المياه تدخل قناة السويس الجديدة

خلية نحل من شرق القاهرة حتى العريش.. لتنفيذ وتأمين المشروع

أول ممر مائي من القناة القديمة إلى القناة الجديدة واسمه نقطة الاتصال رقم 3 بمنطقة الكيلو 84 ({ الشرق الأوسط})
أول ممر مائي من القناة القديمة إلى القناة الجديدة واسمه نقطة الاتصال رقم 3 بمنطقة الكيلو 84 ({ الشرق الأوسط})
TT

المياه تدخل قناة السويس الجديدة

أول ممر مائي من القناة القديمة إلى القناة الجديدة واسمه نقطة الاتصال رقم 3 بمنطقة الكيلو 84 ({ الشرق الأوسط})
أول ممر مائي من القناة القديمة إلى القناة الجديدة واسمه نقطة الاتصال رقم 3 بمنطقة الكيلو 84 ({ الشرق الأوسط})

يقود السائق المصري حسين حفارا ضخما لرفع الرمال من قناة السويس الجديدة، في شرق القاهرة، ويقول إنه في مثل هذه الأحوال، أي حين يبدأ المطر في صفع الوجوه مع الرياح الشديدة «كنا نطفئ المحركات ونبحث عن مكان للاختباء إلى حين تحسن الطقس»، لكن هذه رفاهية لم تعد موجودة لا له ولا بالنسبة للرجال هنا.
وبينما تنتشر العشرات من النقاط الأمنية بالتعاون بين الجيش والشرطة لمطاردة فلول المتطرفين في سيناء الواقعة على الضفة الشرقية لأهم ممر ملاحي في العالم، يصل ألوف العمال الليل بالنهار من أجل حفر 72 كيلومترا للقناة الجديدة الموازية للمجرى القديم. ويضيف حسين على هدير الحفار: «لم أر أولادي منذ أمر الرئيس عبد الفتاح السيسي بحفر القناة.. 4 أشهر وأنا هنا».

ومنذ إطلاقه في أغسطس (آب) الماضي، انخرط في العمل بالمشروع الجديد أكثر من 84 شركة، ونحو 23 ألفا من المهندسين والعمال وسائقي الشاحنات والحفارات في عملية أصبحت تحظى باهتمام رجال الاقتصاد والسياسة في العالم. ومع ذلك فإن الأمر يبدو أنه لا يتعلق بمجرد شق قناة جديدة فقط، بل بخطة تظهر معالمها أمامك، وأنت تعبر على طول الطريق من شرق القاهرة إلى قناة السويس وحتى سيناء.. خطة متكاملة ذات أبعاد أكبر مما تبدو عليه للوهلة الأولى. ويأتي هذا قبل نحو شهرين من المؤتمر الاقتصادي الذي سبق ودعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، لمساعدة القاهرة والمتوقع أن يعقد في مارس (آذار) المقبل في مصر.
ويراقب النائب البرلماني السابق عن محافظة السويس، عبد الحميد كمال، مشهد الحفر هنا، ويقول إن تنفيذ مشروع القناة الجديدة يسير بمعدلات كبيرة.. هم يسابقون الزمن ويعملون على مدار 24 ساعة عبر 3 ورديات يوميا، مشيرا إلى أن «الجدوى الاقتصادية الضخمة لهذا المشروع العالمي الذي ستستفيد منه مصر وحركة الملاحة والتجارة في العالم.. معدلات العمل مرتفعة لإنجاز أكبر قدر من المشروع قبل المؤتمر الاقتصادي المنتظر».
وخسرت مصر مليارات الدولارات منذ «ثورة 25 يناير 2011»، بسبب الاضطرابات السياسية التي ظهرت معها التنظيمات المتطرفة، وقيام أكثر من 10 آلاف من المتشددين بالتحصن في سيناء خلال فترة حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي التي استمرت لمدة سنة.
وتسلم السيسي رئاسة الدولة المصرية وهي تعاني من نقص حاد في الطاقة وفي المخزون الاستراتيجي من الغذاء مع تراجع كبير في احتياطي البنك المركزي من النقد الأجنبي. أضف إلى ذلك الضغوط التي تعرض لها السيسي نفسه من جانب الكثير من الدول الغربية عقب انحيازه وهو وزير للدفاع لرغبة الشعب المصري في التخلص من حكم جماعة الإخوان ومرسي.
لكن مصر تمكنت بمساعدة عدد من الدول العربية وعلى رأسها السعودية من فرض إرادتها في المجتمع الدولي خلال بضعة أشهر فقط، كما تمكنت بمساندة من الأشقاء العرب من سد الاحتياجات الأساسية للشعب خاصة من الوقود والكهرباء. ويقول مصدر في الرئاسة المصرية إن السيسي، وحتى قبل أن يخوض الانتخابات الرئاسية، كان يرى أن البلاد مقبلة على مرحلة مصيرية، وأنه كان يقول: «إما أن نكون أو لا نكون.. وأن مصر إذا لم تتجاوز الكبوة التي وقعت فيها، فإنها لن تقوم لها قائمة لسنوات طويلة».
ويوضح النائب كمال وهو يتابع حفارا ضخما يرفع الرمال من مجرى القناة الجديدة إن «مشروع القناة أوجد منذ الآن فرص عمل كبيرة جدا كانت مصر في حاجة ملحة إليها للتغلب على المشكلة الاقتصادية المزمنة التي تعاني منها.. اليوم أصبحت توجد فرص للآلاف من العمالة الفنية والعمالة العادية وسائقي الشاحنات والحفارات واللوادر والمهندسين. هذه فرص عمل لم تكن متاحة هنا. وحركة تنشيط بالمنطقة لم تكن موجودة، وأصبح الآن يمكن أن ترى أفقا للاستثمار. وبالأمس بدأت مجموعات جديدة تتدرب على تشغيل آليات حفر مستوردة من الخارج.. هذا تحضير لأفق اقتصادي واجتماعي كبيرين».
ورغم أن السيسي كان مترددا في خوض انتخابات الرئاسة حتى لا يقال: إن انحيازه وهو وزير للدفاع لثورة الشعب ضد الإخوان في صيف 2013 هدفها تولي السلطة.. ورغم أنه لم يتقدم للشعب ببرنامج انتخابي محدد، فإن الغالبية العظمى من المصريين كانت تضغط عليه من أجل أن يترشح للرئاسة وأن يقود مصر للمستقبل.
ويقول أحد المقربين من السيسي: «حين اتخذ قرار خوض الانتخابات وخلع البدلة العسكرية وارتداء البدلة المدنية، اغرورقت عيناه بالدموع، لسببين.. الأول أنه لم يكن يرغب في ترك المؤسسة العسكرية التي أمضى فيها معظم حياته الوظيفية. والثانية أنه كان يدرك حجم التحديات التي أمامه، وحاجة مصر إلى نهضة شاملة في وقت وجيز. الرئيس قال حين تولى المسؤولية سنعبر عنق الزجاجة خلال سنتين، وهذا ما يجري بالفعل على أرض الواقع».
ومن خلال حديث مطول مع عدد من القادة العسكريين على ضفة قناة السويس، يبدو أن السيسي أخذ على نفسه عهدا بعدم إطلاق الوعود البراقة للشعب، وأن يقدم بدلا منها عملا حقيقيا على الأرض. فعلى الجانب الشرقي من القاهرة، سواء كنت تسلك الطريق الواصل من العاصمة إلى السويس أو إلى الإسماعيلية أو إلى بورسعيد وسيناء، يمكنك بكل سهولة أن ترى عملية بناء جديدة تشمل توسيع الطرق ونصب الجسور والكباري وحفر الأنفاق.. حتى تصل إلى قناة السويس نفسها التي تعبر منها عشرات الألوف من سفن العالم سنويا.
تتوقف الحافلة في الطريق المجاور للقناة. هنا مدينة الإسماعيلية التي تتوسط جانب المجرى من ناحية الغرب. أنت الآن على مرمى حجر من سيناء التي تقترن الأخبار عنها بالعمليات الإرهابية اليومية، لكن كل هؤلاء العمال الذين يشقون قناة جديدة يبدو أن لديهم ثقة في أن مستقبل المتطرفين إلى زوال. ويقول حسين وهو يقود الحفار: «القتل والتفجير لا يبني مستقبلا لأولادنا. المستقبل في العمل».
ومن داخل بستان من البرتقال الذي تشتهر به مدن قناة السويس، يلقي النائب كمال نظرة على إحدى السفن العملاقة وهي تعبر القناة في طريقها إلى البحر الأحمر قائلا إن «من خلال مشروع الممر الملاحي الجديد ومن خلال الحرب على الإرهاب في سيناء، تستطيع أن تقول إن مصر تبني بيد وتحمل السلاح باليد الأخرى لحماية الشعب من خطر المتطرفين.. وفي النهاية هذا أمر عظيم، خاصة أن القوات المسلحة والشرطة تبذلان مجهودا كبيرا جدا من أجل مقاومة الإرهاب. وبعد أحداث فرنسا وبعد العمليات الإرهابية في عدة بلدان وبعد ظهور داعش، بدأ العالم كله يشعر بمخاطر الإرهاب، وهذا ما سبق وحذر منه الرئيس السيسي».
ويطارد كل من الجيش والشرطة، منذ نحو سنتين من يسميهم بـ«التكفيريين» خاصة في المنطقة المحاذية لحدود سيناء مع قطاع غزة. وتمكنت القوات الأمنية من محاصرة أوكار المتطرفين بعد أن أزالت عشرات المباني السكنية التي تحولت في الماضي لمراكز للتهريب عبر الأنفاق بين غزة وسيناء. وأجرى الجيش مداهمات جديدة في المناطق الحدودية في الشيخ زويد ورفح. وشدد الفريق أول صدقي صبحي وزير الدفاع على أنه «لا تهاون مع من يحاول العبث باستقرار الوطن».
وتنتشر على جانبي الطريق الواصل من القاهرة إلى الإسماعيلية مئات المزارع الكبيرة ويمكن أن ترى الثمار الملونة وهي تتدلى من الأشجار الخضراء. وعلى غير المعتاد في الطرق المصرية، أصبح هناك «دوريات أمنية متحركة» بكثافة، بحيث إنه لا يمكن أن يساورك القلق من حوادث الخطف والإرهاب، كما يقول سائق السيارة الأجرة الذي ظل يعدد طوال الطريق محاسن الرئيس السيسي وما يقوم به من مشروعات. ومن هنا تستطيع أن تعبر القناة إلى داخل مدينة العريش عاصمة محافظة شمال سيناء، وهي منطقة أصبحت مدرجة ضمن المستفيدين من فتح مجالات العمل في السويس.
ويقول رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب: «مصر أصبحت تسير على طريق واضح من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية»، في إشارة إلى قرب عقد المؤتمر الاقتصادي والبدء في إجراءات انتخاب أول برلمان في عهد السيسي. وتجري عملية حفر القناة الجديدة على مرحلتين باستخدام ما يزيد عن 4500 من الآليات المتنوعة.. المرحلة الأولى: الحفر على الناشف لرفع 258 مليون متر مكعب من الرمال. والمرحلة الثانية حفر الرمال المختلطة بالمياه (التكريك) وتبلغ كميتها 242 مليون متر مكعب.
وكان هذا أول يوم لفتح المياه من القناة القديمة إلى القناة الجديدة. وكان يمكن لمركب صغيرة (لنش) أن تعبر مسافة 600 متر للانتقال لأول مرة من القناة القديمة والإبحار فوق مياه القناة الجديدة وبطول نحو كيلومتر، بينما كان العمال يديرون الآلات العملاقة لضخ الرمال المغمورة بالمياه بعيدا عن مجرى القناة الجديدة من الجانبين الشمالي والجنوبي.
وتربط قناة السويس، التي افتتحت للملاحة لأول مرة قبل 150 سنة بحضور قادة العالم في ذلك الزمان، بين البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، وتستخدم طريقا بحريا مختصرا بين شرق العالم وغربه، بدلا من طريق رأس الرجاء الصالح البعيد، والواقع في جنوب القارة الأفريقية، والذي يكلف دوران السفن من حوله الكثير من الوقت والمال.
وتعبر من قناة السويس الحالية أكثر من 18 ألف سفينة سنويا، وتحقق أرباحا لمصر قدرها 4.86 مليار دولار سنويا. لكن مشروع القناة الجديدة سيتيح إمكانية عبور نحو 27 ألف سفينة سنويا. والأهم مضاعفة الدخل القومي لمصر من العملات الأجنبية بنسبة تقدر بنحو 260 في المائة.
ويعد هذا من أكبر المشروعات القومية في مصر منذ عقود. وكانت المدة المقررة للانتهاء منه 5 سنوات ليكون جاهزا أمام حركة الملاحة الدولية، لكن الرئيس السيسي، الذي يسعى لإخراج بلاده من دائرة الفقر والعوز، رد على منفذي المشروع بقوله إنه لا بد أن ينتهي خلال سنة واحدة. ويوضح رئيس هيئة قناة السويس، الفريق مهاب مميش: أجبتُ الرئيس وقلت له، كرجل عسكري، إن الأمر قد جرى تنفيذه بالفعل؛ أي أن المشروع سينتهي في أغسطس المقبل.
وتحرك «اللنش» من أمام مرسى نادي الزهور، على مجرى القناة القديم، بينما كان الجنود والموظفون يلوحون بالأعلام الوطنية من بعيد احتفاء بعدد من المستثمرين المصريين والعرب والأجانب الذين كانوا قد انطلقوا في «لنش» آخر لتفقد عمل الشركات التابعة لهم في حفر المجرى الجديد للقناة، بصحبة اللواء كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، المشرفة على المشروع.
وفي الخلفية، على رصيف الميناء، كانت فرقة الموسيقى العسكرية بملابسها الحمراء، تعزف الأناشيد الوطنية، ومن بينها نشيد «خلي السلاح صاحي». ومن وسط القناة حلقت طيور البحر حول ناقلة بضائع عملاقة قادمة من آسيا وفي طريقها إلى البحر المتوسط. وخرج أحد البحارة فوق السطح، وأخذ يشير بعلامة النصر بأصابعه.
وهبت الرياح الباردة مجددا وبدأ رذاذ المطر يختلط برذاذ مياه القناة المالحة.. وأمسك أحد مسؤولي بنك الإمارات دبي الوطني، وهو ألماني الجنسية، بالحاجز حيث كان يجلس فوق اللنش البحري الصغير متجها إلى نقطة الاتصال رقم 3 بمنطقة الكيلو 84 جنوب القناة، وهذا المكان هو الذي جرى فتحه من أجل دخول المياه من القناة القديمة إلى القناة الجديدة. وسينتهي حفر 3 قنوات اتصال أخرى بين القناتين خلال أسابيع. ويتراوح عرض اليابسة الذي تفصل بين القناتين بين 500 متر وحتى 4 كيلومترات. وستقام على هذه الأراضي التي تشبه الجزر منتجعات سياحية ومراكز خدمية وغيرها.
وهنا تمكن العمال تحت روافع الحفارات العملاقة من إزالة ملايين الأمتار المربعة من الرمال، وفي كل يوم يزيحون من أمامهم كثبانا رملية جديدة لفتح مسافة يصل طولها إلى 72 كيلومترا. وفي يوم الجمعة كان يمكن التجول بواسطة مركب، لأول مرة، فوق القناة الجديدة.
ورغم سوء أحوال الطقس في مثل هذا الوقت من السنة، يستمر العمال في شق المجرى الملاحي الجديد في تحد لكل الظروف. ويقول محمود بشير، وهو سائق شاحنة من مدينة أسيوط بجنوب البلاد، إن العمل في مشروع القناة الجديدة أنقذه من البطالة بعد أن كان يستخدم شاحنته في نقل البضائع إلى ليبيا التي تعاني في الوقت الحالي من الاضطرابات السياسية والأمنية. ويضيف أنه كان يعمل سائق شاحنة في العراق أيضا حتى أواخر الـتسعينات من القرن الماضي، وعاد إلى مصر بسبب الحرب في العراق وقتذاك.
ومن المعروف أن معاناة مصر مع البطالة ارتفعت بشكل كبير بعد التداعيات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، سواء في العراق أو فيما بعد في ليبيا التي كان يعمل فيها نحو مليوني مصري. ويضيف أحمد عبد المجيد، من محافظة بورسعيد المجاورة، وهو مهندس متخصص في إصلاح مضخات «التكريك»، أي طرد الرمال المشبعة بالمياه في مجرى القناة الجديد، وهو نوع من المضخات العملاقة، إن عملية «التكريك» بدأت تأتي بنتائج طيبة بالفعل منذ عدة أسابيع، وحولت أرضية القناة الجديدة من رمال جافة إلى مستنقعات.
ويبلغ إجمالي كميات الرمال المبللة من خلال أعمال «التكريك» نحو 242 مليون متر مكعب. وتبلغ كلفة طرد هذه الرمال من المجرى الجديد نحو ملياري دولار وتقوم بها 22 كراكة تابعة لشركات عالمية وأخرى لهيئة قناة السويس. وبالإضافة للشركات المحلية توجد أيضا شركات تعمل في المشروع من الولايات المتحدة والإمارات وهولندا وبلجيكا وغيرها. وجاء خبر جديد عبر الهاتف عن وصول كراكتين جديدتين للمشاركة في الحفر، من أجل سرعة إنجاز المشروع هما الكراكة «بلس1» و«بلس2». ويقول مسؤولو القناة إنه بنهاية الشهر الجاري سيصل إجمالي الكراكات إلى 36 كراكة.
ويضيف المهندس عبد المجيد أن «هذه المستنقعات ستتحول سريعا بفعل التكريك إلى مجرى مائي بعمق مترين على الأقل خلال الأسابيع المقبلة، وبعد ذلك تبدأ أعمال تعميق القناة لتكون متاحة لعبور السفن بحلول الصيف المقبل». وتسلم عبد المجيد مثل الآلاف من زملائه هنا أطقم جديدة من الملابس الشتوية التي وفرتها القوات المسلحة مع بطاطين ولوازم معيشة إضافية.
وعلى التلال الرملية وفي الحدائق القريبة من مكان العمل، جرى نصب عشرات الخيام والشقق المتنقلة (كرافانات)، بعضها مخصص للسكن وبعضها الآخر للخدمات الأمنية والعيادات الطبية والاتصالات الهاتفية. وشهد مركز الاتصالات زحاما من جانب العمال أثناء احتفالات المصريين بالمولد النبوي وبليلة رأس السنة. ويقول عبد المجيد: لم يكن هناك وقت للإجازة، وأسرتي تتفهم هذا. قلت لزوجتي عبر الهاتف أن تشتري هدايا المولد للأولاد ولم تتذمر كما كانت تفعل في السابق. هي تعرف أن العمل لن يتوقف هنا حتى يتم وينتهي في وقته المحدد إن شاء الله.
وفي الجانب الآخر من الكثبان الرملية كان أحد العمال يصيح وهو يرشد سائق الشاحنة التي كانت ترجع إلى الخلف لنقل مزيد من الرمال بعيدا عن الشاطئ الجديد للقناة. وستقام على طول الشاطئ الشرقي للمجرى الجديد، مزارع سمكية ومشاريع للصيد البحري وغيرها. وعلى تل رملي يشرف على القناة كان يقف نحو 7 من رجال الجيش يحرسون الموقع. وعلى جانب القناة تمر الدوريات لتأمين السفن العابرة للقناة.
ويقول مسؤولو الأمن هنا إن «الإرهابيين الذين جرى تضييق الخناق عليهم في سيناء حاولوا ضرب المشروع، وفشلوا». وفي اليوم التالي تمكنت قوات الأمن من ضبط 4 قال مدير أمن بورسعيد، اللواء إسماعيل عز الدين، إنهم «من عناصر جماعة الإخوان الإرهابية»، وكانوا يستقلون سيارة ويقومون بتصوير المجرى الملاحي للقناة ونقاط التفتيش على طريق «بورسعيد - الإسماعيلية» في محاولة لاستهدافها. كما عثر بالسيارة على «منشورات تحريضية ضد أجهزة الدولة».
وتتلخص فكرة المشروع في إنشاء قناة موازية يبلغ طولها 72 كيلومترا، منها 35 كيلومترا بالحفر الجاف وتوسيع وتعميق 37 كيلومترا من القناة الأصلية التي يبلغ طولها، من البحر الأحمر حتى البحر المتوسط، 190 كيلومترا.
ويتضمن مخطط المشروع تنمية 42 قطاعا آخر من بينها تطوير الطرق التي تربط القاهرة بالمدن الواقعة في الشرق، وهي مدن القناة وسيناء. واستحداث أنفاق للربط بين ضفتي القناة، وكذلك إقامة مطارين، و3 موانئ لخدمة السفن، ومحطات لتموين السفن العملاقة وغيرها. كما يشمل المشروع إقامة وادي السيليكون للصناعات التكنولوجية المتقدمة، وإنشاء منتجعات سياحية ومدن جديدة على طول القناة، مما سيسهم في توفير أكثر من مليون فرصة عمل.
أما الهدف من إقامة المجرى الملاحي الجديد فيتلخص في عدة نقاط استراتيجية واقتصادية وأمنية.. ويقول أحد كبار الضباط من المشرفين على تنفيذ المشروع إن تطوير قناة السويس سواء بإقامة المجرى الجديد أو بتعميق المجرى القديم: «قضية استراتيجية» لأنه يقضي تماما على المشروع المنافس الذي كانت تريد أن تقوم به إسرائيل، والمعروف باسم «إيلات – أشدود» لربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط سواء عن طريق قناة مائية أو خط سكة حديد.
أما اقتصاديا فإن المشروع سيعزز الدخل القومي المصري من العملات الأجنبية، ويقلل في الوقت نفسه من تكلفة الرحلة البحرية لملاك السفن ويزيد الطلب على استخدام القناة كممر ملاحي رئيسي عالمي، ويرفع من درجة تصنيف القناة، مع توقع ارتفاع النمو في حجم التجارة العالمية مستقبلا.
وفيما يتعلق بالشق الأمني يأمل القائمون على المشروع أن يعمل على امتصاص البطالة في البلاد خاصة في سيناء والمحافظات المجاورة للقناة، وزيادة الدخل لملايين العمال وتنشيط عجلة الاقتصاد وبالتالي الاهتمام بالخدمات الأساسية للمواطنين، خاصة في المناطق المحرومة.
ويقول مميش إن الحروب التي مرت بها مصر في التاريخ الحديث بدأت من قناة السويس، ولهذا فإن المعركة المقبلة ستكون «معركة تنمية» تنطلق من خلال مشروعي تنمية منطقة قناة السويس وحفر القناة الجديدة.
وحين يدرك سكان مدينة الإسماعيلية، على سبيل المثال، أنك ممن يعملون في القناة الجديدة أو أنك قادم لزيارة المشروع يستقبلونك بالأعلام، ويرفع لك تلاميذ المدارس شارات النصر. ويوجد بين المصريين وقناة السويس تاريخ خاص.. فقد شارك أكثر من ربع مليون فلاح مصري في حفر القناة منذ عام 1859 ولمدة 10 سنوات. وهنا دعا الخديو إسماعيل زعماء العالم لحضور الحفل الأسطوري لافتتاح المشروع الذي غير مسار التجارة في العالم.
ومنذ تأميمها من الشركات الأجنبية في عام 1956 لصالح الدولة المصرية، تعرضت القناة للغلق 5 مرات، بسبب الحروب بين مصر وإسرائيل، إلى أن عادت للعمل من جديد عام 1975. ويستلهم المشروع الحالي مجموعة أفكار جرى طرحها في الماضي على الرؤساء المصريين، منذ عهد السادات، لكنها كانت تقتصر وقتذاك على تحويل الممر المائي التقليدي إلى مركز اقتصادي عالمي، إلى أن تولى الرئيس السيسي المسؤولية، ليفاجأ المصريون في الخامس من أغسطس الماضي بالبدء فعليا في تنفيذ مجرى جديد للقناة وتنمية المنطقة وما حولها بالكامل.
ونجح السيسي في إقناع الشعب بجدوى المشروع وأهميته، وظهر ذلك حين طلب من المصريين شراء شهادات استثمار في القناة الجديدة بفائدة تصرف كل 3 أشهر قدرها 12 في المائة. وتمكن بالفعل، في 15 أغسطس، من جمع 61 مليار جنيه مصري (نحو 8 مليارات دولار).
ويقول الفريق مميش وهو يتحدث بحماسة وعزم عن المشروع إن المصريين حين اشتروا شهادات الاستثمار في القناة الجديدة الصيف الماضي لم يقصدوا تحقيق أرباح لأنفسهم، ولكنهم كانوا يريدون أن يبرهنوا للجميع في الداخل والخارج على ثقتهم في الرئيس وفي الخطوات التي يتخذها من أجل البناء، والدليل على ذلك أن البنوك شهدت ازدحاما على شراء الشهادات، لكنها لم تشهد الازدحام نفسه على تحصيل الفوائد عند حلول موعد استحقاقها.
ومن فوق اللنش البحري يمكن أن ترى على جانبي المجرى القديم الحركة الدائبة، على مدار الساعة، والتي تشبه خلايا النحل بما فيها قوات تأمين القناة من رجال الجيش وقوات الشرطة وأمن القناة. ويقول الفريق مميش، وهو يراقب تدفق المياه في المجرى الجديد: هذا أبلغ رد على كل من شكك في خروج المشروع للنور مؤكدا أن الفضل يرجع لإدارة هيئة قناة السويس والقوات المسلحة والشعب المصري.



غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

TT

غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)
مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)

في المنطقة الجنوبية من الساحل الفلسطيني على البحر المتوسط، على مساحة لا تزيد على 360 كيلومتراً مربعاً، بطول 41 كم، وعرض يتراوح بين 5 و15 كم، يعيش في قطاع غزة نحو مليوني نسمة، ما يجعل القطاع البقعة الأكثر كثافة سكانية في العالم.

تبلغ نسبة الكثافة وفقاً لأرقام حديثة أكثر من 27 ألف ساكن في الكيلومتر المربع الواحد، أما في المخيمات فترتفع الكثافة السكانية إلى حدود 56 ألف ساكن تقريباً بالكيلومتر المربع.

تأتي تسمية القطاع «قطاع غزة» نسبة لأكبر مدنه، غزة، التي تعود مشكلة إسرائيل معها إلى ما قبل احتلالها في عام 1967، عندما كانت تحت الحكم المصري.

فقد تردد ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، في احتلال القطاع بعد حرب 1948، قبل أن يعود بعد 7 سنوات، في أثناء حملة سيناء، لاحتلاله لكن بشكل لم يدُم طويلاً، ثم عاد واحتله وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان عام 1967.

خيام النازحين الفلسطينيين على شاطئ دير البلح وسط قطاع غزة الأربعاء (إ.ب.أ)

في عام 1987، أطلق قطاع غزة شرارة الانتفاضة الشعبية الأولى، وغدا مصدر إزعاج كبيراً لإسرائيل لدرجة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إسحاق رابين، تمنى لو يصحو يوماً ويجد غزة وقد غرقت في البحر.

لكن غزة لم تغرق كما يشتهي رابين، ورمتها إسرائيل في حضن السلطة الفلسطينية عام 1994 على أمل أن تتحول هذه السلطة إلى شرطي حدود. لكن هذا كان أيضاً بمثابة وهم جديد؛ إذ اضطرت إسرائيل إلى شن أولى عملياتها العسكرية ضد غزة بعد تسليمها السلطة بنحو 8 سنوات، وتحديداً في نهاية أبريل (نيسان) 2001.

وفي مايو (أيار) 2004، شنت إسرائيل عملية «قوس قزح»، وفي سبتمبر (أيلول) 2004، عادت ونفذت عملية «أيام الندم». ثم في 2005، انسحبت إسرائيل من قطاع غزة ضمن خطة عرفت آنذاك بـ«خطة فك الارتباط الأحادي الجانب».

بعد الانسحاب شنت إسرائيل حربين سريعين، الأولى في 25 سبتمبر (أيلول) 2005 باسم «أول الغيث»، وهي أول عملية بعد خطة فك الارتباط بأسبوعين، وبعد عام واحد، في يونيو (حزيران) 2006، شنت إسرائيل عملية باسم «سيف جلعاد» في محاولة فاشلة لاستعادة الجندي الإسرائيلي الذي خطفته «حماس» آنذاك جلعاد شاليط، بينما ما زالت السلطة تحكم قطاع غزة.

عام واحد بعد ذلك سيطرت حماس على القطاع ثم توالت حروب أكبر وأوسع وأضخم تطورت معها قدرة الحركة وقدرات الفصائل الأخرى، مثل «الجهاد الإسلامي» التي اضطرت في السنوات الأخيرة لخوض حروب منفردة.

ظلت إسرائيل تقول إن «طنجرة الضغط» في غزة تمثل تهديداً يجب التعامل معه حتى تعاملت معها «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بانفجار لم تتوقعه أو تستوعبه إسرائيل وجر حرباً دموية على غزة، وأخرى على لبنان، وسلسلة مواجهات باردة في جبهات أخرى في حرب تبدو نصف إقليمية، وما أسهل أن تتحول إلى نصف عالمية.

أبرز الحروب

«الرصاص المصبوب» حسب التسمية الإسرائيلية أو «الفرقان» فلسطينياً:

بدأت في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2008، وشنت خلالها إسرائيل إحدى أكبر عملياتها العسكرية على غزة وأكثرها دموية منذ الانسحاب من القطاع في 2005. واستهلتها بضربة جوية تسببت في مقتل 89 شرطياً تابعين لحركة «حماس»، إضافة إلى نحو 80 آخرين من المدنيين، ثم اقتحمت إسرائيل شمال وجنوب القطاع.

خلفت العمليات الدامية التي استمرت 21 يوماً، نحو 1400 قتيل فلسطيني و5500 جريح، ودمر أكثر من 4000 منزل في غزة، فيما تكبدت إسرائيل أكثر من 14 قتيلاً وإصابة 168 بين جنودها، يضاف إليهم ثلاثة مستوطنين ونحو ألف جريح.

وفي هذه الحرب اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» إسرائيل باستخدام الفسفور الأبيض بشكل ممنهج في قصف مناطق مأهولة بالسكان خلال الحرب.

«عمود السحاب» إسرائيلياً أو «حجارة السجيل» فلسطينياً:

أطلقت إسرائيل العملية في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 باغتيال رئيس أركان «حماس»، أحمد الجعبري. واكتفت إسرائيل بالهجمات الجوية ونفذت مئات الطلعات على غزة، وأدت العمليات إلى مقتل 174 فلسطينياً وجرح 1400.

شنت «حماس» أعنف هجوم على إسرائيل آنذاك، واستخدمت للمرة الأولى صواريخ طويلة المدى وصلت إلى تل أبيب والقدس وكانت صادمة للإسرائيليين. وأطلق خلال العملية تجاه إسرائيل أكثر من 1500 صاروخ، سقط من بينها على المدن 58 صاروخاً وجرى اعتراض 431. والبقية سقطت في مساحات مفتوحة. وقتل خلال العملية 5 إسرائيليين (أربعة مدنيين وجندي واحد) بالصواريخ الفلسطينية، بينما أصيب نحو 500 آخرين.

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - «كتائب القسام» عبر «تلغرام»)

«الجرف الصامد» إسرائيلياً أو «العصف المأكول» فلسطينياً:

بدأتها إسرائيل يوم الثلاثاء في 8 يوليو (تموز) 2014، ظلت 51 يوماً، وخلفت أكثر من 1500 قتيل فلسطيني ودماراً كبيراً.

اندلعت الحرب بعد أن اغتالت إسرائيل مسؤولين من حركة «حماس» اتهمتهم أنهم وراء اختطاف وقتل 3 مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.

شنت إسرائيل خلال الحرب أكثر من 60 ألف غارة على القطاع ودمرت 33 نفقاً تابعاً لـ«حماس» التي أطلقت في هذه المواجهة أكثر من 8000 صاروخ وصل بعضها للمرة الأولى في تاريخ المواجهات إلى تل أبيب والقدس وحيفا وتسببت بشل الحركة هناك، بما فيها إغلاق مطار بن غوريون.

قتل في الحرب 68 جندياً إسرائيلياً، و4 مدنيين، وأصيب 2500 بجروح.

قبل نهاية الحرب أعلنت «كتائب القسام» أسرها الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، خلال تصديها لتوغل بري لجيش الاحتلال في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وما زال في الأسر.

«صيحة الفجر»:

عملية بدأتها إسرائيل صباح يوم 12 نوفمبر عام 2019، باغتيال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، بهاء أبو العطا، في شقته السكنية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وردت «حركة الجهاد الإسلامي» بهجوم صاروخي استمر بضعة أيام، أطلقت خلالها مئات الصواريخ على مواقع وبلدات إسرائيلية.

كانت أول حرب لا تشارك فيها «حماس» وتنجح إسرائيل في إبقائها بعيدة.

طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

«حارس الأسوار» أو «سيف القدس»:

بدأت شرارتها من القدس بعد مواجهات في حي الشيخ جراح، واقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ثم تنظيم مسيرة «الأعلام» نحو البلدة القديمة، وهي المسيرة التي حذرت «حماس» من أنها إذا تقدمت فإنها ستقصف القدس، وهو ما تم فعلاً في يوم العاشر من مايو (أيار) عام 2021.

شنت إسرائيل هجمات مكثفة على غزة وقتلت في 11 يوماً نحو 250 فلسطينياً، وأطلقت الفصائل أكثر من 4 آلاف صاروخ على بلدات ومدن في إسرائيل، ووصلت الصواريخ إلى تخوم مطار رامون، وقتل في الهجمات 12 إسرائيلياً.

 

«الفجر الصادق» أو «وحدة الساحات»:

كررت إسرائيل هجوماً منفرداً على «الجهاد» في الخامس من أغسطس (آب) 2022 واغتالت قائد المنطقة الشمالية لـ«سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، تيسير الجعبري، بعد استنفار أعلنته «الجهاد» رداً على اعتقال مسؤول كبير في الحركة في جنين في الضفة الغربية، وهو بسام السعدي.

ردت «حركة الجهاد الإسلامي» بمئات الصواريخ على بلدات ومدن إسرائيلية، وقالت في بيان إنها عملية مشتركة مع كتائب المقاومة الوطنية وكتائب المجاهدين وكتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح)، في انتقاد مبطن لعدم مشاركة «حماس» في القتال. توقفت العملية بعد أيام قليلة إثر تدخل وسطاء. وقتل في الهجمات الإسرائيلية 24 فلسطينياً بينهم 6 أطفال.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام خريطة لغزة خلال مؤتمره الصحافي في القدس ليلة الاثنين (إ.ب.أ)

«السهم الواقي» أو «ثأر الأحرار»:

حرب مفاجئة بدأتها إسرائيل في التاسع من مايو 2023، باغتيال 3 من أبرز قادة «سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة)، أمين سر المجلس العسكري لسرايا القدس، جهاد غنام (62 عاماً)، وقائد المنطقة الشمالية في السرايا خليل البهتيني (44 عاماً)، وعضو المكتب السياسي أحد مسؤولي العمل العسكري في الضفة الغربية، المبعد إلى غزة، طارق عز الدين (48 عاماً).

وحرب عام 2023 هي ثالث هجوم تشنه إسرائيل على «الجهاد الإسلامي» منفرداً، الذي رد هذه المرة بتنسيق كامل مع «حماس» عبر الغرفة المشتركة وقصف تل أبيب ومناطق أخرى كثيرة بوابل من الصواريخ تجاوز الـ500 صاروخ على الأقل.

... ثم الحرب الحالية في السابع من أكتوبر 2023.