المقداد ينوّه بـ«الدعم الشامل» من طهران لدمشق

شمخاني أكد له ضرورة «وضع حد للوجود الأميركي» شرق سوريا

الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال استقبال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في طهران أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال استقبال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

المقداد ينوّه بـ«الدعم الشامل» من طهران لدمشق

الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال استقبال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في طهران أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال استقبال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في طهران أمس (أ.ف.ب)

تعهد الرئيس الإيراني حسن روحاني، بمواصلة دعم الحكومة السورية، وذلك خلال استقباله وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أمس (الثلاثاء)، في طهران.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا)، عن روحاني القول إن العلاقات «ستستمر بقوة وبإرادة وقرار مسؤولي البلدين». وأضاف: «لا يساورنا أي شك في أننا يجب أن نستمر في المقاومة حتى النهاية والقضاء على الإرهابيين». وقال روحاني إن طهران «ستقف دائماً إلى جانب سوريا، حكومةً وشعباً... وسنظل دائماً إلى جانب هذا البلد حتى النصر النهائي».
ووصف المقداد العلاقة بين طهران ودمشق بأنها «من أكثر العلاقات السياسية في العالم قيمة ونزاهة»، وأضاف: «نعتقد أن على الدول الأخرى أن تتعلم كيفية بناء علاقة صداقة حقيقية وكيفية مواصلتها بقوة».
وأكد أن «العلاقات بين سوريا وإيران استراتيجية، وطهران ستبقى إلى جانب سوريا، شعباً وحكومة، حتى تحقيق النصر النهائي». وشدد على أن «مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والإرهاب، هدف مشترك بين سوريا وإيران»، مضيفاً أنه «لا شك في أن المقاومة ستستمر حتى القضاء على الإرهاب في المنطقة».
وقال روحاني: «نجدد إدانة اعتراف إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بالجولان السوري المحتل كجزء من إسرائيل، ونؤمن بأنه ينبغي مواصلة المواجهة مع (إسرائيل) حتى تحرير الأراضي المحتلة من بينها الجولان». وتابع: «نؤمن بأن مسار آستانة يخدم مصالح سوريا ووحدة أراضيها، وسنكمل هذا المسار بجدية».
وثمّن الرئيس الإيراني تعديلات الدستور السوري، قائلاً: «نثمّن إجراءات الحكومة السورية لتعديل الدستور، ونأمل أن تشهد سوريا العام المقبل انتخابات عامة تشارك فيها التيارات السياسية كافة». وأشار إلى أن «إيران اختبرت أسوأ العقوبات خلال السنوات الثلاث الماضية»، مؤكداً أنها «تدرك الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب السوري جراء الإرهاب والعقوبات».
كما لفت روحاني إلى أن «الهدف من اغتيال (قائد فيلق القدس) قاسم سليماني، هو الانتقام من مقاومة إيران وشعوب المنطقة»، وأضاف أن «الهدف من اغتيال (العالم النووي الإيراني) فخري زاده، هو الانتقام من التطور العلمي والتكنولوجي».
وكان المقداد قد التقى في وقت سابق اليوم، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، والذي رأى أن «أميركا تهدف من وراء وجودها في سوريا إلى تهريب نفطها وضمان أمن (إسرائيل) وتوسيع خلايا (داعش) الإرهابية في المنطقة»، وشدد على ضرورة «وضع نهاية للوجود الأميركي الشرير في المنطقة».
وأشاد المقداد خلال اللقاء بالدعم الشامل الذي قدمته طهران لسوريا في مكافحة الإرهاب. وكان المقداد قد وصل إلى إيران فجر أول من أمس (الاثنين)، في زيارة رسمية تستغرق يومين في أول زيارة رسمية للوزير السوري للخارج... وقد استقبله أمس، وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان إن المسؤولَين ناقشا خلال اللقاء «القضايا الثنائية والإقليمية والدولية فضلاً عن الحرب المشتركة ضد الإرهاب». وشدّد ظريف على «ضرورة اليقظة والتشاور» بين إيران وسوريا بسبب «التطورات الإقليمية الأخيرة».
وخلف المقداد وزير الخارجية السوري الراحل وليد المعلم في 22 الشهر الماضي، بعد وفاة الدبلوماسي المخضرم بعدة أيام. وتعد إيران من أشد مؤيدي الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب التي تعصف ببلاده منذ عام 2011.
وتسبب النزاع الدامي بمقتل أكثر من 380 ألف شخص وتشريد أكثر من نصف سكان سوريا سواء داخل البلاد أو خارجها. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، على «تويتر»، إنّ «إيران تقف إلى جانب شعب وحكومة سوريا في الحرب ضد الإرهاب». وأضاف أن «الحل السياسي هو الخيار الوحيد الممكن لإنهاء الأزمة الحالية».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.