فرنسا تودّع جيسكار ديستان صاحب فكرة «لقاء الكبار»

حياة الرئيس الأسبق مليئة بالنجاحات والإخفاقات

للرئيس الفرنسي المتوفى قول مأثور وهو أن فرنسا «لا تحكم إلا من الوسط» (أ.ب)
للرئيس الفرنسي المتوفى قول مأثور وهو أن فرنسا «لا تحكم إلا من الوسط» (أ.ب)
TT

فرنسا تودّع جيسكار ديستان صاحب فكرة «لقاء الكبار»

للرئيس الفرنسي المتوفى قول مأثور وهو أن فرنسا «لا تحكم إلا من الوسط» (أ.ب)
للرئيس الفرنسي المتوفى قول مأثور وهو أن فرنسا «لا تحكم إلا من الوسط» (أ.ب)

رحل الرئيس لفرنسي الأسبق فليري جيسكار ديستان، الذي حكم فرنسا ما بين عامي 1974 و1981، وفي قلبه غصة خسارة الانتخابات الرئاسية التي خاضها للمرة الثانية رغبة منه في ولاية جديدة بعد السنوات السبع التي قضاها في قصر الإليزيه كأصغر رئيس للجمهورية الخامسة، حيث كان يبلغ من العمر 48 عاماً. في المرة الأولى، هزم منافسه الاشتراكي فرنسوا ميتران بفارق كبير من الأصوات. لكنه في الانتخابات الرئاسية اللاحقة، كان ضحية جاك شيراك، «ألد حلفائه» وهو اليميني الديغولي الذي عيّنه جيسكار ديستان أول رئيس لحكوماته. إلا أن شيراك الطامح بقصر الإليزيه، اعتبر وقتها أن مصلحته السياسية تكمن في إسقاط جيسكار، لا بل إن دراسات وكتباً بيّنت لاحقاً أن حزبه «التجمع من أجل الجمهورية» طلب من أنصاره الاقتراع لمصلحة ميتران. وقد بيّنت السنوات اللاحقة أنه كان مصيباً في حساباته؛ إذ إنه ورث الرئاسة عن ميتران في عام 1995 وتربع على عرش الإليزيه طيلة 12 عاماً. أما الأمر الآخر الذي سمّم ولاية فاليري جيسكار ديستان فعنوانه فضيحة الماسات التي تلقاها هدية من إمبراطور وسط أفريقيا جان بوديل بوكاسا، الذي كان يسمي نفسه بوكاسا الأول، والتي أصبحت محل تندر من قبل الفكاهيين الفرنسيين. وحاول الرئيس الراحل أن يبرر الهدية بأنها «خاصة»، وكان قد تسلمها في عام 1973، أي قبل أن يصبح رئيساً. ثمة توافق بين المحللين على القول إنها كانت أحد أسباب خسارته بوجه فرنسوا ميتران.
منذ أن أعلنت وفاة جيسكار ديستان ليل الأربعاء ضحية لوباء «كوفيد - 19» عن 94 عاماً، برز إجماع لدى الطبقة السياسية الفرنسية وفي الوسائل الإعلامية للإشادة بما فعله هذا الرئيس لبلاده، وللتغيرات الإيجابية التي أدخلها على حياتها السياسية والاجتماعية، إضافة إلى ما قام به لأوروبا. وكانت لافتة تغريدة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي اعتبرت أن رحيله يعد «خسارة» لألمانيا باعتبار أن الرئيس الأسبق الذي كان يتكلم الألمانية نسج علاقة صداقة حقيقية مع المستشار هلموت شميت، وقد عملا معاً لدفع المشروع الأوروبي إلى الأمام. ولا يعرف الكثيرون أن الرئيس الأسبق هو صاحب فكرة التئام كبار هذا العالم في لقاءات مغلقة لمناقشة قضاياه بعيداً عن البروتوكولات، وهو ما تحول لاحقاً إلى «مجموعة السبع» التي تضم أكبر اقتصادات الدول الغربية، إضافة إلى اليابان. بيد أن «إرث» جيسكار الأهم يتمحور في الداخل الفرنسي. كان للرئيس المتوفى قول مأثور، وهو أن فرنسا «لا تحكم إلا من الوسط» لا يميناً ولا يساراً، وكان بذلك يريد أن يدفن المرحلة التي ازدهرت مع الجنرال ديغول وخليفته في رئاسة الجمهورية الرئيس جورج بومبيدو الذي لم ينه ولايته من سبع سنوات ومات في قصر الإليزيه بداء السرطان. مع جيسكار، عرفت فرنسا رئيساً «شاباً» بقامته الرفيعة المتمادية وبلغته المهذبة، وهو سليل بيت أرستقراطي ويمتلك قصراً في وسط فرنسا في بلدة «لا شاماليير». وسعى جيسكار منذ فوزه بالرئاسة إلى تجميع أحزاب «الوسط» السياسي والديمقراطية المسيحية والدفع باتجاه تشكيل «الاتحاد من أجل الديمقراطية» ليكون منافساً لليمين الديغولي رغم أن جيسكار الذي انخرط شاباً في الجيش أفاد أكثر من مرة بأنه يكنّ الاحترام لشخصيتين فرنسيتين رئيسيتين، هما، من جهة الجنرال ديغول، ومن جهة أخرى جان مونيه، مهندس الوحدة الأوروبية.
أراد جيسكار أن يكون «بطل الحداثة» في بلاده، وأن ينفض الغبار الذي تراكم في قصر الإليزيه؛ فركز على الإصلاحات التي وصفت وقتها بـ«التقدمية»، وأولها أنه منح الشباب حق الاقتراع لمن هم في الثامنة عشرة من العمر، والتفت إلى النساء وبالتعاون مع وزيرة الصحة في عهده سيمون فيل، أعطاهن حق الإجهاض ضمن ضوابط محددة. وتحسب للرئيس الأسبق ستة إصلاحات داخلية رئيسية، هي إضافة إلى ما سبق، إصلاح المجلس الدستوري، وإصلاح النظام الإعلامي الرسمي وإعطاؤه بعض الاستقلالية عن الحكومة، وإصلاح النظام التعليمي، خصوصاً الصفوف التكميلية، وإتاحة الطلاق بالتوافق بين الزوجين.
بيد أن جيسكار أدخل تغيرات على طريقة ممارسة الرئاسة التي أراد إخراجها من برجها العاجي وفتح أبواب قصر أمام الشعب. وكان يعرف عن جيسكار حبه للنساء، إلا أنه لم يصل إلى ما وصل إليه خليفته في الرئاسة فرنسوا ميتران الذي كانت له عائلتان: واحدة شرعية تقيم في الإليزيه، وأخرى سرية تقيم في مكان آخر. ولم يكن جيسكار يتردد في إبراز زوجته آن أيمون أو ابنته. ومما يحسب له، أنه دأب على الحلول ضيفاً على عائلات فرنسية عادية، كما أنه كان يدعو على مائدته الرئاسية عمالاً وافدين وعائلاتهم... جيسكار فهم قبل غيره أهمية الإعلام والصورة وقد استخدمهما للترويج لنفسه ولسياسته. هذا غيض من فيض مما أدخل الرئيس الأسبق من تغييرات.
وقد كان يحلم بالمزيد منها. إلا أن خسارته التي لم «يهضمها»، وهو بذلك يشبه الرئيس الأميركي دونالد ترمب؛ لأنه اعترف يوماً بأنه «لم يتصور أبداً أنه سيهزم» في الانتخابات الرئاسية. لذا؛ لم يتوافر لجيسكار الزمن الكافي لتحقيق كامل إصلاحاته. كان ينظر لنفسه على أنه الرجل المتفوق الذي برع في دراساته العليا وكان خبيراً اقتصادياً من الطراز الأول؛ ما مكّنه من الدخول إلى الوزارة لأول مرة في عام 1959 متقلباً بين حقائب عدة، أهمها المال والاقتصاد.
وقبل ذلك دخل إلى الندوة البرلمانية. وتوج مسيرته السياسية رئيساً في عام 1974 بعد أن نجح في إزاحة زعيم اليمين جاك شابان دلماس. وبعد خروجه من الإليزيه، خاض انتخابات محلية ثم انتخب نائباً في عام 1984، وكان يحلم بالعودة إلى الرئاسة. إلا أن زمنه كان قد تغير؛ لذا سعى لأن يصبح رئيساً للاتحاد الأوروبي، وهذا أيضاً لم يتحقق له، فجرّب الكتابة والقصة تحديداً فانتخب في الأكاديمية الفرنسية في عام 2003.
وآخر ما جاءت به الصحافة، أنه قبل 7 أشهر، خضع للتحقيق عقب شكوى تقدمت بها صحافية ألمانية اتهمته وهو في الـ94 من عمره بالتحرش الجنسي.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.