دعوات لملاحقة رئيس الجمهورية في قضية انفجار مرفأ بيروت

TT

دعوات لملاحقة رئيس الجمهورية في قضية انفجار مرفأ بيروت

منذ الادعاء على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في قضية انفجار مرفأ بيروت، ارتفعت الأصوات الرافضة التي وضعت الخطوة في خانة «الانتقائية»؛ داعية إلى أن تكون المحاسبة شاملة، بملاحقة رئيس الجمهورية ميشال عون، انطلاقاً من إقراره بعلمه بوجود مادة نيترات الأمونيوم في المرفأ، قبل وقوع الانفجار.
وبينما اعتبرت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية أن التصويب على عون هدفه تسييس الملف وخلق توازن سياسي، أوضح الوزير السابق ونقيب المحامين السابق رشيد درباس لـ«الشرق الأوسط»، أن المادة 60 من الدستور تحصر مساءلة رئيس الجمهورية بمسألتين لا ثالث لهما، وهما الخيانة العظمى وخرق الدستور، بخلاف رئيس الحكومة والوزراء الذين يمكن محاكمتهم بجرائم ناتجة عن إهمال وظيفي وغيرها. أما فيما يتعلق بالإجراءات المتبعة لهذه المساءلة فهي نفسها بالنسبة إلى الجميع – بحسب درباس - ويفترض أن تمر بالبرلمان، وهو الإجراء الذي خرقه القاضي فادي صوان أيضاً بادعائه على دياب، بحيث إنه لم يتجاوب مع طلب البرلمان الحصول على المستندات اللازمة، وقام بخطوة الادعاء التي هي ليست من اختصاصه، وحتى في قراره لم يدَّعِ على كل الأشخاص الذين أدرجوا في الكتاب الذي أرسله للبرلمان.
من هنا يعتبر درباس أنه من الناحية القانونية لا يمكن مساءلة رئيس الجمهورية؛ لكن يؤكد في الوقت عينه أن «هناك مسؤولية أخلاقية وسياسية ومعنوية عليه، انطلاقاً من إقراره بعلمه بوجود المواد المتفجرة في المرفأ قبل فترة كافية؛ لكنه لم يبادر بحكم موقعه كرئيس للمجلس الأعلى للدفاع وكرئيس للجمهورية لدعوة الحكومة، وتنبيه الرأي العام إلى أن السلطات المعنية لا تقوم بمسؤوليتها».
في المقابل، ترفض المصادر المقربة من رئاسة الجمهورية اتهام الرئيس عون بالإهمال، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «كل الكلام عن هذا الموضوع هو بهدف تسييس الموضوع، وتحميل رئيس الجمهورية مسؤولية»، وذكَّرت بما قاله عون بعد وقوع الانفجار، من أنه عندما وصله التقرير حوَّله إلى المجلس الأعلى للدفاع الذي يضم كل الأجهزة المعنية ووزارة الأشغال والداخلية والمالية، لإجراء المقتضى ومتابعة الموضوع، وبالتالي قام بواجبه على أكمل وجه، بحسب المصادر. وتضيف: «أما الحديث اليوم عن مسؤولية رئيس الجمهورية فليس إلا محاولة لخلق التوازن وتسييس الملف، علماً بأن هذا لا يعني أن الرئاسة مع الادعاء على رئيس الحكومة، إنما هناك من يحاول الزج باسم الرئيس في سياق التوازنات السياسية، وهو الذي قام بواجباته وأكثر».
وكانت المطالبات بمساءلة رئيس الجمهورية قد صدرت على لسان أكثر من طرف، وبشكل أساسي من قبل رؤساء الحكومة السابقين، إضافة إلى «الحزب التقدمي الاشتراكي».
وقال رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة في حديث تلفزيوني: «إذا كان هناك من حيادية حقيقية، فمن الأولى أن يصار إلى طلب الاستماع إلى فخامة الرئيس الذي قال إنه علم بالأمر يوم 20 يوليو (تموز) أي قبل 15 يوماً من التفجير، وهي مدة كانت كافية وكفيلة بتفكيك قنبلة ذرية»، مؤكداً: «وبالتالي، فقد كان رئيس الجمهورية يقول إنه كان يعلم عن هذه الكميات ولم يتخذ أي إجراء».
بدوره، أكد رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي أن «الحق كلٌّ لا يتجزأ. كيف يمكن إغفال ما قاله رئيس الجمهورية؟».
الموقف نفسه عبَّر عنه النائب في «الحزب التقدمي الاشتراكي» هادي أبو الحسن، بأن «المحاسبة يجب أن تبدأ من رئيس الجمهورية». وكتب عبر «تويتر»: «طالما الجميع طالب بكشف الحقيقة بانفجار المرفأ، فلا يجوز لأي كان أن يتلطى بطائفته لتجنب المساءلة، حتى لو كان رئيس الحكومة الذي ربما اكتشف مؤخراً أنه يستخدم من قبل الحاكم في تصفية الحسابات، والمحاسبة الفعلية يجب أن تبدأ من رئيس الجمهورية؛ لأن دماء الناس أغلى من كل الأشخاص والمواقع!».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».