيجة للتغييرات الجديدة التي أجراها جنود الاحتلال على الحاجز، ضل طريقه وسلك ممراً خاصاً لجنود الاحتلال بالخطأ. وأوضحت حلاوة أن الجنود صرخوا على شقيقها لكنه لم يسمعهم، ولم يدرك ما الذي يجري حوله، فبادروا بإطلاق النار عليه، وأصابوه بعدة رصاصات في قدميه، أدت إلى حدوث تفتت فيهما، ومن ثم نقلوه إلى أحد المستشفيات الإسرائيلية، ومكث هناك ثلاثة أشهر، أجريت له خلالها 4 عمليات جراحية، وكان بانتظار عمليات أخرى، قبل أن يعيدوه إلى نابلس منذ أسبوعين تقريباً. وقالت إن شقيقها وصل بحالة صعبة، حيث فقد ذاكرته، ولم يتعرف على أحد من العائلة، ولم يكن يتفاعل مع المحيطين بأي شيء، قائلة: «يبدو أن الأدوية قد أثرت عليه كثيراً، حتى أنه لم يكن يتقبل الطعام إلا بصعوبة بالغة، وقبل أيام تدهور وضعه الصحي، إلى أن استشهد فجراً».
كانت المناطق الفلسطينية قد شهدت، أمس، كما في كل يوم جمعة، عدة مسيرات سلمية تعرضت لقمع الاحتلال. فقد أصيب عدد من المواطنين بحالات اختناق، خلال مسيرة في مدينة البيرة، جراء قنابل الغاز. وأصيب عدد من المواطنين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط وبحالات اختناق، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في منطقة باب الزاوية، وسط مدينة الخليل. وقال شهود عيان إن جنود الاحتلال اعتلوا أسطح عدد من المنازل في منطقة باب الزاوية، وأطلقوا الرصاص المعدني المغلف بالمطاط وقنابل الصوت، والغاز المسيل للدموع، صوب المواطنين.
وفي قرية اللبن الشرقية جنوب نابلس، اعتقلت قوات الاحتلال طفلين خلال عملية اقتحام، هما محمد رجا عويس، ويوسف عويس، ويبلغان من العمر (16 عاماً). وفي كفر قدوم، أصيب عشرات المواطنين بالاختناق، جراء قمع الجيش المسيرة الأسبوعية المناهضة للاستيطان، التي انطلقت إحياءً للذكرى الـ33 لانتفاضة الحجارة، والذكرى السادسة لاستشهاد الرئيس السابق لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان زياد أبو عين.
وفي قرية كفر مالك شمال شرقي رام الله، أصيب شاب واعتقل آخر، خلال مواجهات، بعد قمع قوات الاحتلال للمسيرة الأسبوعية في القرية التي تخرج احتجاجاً على إقامة بؤرة استيطانية في منطقة رأس التين شرق القرية، ما أدى لإصابة شاب بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، إضافة لاعتقال آخر. وذكر شهود عيان أن آلية عسكرية تابعة لجيش الاحتلال تعمدت الاصطدام بمركبة تقل مجموعة من المواطنين في القرية، بداعي أنهم كانوا يشاركون في المواجهات، ما أدى لإصابتهم برضوض، دون أن يتم اعتقال أي منهم. وفي بلدة بيت لقيا غرب رام الله شكوا من أن الشاب مهيوب محمد عاصي أصيب بجروح عقب تعرضه للطعن في صدره على يد إسرائيلي، أثناء عمله داخل إسرائيل. في قرية المغير شمال شرقي رام الله، أصيب عدد من المواطنين بالاختناق، خلال مواجهات. وقال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، وليد عساف، إن المسيرات ستبقى مستمرة حتى إزالة البؤرة الاستيطانية الجديدة، وهناك إصرار من الأهالي في المنطقة على إزالتها، ولن يقبلوا بأي شكل من الأشكال بإقامتها.
وفي قرية بيت دجن شرق نابلس، أصيب عدد من المواطنين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط وبحالات اختناق، جراء قمع قوات الاحتلال فعالية لزراعة أشتال زيتون بالأراضي المهددة بالاستيلاء عليها. وأفاد رئيس المجلس القروي نصر أبو جيش، بأن شابين أصيبا بالرصاص المعدني ونحو 15 آخرين بالاختناق. وأوضح أن الفعالية تهدف لزراعة أشتال زيتون في الأراضي المهددة بالاستيلاء عليها، التي تبلغ مساحتها 300 دونم.
وفي سلفيت، منعت قوات الاحتلال المواطنين من الوصول إلى أراضيهم في منطقة الرأس غرب المدينة، وذلك بعد أداء صلاة الجمعة في محيط المنطقة المهددة بالاستيلاء عليها لصالح المستوطنين.
وفي حي بطن الهوى ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك، أدى عشرات المقدسيين صلاة الجمعة، في خيمة الاعتصام، رفضاً لقرارات الاحتلال الإسرائيلي ترحيل نحو 86 أسرة من منازلهم. وندد المعتصمون بقرارات الاحتلال التي تستهدف مدينة القدس بهدف «تسمين» المستوطنات المحيطة، وتهجير المقدسيين. وطالبوا المؤسسات الدولية والحقوقية بالعمل على وقف قرارات الاحتلال الهادفة إلى تهجيرهم وهدم منازلهم، التي باتت تطال عدداً كبيراً منهم.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.