الادعاء على رئيس الحكومة و3 وزراء سابقين بـ«الإهمال والتقصير» في انفجار مرفأ بيروت

دياب اعتبره استهدافاً لموقعه وميقاتي طالب بملاحقة رئيس الجمهورية

رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب (رويترز)
رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب (رويترز)
TT

الادعاء على رئيس الحكومة و3 وزراء سابقين بـ«الإهمال والتقصير» في انفجار مرفأ بيروت

رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب (رويترز)
رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب (رويترز)

فتح ادعاء المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان، على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين، سجالاً، اعتبره دياب «استهدافاً للموقع»، وحفز موجة ردود عليه، بينها «اتهامات بالانتقائية»، علماً بأن الادعاء هو سابقة في تاريخ الحالات الجرمية بحق مسؤولين لبنانيين.
وادعى صوان على دياب وعلى وزير المال السابق علي حسن خليل ووزيري الأشغال العامة السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، بجرم «الإهمال والتقصير والتسبب في وفاة وإيذاء مئات الأشخاص».
وحدد القاضي صوان أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء من الأسبوع المقبل، مواعيد لاستجوابهم كمدعى عليهم، على أن ينتقل الاثنين إلى السرايا الحكومية لاستجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال، وفقاً لما ينص عليه قانون أصول المحاكمات الجزائية، وذلك بعد إبلاغه مضمون الادعاء، بينما يستجوب الوزراء في مكتبه في قصر العدل.
وقال مصدر قضائي إن قرار صوان جاء «بعد التثبت من تلقيهم عدة مراسلات خطية تحذرهم من المماطلة في إبقاء نيترات الأمونيوم في حرم مرفأ بيروت، وعدم قيامهم بالإجراءات الواجب اتخاذها لتلافي الانفجار المدمر وأضراره الهائلة».
وكان صوان قد استمع لمدير عام أمن الدولة​​ طوني صليبا​ لثلاث ساعات في ​قصر العدل​، وحقق معه في تأخر ​أمن الدولة​ في إجراء التحقيق الأولي في وجود النيترات.
ورد دياب ببيان مقتضب، قال فيه إنه «مرتاح الضمير وواثق من نظافة كفه وتعامله المسؤول والشفاف مع ملف انفجار مرفأ بيروت». واستغرب دياب «هذا الاستهداف الذي يتجاوز الشخص إلى الموقع، وحسان دياب لن يسمح باستهداف موقع رئاسة الحكومة من أي جهة كانت».
وتبلَّغ صوان جواب دياب الذي أكد أنه «رجل مؤسسات ويحترم القانون ويلتزم الدستور الذي خرقه صوان، وتجاوز مجلس النواب»، في إشارة إلى أن محاكمة الرؤساء والوزراء تتم عبر المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
وثمة تفسيران قانونيان للادعاء، أحدهما يقول إن الإهمال والتقصير قد يعتبر جرماً مشهوداً، ما يُسقط الحصانات عن الرؤساء والوزراء والنواب، على قاعدة أنه «عندما يكون هناك معرفة وإهمال، يعني أن هناك شراكة في الجرم»، علماً بأن الجرم المشهود يسقط الحصانة ويبطل التصنيف، مما يجعل جميع المواطنين سواء أمام العدالة. أما وجهة النظر الثانية فتقول إن الإهمال والتقصير «ليس جرماً مشهوداً»، وعليه فإن ملاحقة الرؤساء والوزراء «تتم عبر المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء» الذي يتألف من نواب في البرلمان اللبناني وقضاة.
وسلوك المسار القانوني، يفرض على الرئيس دياب أن يتقدم بدفوعه، وهو ما دفع مرجعاً قانونياً للدعوة إلى انتظار دفوع دياب. وإذ وصف المرجع نفسه ما جرى بأنه سابقة، قال إن المحقق العدلي له حق الادعاء «لأنه يقوم في الوقت نفسه بوظيفة النيابة العامة، ويبني ادعاءه عادة على قرائن وإثباتات». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «إذا امتلك المحقق العدلي الإثباتات والقرائن التي تترتب عليها مسؤولية مباشرة أو غير مباشرة، فيفترض أن تتم ملاحقة المدعى عليه».
وقال المرجع القانوني، وهو وزير سابق رفض الكشف عن اسمه لحساسية الموقف: «إذا تبين أن هناك فعلاً مراسلات ومعلومات تثبت التقاعس، فهذا يعني أن هناك إهمالاً وتقصيراً» ما يعني أن «العملية مرتبطة بالمسؤولية الجرمية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وهو ما يُبت أو يُدحض في دفوع المشتبه به»، موضحاً أنه «عندما تكون هناك معرفة وإهمال، فهذا يعني أن هناك شراكة جرمية، وبموجب هذه الشبهة، تسقط الحصانات عن أي مسؤول سواء أكان رئيساً أو وزيراً أو نائباً، بالنظر إلى أن الجرم المشهود، بموجب القانون اللبناني، يبطل الحصانات».
ويؤكد المرجع القانوني أن هذا الادعاء «هو سابقة في تاريخ الحالات الجرمية المسندة إلى مسؤول في لبنان»؛ مشدداً على أن الادعاء بهذه الطريقة «هو سابقة، وعلينا الانتظار لمعرفة كيف سيتعاطى معها القضاء»، مضيفاً أن لرئيس الحكومة الحق في تقديم الطعن والاعتراض على الادعاء، وبعدها يبت فيها المحقق العدلي وتُرفع للاستئناف في محكمة التمييز.
وكان صوان قد استبق هذه الخطوة بإرسال رسالة إلى مجلس النواب طلب فيها ملاحقة وزراء الأشغال العامة والمال والعدل الحاليين والسابقين: «استناداً إلى شبهات توفرت للتحقيق في ارتكابهم جرم التقصير والإهمال، وعدم قيامهم بالإجراءات الواجب اتباعها لإزالة أطنان نيترات الأمونيوم من حرم مرفأ بيروت قبل انفجارها».
واعتبرت مصادر نيابية أن رسالة صوان انطوت على مخالفتين: أولهما مخالفتها للأصول، بالنظر إلى أنها لم تتم إحالتها إلى البرلمان عبر وزيرة العدل. وتضيف المصادر، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن المخالفة الثانية تمثلت في أنها «لم تتضمن قرائن إدانة للشخصيات التي يدعي عليها»، كما أنها خلت من أي مضبطة اتهامية لتلك الشخصيات.
وقال مصدر قضائي إن صوان، وبعدما رفض البرلمان الاستجابة لطلبه: «ادعى على دياب والوزراء الثلاثة بجرائم جزائية تقع ضمن صلاحيته واختصاصه، ومنفصلة عن المسؤولية السياسية التي طلب من مجلس النواب التحقيق بشأنها».
ووسط الجدل القانوني، فتح ادعاء صوان سجالاً سياسياً، ظهرت أولى طلائعه في رد الرئيس دياب الذي اعتبره «استهدافاً للموقع» في إشارة إلى موقع رئاسة الوزراء الذي تشغله شخصية من الطائفة السنية، وتعززت بتغريدة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق نجيب ميقاتي الذي كتب في حسابه في «تويتر»: «لا تستقيم العدالة بمكيالين، وحق ذوي ضحايا تفجير المرفأ معرفة الحقيقة ومحاسبة الضالعين في الجريمة. فكيف يمكن اعتماد الانتقائية في الملاحقة، وإغفال ما قاله رئيس الجمهورية من أنه قرأ التقارير التي تحذر من وجود مواد خطرة بالمرفأ. الحق كل لا يتجزأ، وليس استهداف أشخاص بعينهم افتراء».
وقالت مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط»، إن اللافت في ادعاء صوان أنه لم يشمل جميع الشخصيات التي طالب في رسالته إلى المجلس النيابي بملاحقتهم، إذ لم يشمل ادعاؤه الآن أياً من وزراء العدل السابقين أو الحالي، علماً بأنه كان قد أدرجهم في خطابه إلى البرلمان، إضافة إلى شخصيات أخرى كان قد توعد بملاحقتها، معتبرة أن هناك شبهات بالاستنسابية والانتقائية في هذا الملف.



المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي) جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
TT

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي) جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

كثفت الجماعة الحوثية من استهداف قطاع التعليم الأهلي ومنتسبيه في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس الأهلية على المشاركة فيما تسميه الجماعة «تطبيقات عسكرية ميدانية»؛ بغية تجنيدهم للدفاع عن أجندتها ذات البعد الطائفي.

وبحسب مصادر تربوية يمنية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، دشنت الجماعة الحوثية خلال الأيام القليلة الماضية حملات تجنيد للطلاب والكادر التربوي من أجل استقطاب مقاتلين جدد إلى صفوفها.

الانقلابيون أخضعوا طلاباً وتربويين في صنعاء للتعبئة الفكرية والعسكرية (إكس)

ويفرض الانقلابيون الحوثيون على مديري المدارس الخاصة في صنعاء اختيار 15 طالباً و10 تربويين من كل مدرسة في صنعاء؛ لإلحاقهم بدورات تعبوية وعسكرية. كما تتوعد الجماعة - طبقاً للمصادر - الرافضين لتلك التوجيهات بعقوبات مشددة تصل إلى حد الإغلاق وفرض غرامات مالية تأديبية.

وأثار الاستهداف الحوثي الأخير للمدارس موجة غضب ورفض في أوساط الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور، فيما اتهم التربويون الجماعة بالمضي في استغلال مؤسسات التعليم بعد تجريفها للحشد والتجنيد.

واشتكى أولياء الأمور في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من استهداف أطفالهم بعد أخذهم عنوة من فصول الدراسة دون معرفتهم إلى أماكن مجهولة لتدريبهم على القتال وغسل أدمغتهم بالأفكار المتطرفة، تمهيداً للزج بهم إلى الجبهات.

ونتيجة لذلك الاستهداف، شهد عدد من المدارس الأهلية في صنعاء غياباً ملحوظاً للطلبة والمعلمين الذي رفضوا استمرار الحضور، جراء ما يقوم به الانقلابيون من إجبار على الالتحاق بالدورات القتالية.

وأفادت مصادر تربوية في صنعاء بأن عدداً كبيراً من أولياء الأمور منعوا أبناءهم من الذهاب للمدارس، خصوصاً تلك المستهدفة حالياً من قبل الجماعة، وذلك خوفاً عليهم من الخضوع القسري للتجنيد.

تعبئة مستمرة

أجبر الانقلابيون الحوثيون مديري مدارس «التواصل» و«منارات» و«النهضة» «ورواد»، وهي مدارس أهلية في صنعاء، على إيقاف الدراسة ليوم واحد بحجة عقد اجتماعات معهم. كما ألزمت الجماعة من خلال تلك الاجتماعات المدارس بتوفير ما لا يقل عن 25 طالباً وتربوياً من كل مدرسة للمشاركة فيما تسميه الجماعة «تطبيقات عسكرية ميدانية».

وشهدت إحدى المناطق في ضواحي صنعاء قبل يومين تدريبات عسكرية ختامية لدفعة جديدة تضم أكثر من 250 طالباً ومعلماً، جرى اختيارهم من 25 مدرسة في مديرية الحيمة الداخلية بصنعاء، وإخضاعهم على مدى أسابيع لدورات قتالية ضمن ما تسميه الجماعة «المرحلة الخامسة من دورات (طوفان الأقصى)».

اتهامات لجماعة الحوثي بإجبار مدارس على تقديم مقاتلين جدد (إعلام حوثي)

ونقلت وسائل إعلام حوثية عن قيادات في الجماعة تأكيدها أن الدورة ركزت على الجانب التعبوي والقتالي، استجابةً لتوجيهات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي؛ استعداداً لما يسميه «مواجهة الأعداء وتحرير الأقصى».

يتزامن هذا التحرك الانقلابي مع استمرار معاناة عشرات الآلاف من المعلمين والتربويين في كافة المناطق تحت سيطرة الجماعة؛ بسبب انقطاع رواتبهم منذ عدة سنوات، مضافاً إليها ارتكاب الجماعة سلسلة لا حصر لها من الانتهاكات التي أدت إلى تعطيل العملية التعليمة بعموم مناطق سيطرتها.

وكانت الجماعة الحوثية أخضعت في أواخر أغسطس (آب) الماضي، أكثر من 80 معلماً وتربوياً في مديرية الصافية في صنعاء لدورات تعبوية وقتالية، كما أرغمت المدارس الأهلية في صنعاء، في حينها، على إحياء مناسبات ذات منحى طائفي، تُضاف إلى أنشطة تعبوية سابقة تستهدف أدمغة وعقول الطلبة بهدف تحشيدهم إلى الجبهات.

وتتهم عدة تقارير محلية وأخرى دولية جماعة الحوثي بأنها لم تكتفِ بتدمير قطاع التعليم في مناطق سيطرتها، من خلال نهب مرتبات المعلمين واستهداف وتفجير المدارس وإغلاق بعضها وتحويل أخرى لثكنات عسكرية، بل سعت بكل طاقتها لإحلال تعليم طائفي بديل يحرض على العنف والقتل والكراهية.