ترمب يربط المصادقة على قانون الدفاع بإلغاء مادة تحمي شركات التكنولوجيا

في تصعيد سياسي غير معهود من قبل رئيس سيغادر السلطة قريبا، هدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الثلاثاء باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قانون دفاعي سنوي يجيز ما يقارب تريليون دولار من الإنفاق العسكري، ما لم يلغ مجلس الشيوخ المادة 230 التي تحمي شركات التكنولوجيا من الملاحقة والمحاسبة القانونية على ما ينشر على صفحاتها.
وأثارت تغريدات ترمب على الفور جدلا، بعدما ربط عدم إلغاء تلك المادة بتهديدات قد يتعرض لها الأمن القومي، وتحوّل إقرار ميزانية الدفاع إلى حرب سياسية بسبب مزاعمه غير المثبتة بأن عمالقة التكنولوجيا يظهرون تحيزا منهجيا ضد المحافظين.
وكتب ترمب على «تويتر» أن «المادة 230 هدية من الولايات المتحدة لحماية (عمالقة التكنولوجيا) من المحاسبة. هي الشركات الوحيدة التي تحظى به، إنه نظام رفاهية للشركات. يمثل تهديدا خطيرا لأمننا القومي ولنزاهة الانتخابات». وفي تغريدة أخرى أضاف ترمب «ما لم يتم إنهاء المادة 230 الخطيرة جدا وغير العادلة تماما كجزء من قانون إقرار الدفاع الوطني كليا، سأجبر بلا أدنى شك على استخدام الفيتو ضد مشروع القانون عندما يصل إلى المكتب الرئاسي الجميل جدا. استعيدوا أميركا الآن. شكرا لكم».
وأثارت تغريداته مخاوف من أن يؤدي رفضه التوقيع على قانون الدفاع إلى تأخير كل مشاريع الموازنة وكذلك الاتفاق على تمويل الحكومة الفيدرالية، الأمر الذي يهدّد بإغلاق الكثير من الوزارات والوكالات الحكومية قبل نهاية العام. ومن المعروف أن المادة 230 هي قانون اتحادي قديم، يجنب مجموعة واسعة من مواقع التواصل الاجتماعي والخدمات من تحمل المسؤولية عن المحتوى الذي ينشره مستخدموها، سواء كان مكتوبا أو مصورا أو مشاركة مقاطع فيديو، تمت إزالتها أو تركت على شبكة الإنترنت. وهو أحد القوانين التأسيسية للشبكة العنكبوتية وتم وضعه لتسهيل حرية التعبير رقميا.
غير أن الكثير من المشرعين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بدأوا في توجيه الكثير من التساؤلات حول قوانين الحماية والحصانة التي تتمتع بها شركات التكنولوجيا العملاقة كـ«تويتر» و«فيسبوك» و«غوغل»، لكن من وجهتي نظر مختلفتين. فالديمقراطيون يرون أن تلك المواقع فشلت في منع وإزالة خطاب الكراهية والتضليل الانتخابي والمحتويات الضارة الأخرى عبر الإنترنت، وبأنها تقوم باحتكار السوق الرقمية وتمنع المنافسة. في المقابل، يرى ترمب والجمهوريون بأنه يجب معاقبة تلك المواقع بسبب تحيزها سياسياً ومنهجياً ضد المحافظين، وهي تهمة قدموا بشأنها أدلة ضئيلة، لطالما نفتها تلك المواقع. وصعّد ترمب من هجماته في الأشهر الأخيرة بعدما اتخذت تلك المواقع إجراءات أكثر تشددا ضد منشوراته المثيرة للجدل، بما فيها تغريداته التي زعم فيها أنه فاز في الانتخابات الرئاسية لهذا العام وبأنها كانت مزورة. وكان ترمب قد وقع في بداية العام أمرا تنفيذيا سعى من خلاله إلى منح الحكومة سلطة واسعة جديدة لمراقبة تلك المواقع على ما ينشر على صفحاتها، لكنه تعرض للطعن في المحاكم بشأن دستوريته.
وفيما نفى الخبراء وجود أي رابط بين المادة 230 والأمن القومي، سعى ترمب في وقت سابق إلى ربط موافقته على موازنة قانون الدفاع، بإزالة هذه المادة منه. لكن الجمهوريين سعوا إلى عقد صفقة تدعو إلى إجراء تعديلات على المادة مقابل إلغاء بند يربط إقرار الموازنة بتغيير أسماء 10 قواعد عسكرية تحمل أسماء قادة كانوا من دعاة الحفاظ على العبودية، لكن الديمقراطيين رفضوا ذلك بشكل كبير. ونقل عن الجمهوريين أن السيناتور ميتش ماكونيل لن يقدم مشروعا أمام الكونغرس يمكن أن يواجه فيتو رئاسيا، ما يعني أن الكثير من المشاريع قد يتم تأجيلها أيضا.
من جهة أخرى، قضت محكمة فيدرالية في ولاية كاليفورنيا لمصلحة شركات التكنولوجيا في وادي السيليكون، ورفضت الأمر التنفيذي الذي كان ترمب قد أصدره في يونيو (حزيران) الماضي، جمّد فيه إصدار تأشيرات الدخول للعاملين المتخصصين الذين ترغب تلك الشركات الاستعانة بهم. وكان ترمب قد أمر بتجميد منح البطاقة الخضراء أو «الغرين كارد» وبعض تأشيرات العمل، بينها تأشيرة «إتش 1 بي» التي تعتمدها الكثير من شركات التكنولوجيا. وأثار قرار ترمب احتجاج رؤساء شركات مثل «آبل» و«غوغل» و«أمازون» و«مايكروسوفت» وغيرها، وعمدت الكثير من المنظمات الخاصة والحكومية كغرفة التجارة الأميركية وشركة «باي إيريا كاونسل»، التي تمثل مصالح غالبية شركات التكنولوجيا في سيليكون فالي، إلى رفع شكاوى أمام القضاء ضد قرار ترمب. واعتبر الأمر التنفيذي لترمب محاولة من قبله للضغط على تلك الشركات في ذروة خلافه معها.
وقالت المحكمة في قرارها إن الإدارة فشلت في إثبات أسباب موجبة لهذا الأمر التنفيذي، وإن ادعاءات محاميها بأن جائحة «كورونا» والأزمة الاقتصادية هي المبرر للالتفاف على التدابير الإدارية المعهودة، غير مبررة ولا تفرض ضرورة قصوى لاتخاذ هذا القرار. وعلق القاضي جيفري وايت مادتين أقرتهما الحكومة ترغمان الشركات على دفع أجور أعلى للعاملين الذين يوظفون على أساس تأشيرة «إتش1 بي»، وخفض الوظائف التي تتطلب الحصول على تلك التأشيرة.
وكان ترمب قد صرّح في يونيو الماضي أنه يريد مساعدة العمال الأميركيين الذين يعانون من البطالة بسبب الوباء. لكن شركات التكنولوجيا ردت أن القرار سيمنعها من توظيف الرجال والنساء لدعم كادرها الوظيفي بخبرات تحتاجها لإنعاش الاقتصاد وتطوير الابتكارات. وقالت منظمة «باي إيريا كاونسل» إن ما بين 40 إلى 45 في المائة من شركات التكنولوجيا الموجودة في خليج سان فرنسيسكو أسسها مقاولون ومبتكرون من المهاجرين.