من «بريكست» إلى «الصداع التركي»... ملفات ساخنة أمام القمة الأوروبية

اتفاق بين لندن وبروكسل على ترتيبات تتعلّق بآيرلندا الشمالية

نائب رئيس المفوضية الأوروبية ماركوس سفكوفيتش يتحدث إلى الصحافيين في بروكسل أمس عشية القمة الأوروبية (أ.ف.ب)
نائب رئيس المفوضية الأوروبية ماركوس سفكوفيتش يتحدث إلى الصحافيين في بروكسل أمس عشية القمة الأوروبية (أ.ف.ب)
TT

من «بريكست» إلى «الصداع التركي»... ملفات ساخنة أمام القمة الأوروبية

نائب رئيس المفوضية الأوروبية ماركوس سفكوفيتش يتحدث إلى الصحافيين في بروكسل أمس عشية القمة الأوروبية (أ.ف.ب)
نائب رئيس المفوضية الأوروبية ماركوس سفكوفيتش يتحدث إلى الصحافيين في بروكسل أمس عشية القمة الأوروبية (أ.ف.ب)

تشهد المفوضية الأوروبية هذه الأيام حالة من الاستنفار غير المسبوق عشية قمة حاسمة غداً (الخميس) وبعد غد (الجمعة)، وأمامها ملفات معقدة: من انسداد مسار المفاوضات مع لندن حول «بريكست» إلى «الفيتو» الذي أعلنته المجر وبولندا على موازنة الاتحاد وصندوق النهوض من الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة «كوفيد-19»، مروراً بتحديد خطوط عريضة مشتركة لإطار العلاقات مع الإدارة الأميركية الجديدة، ومعالجة «الصداع التركي»، على حد وصف مسؤول أوروبي رفيع.
ولا يخفي المسؤولون في الجهاز الأوروبي للعلاقات الخارجية الذي يحتفل هذا الأسبوع بالذكرى السنوية العاشرة لتأسيسه على يد البريطانية كاترين آشتون، تشاؤمهم بشأن التوصل إلى حلحلة العقد التي تعترض التوصل إلى اتفاق مع المملكة المتحدة قبل الموعد المقرر لخروجها من الاتحاد الأوروبي مطلع الشهر المقبل، ويستبعدون أن يثمر اللقاء الثنائي المباشر الذي سيُعقد قريباً بين رئيسة المفوضية أورسولا فون در لاين ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون نتيجة حاسمة، أو حتى تهدئة في لعبة التهديدات والمزايدات التي تحولت إليها المفاوضات بين لندن وبروكسل.
ونفى مصدر أوروبي مسؤول، أمس، أن تكون فرنسا وراء ما وصفته أوساط إعلامية بالتشدد حيال المطالب البريطانية، مؤكداً أن جميع بلدان الاتحاد تقف صفاً واحداً وراء المفوضية في ملف المفاوضات التي ينتظر أن ترخي بظلالها على القمة الأوروبية غداً وبعد غد.
وتقول أوساط قريبة من كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه إن الملفات التي ما زالت موضع خلاف «قابلة للحل، على صعوبتها، إذا توصل الطرفان إلى اتفاق حول سياسة المنافسة وشروطها». وتجدر الإشارة إلى أن جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، من أقواها اقتصادياً إلى أضعفها، تخشى من حصول بريطانيا على شروط تنافسية تفضيلية في أسواق الخدمات المالية واللوجيستية الأوروبية.
الملف الآخر الذي يقلق الاتحاد الأوروبي، وبشكل خاص الرئاسة الدورية الألمانية التي تصل إلى خواتيمها نهاية هذا الشهر، هي الموافقة على موازنة الاتحاد للسنوات الخمس المقبلة، وعلى صندوق النهوض من الأزمة الاقتصادية، التي تصطدم برفض بولندا والمجر اللتين هددتا باللجوء إلى حق النقض، إذا تضمن الاقتراح ربط المساعدات بشروط الامتثال للمبادئ والقيم الأساسية التي يقوم عليها الاتحاد، والتي يُتهم البلدان بانتهاكها، مثل حقوق الإنسان وحرية التعبير واستقلالية القضاء.
وكانت المفوضية قد حضت بولندا والمجر على سحب الفيتو في موعد أقصاه صباح اليوم (الأربعاء)، وأنذرت الحكومتين بأنها، في حال الإصرار على الفيتو، ستلجأ إلى آلية تتيح للمجلس الموافقة بشكل استثنائي على الموازنة، وعلى صندوق النهوض من الأزمة، وحرمان البلدين من المساعدات. واشتكت المفوضية الأوروبية من أن عدة بلدان، بينها إيطاليا المستفيد الأكبر من صندوق المساعدات، لم تقدم بعد خططها للحصول على هذه المساعدات، بعد دراستها والموافقة عليها من الأجهزة الأوروبية المعنية. وأفاد ناطق بلسان المفوضية بأن البلدان التي قدمت خططها حتى الآن هي: فرنسا وإسبانيا والبرتغال واليونان وبلغاريا والجمهورية التشيكية وسلوفينيا.
وكانت الرئاسة الألمانية للاتحاد قد أعربت عن خشيتها من أنه أياً كانت أسباب التأخير في الموافقة على صندوق النهوض من الأزمة، ووصول المساعدات إلى الدول المتضررة، فإن تبعاته السياسية ستكون سلبية جداً، ومن شأنها أن توفر أرضاً خصبة للقوى والحركات الشعبوية واليمينية المتطرفة التي تنشط منذ أشهر في استغلال الجائحة والأجواء المحيطة بها للتمدد وتوسيع قواعدها الشعبية.
ومن الملفات الخارجية التي ستناقشها القمة الأوروبية غداً العلاقات مع تركيا التي كانت المحور الرئيسي في اجتماع مجلس وزراء خارجية الاتحاد مساء الاثنين الماضي، حيث نوقش اقتراح يوناني بفرض حظر تصدير السلاح إلى تركيا، لكن تُرك القرار للقمة التي تبدأ أعمالها غداً.
ويتضمن الاقتراح اليوناني الذي تدعمه الرئاسة الألمانية فرض عقوبات على تركيا بسبب أنشطة التنقيب «غير القانونية» عن الغاز داخل مناطق متنازع عليها في المتوسط. ومن المنتظر أيضاً أن تقدم ألمانيا اقتراحاً لفرض عقوبات على عدد من المنظمات والشركات والشخصيات التركية المتورطة في انتهاكات لحقوق الإنسان.
في غضون ذلك, أعلنت بريطانيا والاتحاد الأوروبي الثلاثاء التوصل لاتفاق حول مجموعة ترتيبات تتعلّق بآيرلندا الشمالية بعد بريكست، في وقت يستعد الطرفان لجولة محادثات جديدة يحاولان من خلالها إبرام اتفاق تجاري أوسع نطاقا لمرحلة ما بعد خروج المملكة المتحدة من التكتل.
ومن المقرر أن يجري بوريس جونسون محادثات مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في بروكسل لمحاولة تحقيق اختراق على خط المفاوضات التجارية التي تراوح مكانها منذ أشهر، وذلك قبل أقل من شهر من موعد خروج بريطانيا من السوق الأوروبية المشتركة.
واعتبرت آيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي أن الاتفاق حول الترتيبات المتعلقة بآيرلندا الشمالية يشكّل بارقة أمل ويشير إلى إمكان التوصل لاتفاق تجاري أوسع نطاقاً، على الرغم من أن أيا من الطرفين لم يبد تفاؤلا كبيرا، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال جونسون خلال تفقّده مستشفى في لندن استعدادا لإطلاق حملة التلقيح ضد فيروس كورونا: «أنا دائما متفائل، لكن يجب أن أكون صريحا معكم، الوضع حساس حاليا»، وتابع «على أصدقائنا أن يدركوا أن المملكة المتحدة خرجت من الاتحاد الأوروبي» لتحقيق السيادة البريطانية، مضيفا «لا نزال بعيدين من ذلك». وأضاف «يبدو ذلك صعباً جداً في الوقت الراهن. سنبذل قصارى جهودنا»، مؤكدا أن البلاد أمام خيارات كثيرة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».