أمير المصري: «ليمبو» يغيّرالصورة النمطية عن اللاجئين في أوروبا

قال لـ«الشرق الأوسط» : أعيش حياة «المهاجر الدائم»

أمير المصري (المكتب الإعلامي للفنان أمير المصري)
أمير المصري (المكتب الإعلامي للفنان أمير المصري)
TT

أمير المصري: «ليمبو» يغيّرالصورة النمطية عن اللاجئين في أوروبا

أمير المصري (المكتب الإعلامي للفنان أمير المصري)
أمير المصري (المكتب الإعلامي للفنان أمير المصري)

قال الفنان المصري - البريطاني، الشاب، أمير المصري، إنه يعيش حياة «المهاجر الدائم» في أوروبا وأميركا، وأكد في حواره مع «الشرق الأوسط»، أنه واجه صعوبات عدة لتحقيق حلمه للوصول للعالمية. أمير الذي فاز بعدد من الجوائز، وتعاون مع عدد من نجوم السينما العالمية تخرج في أكاديمية LAMDA، وشارك في فيلم «المحارب العربي»، وفيلم Star Wars وينافس حالياً بالمسابقة الرسمية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي بفيلمه Limbo، الذي يسلط الضوء على معاناة اللاجئين العرب في أوروبا، وذلك بعد عرض الفيلم في مهرجان «كان» السينمائي.
بدأ المصري مشواره الفني عبر المسرح المدرسي في لندن بخطوات ثابتة، لكنه لم يحقق الشهرة عربياً إلا بعد ظهوره في فيلم «رمضان مبروك أبو العلمين حمودة». مع الفنان الكوميدي المصري الشهير محمد هنيدي.
أمير الذي يقيم حالياً بين مصر وبريطانيا، يؤكد أنه يعيش حياة «المهاجر الدائم»؛ لأنه يتكيف مع المكان الذي يوجد فيه عمله، سواء في أوروبا أو أميركا، أو مصر.
ويقول المصري، إنه كان محظوظاً باشتراكه في عدد من الأعمال الأجنبية من بينها، مسلسل The State، وفيلم Star Wars الذي من الصعب على أي ممثل محترف المشاركة به؛ فصنّاعه لا يشغلهم النجوم بقدر ملاءمة الممثل في الدور، ورغم أنه لم يكن أقوى دور قدمته، لكنه سيظل في تاريخ سينما هوليود والعالم كله، وفيلم «لوست إن لندن»، الفريد من نوعه من حيث طريقة التصوير والبث المباشر.
وعن كواليس مشاركته في فيلم «ليمبو» يقول «عندما قرأت السيناريو بكيت وضحكت في الوقت نفسه؛ فالسيناريست أبدع في التفاصيل وخصوصاً دور (عمر) الشاب السوري الذي يهوى الموسيقي ويعزف العود وهو من عائلة فنية اضطر إلى ترك وطنه بعد الحرب ليحصل على اللجوء في بريطانيا، لكنه يواجه بالواقع الذي فرض عليه السفر لجزيرة في اسكوتلندا ليعيش في حيرة من أمره، إما الرجوع أو الاستمرار».
ويعتبر المصري فيلم «ليمبو» أهم فيلم قدمه في حياته حتى الآن، لا سيما بعد الصعوبات التي مر بها خلال تصوير الفيلم، والتي كان من بينها تحمل البرد الشديد في فصل الشتاء والظهور بملابس خفيفة في إحدى جزر اسكوتلندا لتجسيد الحالة التي كانت تمر بها الشخصية التي حضّرت لها جيداً من خلال لقاءاتي مع عدد من اللاجئين أثناء البروفات والذين منحوني الثقة لتقديم الدور.
ويؤكد الفنان المصري البريطاني الشاب، أنه لم يتوقع رد فعل الجمهور الأوروبي الإيجابي بعد عرض الفيلم في مهرجانات عالمية؛ إذ قوبل أداؤه بتقدير مميز، بحسب وصفه.
ووفق المصري، فإن فيلمه يهدف إلى تغيير الصورة النمطية عن العرب في الغرب، ومحو فكرة أن العرب المهاجرين لديهم رغبات دفينة للاستحواذ على بلدان وأماكن غيرهم، فالعكس هو الصحيح... الغرب يستفيد من العرب، وللعلم أنا ترددت كثيراً في الموافقة على تقديمي هذا الدور؛ لأنهم في بريطانيا مثلاً يركزون كثيراً في بعض الأفلام على البطل الإنجليزي الذي يساعد اللاجئين لتحقيق أحلامهم ليعيشوا حياة أفضل مما كانوا عليه، ولكن فيلم LIMBO خرج عن المألوف وذكر الناس بحياة الشاب (عمر العربي) الذي كان يعيش حياة أفضل بكثير في بلده، مما كان يبحث عنه بالخارج فهو يتمتع بثقافة عالية وخلفية غنية.
وأعرب المصري عن سعادته لمشاركته في مهرجان القاهرة السينمائي للعام الثاني على التوالي بفيلم «ليمبو»، وذلك بعد مشاركته العام الماضي بفيلم «دانيال»، مشيراً إلى أن «العالمية» لا تعني العمل بالخارج وحسب، بل هي عبارة عن تقديم أعمال مهمة تحقق إشادات دولية مع الانتشار الواسع، وأنا كشخص من أصول عربية كان لا بد أن أثبت للممثلين الأجانب، أنني أقوى منهم، فمهمتي كانت إقناعهم بي كممثل قادر على لعب أي دور، بالإضافة إلى أنني وضعت نفسي في قالب معين في البداية لكي أستطيع الاستمرار في المجال ومع الوقت تنوعت حسب أهواء الدور.
وكشف عن أن أكثر ما يميز تصوير الأفلام في أوروبا وأميركا، الخصوصية الشديدة، في مواقع التصوير؛ لعدم تسريب أحداث وكواليس الأعمال، لافتاً إلى أنه ركز تواجده في الأفلام الغربية أكثر من العربية؛ لأن عدد الفنانين الذين ينتمون إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هناك قليل، والفرص كانت متاحة له أكثر.
ووصف فوزه بجائزة «الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون» بـ«الأمر النادر»؛ لأنه يندر حصول أي ممثل من أصول عربية عليها، لأن تقبلهم للعرب هناك صعب جداً، ورغم تواجد عدد لا بأس به من الممثلين، فإنه يوجد ثمة صعوبات نواجهها لإقناع المخرجين والمنتجين بأدائنا، فهي تعد شهادة كبيرة لأنني كنت ضمن خمسة فنانين بريطانيين وحصلت عليها، على حد تعبيره.
وعن المخرجين والممثلين العرب الذين يتمنى المصري العمل معهم يقول «أبرزهم مروان حامد، نادين لبكي، عمرو عرفة، كاملة أبو ذكري، بالإضافة إلى منة شلبي، منى زكي، نيللي كريم، هند صبري، وكريم قاسم وطارق الإبياري الذي بدأت معه الرحلة الفنية عربياً في فيلم «رمضان مبروك أبو العلمين حمودة».



«فانتازيا الوشاحي»... معرض استعادي لـ«سلطان النحت الطائر»

أحد الأعمال في المعرض الاستعادي لعبد الهادي الوشاحي (الشرق الأوسط)
أحد الأعمال في المعرض الاستعادي لعبد الهادي الوشاحي (الشرق الأوسط)
TT

«فانتازيا الوشاحي»... معرض استعادي لـ«سلطان النحت الطائر»

أحد الأعمال في المعرض الاستعادي لعبد الهادي الوشاحي (الشرق الأوسط)
أحد الأعمال في المعرض الاستعادي لعبد الهادي الوشاحي (الشرق الأوسط)

«التماثيل هي الوسيلة المُثلى لتنمية الحسّ الجمالي لدى الجماهير»، عبارة برزت في بهو غاليري «آزاد» بالقاهرة، الذي استقبل زُوّار المعرض الاستعادي للفنان المصري الراحل عبد الهادي الوشاحي بعنوان «فانتازيا الوشاحي»، المستمرّ حتى 10 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

بإعادة النظر إلى أعمال الفنان، تتجدّد الحالة التي يتركها لدى المتلقّى من حوار فلسفي وأفكار غرائبية يقدّمها عادة في قالب يمزج بين الواقعية والفانتازية لتحقيق الجمال الذي يصبو إليه؛ وهي الفلسفة التي يمكن الوقوف على أبعادها في عدد من أقواله، من بينها الجملة التي تصدَّرت بهو المعرض.

المعرض يضمّ اسكتشات بجانب المنحوتات (الشرق الأوسط)

ويُعدّ عبد الهادي الوشاحي (1936 - 2013) أحد أبرز النحاتين والفنانين التشكيليين في العالم العربي، ويضمّ المعرض الاستعادي أعماله المختلفة، بدايةً من تمثاله الصرحي الشهير لعميد الأدب العربي طه حسين، وعدد من تماثيله ولوحاته التي تُعرض للمرة الأولى، بجانب الاسكتشات والدراسات النحتية التي تطرح رؤية بانورامية لمسيرته الفنية منذ بدء مشاركته في الحركة التشكيلية المصرية عام 1959، وحتى رحيله عن 77 عاماً.

وجاء العرض البصري لـ«فانتازيا الوشاحي» بشكل يُتيح الاقتراب من عالم النحّات الراحل، إذ تُجاور أعماله الجوائز الدولية والمحلّية التي حصل عليها على مدى مشواره، وكان آخرها جائزة الدولة التقديرية لعام 2011، بما يتيح التجوّل بين الأعمال وذكريات المنحوتات والتعرّف إلى سياقها الزمني والتاريخي بالتوازي مع سيرته.

الفنان الراحل عبد الهادي الوشاحي مع أحد الأعمال النحتية (أسرة الفنان)

ونسَّقت أسرة الراحل وغاليري «آزاد»، المعرض، ليقدّم «رؤية متحفية شاملة تُغطي إلى جانب الأعمال النحتية جوانب أخرى تُلقي كثيراً من الضوء على شخصية الوشاحي»، كما تقول أميرة فهمي، والدة سيف الوشاحي نجل الفنان.

وتضيف في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «ضمن تلك الرؤية، عرضنا جزءاً من مكتبته الخاصة التي تكشف عن تنوّع قراءاته واهتمامه بالشأن العام، وكذلك ورشة الفنان التي حرصت الأسرة ومنظّمو المعرض على الحفاظ عليها وعرضها لمحبّيه وتلامذته لاستلهام طريقة عمله».

وتُقارب تلك الرؤية المتحفية الفلسفة النحتية التي تعبّر عن مدرسة الوشاحي، وفق تصريحات أميرة فهمي، فأسرة الفنان «اختارت عنوان المعرض (فانتازيا الوشاحي) لتماهيه مع العالم الفنّي لمنحوتاته، وتلخيصه لفلسفته في النحت»، موضحةً: «هو فنان مُتمرد لا على القوالب الاجتماعية والسياسية فحسب، بل تمرَّد أيضاً على القوانين الهندسية وقانون الجاذبية ذاته، لذلك أخذت منحوتاته أحياناً شكل الهرم المقلوب، فأحبَّ أن يأخذ الكتلة إلى أقصى نقطة يمكنها أن تذهب إليها في الفراغ المحيط بها من دون أن تفقد اتّزانها، ولهذا لم يكن مُستغرباً أن يقدّم لنا 3 منحوتات تحت اسم مسلسل (محاولة لإيجاد توازن)، وكذلك تمثال القفزة المستحيلة للاعب القفز بالزانة».

وتشير هنا إلى أنّ «نقاداً تشكيليين يقارنون بين عمل النحّات الراحل محمود مختار (الخماسين) ومنحوتة الوشاحي (استشراف)، وحين أزيح الستار عن تمثال الوشاحي الصرحي لطه حسين عام 2014، خلال المعرض الاستعادي الأول له، طُرحت فكرة وضع التمثال في نقطة مقابلة لتمثال مختار (نهضة مصر)».

تمثال طه حسين في استقبال زوار معرض عبد الهادي الوشاحي (الشرق الأوسط)

يقودنا هذا التمثال تحديداً للحديث عن مصيره، وفق أميرة: «هذا التمثال المُبهر لا يزال بخامة البوليستر، وهي مادة غير نهائية في انتظار صبّه في خامة البرونز، وهو ما لم تضطلع به الدولة حتى الآن رغم حرص سيف الوشاحي، الابن الوحيد للفنان الراحل، على إهدائه لها لتصبّه في خامة البرونز تمهيداً لعرضه الميداني».

جانب من زوار المعرض (الشرق الأوسط)

ووظّف منظّمو المعرض الجدران لخلق أفق فنّي يستعرض الألقاب التي أطلقها النقّاد على الوشاحي، وأشهرها «سلطان النحت الطائر»؛ وكذلك أشهر الأقوال التي عبّر فيها عن نظرته الذاتية والفنّية للنحت، ومنها: «أمارس النحت مثل مضاد حيوي أحافظ به على إنسانيتي»، و«أكاد أجزم أنني أتحدّث بلغة الشكل»، وهي العبارات التي يمكن سماع أصدائها تتردّد بلسان أعماله في المعرض بعد أكثر من 10 سنوات على رحيله.