هل تتمكن اللقاحات المضادة لـ«كورونا» من وقف انتشار الفيروس؟

موظف يحمل لقاحاً مضاداً لفيروس كورونا من إنتاج شركة بيونتيك (د.ب.أ)
موظف يحمل لقاحاً مضاداً لفيروس كورونا من إنتاج شركة بيونتيك (د.ب.أ)
TT

هل تتمكن اللقاحات المضادة لـ«كورونا» من وقف انتشار الفيروس؟

موظف يحمل لقاحاً مضاداً لفيروس كورونا من إنتاج شركة بيونتيك (د.ب.أ)
موظف يحمل لقاحاً مضاداً لفيروس كورونا من إنتاج شركة بيونتيك (د.ب.أ)

تعتبر اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، والتي أصبحت الآن أقرب إلى أن تصير متاحة على نطاق واسع أكثر من أي وقت مضى، هي الأداة المثلى للمساعدة في كبح جماح الفيروس والسماح للأشخاص بالعودة إلى بعض مظاهر الحياة الطبيعية قبل تفشي الجائحة، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.
وأفادت وكالة «بلومبرغ» للأنباء بأنه رغم الأنباء السارة التي ترددت مؤخراً بشأن التقدم الذي أحرزته تلك اللقاحات، فإنه من غير الواضح ما إذا كان بإمكانها فعلاً الوفاء بوعود العودة إلى الحياة الطبيعية.
ولكن، لماذا التشكك في تلك الوعود؟
والإجابة هي أنه رغم أن بعض تلك اللقاحات أثبتت فعاليتها بالفعل في الحماية من الإصابة بأعراض «كوفيد - 19»، فإنها لم تُظهر بعد قدرتها على وقف انتشار فيروس كورونا المستجد. وفي الواقع، فإن بعض شركات تصنيع تلك اللقاحات لم تقم باختبار قدرتها على ذلك، وهو ما يعد مشكلة.
من ناحية أخرى، أظهرت اللقاحات قيد التطوير حالياً لدى شركة «موديرنا» الأميركية، ولقاحات الشراكة بين شركتي «فايزر» الأميركية و«بيونتك» الألمانية، نجاحاً مذهلاً في وقت مبكر، في الحد من أعراض المرض لدى المصابين. ولم تكشف «فايزر» إلا هذا الأسبوع، عن فعالية لقاحها بنسبة 94 في المائة بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، وهي الفئة السكانية الأكثر احتياجاً للقاح.
وتجدر الإشارة إلى أن «بيونتك» و«فايزر» هما أول شركتين تنشران نتائج واعدة بشأن اللقاح الذي عملا على تطويره، وتتقدمان بطلب للحصول على موافقة طارئة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية، التي سيتعين عليها الآن مراجعة الطلب.
وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين، أعلنت في وقت سابق أن شركة «بيونتيك» وشركة «موديرنا»، قد تحصلان على ترخيص بتسويق لقاحهما ضد فيروس كورونا المستجد في النصف الثاني من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، في خطوة قد تضع التكتل الأوروبي على المسار الصحيح لبدء توزيع جرعات من اللقاحين في نفس توقيت توزيعهما في الولايات المتحدة الأميركية.
وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أنه ما زال هناك الكثير لنتعلمه، وبشكل خاص، كيف يمكن أن تكون هذه اللقاحات وقائية على المدى البعيد. ولكن حتى الآن، هناك سبباً للاعتقاد بأن اللقاحات سوف تحفز نوع المناعة التي طورها الناجون من مرض «كوفيد - 19».
أما بالنسبة للتحور الفيروسي المحتمل، فإنه يبدو أن أحدث التقنيات الخاصة باللقاحات قادرة على التعامل معه في الوقت الحالي.
ومع ذلك، فإنه ما زال من غير المعروف ما إذا كانت اللقاحات تمنع أيضاً انتقال الفيروس. وهل ما زال من الممكن بالنسبة للأشخاص الذين أخذوا اللقاح والذين لم تظهر عليهم أعراض الإصابة بالمرض، أن يحملوا الفيروس وينقلونه للآخرين؟ إنه سؤال مهم، ولا سيما إذا رفض الكثير من الناس أخذ اللقاح.
وقد أظهرت الكثير من استطلاعات الرأي العام، أن هناك نسبة كبيرة من الأشخاص الذين يشككون في اللقاحات، أو على الأقل لديهم بعض الشكوك تجاهها.
ولكن في حال لم يعمل اللقاح بشكل مفيد للتقليل من انتقال الفيروس من شخص لآخر، فإنه سوف يترك الأشخاص الذين لم يحصلوا على اللقاح، أكثر عرضة للخطر بصورة نسبية. وإذا استمر انتقال الفيروس من شخص إلى آخر، فإنه سيكون لديه فرصة أفضل للاستمرار في التحور والتهرب المحتمل من دفاعاتنا.
والسؤال هنا، هل من الممكن التأكد من أن اللقاح يمكنه منع انتقال الفيروس؟ إنه أمر يصعب القيام به بصورة تامة، لأنه يتطلب أن يمنع اللقاح الفيروس من التكاثر، وذلك حتى في أماكن مفتوحة مثل الأنف والحنجرة، حيث يصعب على اللقاح أن يكون مؤثراً. إلا أنه أمر ممكن.
وبالمنطق، فإن اللقاح القادر على إثارة استجابة مناعية قوية جداً، من شأنه أن ينتج أيضاً ما يطلق عليه اسم مناعة التعقيم (مما يعني عدم وجود أي أثر للعدوى)، أي منع انتقال العدوى.
ومن بين الكثير من اللقاحات التي يتم تطويرها حالياً، تم اكتشاف أن لقاحات شركة «نوفافاكس» قد قدمت أعلى مستويات من الأجسام المضادة، وذلك حتى بعد مراعاة الاختلافات في طريقة قياس الأجسام المضادة.
وأشارت «بلومبرغ» إلى أن الدراسات ما قبل السريرية أظهرت أيضاً أن هناك بعض اللقاحات قيد التطوير التي أدت إلى كبح جماح الفيروس بصورة كاملة بين القرود.
ولسوء الحظ، فإنه ليس من الممكن حتى الآن معرفة ما إذا كانت اللقاحات قادرة على إنتاج مناعة تعقيم بناء على التجارب السريرية الحالية، حيث إنها لم يتم إعدادها لتوفير مثل هذه المعلومات. فإذا طُلب من المشاركين عمل مسحات أسبوعية عن طريق الأنف، فإنه يمكن للعلماء مقارنة الأحمال الفيروسية لدى الأشخاص الذين أخذوا اللقاح، والأحمال الفيروسية لدى الأشخاص الذين لم يأخذوا اللقاح والذين أصيبوا بمرض «كوفيد - 19».
وفي ظل غياب اعتماد اللقاحات على نطاق واسع، يظل ارتداء أقنعة الوجه (الكمامات)، وغيرها من جهود الحد من انتشار الفيروس، أفضل دفاع بالنسبة لنا، إلى جانب أنظمة الاختبار الدقيقة، ووسائل تعقب المصابين والمخالطين لمنع تفشي الفيروس.


مقالات ذات صلة

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».