مخاوف من تغلغل الميليشيات في «الحرس الوطني الليبي»

TT

مخاوف من تغلغل الميليشيات في «الحرس الوطني الليبي»

في مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية لتفكيك الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة الوفاق الليبية، عقد قادة هذه الميليشيات اجتماعاً بقاعة مصفاة مدينة الزاوية، بهدف دعم جهاز الحرس الوطني الذي تخطط الحكومة لإنشائه.
وأكد ما يعرف باسم «تجمع ثوار ليبيا»، في بيان ختامي مساء أول من أمس، ضرورة إنشاء هذا الكيان العسكري الجديد للحفاظ على مؤسسات الدولة، ودعم جيشها، في إشارة إلى قوات الحكومة المعترف بها دولياً. كما دعا التجمع مؤسسات الدولة التشريعية للعمل على دعم جهاز الحرس الوطني، بصفته جسماً شرعياً بموجب القانون الصادر عن المؤتمر الوطني.
وقال العميد محسن الزويك، معاون رئيس جهاز الحرس الوطني، إنه سيكون موجوداً على الأرض خلال الأيام المقبلة، وعد أن التجمع ساهم في إتمام شرعيته الميدانية والتشريعية، لافتاً إلى أن  كل الأوراق القانونية للجهاز اكتملت لدى كل مؤسسات الدولة، بانتظار إنهاء معاملاته وميزانيته ومواقعه على الأرض. وذهب جمال بحر، عميد الزاوية، إلى ما هو أبعد من ذلك، بعدما قال في  كلمة أمام المؤتمر إن الحرس الوطني سيكون هو الحرس الثوري لثورة فبراير (شباط) المجيدة.
أما عميد الزنتان، مصطفى الباروني، فقال إن الجهاز سيكون الضامن لثورة 17 فبراير (شباط)، واللبنة لبناء الدولة المدنية، والحامي لمؤسساتها ومكتسبات الثورة. وحذر من المخاطر المترتبة على ترك هؤلاء دون إطار شرعي يضمن حقوقهم. وحذر من تجريم هؤلاء في المستقبل، وتركهم دون مؤسسة بعد التصدي لعدوان طرابلس. وعد أن الحديث عن كون الجهاز بديلاً للجيش الليبي هدفه تشويه وإبعاد الثوار الحقيقين عن قيادة المرحلة، لافتاً إلى أن هذا الجهاز موجود في كثير من دول العالم.
وكانت الميليشيات المسلحة، وما يعرف باسم «كتائب الثوار»، والقوات المساندة للوفاق، قد طالبت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حكومة الوفاق، ومجلسي النواب والدولة الموالين لها، بسرعة تفعيل الجهاز وفقاً للقانون رقم (2) لسنة 2015، الذي يقر بانضواء قوات الثوار والقوات المساندة للجيش الليبي تحت شرعية الدولة.
وطالب البيان كذلك باعتماد ميزانية الجهاز لمباشرة عمله في جمع السلاح وتنظيم القوات والقوات المساندة تحت شرعية الدولة الليبية، لقطع الطريق أمام المجرمين والعابثين بأمن واستقرار الوطن.
ولم تولد فكرة  الجهاز من العدم، فالمؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق) أجاز قانون إنشاء جهاز للحرس الوطني، يكون عناصره من الثوار السابقين، ويكون بمثابة قوة عسكرية تدعم قوات الجيش، لكن القانون لم ينفذ حتى اليوم.
ومؤخراً، اقترح الفريق  محمد الشريف، رئيس الأركان السابق لقوات الوفاق، في مذكرة قدمها إلى فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق، بصفته القائد الأعلى للجيش، إنشاء حرس وطني للحفاظ على مدنية الدولة، ومواجهة أي خطر يهددها، ومساندة الجيش في الدفاع عن سيادة بلاده ووحدة أراضيها.
وتشابه هذا المقترح مع مقترح سابق بإنشاء حرس رئاسي تابع للحكومة، يتضمن اعتماد العاصمة طرابلس مقراً له، وأن يتولى قيادته ضابط لا تقل رتبته عن عقيد، بينما يفتح باب الانضمام إليه عن طريق التجنيد أو التعيين أو النقل أو الندب أو الإعارة.
وفي شهر فبراير (شباط) عام 2017، شقت آليات عسكرية ومجموعات مسلحة قادمة من مدينة مصراتة طريقها إلى العاصمة طرابلس، وقدمت نفسها على أنها الحرس الوطني الليبي، معلنة بذلك عن تشكيل نفسها من الفراغ قوة عسكرية مستقلة، ما استدعى إعراب وزارة الخارجية الأميركية آنذاك عن القلق، كون «هذا الانتشار من شأنه إضعاف الأمن الهش أصلاً في طرابلس».
وهؤلاء المهمشين بعد انتهاء قتالهم إلى جانب قوات حكومة الوفاق، ومساهمتهم في طرد تنظيم داعش الإرهابي من سرت، دخلوا طرابلس حاملين السلاح بحثاً عن مكافأة إضافية، واستغلال الظروف لخلق كيان عسكري، في ظل غياب الجيش والشرطة في دولة تعرضت مؤسساتها للهيمنة على أيدي الميليشيات المسلحة التي عرفت طريقها إلى المشهد السياسي بسرعة، في أعقاب الإطاحة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي. وادعى هؤلاء أنهم بصدد «تقديم أنواع الدعم والحماية كافة لمؤسسات الدولة ومقارها، بالإضافة إلى حماية سفارات الدول والبعثات الدبلوماسية، وتوفير الأمن لرعاياها».
وتمارس الإدارة الأميركية ضغوطها لتفكيك الميليشيات، عبر خطة لفتحي باش آغا، وزير الداخلية بحكومة الوفاق، وقد هددت أكثر من مرة بفرض عقوبات دولية على الجماعات المسلحة التي «تحاول إفساد العملية السياسية، أو الانخراط في أعمال مزعزعة للاستقرار».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.