«قسد» تتحدث عن طلب روسيا تسليم شمال الرقة للنظام

وفد بلجيكي يبحث في القامشلي مصير عائلات مقاتلي «داعش»

زيارة السيناتور جورج دالماني عضو البرلمان البلجيكي (يسار) إلى القامشلي (الشرق الأوسط)
زيارة السيناتور جورج دالماني عضو البرلمان البلجيكي (يسار) إلى القامشلي (الشرق الأوسط)
TT

«قسد» تتحدث عن طلب روسيا تسليم شمال الرقة للنظام

زيارة السيناتور جورج دالماني عضو البرلمان البلجيكي (يسار) إلى القامشلي (الشرق الأوسط)
زيارة السيناتور جورج دالماني عضو البرلمان البلجيكي (يسار) إلى القامشلي (الشرق الأوسط)

كشف مصدر عسكري من «مجلس عين عيسى العسكري»، أن القوات الروسية طلبت رسمياً من «قوات سوريا الديمقراطية»، تسليم بلدة عين عيسى بريف الرقة الشمالي، إلى القوات الموالية للنظام السوري.
وقال القيادي الذي تحفظ على نشر اسمه، إن اجتماعاً عقد قبل يومين في القاعدة الروسية بعين عيسى ضم قياديين من القوات وضباطاً من الجيش السوري ومسؤولين من الجيش الروسي «أبلغ خلاله الضباط الروس، قيادة (قسد)، أن التهديدات التركية جدية في اجتياح البلدة، وطلبوا تسليمها إلى قوات النظام السوري، إدارياً وعسكرياً، لقطع الطريق أمام التهديد التركي».
وبحسب المصدر، قدم الجانب الروسي مقترحات لقيادة «قسد» على أن يقيموا مربعاً أمنياً بمركز البلدة، يضم مؤسسات الإدارة ومكاتبها على غرار مربعات النظام الأمنية في مدينتي القامشلي والحسكة، شريطة رفع العلم السوري وافتتاح مؤسسات الدولة، بهدف قطع الطريق أمام الهجمات التركية ومنع تنفيذ هجوم واسع.
وتتعرض عين عيسى منذ أيام لهجوم عنيف من قبل الجيش التركي والفصائل السورية المسلحة الموالية لها، ونقل سكان المنطقة أن البلدة استهدفت بقذائف المدفعية، سقطت على قريتي معلك وصيدا ومخيم عين عيسى وأطراف البلدة، على بعد عشرات الأمتار من الطريق الدولي السريع (m4).
وأكد المصدر أن قيادة «قسد» طلبت مهلة لدراسة العرض، ورجح أنهم سيرفضون الطلب، ويعزو السبب إلى أن تركيا وفصائلها الموالية طلبت من روسيا «سحب مقاتلي قسد من مسافة 32 كيلومتراً، وعين عيسى تبعد عن الحدود التركية نحو 37 كيلومتراً، وبذلك هم المهاجمون وقد تجاوزا حدود التماس».
وتعد عين عيسى الشريان الرئيسي لوصل مناطق الإدارة الذاتية ومطلة على الطريق السريع الذي يربط محافظات حلب والحسكة والرقة، شمال شرقي سوريا، كما تتحكم بشبكة طرق رئيسية توصل مدينتي عين العرب «كوباني» ومنبج بريف حلب الشرقي، وبلدة العريمة بريف الباب.
إلى ذلك، وصل وفد من البرلمان البلجيكي برئاسة السيناتور جورج دالماني، وعقد اجتماعات مع قادة الإدارة الذاتية شرق الفرات، لبحث مصير عائلات «تنظيم داعش» الإرهابي القاطنين في مخيمي «الهول» و«روج» شمال شرقي سوريا، وقضية المسلحين الأجانب المحتجزين في سجون «قسد»، كما ناقش الوفد الزائر الهجمات التركية وتأثيرها على استقرار مناطق نفوذ الإدارة.
وضم الوفد البلجيكي كلاً من السيناتور كوين ميستو، مدير «الرابطة الدولية لضحايا الإرهاب»، وفيليب فانستيتكيستي، وعضو مجلس إدارة الرابطة، رودي ملك، والرئيسة التنفيذية لشركة «دعم الوقاية للأطفال المفقودين والمختطفين والمستغلين جنسياً» هايدي دي باولو. وعقدوا اجتماعات مع الرئيسة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية» إلهام أحمد، ورئيس دائرة العلاقات الخارجية لدى الإدارة الدكتور عبد الكريم عمر.
وقال جورج دالماني في تصريحات للإعلام، إن الوفد موجود لمناقشة قضايا كثيرة، أبرزها تقديم الدعم للإدارة المدنية، «ونثمن عالياً التضحيات التي قدمتها شعوب المنطقة الذين سقطوا بالحروب الدائرة ضد تنظيم (داعش)»، كما ناقش مصير مقاتلي التنظيم والأطفال والنساء الموجودين بالمخيمات، والهجمات التركية على المنطقة، إضافة إلى مناقشة «ملف جرحى الحرب وسبل تقديم المساعدة لهم ولضحايا الإرهاب، وكيفية العمل معاً لمعالجة هذه الملفات الشائكة».
من جانبه، قال الدكتور عبد الكريم عمر من الإدارة الذاتية، إن الاجتماعات ركزت على التهديدات التركية ومصير مقاتلي «تنظيم داعش» المحتجزين في المنطقة، «إلى جانب البحث في كيفية رعاية أطفال مسلحي التنظيم المتحدرين من جنسيات غربية وعربية، الموجودين في المخيمات، إضافة إلى النساء المهاجرات وإيجاد حلول جذرية لتلك القضايا».
في هذه الأثناء، قصفت فصائل الجيش الوطني والقوات التركية المتمركزة بالقرب من مواقع قوات النظام عند أطراف بلدة أبو راسين، مواقع لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في ريف الحسكة، تزامناً مع اشتباكات بالأسلحة المتوسطة والثقيلة بين الجانبين، على محاور دادا عبدال ونويحات وبسيس ومطمورة في المنطقة ذاتها، ما أدى إلى نزوح بعض الأهالي من تلك القرى إلى قرى مجاورة أكثر أمناً.
شهدت مناطق ريف إدلب الجنوبي اشتباكات وقصفاً متبادلاً بين قوات النظام السوري والفصائل المسلحة، بينما واصلت تركيا تعزيز نقاطها العسكرية في المنطقة وبخاصة في جبل الزاوية. وفي الوقت ذاته وقعت اشتباكات وقصف متبادل في ريفي الرقة والحسكة بين فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لأنقرة وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) نتج عنها موجة نزوح للأهالي. واندلعت اشتباكات، أمس الأحد، بين قوات النظام والفصائل على محوري الفطيرة وفليفل بريف إدلب الجنوبي، فيما قصفت قوات النظام قرى وبلدات سفوهن وكنصفرة وكفرعويد والحلوبة وبيين وفليفل، إضافة إلى العنكاوي بسهل الغاب ضمن ريف حماة الشمالي الغربي.
واستقدمت قوات النظام، السبت، تعزيزات عسكرية كبيرة إلى مواقعها في سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي، حيث وصلت آليات عسكرية محملة بمعدات عسكرية ولوجيستية إضافة إلى جنود إلى كل من العمقية وطنجرة.
في الوقت ذاته، دفع الجيش التركي بمزيد من التعزيزات التي دخلت من معبر كفرلوسين الحدودي شمالي إدلب، واتجهت نحو النقاط التركية المنتشرة في المنطقة. وتألفت من 15 آلية وشاحنة محملة بمعدات عسكرية ولوجيستية.
بدورها، نشرت «هيئة تحرير الشام» حواجز أمنية في ريف إدلب الغربي، ومناطق دركوش وجسر الشغور، وتقوم بتفتيش المارة، تزامناً مع مداهمة عناصرها الأمنية لمنازل عدة في المنطقة، واعتقال عدد من المطلوبين يعتقد أنهم عناصر من تنظيم «حراس الدين»، بينهم مقاتلون من جنسيات عربية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.