خلافات بين عشائر الأنبار حول وفدها إلى واشنطن

شيخ قبيلة البونمر وصفه بأنه «وفد فنادق وليس خنادق»

وفد محافظة الأنبار يلتقي رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي قبل توجهه إلى واشنطن («الشرق الأوسط»)
وفد محافظة الأنبار يلتقي رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي قبل توجهه إلى واشنطن («الشرق الأوسط»)
TT

خلافات بين عشائر الأنبار حول وفدها إلى واشنطن

وفد محافظة الأنبار يلتقي رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي قبل توجهه إلى واشنطن («الشرق الأوسط»)
وفد محافظة الأنبار يلتقي رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي قبل توجهه إلى واشنطن («الشرق الأوسط»)

الزيارة المرتقبة لوفد الأنبار الحكومي والعشائري لواشنطن أثارت ردود فعل متباينة في الشارع الأنباري، وتراوحت الردود بين التفاؤل الحذر وانعدام الثقة والتشاؤم مما ستؤول إليه النتائج المرتقبة للزيارة، التي ربما ستشكل انعطافة في مسار الواقع الأمني والخدمي لمحافظة الأنبار التي تشهد نزاعا مسلحا بين القوات الحكومية ومقاتلي العشائر من جهة، ومسلحي تنظيم داعش الذي يسيطر على ما نسبته 85 في المائة من مساحة المحافظة من جهة ثانية، والتي تمثل حسب الواقع الجغرافي العراقي قرابة ثلث المساحة الكلية لأرض العراق.
مجلس محافظة الأنبار أكد أن الوفد يضم محافظ الأنبار صهيب الراوي ومسؤولين حكوميين وعددا من شيوخ العشائر، وسيتوجه الأحد المقبل إلى واشنطن لغرض التباحث في تسهيل عملية إرسال السلاح إلى المقاتلين من أبناء العشائر والقوات المتصدية لتنظيم داعش، وتفعيل الدعم من الجانب الأميركي للأنبار.
وقال نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار فالح العيساوي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوفد الأنباري الذي يضم محافظ الأنبار ورئيس مجلسها ومجموعة من المسؤولين وشيوخ العشائر سيغادر في 18 من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، لافتا إلى أن الوفد سيبحث مع المسؤولين في الحكومة الأميركية موضوع تسليح العشائر العراقية لتطهير الأنبار من وجود مسلحي تنظيم داعش بالكامل»، مشيرا إلى أن «عملية التسليح ستجري بشكل رسمي ومن خلال الحكومة المركزية، وسيسلم ليد من له القدرة والإمكانية على مقاتلة (داعش) فقط.. وأن السلاح سيعود إلى الحكومة المركزية بعد عملية تطهير مدن الأنبار من سيطرة تنظيم داعش».
فيما قال الشيخ أحمد أبو ريشة رئيس مؤتمر صحوة العراق لـ«الشرق الأوسط» إنه سيترأس وفدا رفيع المستوى من محافظة الأنبار لزيارة الولايات المتحدة في منتصف الشهر الحالي لبحث محاربة الإرهاب وتسليح العشائر.
وأضاف أبو ريشة أن «الهدف من الزيارة يأتي في إطار جهود محافظة الأنبار الرامية إلى تأمين المزيد من السلاح للجيش العراقي والشرطة العراقية، وزيادة الجهد الاستشاري والتدريبي لقوات التحالف الدولي في الأنبار، وكذلك تدريب آلاف المتطوعين في صفوف الجيش والشرطة من أبناء العشائر المحلية في الأنبار».
ومن جانب آخر قال عضو مجلس محافظة الأنبار ورئيس لجنة الإعمار فيها أركان خلف الطرموز لـ«الشرق الأوسط»: «إن عدم جدية الحكومة في تسليح العشائر، رغم أن العشائر تقاتل بقوة بما تمتلك من أسلحة وإمكانيات ذاتية، وعملية عزل الأنبار، يوحيان بأن هناك أجندة تشترك فيها كل الأطراف تستهدف المحافظة وتعمل وفق مخطط لتدميرها.. وأنا متشائم من ذهاب الوفد الذي يمثل قادة وشيوخ الأنبار لواشنطن، ومتأكد من أن الزيارة لن تحقق أي هدف من أهدافها، وهي عبارة عن فبركة إعلامية ومناسبة بروتوكولية فقط.. فالجانب الأميركي لو كانت لديه الجدية في محاربة (داعش) لما احتجنا لزيارة واشنطن أصلا لطلب المساعدة».
من جانبه، قال الشيخ نعيم الكعود، شيخ عشائر البونمر إحدى عشائر الأنبار، لـ«الشرق الأوسط» إن «الوفد لا يمثل العشائر إطلاقا، وإنما يمثل الحكومة المحلية فقط، والأحزاب، مع جل احترامي لها، ولكن من الأولى أن يمثل الوفد أهل الخنادق وليس أهل الفنادق.. وكان الجدير بالوفد أن يلتقي بنا نحن من قاتل المسلحين ويقاتلهم إلى الآن، فأنتم لا تعرفون شيئا عما يجري على أرض الواقع، فكلهم يتحدثون من خارج الأنبار، ومن منصات في الفنادق الفارهة».
إبراهيم الجنابي عضو المجلس المحلي لقضاء الرمادي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة المحلية في الأنبار وبعد عدم استجابة الحكومة المركزية لتجهيزها بالسلاح وعدم تقديم الدعم في أي شيء، ارتأت وجود خيارات أخرى، وكان من ضمنها طلب الدعم المباشر من الحكومة الأميركية في تجهيز السلاح وإنقاذ المحافظة بعد مرور أكثر من سنة على مماطلة الحكومة المركزية في موضوع التسليح.. ونحن متفائلون بزيارة الوفد رغم أننا ندرك أن الجانب الأميركي لا يحتاج إلى شرح لما يجري داخل العراق بشكل عام، وفي الأنبار بشكل خاص؛ فهم على دراية بكل صغيرة وكبيرة وكل مفاصل القوة والضعف».
من جانبه، قال الدكتور أحمد الراشد رئيس فرع نقابة الصحافيين العراقيين في الأنبار لـ«الشرق الأوسط»: «رغم أن أغلب المواطنين في الأنبار لم يطلعوا على أسماء بعض أعضاء الوفد الذي سيزور واشنطن، فإن الكل على علم بأن أكثر من نصف هذا الوفد لا يمثل أهل الأنبار، بل هم السبب الرئيس في المشكلة التي يعيشها أهل المحافظة»، مضيفا: «مع معرفتنا بوجود صراع سياسي دولي على العراق بين أميركا وإيران، فلا أعتقد أن يقوم هذا الوفد بإيقاف النار التي أكلت الأخضر واليابس على مدى أكثر من سنة في الأنبار، ونحن لسنا متفائلين إطلاقا بهذه الزيارة، ودائما ما يبحث أعضاء في هذا الوفد عن مصالحهم الخاصة قبل المصالح العامة».
وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن أسماء الوفد الذي سيغادر إلى الولايات المتحدة، والذي سيضم محافظ الأنبار صهيب الراوي، ورئيس مجلس المحافظة صباح كرحوت، ومدير ناحية عامرية الفلوجة فيصل العيساوي، وقائمقام حديثة عبد الحكيم الجغيفي، ومعاون المحافظ مهدي صالح النومان، إضافة إلى الشيخ أحمد أبو ريشة، والشيخ أحمد عبود العيادة شيخ البوجليب، والشيخ مزهر الملا خضر الفهداوي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.