سجلت أندية دوري المحترفين السعودي ظاهرة إيجابية جديدة، تمثلت في عدم قيام أي من الأندية الـ«16» المشاركة في بطولة «دوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين»، بعد انقضاء الربع الأول من البطولة الأقوى على الصعيد العربي.
ويصف خبراء مختصون في الجانبين الإداري والفني في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» هذا الوضع بأنه خطوة في الطريق الصحيح، خصوصاً أن المدربين كانوا الحلقة الأضعف في الأندية، من خلال وضعهم «شماعات» لإخفاقات إدارات الأندية أو اللاعبين، أو كردة فعل فورية في حال التعرض لخسارة كبيرة أو مفاجئة في الدوري.
ورغم أن أندية كبيرة وفي مقدمتها النصر يقع في مركز متأخر جداً في جدول الترتيب بعد نهاية الجولة السابعة، حيث تقدم للمركز قبل الأخير من التعادل الصعب جداً أمام الاتفاق، وتقدم على ضمك بفارق الأهداف، إلا أن تنفيذ بعض المطالبات بإقالة المدرب البرتغالي فيتوريا لم تتم، بل من سبقه في الرحيل نائب الرئيس والمشرف العام على كرة القدم عبد الرحمن الحلافي.
كما أن الاستياء الكبير في الأهلي من التقلبات في النتائج وخسارة مباريات كان الفريق فيها قريباً من الحصاد الكامل للنقاط، كما حصل في مواجهة ضمك، لم يسفر عن إقالة المدرب الصربي فلادان.
وقال الدكتور جاسم الياقوت، عضو إدارة الاتحاد السعودي ورئيس نادي القادسية سابقا، إن قرارات وزارة الرياضة هذه، خصوصاً المتعلقة بـ«الحوكمة»، فرضت على الأندية أن تكون حذرة ومتقنة في الصرف وعدم إهدار الأموال بطريقة غير لائقة، من خلال إقالات المدربين دون أي مبررات مقنعة، وكذلك الاستغناء عن لاعبين أجانب دون منحهم فرص ويحملون الدولة الكلفة المالية نتيجة أخطائهم.
وأضاف الياقوت الذي عمل في المجال الرياضي مسؤولاً لأكثر من أربعة عقود من الزمن، إن كان قرارات وزارة الرياضة نقلة كبيرة نحو مستقبل أكثر إشراقاً للكرة السعودية، وبات من المهم أن تكون الكفاءات الإدارية هي من تقود الأندية وتتصرف بشكل مسؤول، ودراسة القرارات قبل اتخاذها بدلاً من القرارات الانفعالية، وكذلك تحميل المدربين الأخطاء الإدارية أو غيرها، وجعلها الشماعة التي تعلق عليهم الأخطاء. وأكد الياقوت أن الأندية السعودية مرت بفترات قرارات ارتجالية، وكان من المهم أن تقف وزارة الرياضة أمام تلك القرارات الارتجالية غير المسؤولة، وتحمل الأشخاص قراراتهم التي يتخذونها، خصوصاً المتعلق منها بالجانب المادي. واستغرب الياقوت من تحميل المدربين ضياع فرص من لاعب أو استهتار من لاعبين داخل الملعب أو أخطاء إدارية، مستدلاً بالكثير من الأحداث السابقة، ومنها في أيام قليلة ماضية. أما الدكتور عبد العزيز الخالد، فقد شدد على أن قرارات وزارة الرياضة حققت نقلة كبيرة في ضبط الأندية من حيث المصاريف، من خلال الشروط التي وضعتها بخصوص المدربين تحديداً، الذين كانوا لسنوات «الجدار القصير» لأي إخفاق وقتي أو مرحلي. وكان إلغاء عقد المدرب أسهل قرار، متمنياً أن ينتهي ذلك قريباً.
وبيّن الخالد، وهو من أبرز المدربين السعوديين، أن الأخطاء التراكمية لإدارات الأندية السعودية جعلت المدربين حول العالم، الذين يتلقون عروضاً من أندية سعودية يضعون شروطاً جزائية صارمة، يتمثل بعضها في تسلم جميع الرواتب من بداية العقد حتى نهايته دون أي تنازل، لأن «السمعة» فيما يخص إلغاء عقود المدربين للأسف باتت سيئة، على اعتبار أن إقالة المدربين هي القرار الأسهل سابقاً، مستدلاً بإقالة «21» مدرباً خلال الموسم قبل الماضي، بل إن أحد الأندية الهابطة أشرف عليه «4» مدربين.
وأشاد الخالد بخطوة إدارة الاتفاق بالإبقاء على المدرب الوطني خالد العطوي، وتمديد عقده لموسمين قادمين بعد الموسم الأول من تجربته، معتبراً أن الصبر جزء مهم جداً من أجل تطبيق الأفكار التي يمتلكها.
وتساءل الخالد: «من يختار المدرب ومن يقيم عمله ومن يتخذ قرار إقالته؟».
وتطرق إلى التجربة الناجحة التي حققتها إدارة الفتح مع المدرب التونسي السابق فتحي الجبال حينما صبرت عليه وحقق معها أفضل المنجزات، بداية من الصعود، ومن ثم حصد الدوري والسوبر السعودي.
من جانبه، قال محمد أبوعراد اللاعب الدولي السابق والمدرب الحالي إن إدارات الأندية باتت أكثر نضوجاً من السابق، من حيث تحميل «المدربين» أي إخفاق كما كان سابقاً.
واستدل أبوعراد بتجربة إدارة الاتفاق مع المدرب خالد العطوي، حيث لم تتخذ الإدارة قرارات تتماشى مع الطلب الواسع من قبل الاتفاقين بشأن إقالة المدرب بل إنها مددت عقده.
أما المهندس عبد العزيز القرينيس عضو الاتحاد السعودي ورئيس نادي هجر السابق، فقد أشاد بخطوة وزارة الرياضة في خطوة الحوكمة المنبثقة من استراتيجية الدعم حيث أوقفت هذه الخطوة الكثير من الأخطاء التي تحصل في الأندية، خصوصاً من حيث الصرف المالي وإلغاء عقود المدربين بشكل مستمر.
وأشار إلى أن تحميل الأندية مسؤولياتها بشأن القرارات التي تتخذها وعدم تحميل الأندية «ككيان» أو الدولة مسؤولية القرارات الخاطئة المتخذة في الأندية سواء صادرة عن فرد أو مجموعة، وأن يكون هناك تخطيط وافٍ قبل أي خطوة يتم اتخاذها.
وعبر أبوعراد عن أمله بأن يستمر «الحزم» في تطبيق القرارات من قبل وزارة الرياضة وعدم منح «استثناءات» في تطبيق اللوائح والأنظمة، خصوصاً أن هناك استثناءات حصلت في جوانب تتعلق بكفاءات المدربين الذين يتم التعاقد معهم، من حيث الشهادات والدرجات التي يتوجب عليهم الحصول عليها من أجل التعاقد مع أندية بدوري المحترفين، مستدلاً بوجود أكثر من مدرب لا يحملون شهادة «A»، التي تسمح له بتدريب فريق بدوري المحترفين. وأكد أن شماعة «إخفاق المدربين» لم تعد المبرر الأسهل الذي يمكن الحديث عنه في حال أخفقت الإدارة في عملها ولم تحقق النتائج المرجوة من أنصارها، مشيراً إلى أن الرياضة السعودية تسير نحو مجد جديد في ظل التنظيمات الجديدة من قبل وزارة الرياضة والمتزامنة أيضاً مع دعم تاريخي للرياضة بشكل عام، وأندية المحترفين بشكل خاص، من أجل تحقيق نتائج عمل إداري وفني يعكس مكانة المملكة وقيمتها في جميع المجالات.
«الحوكمة» تجنب المدربين مقصلة الإقالات في الدوري
تعليمات وزارة الرياضة جعلت الأندية أكثر حذراً في اتخاذ قرار الإقالة
«الحوكمة» تجنب المدربين مقصلة الإقالات في الدوري
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة