جيفري: فشلنا في 3 أهداف في سوريا... لكننا عرقلنا تقدم الأسد

المبعوث الأميركي قال إن على روسيا وإيران التفاوض {للخروج من المستنقع»

TT

جيفري: فشلنا في 3 أهداف في سوريا... لكننا عرقلنا تقدم الأسد

بعد فترة وجيزة من استقالة المبعوث الأميركي إلى سوريا، جيمس جيفري، في أعقاب الانتخابات الرئاسية الشهر الماضي، أثنى في حوار أخير، على سياسات إدارة الرئيس ترمب، التي تمكنت من «وضع استراتيجية أوقفت استراتيجية كارثية للخسارة في كل من العراق وسوريا بمواجهة قوى الإرهاب». وأكد الدبلوماسي السابق، أنه وزملاءه يغادرون المنطقة في حالة أفضل مما كانت عليه عند بداية تولى ترمب منصبه.
غيره أنه لفت إلى أن الإدارة المنتهية لم تكن قادرة على تحقيق أهدافها الثلاثة في سوريا، والمتمثلة في الانسحاب الكامل للقوات الإيرانية من سوريا، والهزيمة لتنظيم داعش، وحل سياسي في سوريا، لكن الولايات المتحدة والتحالف تمكنا من تأمين «مأزق عسكري» حرم الرئيس الديكتاتوري بشار الأسد من تحقيق المكاسب ميدانياً. مضيفاً أن القوات التركية تفعل الشيء نفسه في شمال سوريا، فيما «يهيمن سلاح الجو الإسرائيلي في السماء». جاء ذلك في مقابلة مطولة نشرتها الصحيفة الإسرائيلية «تايمز أوف إسرائيل».
علاوة على ذلك، أشار جيفري إلى التحالف الواسع ودعم المنظمات الدولية في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، في فرض عقوبات «سحقت الأسد اقتصادياً»، إلى جانب تعاون أعضاء جامعة الدول العربية الذين وافقوا على الحفاظ على العزلة الدبلوماسية للحكومة السورية. وأضاف، أن «ما يعنيه هذا بشكل أساسي، هو أن روسيا وإيران، ورثتا دولة فاشلة بالكامل، وإذا كانا يريدان الخروج من هذا المستنقع، فسيتعين عليهما التفاوض بجدية والقبول بالحلول الوسط». لافتاً، إلى أن التحدي الذي يواجه إدارة بايدن، هو إقناع روسيا وإيران بقبول التسويات التي من شأنها أن تضع حداً لإراقة الدماء في سوريا، و«تضع الأسد تحت السيطرة»، وسط «تردد متزايد» من البلدين للقيام بذلك.
ودافع جيفري عن سياسة إدارة ترمب في مقاطعة الأسد، قائلاً إنها استمرار لمواقف أوباما. وكان الرئيس الأميركي السابق، قد تحول في عام 2015، من دعم تغيير النظام إلى حل سياسي للصراع يؤيده مجلس الأمن الدولي، مما ترك الباب مفتوحاً أمام بقاء الرئيس السوري.
وبدا المبعوث السابق في الحوار المشار إليه، حريصاً في بعض الأحيان على عدم منح الكثير من الفضل لترمب، وبدلاً من ذلك امتدح بومبيو والكثير من سياسات الإدارة في الشرق الأوسط. وقال: أعتقد أنه وزير خارجية لامع حاز على ثقة الرئيس، وأن هذه الثقة كانت «ضرورية بالتأكيد» في إقناع الرئيس بالتراجع عن قراراته الأولية بسحب القوات الأميركية بالكامل من سوريا.
وكان ترمب، قد أعلن، فجأة، العام الماضي، أن حوالي 1000 جندي أميركي سينسحبون من شمال شرقي سوريا. ووسط غضب من الانتقادات في الداخل والخارج، ذهب الرئيس ليقول لاحقاً، إن عدداً صغيراً من القوات سيبقى في جنوب المنطقة لتأمين آبار النفط هناك. وقد أعرب مسؤولون إسرائيليون عن قلقهم من أن يؤدي الانسحاب الأميركي إلى فراغ في القوة في المنطقة، مما يسمح لإيران بتوسيع ترسخها العسكري بالقرب من الحدود الإسرائيلية.
وأثار جيفري الشهر الماضي ردود الأفعال عندما قال في تصريحات، إنه وآخرين في الإدارة داعمين للوجود الأميركي في سوريا، كانوا لا يوضحون لقيادتهم العدد الحقيقي للقوات التي لديهم هناك، مضيفاً أن العدد المتبقي في سوريا كان «أكثر بكثير» من 200 جندي حيث أعلنت لترمب، وقد وافق على تركها هناك. ويعترف الدبلوماسي المخضرم بأن تلك التصريحات قد أوقعته في «مشكلة»، إذ تم تفسيرها بشكل غير صحيح على أنها تشير إلى أنهم كانوا ينقلون معلومات خاطئة، عمداً، إلى الرئيس، وهو ما لم يكن كذلك على الإطلاق.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.