الحريري قدم «تشكيلة كاملة» من 18 وزيراً... ليدرسها عون

الرئيس المكلف يأمل تأليف الحكومة بسرعة... وأرسلان يحتج على «الغبن والإجحاف»

الرئيسان عون والحريري خلال لقائهما أمس في القصر الجمهوري (دالاتي ونهرا)
الرئيسان عون والحريري خلال لقائهما أمس في القصر الجمهوري (دالاتي ونهرا)
TT

الحريري قدم «تشكيلة كاملة» من 18 وزيراً... ليدرسها عون

الرئيسان عون والحريري خلال لقائهما أمس في القصر الجمهوري (دالاتي ونهرا)
الرئيسان عون والحريري خلال لقائهما أمس في القصر الجمهوري (دالاتي ونهرا)

بعد شهر ونصف الشهر على تكليفه تشكيل الحكومة، رمى الرئيس المكلف سعد الحريري الكرة في ملعب رئيس الجمهورية ميشال عون، معلناً بعد لقائهما، مساء أمس، عن تقديمه تشكيلة حكومية كاملة، بحيث باتت الأنظار تتجه إلى ما ستكون عليه ردّة فعل عون. وأعلن القصر الجمهوري في بيان، مساء أمس، أن رئيس الجمهورية تسلم من الحريري تشكيلة حكومية من 18 وزيراً، وعرض معه لاتصالات الساعات الأخيرة التي كان أجراها رئيس الحكومة المكلف على هذا الصعيد.
وقالت مصادر إن عون قدم للرئيس المكلف طرحاً متكاملاً حول التشكيلة الحكومية المقترحة يتضمن توزيعاً للحقائب على أساس مبادئ واضحة.
وأعلن الحريري بعد اللقاء أنه قدم تشكيلة حكومية كاملة من 18 وزيراً من أصحاب الاختصاص بعيداً عن الانتماء الحزبي. وقال: «الرئيس ميشال عون سيدرس التشكيلة، وسنلتقي مجدداً»، واصفاً الجو بالإيجابي، ومعبراً عن أمله «بأن نتمكن من تشكيل حكومة بسرعة توقف الانهيار الاقتصادي ومعاناة اللبنانيين وتعيد إعمار بيروت وتعيد الثقة والأمل إلى اللبنانيين، عبر تحقيق الإصلاحات المتفق عليها ضمن المبادرة الفرنسية».
وقالت مصادر مطّلعة على اللقاء إنه كان هناك تبادل لوجهات النظر ونقاش حول التشكيلة التي قدّمها الحريري إلى عون، وتحديداً في بعض الأسماء وتوزيع بعض الوزارات التي تحتاج إلى المزيد من التشاور.
وذكرت مصادر قريبة من الحريري أن عون لم يقدم تشكيلة حكومية، بل تركيبة من دون أسماء لحقائب وطوائف، أما الحريري فقدم تشكيلة كاملة متكاملة فيها أسماء لكل الحقائب والطوائف، وقد وعد الرئيس عون بدراستها وإعطاء الجواب بشأنها.
من جهته، لفت مستشار الحريري، النائب السابق مصطفى علوش لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الأجواء التي كانت تصل إلينا من فريق التيار الوطني الحر، لم تكن توحي بالإيجابية، وقد يكون كلام الحريري تحفيزاً للتسهيل»، مع تأكيده على أن «الحريري بخطوته لا شكّ أنه رمى الكرة في ملعب رئيس الجمهورية، لكنه لم يسع من خلالها إلى تحدّيه أو إحراجه، بل هدفه الأول والأخير السعي لتشكيل الحكومة، في وقت يصر البعض على اعتبار أن هناك إقصاء لفريق التيار الوطني الحر، وبالتالي العرقلة».
وجاءت أول ردّة فعل على تشكيلة الحريري من قبل رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان، إذ فيما كتب الأول على حسابه على «تويتر»: «في انتظار الدخان الأبيض»، انتقد الثاني التشكيلة المصغرة التي من شأنها أن تمنح الطائفة الدرزية حقيبة واحدة، وبالتالي لن يتمكن حزبه من الحصول على وزارة، وكتب على حسابه على «تويتر» قائلاً إن «اقتراح الرئيس المكلف لحكومة من 18 وزيراً غبن وإجحاف وظلم لطائفة الموحدين الدروز»، محذراً «من له يد بهذا الإجحاف من العواقب»، وداعياً «جميع ممثلي الطائفة الدرزية إلى رفض هذا التعاطي، وعدم الانجرار وراء مصالح شخصية على حساب مصلحة الطائفة العليا التي يجب أن تكون فوق كل اعتبار، وإلا فإن الآتي من الأيام سيكون أصعب، ولن ينفع حينها الندم».
وكان علوش قد اعتبر في حديث تلفزيوني أن «أي حكومة يشارك فيها (حزب الله)، لن تكون قادرة على الإنقاذ وستكون (بلا طعمة)»، معتبراً أن الموضوع في الحقيقة هو عند رئيس البرلمان نبيه بري. وإذا كان لدى الحزب ذرّة من العاطفة على اللبنانيين، فعليه أن ينكفئ في هذه المرحلة. وقال: «أي حكومة تضم (حزب الله) أو المشمولين بالعقوبات لن يتم التعامل معها من قبل الجهات الدولية».
وأضاف: «إذا كانت عقدة الوزير الشيعي في حقيبة المالية لا مخرج منها فلا يجوز أن يخلق رئيس الجمهورية عقدة في مقابلها». ورأى أن «الأوساط الدولية الداعمة لـ(حزب الله) لا تزال على دعمها وتعتبر أنها منتصرة»، معبراً عن خشيته من عدم الوصول إلى «تسوية للاستقرار في لبنان من دون حرب وكثير من الدماء». واعتبر أن «إحدى الرئات الأساسية للبنان هي دول الخليج، وهي النقطة الأساسية التي خسرناها بسبب (حزب الله) والمتعاونين معه. وتأمل هذه الحكومة في حال تألّفت أن تتلقّى المساعدات».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.