تباين حول تحذيرات ويليامز من تدهور الأوضاع في ليبيا

سياسيون اعتبروها «مكاشفة متأخرة»... وآخرون عدّوها «سعياً لإنجاز شخصي»

TT

تباين حول تحذيرات ويليامز من تدهور الأوضاع في ليبيا

تباينت ردود أفعال النخب السياسية في ليبيا بشأن التحذيرات «شديدة اللهجة» التي أطلقتها مبعوثة الأمم المتحدة ستيفاني ويليامز، حول «تدهور الظروف الاجتماعية والاقتصادية في ليبيا» و«وجود 20 ألفاً من القوات الأجنبية والمرتزقة في البلاد»، خلال كلمتها في الاجتماع الافتراضي الثالث، ضمن الجولة الثانية من ملتقى الحوار السياسي الليبي، أول من أمس. وبينما اعتبر سياسيون تحذيراتها «مكاشفة متأخرة»، رأى آخرون أنها «تسعى إلى إنجاز شخصي».
وقال عضو مجلس النواب الليبي عبد السلام نصيه إن «ما طرحته ويليامز كان بمثابة رسالة تحذير صريحة للنخبة السياسية برمتها، لا أعضاء الملتقى السياسي فقط، بمدى خطورة الوضع في البلاد، في محاولة لدفعهم للإسراع بتقديم التنازلات، والتوافق حول حل يسرع بتشكيل سلطة تنفيذية جديدة، تُمهد لإجراء الانتخابات».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «ربما لم تجد ويليامز أمامها سوى المعالجة عبر أسلوب الصدمة، بكشف الحقائق والأرقام للرأي العام الدولي، ومن قبله الشعب الليبي، وهذا لن يؤدي لدفع السياسيين لتذكر حجم المعاناة التي يعيشها الشارع الليبي، إنما بالأساس، قد يضعهم بمأزق في مواجهته، ما يضطرهم للبحث عن حل، ولعل أبرز ما شكل الصدمة، هو ما أعلنته المبعوثة عن ضخامة الوجود الأجنبي، وأثره في تدفق السلاح للبلاد».
وسبق للمبعوثة الأممية بالإنابة أن وجّهت في ختام الجولة الأولى لملتقى الحوار السياسي، التي استضافتها تونس، رسالة تحذيرية شديدة اللهجة إلى السياسيين الليبيين، قائلة: «كما تعلمون، لقد انقرضت الديناصورات، والديناصورات السياسية تواجه وبصراحة مصير الانقراض ذاته، في حال لم تثبت أهميتها»، وهو ما فسره بعض المراقبين بأنه تلويح بعقوبات دولية، قد تفرض ضد من ثبتت إدانته بعرقلة الجهود الأممية للتسوية السياسية.
في المقابل، يرى عضو مجلس النواب علي التكبالي أن «تحذيرات أو مكاشفة ويليامز، جاءت متأخرة جداً، ولا هدف لها، سوى تحقيق إنجاز يحسب لها»، متسائلاً عن «السر وراء صمت ويليامز طول هذا الوقت، عما ذكرته من معاناة الشعب الليبي، من فساد وتدهور للأوضاع المعيشية؟ وما الذي أعاق تدخلها لفرض عقوبات على الفاسدين أو على الأقل فضحهم بالإعلام؟». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «هي تبحث عن إنجاز شخصي في أزمة استمرت عقداً من الزمان، وتوافد عليها من قبلها ما يقرب من 6 مبعوثين أمميين».
ولم يبتعد عضو مجلس الأعلى للدولة عبد القادر أحويلي عن الرأي السابق بأن «ويليامز تسعى لتحقيق إنجاز ما قبل مغادرتها ولو على حساب ليبيا وأهلها». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأوضاع التي رصدتها ليست جديدة، وهي موجودة منذ الفترة الأخيرة خلال عهد المبعوث المستقيل غسان سلامة، بل إن الوضع الآن أفضل نظراً إلى انتهاء العمليات العسكرية».
وأشار إلى «وجود عدم ارتياح واسع بين أعضاء الملتقى السياسي لإصرار البعثة على التواصل معهم بشكل شخصي، كل على حدة، ومطالبتهم باختيار آلية واحدة من الآليات المقترحة لترشيح الشخصيات المنوط بها تولي المناصب السيادية بالسلطة التنفيذية القادمة، وهو ما يعني فقدان عملية التصويت للسرية الواجب توافرها، ويفتح التساؤلات حول مدى وجود رقابة محكمة لعملية التصويت».
وإلى جانب التحذير من تداعيات وجود 10 قواعد عسكرية بعموم البلاد تشغلها بشكلي كلي أو جزئي قوات أجنبية، وما يمثله وجود 20 ألف مرتزق من انتهاك مروع للسيادة الوطنية والقرار الدولي بحظر السلاح، أشارت المبعوثة الأممية إلى الأزمات الكثيرة التي يواجهها المواطن الليبي، من انخفاض حاد بالقدرة الشرائية، وعودة أزمة السيولة النقدية، وتفاقم أزمة جائحة «كورونا»، فضلاً عن تدني الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها الكهرباء.
وتوافق أحويلي مع من يرون أن المبعوثة الأممية «دأبت على إطلاق كثير من التهديدات للأطراف السياسية الليبية في الفترة الأخيرة». وقال: «هذا يحدث. لكن ليست لديها حجة على أحد، وأيضاً ليست لديها القدرة على تنفيذ تهديداتها، بسبب التدخل الدولي بالشأن الليبي».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.