مع احتدام التنافس في ولاية جورجيا، حيث يستعد الجمهوريون والديمقراطيون لانتزاع الأغلبية في مجلس الشيوخ عبر جولة ثانية من الانتخابات، بات السباق يجسد التوتر العام في البلاد ويمثل نسخة مصغرة عما يجري من مشاحنات منذ السباق الرئاسي في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
ففي المناظرة التلفزيونية الأخيرة التي جمعت بين الجمهورية كيلي لوفر، ومنافسها الديمقراطي رافاييل وورنوك، رفضت لوفر الاعتراف بهزيمة الرئيس دونالد ترمب في الانتخابات، مؤكدة حقه في الاستمرار بالدعاوى القضائية في المحاكم، وقالت السيناتورة عن الولاية: «الرئيس لديه كل الحق بمتابعة كل الخيارات القضائية، وهذا ما يحصل». واعتمدت لوفر نهج الرئيس الأميركي في الهجوم على منافسها بدلاً من الإجابة عن السؤال، فاتهمته بالراديكالية والاشتراكية، وهي سياسة اعتمدها الجمهوريون في السباقات التشريعية، ونجحت في تخويف الناخب الأميركي الذي صوت في نهاية المطاف ضد الكثير من المرشحين الليبراليين في مجلسي الشيوخ والنواب. وحذرت لوفر من أن الديمقراطيين يريدون تغيير وجه أميركا، وهي التصريحات نفسها التي كررها ترمب خلال زيارته للولاية ليل السبت الماضي، لدفع الناخبين نحو التصويت لصالح الجمهوريين هناك.
لكن على الرغم من محاولة الجمهوريين الحفاظ على وحدة رسالتهم في هذا السباق الحاسم لمصيرهم في الحكم، فإن مشكلتهم الأساسية تكمن في إصرار الرئيس على عدم الاعتراف بالهزيمة في الانتخابات. فإصراره هذا وضع حزبه في موقف حرج خاصة خلال سعيهم لحث الناخبين للتصويت لصالحهم في جورجيا. فمن جهة يتحدث المرشحان الجمهوريان لوفر، والسيناتور ديفيد بردو عن أهمية السباق القصوى في الإبقاء على شيء من السيطرة الجمهورية على مواقع القرار، وضرورة وجود مجلس شيوخ جمهوري بمواجهة رئيس ديمقراطي، في إشارة إلى فوز بايدن بالرئاسة، ومن جهة أخرى يرفضان الإقرار بأن ترمب خسر. وقد تركت هذه المواقف الناخبين في الولاية في حيرة من أمرهم، فهل صوتهم ضروري فعلاً لخلق توازن في العاصمة واشنطن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية؟ أم أن الرئيس الأميركي قد يبقى في الحكم، كما وعدهم؟
ولعلّ أكثر ما يؤرق الجمهوريين هو التصدي لادعاءات ترمب وحملته بوجود عمليات غش واسعة في الانتخابات، ودعوات بعض المحامين من فريقه إلى الامتناع عن التصويت في الولاية. فهم يخشون من أن تؤثر هذه الدعوات سلباً على حماسة الناخب للتوجه إلى صناديق الاقتراع للتصويت في انتخابات «مزيفة» بحسب وصف ترمب. ولهذا، حث كل من ترمب والقيادات الجمهورية الناخبين على التصويت بكثافة لحسم السباق لصالح الجمهوريين، وقال ترمب خلال زيارته للولاية: «إذا تركتموهم يسرقون الانتخابات مجدداً، فلن تتمكنوا من النظر إلى أنفسكم في المرآة!» رسالة تحمل معاني متناقضة، لكن طلبه هذا على الأرجح يدفع بمناصريه للتصويت للإعراب عن دعمهم له. إلا أن الجمهوريين لم يعتمدوا على دعوات ترمب فحسب، بل خصصوا مبالغ طائلة في الحملات الدعائية في الولاية قبل الانتخابات التي ستجري في الخامس من يناير (كانون الثاني). ووصلت تكلفة هذه الحملات من الحزبين حتى الساعة إلى أكثر من 329 مليون دولار منذ الإعلان عن الجولة الثانية من السباق. وهو مبلغ هائل، ويدل على الأهمية القصوى لهذا السباق ليس للحزبين فقط، بل لكل الأميركيين. وخير دليل على ذلك أن المناظرة التي جمعت بين وورنوك ولوفر تم بثها على غالبية المحطات التلفزيونية، وذلك في خطوة لافتة، إذ إن هذه المحطات لا تنقل عادة مناظرات المرشحين للكونغرس.
ومع استمرار ترمب تحدي نتيجة الانتخابات، وتوجيه اللوم للحكام الجمهوريين والديمقراطيين في الولايات التي فاز بها بايدن، انتقل مشهد التوتر من ولاية جورجيا حيث تلقى عدد من المسؤولين هناك تهديدات بالقتل، إلى ولاية ميشيغان، حيث تجمع عدد من المتظاهرين المسلحين خارج منزل سكرتيرة الولاية الديمقراطية جوسلين بنسون للاحتجاج على نتيجة الانتخابات. وهتف المتظاهرون بشعارات مطابقة لتلك التي رددها مناصرو ترمب خلال تجمع جورجيا الانتخابي: «أوقفوا سرقة الانتخابات». وقالت بنسون في بيان إن المتظاهرين تجمعوا مساء أمام منزلها، حيث كانت موجودة مع ابنها البالغ من العمر 4 أعوام، وأضافت «مطالب الأشخاص الموجودين خارج منزلي كانت مبهمة وعالية ومشبعة بالتهديد».
وتابعت: «لقد استهدفوني لدوري في الإشراف على الانتخابات، لكن التهديدات التي أطلقوها لم تستهدفني أنا بل استهدفت الناخبين». وغرّدت وزيرة عدل الولاية دانا نيسيل عن الحادثة فقالت: «يمكن لأي شخص الاعتراض على السكرتيرة بنسون من خلال أساليب حضارية وديمقراطية، لكن تخويف الأطفال والعائلات في منازلهم لا يعد ضمن هذه الأساليب».
حشد جمهوري كبير في جورجيا تمهيداً لانتخابات برلمانية حاسمة
حشد جمهوري كبير في جورجيا تمهيداً لانتخابات برلمانية حاسمة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة