جهود مكثفة لمنع تفكيك «القائمة المشتركة»

في ظل القلق من تكرار الخطأ بتفكيك «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية في إسرائيل، وخسارة التمثيل العربي في الكنيست (البرلمان)، باشرت قوى سياسية وشعبية لدى فلسطينيي 48 جهوداً لوقف التوتر الناشئ بين نواب «الحركة الإسلامية» وبين بقية الأحزاب العربية، واحتواء الخلاف، ووضع الأسس للإبقاء على تحالفها للانتخابات المتوقعة في غضون الشهور القادمة.
وأبدى رئيس القائمة أيمن عودة، ورئيس «الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية» منصور عباس، استعداداً للتجاوب مع هذه الجهود؛ خصوصاً أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن القائمة ستخسر حوالي نصف تمثيلها البرلماني، من 15 حالياً إلى 9 مقاعد.
وكانت الخلافات قد تفاقمت قبل يومين، عندما قرر أربعة نواب من «الحركة الإسلامية» التغيب عن التصويت على مشروع قانون حل الكنيست الذي تقدمت به كتلة «يش عتيد – تيلم» بقيادة رئيس المعارضة، يائير لبيد، وبذلك ساندوا موقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بينما صوتت بقية نواب «المشتركة» مع المشروع، وحسموا بذلك في مسار التوجه لانتخابات جديدة. وقد أثار موقف «الحركة الإسلامية» انتقادات واسعة بين السياسيين العرب، واتهموا نوابها بـ«التآمر مع نتنياهو لمنع سقوط حكومته»؛ لكن رئيس القائمة، عباس، رفض هذا الاتهام، وفسر موقفه بالقول إن «التوجه إلى معركة انتخابات جديدة سيأتي بحكومة أسوأ من حكومة نتنياهو الحالية، إذ إن استطلاعات الرأي تشير جميعها إلى أن اتحاد أحزاب اليمين المتطرف (يمينا) برئاسة نفتالي بنيت، سيكون المستفيد الأكبر من إجراء انتخابات مبكرة. وإذا كان اليوم وزراء معتدلون يؤيدون السلام مع الفلسطينيين ويؤيدون المساواة للمواطنين العرب ويحافظون على أركان الديمقراطية والحريات، أمثال بيني غانتس وعمير بيرتس وإيتسيك شمولي وآفي نيسان كورن، وغيرهم، فإن الحكومة التي ستفرزها الانتخابات ستخلو من هؤلاء، وقد تكون أخطر حكومة يمين في تاريخ إسرائيل».
لكن الأحزاب العربية الأخرى اعتبرت موقف «الإسلامية»: «خللاً كبيراً وتمزيقاً للصفوف». وقال النائب أحمد الطيبي، رئيس كتلة «القائمة المشتركة»، ورئيس «الحركة العربية للتغيير»، في بيان أعلن فيه عن دعمه لقرار حل الكنيست: «لن أسمح لكتب التاريخ أن تقول إن أصوات أحمد الطيبي، أو البرلمانيين في (الحركة العربية للتغيير)، أو البرلمانيين من (القائمة المشتركة) منعت الإطاحة بنتنياهو».
وقال رئيس «القائمة»، النائب أيمن عودة: «حكومة نتنياهو تتنكر لحقوق شعبنا الفلسطيني وتمارس سياسة تمييز ضد العرب، وسياستها لنهب الأرض وتهويدها وهدم البيوت لا تتوقف، فعلى أي أساس نمنحها دعمنا».
وقد أجرى معهد «ستاتنت» برئاسة يوسف مقالدة، استطلاع رأي حول الموضوع، فتبين أن 63 في المائة من المواطنين العرب يؤيدون موقف «الحركة الإسلامية»، على الرغم من أن قوتها الجماهيرية لا تتعدى 25 في المائة من المصوتين، وأن 78 في المائة أعربوا عن تأييدهم لدخول «القائمة المشتركة» في ائتلاف بقيادة أحزاب الوسط واليسار اليهودية، و71 في المائة أيدوا دخول أي حكومة حتى لو كانت بقيادة اليمين. وعقَّب النائب منصور عباس على هذه النتائج، بالقول: «أنا أعرف أنني بموقفي الرافض لحل الكنيست والإعلان أننا لسنا في جيب قوى اليسار ولا قوى اليمين، إنما أعبر عن موقف غالبية جمهورنا. فالجمهور أرسلنا لكي نمثل مصالحه، ونؤثر على سياسة الحكومة في القضايا التي تهمنا. والتأثير لا يأتي فقط من المعارضة أو الصراخ، إنما يكون من إقامة تفاهمات مع الحكومة». وسألته مذيعة تلفزيونية: «ألست أنت من قال إن نتنياهو فاسد ومكانه السجن». فأجابها: «بلى، أنا الذي قلت. وكان هذا قبل سنة. وأنا أغير رأيي الآن وأرى أن قضية الفساد تبت فيها المحكمة. وطالما هو رئيس حكومة ويبدي استعداداً لدعم مطالبي لمصلحة شعبي، فإنني سأتفاهم معه».
في هذه الأثناء، قال النائب يوسف جبارين، أحد نواب «الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة» في «القائمة المشتركة»: «إن هناك خوفاً على تمثيلنا في الكنيست نتيجة هذه الخلافات. فقد أثار الأمر توترات في صفوف (القائمة المشتركة)؛ لكننا ما زلنا نعمل على الحفاظ على إطار العمل معاً. ومن المهم للغاية الحفاظ على جبهة واحدة وقائمة واحدة. والوحدة ممكنة دائماً في ظل التنوع، وأعتقد بأن عديداً من الأصوات السياسية في جمهورنا يمكن أن تتعايش داخل (القائمة المشتركة)».
المعروف أن «القائمة المشتركة»، هي تحالف سياسي يضم أربعة أحزاب تمثل العرب في إسرائيل، أعلن عن تشكيلها في 23 يناير (كانون الثاني) 2015، عشية الانتخابات.
وقد تشكلت بعدما أقر الكنيست (البرلمان) بأغلبية أحزاب اليمين، رفع نسبة الحسم من 2 في المائة إلى 3.25 في المائة، وبدا أن هناك خطراً من ألا تعبر نسبة الحسم معظم الأحزاب العربية إن خاضتها كل حزب بمفرده. وقد لاقت خطوة توحيدها في قائمة واحدة ترحيباً تعدى حدود فلسطينيي 48، ورأى فيها الفلسطينيون في كل مكان نموذجاً يبعث الأمل في وقف الانقسام وإعادة الوحدة إلى صفوف الشعب الفلسطيني برمته. وعبر المواطنون العرب عن حماسهم الشديد لها، ومنحوها 84 في المائة من أصواتهم، وحظيت بتمثيل 13 مقعداً؛ لكنها عادت وانقسمت في الانتخابات التالية إلى تكتلين، كل منهما يضم حزبين. فعاقبها الجمهور العربي وهبطت إلى 10 مقاعد. وبعد أن عادوا للتحالف مرة أخرى، أربعة أحزاب في قائمة واحدة، حصلوا على 15 مقعداً. لذلك تبذل الجهود اليوم لمنع تفكيكها مرة أخرى.